واقتحم الجيش السوري لبنان؛ لكي يقضي على قوات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى القوات اللبنانية السنية، ولكي يدعم قوات الكتائب المجرمة ، ويؤدي المهمة التي عجر عنها فرنجيه والجميّل وشمعون واليهود .
وبعد تدخل النظام السوري بساعات أعلن رئيس وزراء العدو اليهودي إسحاق رابين عن ارتياحه العميق لخطوة النظام السوري ، وقال : إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع البعث السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم المساعدة للفلسطينيين ، ويجب علينا ألا نزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين ، فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحقة بالنسبة لنا .
أعلن الاتحاد السوفيتي وفرنسا عن ترحيبهما بالتدخل السوري في لبنان ، كما أن الأنظمة العربية أيدت التدخل السوري بسكوتها عن النظام السوري ، وهو يضرب مسلمي لبنان والمقاومة الفلسطينية .
وخاضت القوات السورية معارك طاحنة مع القوات المشتركة .. حتى بلغ عدد القتلى منذ بدء الحرب حتى يوليو 1976م خمسون ألف قتيل ..
وقد كان هناك تنسيق بين قوات الكتائب وحلفائها وبين القوات الإسرائيلية ( بمباركة وزير الدفاع اليهودي بيريز ) ..
وقد قال الزعيم الخالد قي قلوبنا الياسر الكاسر مقولته المشهورة : بأن شارون العرب ( أي حافظ الأسد ) قد حاصرنا من البر ، وشارون اليهود قد حاصرنا من البحر .
بدأ حصار القوات المارونية لتل الزعتر في أواخر حزيران ، وسقط المخيم في 14/8/1976م بعد حصار دام أكثر من شهر و نصف ، وبعد منع رجال منظمة الصليب الأحمر من دخول المخيم، انطلقت قوات الكتائب اللبنانية داخل المخيم كالوحوش الكاسرة ، وراحوا يذبحون الأطفال والشيوخ ، ويبقرون بطون الحوامل ، ويهتكون أعراض الحرائر ، وظهرت صورهم على شاشة التلفاز في معظم بلدان العالم ، وهم يشربون كؤوس الخمر احتفالاً بالنصر على الشعب الفلسطيني الأعزل .
وتحت عنوان ( أحداث لبنان ) نشرت جريدة المجتمع الكويتية في عددها ( 308 ) مقالاً يكشف حجم المؤامرة على الشعب الفلسطيني التي نفذها رجال الكتائب المسيحية والجيش السوري تحت سمع وبصر الحكام والشعوب العربية وجامعة الدول العربية : ( قامت قوات الكتائب وحلفاؤهم بخطف مائة طفل وامرأة من تل الزعتر وأعدموهم بطريقة بربرية ، إذ أطلقت عليهم نيران الرشاشات عشوائياً بعد تجميعهم قرب مناطق تل الزعتر .. وفي جسر الباشا هتكت قوات الكتائب أعراض المسلمات ، وفعلوا أشنع من ذلك في مذبحة الكرنتينا ، حيث هدموا البيوت وأبادوا الأطفال ، وسلبوا الأموال واعتدوا على حرائر المسلمات ، وما نقله القادمون من بيروت أن الأوغاد كانوا إذا اعتدوا على كرامة الأبكار من الفتيات ، تركوهن يعدن إلى أهلهن عاريات كيوم ولدتهن أمهاتهن ) .
حقاً إنها مأساة .. طلب الفلسطينيون المحاصرون في لبنان فتوى من علماء المسلمين تبيح لهم أكل جثث الموتى حتى لا يموتوا جوعاً ......
قدر حجم شهداء المخيم ب6000 الاف شهيد.......
ومسح المخيم عن بكرة أبيه ولم يبقى منه سوى الذكريات الأليمة......
لم يبقى منه غير الحزن والدمار........
ولدي من زمنٍ يسكنني .. وأنا من زمن أسكنه .. والآن تكفنه عيني .. فدعوني آكل من إبني .. كي أنقذ عمري .. ماذا آكل من إبني ؟!! من أين سأبدأ ؟!
لن أقرب أبداً من عينيه .. عيناه الحد الفاصل .. بين زمان يعرفني .. وزمان آخر ينكرني ..
لن أقرب أبداً من قدميه .. قدماه نهاية ترحالي .. في وطن عشت أطارده .. وزمان عاش يطاردني ..
ماذا آكل من إبني ؟! يا زمن العار .. تبيع الأرض ، تبيع العرض .. وتسجد جهراً للدولار ..
لن آكل شيئاً من إبني يا زمن العار .. سأظل أقاوم هذا العفن .. لآخر نبض في عمري .. سأموت الآن .. لينبت مليون وليد .. وسط الأكفان على قبري .. وسأرسم في كل صباح .. وطناً مذبوحاً في صدري .. فأنا سأبقى رغم الدمار والحزن والألم فلسطيني فلسطيني فلسطيني