ممـلكـــة ميـــرون

تكملة كتاب خرافات يهوديه 32175b77914d249ceca6f7052b89c9fc

ادارة مملكة ميرون
ترحب بكم وتتمنى لكم قضاء اوقات مفيدة
وتفتح لكم قلبها وابوابها
فاهلا بكم في رحاب مملكتنا
ايها الزائر الكريم لو احببت النضمام لمملكتنا؟
التسجيل من هنا
وان كنت متصفحا فاهلا بك في رحاب منتدانا

ادارة مملكة ميرون

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ممـلكـــة ميـــرون

تكملة كتاب خرافات يهوديه 32175b77914d249ceca6f7052b89c9fc

ادارة مملكة ميرون
ترحب بكم وتتمنى لكم قضاء اوقات مفيدة
وتفتح لكم قلبها وابوابها
فاهلا بكم في رحاب مملكتنا
ايها الزائر الكريم لو احببت النضمام لمملكتنا؟
التسجيل من هنا
وان كنت متصفحا فاهلا بك في رحاب منتدانا

ادارة مملكة ميرون

ممـلكـــة ميـــرون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


,,,منتديات,,,اسلامية,,,اجتماعية,,,ثقافية,,,ادبية,,,تاريخية,,,تقنية,,, عامة,,,هادفة ,,,


    تكملة كتاب خرافات يهوديه

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:02 pm



    عاما في مصر مطبقا على اليهود وغير اليهود، ولم يكن مقصوداً به اليهود بالذات ليخرجوا من البلاد.

    والتوراة نفسها تشير بصورة واضحة أن فرعون مصر كان لا يريد خروج اليهود لأنه كان يخشى خروجهم وانضمامهم إلى صفوف الأعداء وخاصة أن مصر في تلك المرحلة بالذات كانت تخشى هجوما عسكريا والمراجع التاريخية التي تؤيد ذلك كثيرة ولا يتسع هذا الفصل للرجوع إليها.

    وسنتحدث في الفصول اللاحقة عن تآمر اليهود مع الإمبراطورية الفارسية وكيف كانوا عونا لها على غزو مصر واحتلالها، وتلك صفحة تاريخية مثبتة لا مجال لإنكارها.

    وعبارة التوراة تتحدث عن مخاوف فرعون مصر بصورة واضحة حين أبدى قلقة من أن يخرج بنو إسرائيل من أرض مصر إذا حدثت حرب "وأنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا" فهل من كلام أوضح من هذا الكلام".

    وعلى ذلك فإن الفرعون كان يريد بقاء اليهود في مصر لا خروجهم، والتوراة نفسها تؤكد هذا المعنى حين تذكر أن الرب قال لموسى-(الإصحاح الثالث من سفر الخروج) "ولكني أعلم أن فرعون مصر لا يدعكم تمضون إلا بيد قوية، فأمد يدي وأضرب مصر بكل عجائبي التي أصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم".

    ومعنى ذلك، كما سنرى بعد قليل، أن الرب-حاشا لله-سيضرب مصر بالويلات والكوارث حتى يضطر فرعون مصر للسماح لبني إسرائيل بالخروج من مصر.

    وقد جاءت التوراة لتصدق هذا القول، فنراها تورد عجائب الرب ومصائبه واحدة بعد واحدة حتى يكون من نتيجتها أن يطلق الفرعون سراح بني إسرائيل ويخرجوا، ويكون "سفر الخروج" هو السفر الثاني من أسفار التوراة ومن أهمها.. ليروي قصة الخروج من المنطقة الشرقية في مصر إلى المنطقة الغربية في الأردن.

    وهكذا فنحن نقرأ في الإصحاح الخامس من سفر الخروج أن موسى قال لفرعون "يقول الرب أطلق شعبي ليعيدوا لي في البرية" وأجاب فرعون "لا أعرف الرب وإسرائيل لا أطلقه"
    وعاد الرب وكلم موسى قائلا "أدخل قل لفرعون ملك مصر أن يطلق بني إسرائيل من أرضه" (الإصحاح الخامس)، ولكن موسى لم يستطع القيام بهذه المهمة فقال له الرب " يا موسى أنظر، أنا جعلتك إلها لفرعون. وهارون أخوك يكون نبيك" (الإصحاح السابع)، وهكذا فإن الرب صنع من موسى إلهاً.



    وحين لم يستمع فرعون إلى مطالب موسى بدأ دور العجائب لإجباره على إطلاق بني إسرائيل ليخرجوا من مصر حين يشاءون.

    فكانت العجيبة الأولى وهي تحويل العصا إلى الأفعى.. إلى آخر القصة المعروفة." ولكن اشتد قلب فرعون فلم يسمع لموسى كما تكلم الرب".

    ثم جاءت العجيبة الثانية "التي تحول فيها ماء النهر إلى دم وماتت الأسماك وأصبح الماء نتنا وعاف المصريون أن يشربوا من من مساء النهر ولكن اشتد قلب فرعون فلم يسمع لموسى كما تكلم الرب , وقال الرب لموسى مره أخرى ,"أدخل إلى فرعون وقل له يقول الرب أطلق شعبي ليعبدوني وإن كانت تأبى تطلقم فها أنا أضرب جميع تخومك بالضفادع", وتمت العجيبة الثالثة فقد صعدت الضفادع وغطت أرض مصر (الإصحاح الثامن)، وطلب فرعون من موسى "أن يصلي إلى الرب ليرفع الضفادع فأطلق الشعب وصرخ موسى إلى الرب من أجل الضفادع فماتت الضفادع من البيوت والحقول وجمعوها أكواما كثيرة حتى أنتنت الأرض فلما رأى فرعون أنه قد حصل الفرج أغلظ قلبه ولم يسمع لموسى كما تكلم الرب". (الإصحاح الثامن).

    وجاءت بعد ذلك العجيبة الرابعة " وأصبح تراب الأرض بعوضا.. وصار البعوض على الناس والبهائم، وكل تراب الأرض صار بعوضا.. ولكن اشتد قلب فرعون فلم يسمع لموسى كما تكلم الرب".

    وجاءت بعد ذلك العجيبة الخامسة "وأصبحت كل أرض مصر ذبابا وامتلأت به كل بيوت المصريين إلا أرض جاشان حيث يقيم شعبي بنو إسرائيل، فإني أمير أرض جاشان لأنها أرض شعبي"‍‍ وسلم بنو إسرائيل من الذباب (الإصحاح الثامن).

    والتوراة هنا، كما نلاحظ، تقول عن الرب أنه يميز بني إسرائيل على المصريين، وفي هذا الكلام نرى جذور التمييز العنصري وهو التعبير الحديث الذي نشأ بعد ثلاثين قرنا من عهد موسى.

    ثم بدأت مرحلة من المفاوضات بين موسى والفرعون، وعرض الفرعون على بني إسرائيل أن يعبدوا الرب في أرض قريبة، وقال لهم أنا أطلقكم لتعبدوا الرب إلهكم في البرية " ولكن لا تذهبوا بعيدا، وصليا من أجلي".. وصلى موسى إلى الرب "فارتفع الذباب عن فرعون وعبيده وشعبه. ولم تبق واحدة.. ولكن أغلظ فرعون قلبه هذه المرة أيضا فلم يطلق الشعب".

    وجاءت بعد ذلك العجيبة السادسة: وباء على جميع المواشي في جميع الدول "فماتت جميع مواشي المصريين. أما مواشي بني إسرائيل فلم يمت منها واحد.. لأن الرب "يميز بين مواشي إسرائيل ومواشي المصريين.. ولكن أغلظ قلب فرعون فلم يطلق الشعب".. وهكذا شمل التمييز المواشي، فهلكت مواشي المصريين وسلمت مواشي بني إسرائيل، والغريب أن التوراة تستخدم لفظة "التمييز" بالنص.

    وجاءت العجيبة السابعة.. رماد الأتون يصبح غبارا.. "فيصير على الناس دمامل طالعة ببثور في كل أرض مصر.. ولكن قلب فرعون لم يسمع كما تعلم الرب".

    وجاءت العجيبة الثامنة "السماء تمطر بردا عظيما لم يكن له مثيل منذ صارت مصر أمة.. فضرب البرد الناس والبهائم وجميع الأشجار والزروع. إلا أرض جاشان حيث كان بنو اسرائيل.. ولكن فرعون أغلظ قلبه فلم يطلق بني إسرائيل كما تكلم الرب" وسلم بنو إسرائيل مرة أخرى.

    وجاءت العجيبة التاسعة "جراد يغطي وجه الأرض ويأكل كل شيء.. وهنا قال عبيد فرعون له، إلى متى يكون لنا هذا الحال.. أطلق الرجال ألم تعلم أن مصر خربت". ولكن فرعون ازداد عنادا فلم يطلق بني إسرائيل.

    وجاءت العجيبة العاشرة "ظلام على كل أرض مصر لثلاثة أيام، لم يبصر أحد أخاه .. ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم". ونجت إسرائيل من الظلام.

    وجاءت العجيبة الأخيرة، وكانت أم العجائب والمصائب، وكانت أم المصائب فعلا، فقد عزم الرب كما تقول التوراة، أن ينزل على مصر بيتا بيتا ويهلك من فيها من أبكار البشر إلى أبكار البقر، ولكنه سيتجاوز عن بيوت إسرائيل فلا يقترب منهم ولكن عليهم أن يرشوا أبوابها بالدم حتى تكون علامة للرب فلا يقترب منها"، ويسلم أهلها من عقاب الرب !!

    والتوراة تلخص هذه المصيبة الكبرى في إطار خطة الخروج التي وضعها الرب، تخطيطا وتنفيذا على الوجه الآتي:

    يخرج الرب نصف الليل في "وسط مصر، فيموت كل بكر في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحى، وكل بكر بهيمة.. ويكون الدم لكم علامة على البيوت "على القائمتين وعلى العتبة العليا" فأرى الدم وأعبر عنكم، فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب أرض مصر.. وحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر من بكر فرعون إلى بكر الأسير الذي في السجن وبكر كل بهيمة فقام صراخ عظيم في مصر لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت".. فدعا الفرعون موسى وقال "قوموا أخرجوا من بين شعبي-أنتم بنو إسرائيل جميعا.. خذوا غنمكم وبقركم واذهبوا .. وألح المصريون على الشعب ليطلقوهم عاجلا من الأرض لأنهم قالوا جميعنا أموات.."

    وكان صباح غريب عجيب لم تر البشرية له مثيلا، فقد أفاقت مصر كلها لترى جميع أبكارها من البشر قد ماتت، وكل أبكارها من البهائم قد نفقت.. وغدا الموت سيدا في كل البيوت والحقول والزرائب والحظائر كل ذلك من أجل بني إسرائيل!!

    وبعد هذه العجائب العديدة، تقول التوراة، "فحمل الشعب-بنو إسرائيل-عجينهم قبل أن يختمر، ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم وارتحل بنو إسرائيل عن رعمسيس نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد، وصعد معهم لفيف كثير أيضا مع غنم وبقر ومواشٍ وافرة جدا".

    وهكذا يبدوا لنا أن جالية بني إسرائيل الجائعة التي لجأت إلى مصر من فلسطين في عهد يعقوب قد ارتفع عددها في عهد موسى من سبعين نفسا، هم بيت يعقوب إلى ستماية ألف ماعدا الأولاد وأصبح كل واحد منهم مضرب المثل في إنكار الجميل.. ولم يذكروا جميل مصر إلا عند الشدة حينما وصلوا فيما بعد إلى سيناء وصاحوا في وجه موسى "ليتنا متنا في أرض مصر ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض، أليس خيرا لنا أن نرجع إلى مصر" (الإصحاح الرابع عشر من سفر العدد).

    وفي موضع آخر من التوراة يقول الإصحاح 14 من سفر الخروج.. وتذمر كل جماعة بني إسرائيل على موسى في البرية وقالوا "هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية.. ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر، أليس هذه هو الكلام الذي كلمناك به في مصر قائلين كف عنا فنخدم المصريين، لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية".

    وهذا الكلام يكشف بوضوح أن جمهور بني إسرائيل لم يكن راغبا في الخروج، وأنه كان يريد خدمة المصريين وأن يعيش في جوارهم وكنفهم، لولا أن أحبار اليهود هم الذين دسوا في التوراة أسطورة الخروج ليجعلوا منها ملحمة تاريخية، بل لولا أن الخروج كان يستهدف التحالف مع أعداء مصر.

    وناهيك عن هذه المؤامرة، فإن إصرار بني إسرائيل على الخروج من مصر وعلى الصورة التي سردتها التوراة، يكفي بحد ذاته أن يكشف عن سوء أخلاقهم وانعدام ولائهم للبلد الذي أطعمهم من جوع، وجعل منهم في عهد يوسف أصحاب الأرض والسيادة، حتى امتدت إقامتهم فيها أربع ماية وثلاثين عاما، فيما تروي التوراة.

    وهكذا فقد خرج بنو إسرائيل، بعد أن دبروا أمرهم في الليل البهيم بعد إقامة زادت عن أربعة قرون،واستعانوا في خروجهم من مصر بجميع المصائب: البرد والجراد والرماد والضفادع والدمامل والوباء وأخيرا إهلاك الأبكار الذكور من البشر إلى البقر.

    ولم يكتف الإسرائيليون بذلك، ولكنهم قاموا ليلة سفرهم بأكبر حملة نهب وسلب في التاريخ.. وقد أشارت التوراة إلى هذه اللصوصية الكبرى في عبارة عادية كأنما هي عمل من أعمال المروءة والنخوة، فيروي الإصحاح الثالث من سفر الخروج أن الرب قال لموسى لمناسبة الخروج من مصر "حينما تمضون لا تمضون فارغين بل تطلب كل امرأة من جارتها ونزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياب، وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين" هكذا: سلب ونهب بأمر الرب.

    وبعد أن وقعت العجائب والمصائب بمصر، ورضي فرعون مصر بخروج بني إسرائيل، تقول التوراة في الإصحاح الثاني عشر من سفر الخروج :" وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا.. فسلبوا المصريين".

    أجل لقد سلبوا المصريين، بحسب قول موسى كما تروي التوراة، وقد فات أحبار اليهود الذين كتبوا التوراة أن من بين الوصايا التي نزلت على موسى الوصية الشهيرة لا تسرق, فكيف نسبوا إلى موسى أنه أمر بني إسرائيل بأن يسرقوا المصريين.. وأن الرب هو الذي أمر بالسرقة؟‍‍!

    لعل الجواب على هذا نجده في القاعدة القانونية الشهيرة : إن القانون ليس له أثر رجعي، ولا يطبق على ما قبله .. وحادثة سلب المصريين كانت قبل نزول الوصايا العشر في سيناء ومعنى ذلك أن بني إسرائيل قد جردوا مصر من كل الفضة والذهب الذي اقتنته نساء مصر من مدخراتهن ووفورات أمهاتهن وآبائهن.. ولم يعرف التاريخ أشنع ولا أبشع من هذه اللصوصية الكبرى، يقترفها شعب لاجئ شريد طريد كان ضيفا على شعب كريم، وكل ذنبه أن أحسن مثواهم ومأواهم، وأعطاهم الأرض ملكا لهم.

    بل إنه أعطاهم دسم الأرض.. ولم يعرفوا هذا الفضل إلا حينما اشتدت عليهم الحياة في سيناء فثار بعضهم في وجه موسى وقالوا له غاضبين "أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبنا وعسلا، لتميتنا في البرية، حتى تترأس علينا ترؤسا"، وقد انطقتهم الباساء في سيناء ؟؟ أن مصر تفيض لبنا وعسلا، مع أن هذا التعبير كان قاصرا على فلسطين!!

    وبعد فهذه هي التقاليد والقيم الروحية التي تبجح بها مناحم بيجن رئيس وزراء العدو وهو يوجه خطابه إلى الشعب العربي في مصر.

    وهؤلاء هم أجداده، إذا صح النسب، وهم الذين أنكروا الجميل، وجحدوا المعروف، وخرجوا من مصر على غير رغبة من ملك مصر، بعد أن أهلكوا ما فيها من الزرع والضرع..

    وفوق ذلك، فإن أولئك الأجداد، قد قاموا بأكبر جريمة نهب وسلب عرفتها العصور والأجيال، كما روتها توراتهم،وبأمر الرب، ربهم وحدهم.. لا ربنا ورب العالمين الآمر بالمعروف والإحسان والناهي عن المنكر والبغي.

    وقد يلاحظ القارئ أَننا أطلنا بعض الشيء في مقتبسات التوراة ولكن لم يكن مناص من ذلك، فإن الخرافات اليهودية قد تسللت إلى كثير من كتب التاريخ والتراث الديني حتى غدت لتكرارها حقائق عامة.. وكان لا بد مِن مناقشتها وتفنيدها والعودة بها إلى الصواب.

    ومن هنا فإن واجب العلم يفضي أن نختم هذا الفصل بإعطاء خلاصة عن المناهل الأولى التي غذت الفكر اليهودي منذ فجر التاريخ، وصنعت له عقيدة دينية وسلوكا اجتماعيا.. ويمكننا أن نلخص ذلك فيما يلي:-

    أولا: أن قصة يوسف مع إخوته والتآمر على قتله، وبيعه، تكشف عن أخلاق بني يعقوب باعتبار أنهم الجيل الأول من بني إسرائيل ومنهم وعنهم تحدر السلوك الخلقي المشين عبر الأجيال اليهودية، ممثلا في الحقد والبغضاء والاستغلال إلى درجة القتل، حتى في حق الأخوة فيما بينهم.

    ثانيا: أن يوسف، رغما عن المنصب الكبير الذي بلغه، والحياة الطويلة التي قضاها في مصر ورأى فيها أحفاده من الجيل الثالث، لم يحفظ ولاءه لمصر، وبقى غريبا عنها. وها نحن نقرأ في عجب واستغراب في التوراة. أن موسى عند خروجه "أخذ معه عظام يوسف، لأنه كان قد استحلف بني إسرائيل بحلف قائلا إن الله سيفتقدكم فتصعدون عظامي من هنا معكم" مع أن التاريخ لم يعرف شبها ليوسف فيما وجده في مصر من سؤدد وعز وأمجاد، وقد جاءَها طريداً ليباع في سوق النخاسة.

    ثالثا: وقد بلغ هذا الإكرام والعز أوجه في الجنازة الكبرى التي قامت بها مصر ليعقوب حين نقلت جثمانه من أرض مصر إلى أرض فلسطين عبر سيناء تتقدمها العربات ذات العجلات وأعيان مصر جيش مصر ، ولم يشهد التاريخ مثيلا لهذه الجنازة في مسيرتها من البداية إلى النهاية.

    رابعا: أن موسى نشأ في بيت فرعون وأصبح له شأن عظيم في مصر، وفي الإصحاح الحادي عشر من سفر الخروج تقول التوراة في معرض حديثها عن موسى "الرجل موسى كان عظيماً جداً في أرض مصر في عيون عبيد فرعون وعيون الشعب". وقد تربى موسى في بلاط رعمسيس حتى عرف عند عامة الشعب أنه ابن بنت فرعون، وتلقى علومه الدينية والمدنية على أيدي معلمين مهرة، من كبار حكماء البلاط المصري ويقول يوسيفوس المؤرخ اليهودي المعروف أن موسى كان له منصب قيادي كبير في الجيش المصري وأنه قاد حملة عسكرية في جنوب السودان وكانت له مواقف باهرة.

    خامسا: ومع كل ذلك فقد كان شأنه شأن يوسف، ولا ولاء له لمصر، مع أنه نشأ فيها وتربى في كنفها بالعز والإكرام.. وتقول التوراة أنه في رحلته الأولى إلى سيناء تزوج صفورة أبنة كاهن مَدْيَن شعيب النبي العربي وأنجب منها غلاما أسماه جرشوم أي المولود في أرض غريبة "سفر الخروج الإصحاح 2) وهكذا ظل موسى يعيش غريبا عن أرض مصر.. وخلع على إبنه أسماً يذكره على الدوام بغربته.

    سادسا: وعدم الولاء هذا كان هو الخلق العام لبني إسرائيل في حياتهم في مصر-حياة العزلة والتعالي، وعدم الولاء لمصر، رغما عن الخيرات التي أغدقتها مصر على بني إسرائيل ولم يذكر بنو إسرائيل مكارم مصر إلا حين كانوا في سيناء بعد خروجهم من مصر، تذكروا نعم مصر عليهم "حيث كانوا جالسين عند قدور اللحم يأكلون الخبز والمرق حتى يملئوا بطونهم شبعا وتمنوا قائلين: ليتنا متنا بيد الرب بأرض مصر". (سفر الخروج-الإصحاح2) وهذا هو نفس السلوك الاجتماعي العام الذي ساد حياة الأجيال اليهودية في جميع الأقطار التي حلّوا بها.

    سابعا: أن قصة بالخروج التي جعلت منها الدعاية اليهودية ملحمة تحررية تاريخية إنما هي خرافة كبرى بالكذب والتزوير، والتوراة نفسها تفضح وقائعها ويكذب بعضها بعضا، فإن نصوص التوراة نفسها في الحوا
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:03 pm



    بين موسى وفرعون تثبت بما لا يرقى إليه الشك أن فرعون مصر كان يرفض وبعناد خروج بني إسرائيل من مصر ولم يأذن لهم بذلك إلا بعد أن نزلت المصائب العشر على شعب مصر، حتى اضطر الفرعون إلى السماح لهم الخروج، بعد أن هلك الذكور من البشر إلى البقر، وبعد أن عم الخراب في البلاد.

    والواقع أن خروج بني إسرائيل من مصر، كان جزءا من التآمر على مصر، وسنرى في فصل لاحق كيف تحالف بنو إسرائيل مع الفرس على مصر، وأعانوهم على احتلالها.. وكلام التوراة بأن ملك مصر خاف أن ينضم بنو إسرائيل إلى الأعداء ويحاربوا في صفوفهم، كان صحيحا وقد أثبته الواقع التاريخي فيما بعد.

    ثامنا: وفي المصائب التي سردتها التوراة، كما رأينا، يبدو التمييز العنصري البغيض.. حين يبقي الرب بني إسرائيل على قيد الحياة هم وبهائمهم ويهلك شعب مصر ومواشيه

    وحين يعيش المصريون في الظلام ويكون النور لبني إسرائيل وحدهم في ديارهم.. ولا يصيبهم ما يلحق المصريين من وباء ودمامل وضفادع وأوبئة لا حصر لها ولا عدد. وكأنما لم يعد للرب من شغل يشغله إلا إهلاك الناس جميعا وإبقاء بني إسرائيل على قيد الحياة في عز ورخاء.

    ومع كل هذا التاريخ الحافل بالخيرات والميزات والمكارم التي أغدقتها مصر على بني إسرائيل.. فإن الخروج من مصر قد أصبح عيدا لبني إسرائيل، كما أمر الرب، يحتفلون به في صلوات وموائد وشراب وأناشيد، ثم يرددون اللعنات على المصريين طوال الليل.

    ولا يخلو العيد من تهريج قبيح، من ذلك أنه يتعين على أحد أفراد الأسرة أن يحمل صينية الخبز الفطير على كتفيه ويقول "هكذا كان آباؤنا راحلين عندما خرجوا من مصر ومعاجنهم مصرورة في ثيابهم على أكتافهم" والخبز الفطير لأن بني إسرائيل حملوا خبزهم قبل أن يختمر استعجالا للهروب من مصر كما تقول التوراة..

    ويجيء عيد الفصح هذا وهو من أكبر أعيادهم، يحتفلون به كل عام في الرابع عشر من شهر أبيب من الشهور العبرية الذي أصبح شهر نيسان وهذا العيد مكرس ليلْعنوا المصريين طيلة أيام العيد.. أجل ليلعنوهم بعد أن سلبوهم.

    هذه هي التوراة، وهذه هي أخلاق التوراة ولقد تساءل العلامة الكبير (ه.ج. ويلز) هل التوراة هي التي صنعت اليهود أم أن اليهود هم الذين صنعوا التوراة، هو سؤال قديم يشبه السؤال عن البيضة والدجاجة، ماذا كان قبل ماذا.

    والواقع أن اليهود وأحبارهم القدامى الذين صنعوا التوراة، وكانت التوراة بعد ذلك تصنع اليهود جيلا بعد جيل.

    وجاءنا جيل بيجن يمثل في سلوكه وأقواله كل خرافات التوراة وعلى الذين يريدون أن يتعاملوا مع المجتمع اليهودي أن يقرأوا التوراة أولا، فإن التوراة هي التي صنعت أخلاقهم وسبكت طبائعهم وصاغت عقولهم.

    ومن لا يعرف التوراة وأخلاق أصحابها، سيكون في هذه الدنيا أعمى، وفي الآخرة أضل سبيلا.

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:04 pm





    الفصـل الخـامـس







    التمييز العنصري.. والربا والصرافة.. والتسلط.. والاستعباد..


    في صميم الدين اليهودي

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:07 pm



    [size=29]


    وينتقل مناحيم بيجن رئيس وزراء العدو، في خطابه إلى الشعب المصري، من الكلام عن الحق والعدل إلى الحديث عن القيم الإنسانية العظيمة.. ويستشهد بهذا الصدد بأنبياء إسرائيل يذكرهم واحداً واحدا، وفي مقدمتهم موسى..

    وهذا الاستشهاد بموسى إنما يصيب مقتلا في القضية الصهيونية، بل وفي العقيدة اليهودية نفسها.ذلك أن سيرة موسى في التوراة تثير أشنع الذكريات في حياة إسرائيل وتاريخها وفي سلوك الشعب اليهودي برمته.. وإذا كانت هناك من سيرة تدين اليهود إدانة كاملة، فإن سيرة موسى كما جاءت في التوراة كافية لأن تلطخ الشعب اليهودي بالعار إلى الأبد.. وتؤكد اللعنات التي رددتها التوراة عليهم مرة بعد مرة في جميع أسفارهم..

    ولسنا نريد في هذا الفصل أن نترجم لموسى، وحياته، ودعوته، وما احتمل من عناء وبلاء مع بني إسرائيل، فذلك لا يتسع له المجال، ولكننا سنقتصر على تلك الجوانب، ذات الصلة بما في ذلك اليهود واليهودية، وما وضعه اليهود لأنفسهم، من قواعد وتقاليد للسلوك الاجتماعي.. وسنظل على الدوام نتابع الدرس من التوراة نفسها، ما دامت هي التي صنعها اليهود أنفسهم، وما دامت هي التي صنعت اليهود.

    وأول ما تذكره التوراة عن سيرة موسى، يفاجأ القارئ بالنزعة العنصرية العنيفة المتأصلة في النفس اليهودية.. ويتمثل ذلك في مولد موسى منذ البداية ونقرأ في الإصحاح التاني من سفر الخروج حكاية ميلاده فنقول التوارة " وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بيت لاوي فخيلت المرأة وولدت ابنا، ولما رأته أنه حسن خبأته ثلاثة أشهر" وبعد ذلك "وضعته في سفط من البردى ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر.."

    "بيت لاوي" يقصد منه أنه إسرائيلي لأن لاوي هو أحد أبناء يعقوب.. وبهذا أراد أحبار اليهود الذين كتبوا التوراة من البداية أن يؤكدوا أن موسى هو إسرائيلي من أب لاوي، ومن أم لاوية.. دون أن يذكر اسم الأب ولا اسم الأم مع العلم أن التوارة لم تكن تتورع أن تذكر اسم أولاد الزنا من اليهود في أكثر من موضع، ولم تذكر لنا اسم والد موسى وأمه.. مكتفية بأنهما من بيت ولاوي.. وانتهى..

    والتوراة التي حرصت أن تغفل نسب موسى ولا تذكر أبويه بالاسم، نراها تولى اهتماما بالغا باسم زان وزانية في سفر العدد مشيرة إلى اسم زان وزانية مغمورين، ووالديهما كذلك، وكأنما القصة لها أهمية تاريخية جديرة بالتدوين.

    ففي الإصحاح الخامس والعشرين من ذلك السفر تتحدث التوراة في قصة طويلة عن زنا بامرأة وجاء بها "أمام عيني موسى وأعين كل جماعة بني إٍسرائيل " .. فقام الكاهن "وأخذ رمحا بيده ودخل وراء الرجل الإسرائيلي إلى القبة وطعن كليهما الرجل الإسرائيلي والمرأة في بطنهما. وكان اسم الرجل الإسرائيلي المقتول الذي قتل مع المديانية زمرى بن سالو من الشمعونيين، واسم المرأة المديانية المقتولة كربى بنت صور رئيس قبائل بيت أب في مديان"…

    بل إننا نقرأ في رأس الصفحة التي روت حكاية موسى في التوراة-اسم القابلتين العبريتين "شفرة وفوعة" وهما اللتان طلب منهما الفرعون قتل الذكور من أبناء العبرانيين.

    وكان من الأجدر، وموسى سيكون له تاريخه، أن يُذكر نسبه.. والتوراة لم تترك شخصا مرموقا في التوراة وإلا وذكرت نسبه أبا عن جد حتى أوصلته إلى آدم أبي البشر.. كما فعلت بالنسبة لإبراهيم وداود والعديد من الشخصيات التوراتية الكبيرة.

    والتفسير الوحيد لهذا الإهمال في ذكر نسب موسى، والاكتفاء بأنه إسرائيلي من بيت لاوي، يكمن بأن موسى لم يكن إسرائيليا وإنما هو مصري صميم لا علاقة له ببني إسرائيل.. دون أن يستبعد أنه أصبحت له علاقة وتاريخ مع بني إسرائيل.. فيما بعد.

    ولدينا مرجع علمي قيِّم، وضعه عالم اجتماعي ونفساني كبير، وهو فوق ذلك من أعلام اليهود البارزين هو الأستاذ فرويد، فقد أكد استنادا إلى دراسات وأبحاث متعمقة أن موسى لم يكن عبرانيا ولكنه كان مصريا.

    ونحن حين نمضي في قراءة التوراة في العبارات التالية، سنجد قرينة تؤيد هذا الرأي، ذلك أن ابنة فرعون، كما تروي التوراة، "نزلت إلى النهر لتغتسل فرات السفط بين الحلفاء، فأرسلت أمتها وأخذته، ولما فتحته رأت الولد وإذا هو صبي يبكي، فرقت له وقالت هذا من أولاد العبرانيين".

    "هذا من أولاد العبرانيين" هذا كلام أحبار اليهود.. نسبوه إلى لسان إبنة الفرعون.. ولكن السؤال هنا هو كيف عرفت ابنة الفرعون أن هذا الطفل هو من أولاد العبرانيين، وهو لا يزال ابن ثلاثة أشهر لم تتحدد لمحاته وقسماته؟

    يضاف إلى ذلك أن أخت موسى وهي التي كانت واقفة قريبا لترى المشهد، قالت لابنة الفرعون فيما تروي التوراة :" هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيات.. وذهبت الفتاة ودعت أم الولد…" لتؤكد التوراة مرة ثانية "عبراينة" موسى.. وعبرانية أمه.

    وتمضي التوراة لتقول بعد ذلك، أن أمه أرضعته، "ولما كبر الولد جاءت به إلى أبنت فرعون فصار لها ابنا ودعت اسمه موسى وقالت إني انتشلته من الماء..".

    وهنا كشف التوراة، دون أن يدري أحبارها الذين كتبوها، أن هذا الاسم هو مفتاح الحقيقة فإن "موسى" لفظ مصري في اللغة المصرية القديمة، معناه انتشل من الماء ولهذا فقد أعطته ابنة فرعون اسما مصريا يدل على الحادث بنفسه، ويدل أنه في الواقع كان مصريا.

    ولفظ "موسى" لم يكن غريبا في مصر، ولا هو قد ابتدعته ابنة الفرعون، لإنها انتشلت موسى من الماء، فقد كان اسما معروفا عند قدماء المصريين، وكان من أسماء فراعنة مصر الكبار.

    ويأتي في المقدمة الفراعنة الكبار "رع موسى الكبير" (رعمسيس) وكذلك أحمس (أح موسى) وتحوتمس (تحوت موسى) وقد أثبتت النقوش المصرية أن اسم موسى كان شائعا في المجتمع المصري وخاصة في عهد الإمبراطورية… وفي زمن يقارب عهد موسى الموصوف بالتوراة بأنه من بيت "لاوي".

    وإيضاحا لذلك كله فإن "موسى" معناها باللغة المصرية القديمة ابن.. ولذلك فإن رع مس هو ابن الإله رع وكذلك فإن تحوتمس ابن الإله تحوت.

    ولم يكن من المعقول أن تعطي ابنة الفرعون هذا الاسم المصري الصميم لأحد من أولاد العبرانيين وخاصة أننا نعلم أن المصريين كانوا يأنفون من العبرانيين فكانوا كما تروي التوراة "لا يقدرون أن يأكلوا طعاما مع العبرانيين لأنه رجس عند المصريين" (الإصحاح الثالث والأربعون من سفر التكوين)، فإذا كان الطعام مع العبرانيين رجسا، فكيف يُقبل هذا الغلام العبراني في بلاط الفرعون، ويُعطى اسما مصريا ثم تقول التوراة أن ابنة الفرعون جعلته إبنا لها..؟؟

    وتروي التوراة بعد ذلك حكاية غريبة، وما أكثر غرائب التوراة، فتقول التوراة "وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أن خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم. فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل". وتكرار لفظ (إخوته) مرتين في سطرين يكشف قصد أحبار اليهود بأنهم يشيرون إلى العبرانيين.. وغرائب هذه الحكاية تفضح الحكاية نفسها بالنسبة إلى جنسية القاتل والمقتول. والسؤال هنا كيف عرف موسى، أن رجلا عبرانيا هو المضروب وأن الضارب هو مصري.. وهل من لافتة كانت تعلق على كتف هذا وذاك تحدد جنسيته، وخاصة أن العبرانيين في ذلك العهد قد بلغ عددهم "ستماية ألف عدا الأولاد" فيما تروي التوراة (سفر الخروج-الإصحاح12).. وليس من السهل تمييزهم عن المصريين.

    والجانب الآخر من القصة يكشف مزيدا من التساؤل ومزيدا من الغرابة، فالتوراة تمضي لتقول أن موسى خرج في اليوم الثاني وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان "فقال للمذنب، لماذا تضرب صاحبك.. فقال أتفكر أنت بقتلي كما قتلت المصري.. فخاف موسى وقال حقا قد عرف الأمر، فسمع فرعون هذا وطلب أن يقُتل موسى. فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في أرض مديان وجلس عند البئر".

    ويثور السؤال نفسه مرة ثانية: وكيف عرف موسى أن اللذين كانا يتضاربان هما عبرانيان، فهل من علامة كانت تميز العبرانيين عن غيرهم من الناس..؟

    وسؤال ثان، كيف عرف هذا العبراني أن موسى قد قتل المصري في اليوم السابق مع أنه طمره في الأرض دون أن يرى موسى أحد كما تقول التوراة.؟

    كل هذه الإشارات الواردة في التوراة حول عبرانية موسى، وأبيه وأمه، وقتله المصري انتصارا للعبراني، ثم تدخله بين أثنين من العبرانيين، تشير بإصبع الاتهام إلى أن أحبار اليهود الذين كتبوا التوراة، كانوا على الدوام ينطلقون من النزعة العنصرية البغيضة، ويؤكدون على العبرانية مرة ، واليهودية مرة أخرى.. تمييزا لليهود عن الأمم والشعوب.. وأنهم قد استخدموا اسم موسى المصري الصميم لإبراز هذه النزعة، كما استخدموا من قبل اسم إبراهيم العراقي العربي وأولاد إسحق ويعقوب.

    وقد فعلوا ذلك مع أيوب، فقد حشروا اسمه بين أبنائهم وكتبوا سفرا باسمه، مع أن أيوب عربي، من قبائل الأدوميين، ولد على مقربة من الشوبك في الأردن وقد لقبه الأديب الإفرنسي الشهير فيكتور هوجو بأنه بطريق العرب وأنه أول من ابتدع أدب المآسي (DRAMA) واعتبر كثير من العلماء أدب أيوب بأنه من أعظم آيات الأدب العالمي.

    وثمة دليل آخر يمدنا للتعرف على جنسية موسى، نجده في قصة هربه إلى أهل مَدَين: فتقول التوراة بعد أن هرب موسى من وجه الفرعون إلى أهل مَدَين، أن موسى حين كان جالسا عند البئر لقي بنات كاهن مديان فأنجدهن موسى وسقى غنمهن، وسألهن أبوهن "ما بالكن أسرعتن في المجيء اليوم، فقلن رجل مصري أنقذنا من أيدي الرعاة وسقا الغنم " وتمضي التوارة لتقول أن موسى سكن في بيت الكاهن وتزوج ابنته صفورة.

    والمهم في قصة التوراة هذه أن الفتيات السبع، بنات الكاهن، قلن لأبيهن عن موسى " أنه مصري" كما تقول التوراة، ولعلهن عرفن جنسيته ومن هو، من ملامحه العامة، أو من حديثه معهم.. وخاصة أن أرض مديان هذه التي وقعت فيها الحادثة تقع في منطقة نهر الأردن، حيث القبائل العربية وليس بينها مصري واحد.

    يضاف إلى ذلك أن التوراة ذكرت أنه "رجل مصري" دون أن تأتي بتعليق أو إيضاح.. فإذا كانت بنات مدين قد عرَّفن موسى بأنه "الرجل المصري" وهي معرفة فطرية، من النظرة الأولى، فإن أحبار اليهود لا يستطيعون أن يجعلوا منه عبرانيا ومن بيت لاوي ابن يعقوب..

    ونحن في إلحاحنا على جنسية موسى ومصريته، لا نريد أن نضيف عظيما إلى قائمة العظماء في مصر، وإنما نقصد أن نشير إلى النزعة العنصرية الشريرة الكامنة في سويداء النفس اليهودية منذ أقدم العصور.

    وسيرة موسى تمدنا بالكثير من هذا الشر الكبير الذي أنزل البلاء بالشعب اليهودي وفجر كثيراً من النكبات في التاريخ الإنساني , فلندخل على التوارة والذي أبشع أنواع التمييز العنصري البغيضن

    وها نحن نرى التوراة تتحدث في هذا المعنى لتقول أن موسى حين كان في البرية يرعى الغنم جاء إلى جبل حوريب وظهر له الرب وقال له "أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. أني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم.. وعلمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم-أخرجهم-من تلك الأرض_. فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتُخرِج شعبي بني إسرائيل من مصر".

    وهنا يأتي مرة ثانية دور التمييز العنصري البغيض، بين شعب مصر وبني إسرائيل، فإذا كان "الرب" قد نزل لينقذ بني إسرائيل من أعمال السخرة، فقد كان الشعب المصري كله يعاني من السخرة، بل إن كثيراً من شعوب الأرض يومذاك كانت تعيش تحت بلاء هذا النظام البغيض.. فلماذا ينزل الرب من أجل بني إسرائيل وحدهم، وليسوا وحدهم هذا في العالم واقعين تحت نير السخرة.. فإن سائر البشر هم عباد الله، وجديرون بعطفه ورحمته، جديرون بأن يرفع عن أكتافهم هذا البلاء؟

    ولكن هذه الخصوصية اليهودية مع الرب، كما نراها في سيرة موسى في جميع أدوار حياته، كانت هي المأساة في حياة اليهود في جميع مراحل حياتهم… وستظل على هذا الحال ما بقيت اليهودية تحتوي هذه النزعة الشريرة الطاغية، وترضعها الأجيال اليهودية من الأمهات إلى الأمهات.. وتجعل من "الرب" إلها يهوديا عبرانيا إسرائيليا وصهيونيا.

    ويود بيجن رئيس وزراء العدو لو أن "الرب" يكون من حزب ليكود لو استطاع إلى ذلك سبيلا.. ونحن نستغفر الله العظيم أن يكون كذلك، وهو رب العالمين الرحمن الرحيم.

    ولكن أحبار اليهود الذين كتبوا التوراة قد أباحوا لأنفسهم أن يجعلوا "الرب" بالشكل الذي يختارونه .. وأن يجعلوا من موسى نفسه " إلها" إذا اقتضى الأمر… ففي الإصحاح الرابع من سفر الخروج نقرأ حوار بين الرب وموسى ليقنعه بالذهاب إلى بني إسرائيل وإخراجهم من مصر، وأن يستعين بأخيه هارون، لأنه أفصح منه لسانا، فيقول الرب، حسب رواية التوراة، لموسى، "أنت تكون له إلها (أي إلها لأخيه هارون) وهو يكون لك فيما يكلم الشعب عنك".. وبعد ذلك يحمله الرب رسالة إلى فرعون يقول له فيها "تقول لفرعون أطلق إسرائيل ابني البكر ليعبدني.. وأن أبيت أن تطلقه ها أنا أقتل إبنك البكر..".

    ومعنى ذلك أن بني إسرائيل جميعا هم بمثابة الابن البكر "للرب" وللإبن البكر السيادة على الأسرة بكاملها، وبهذا يكون بنو إسرائيل سادة البشر أجمعين.

    وتمضي التوراة في ذكر سيرة موسى، ويزداد الكشف عن السلوك اليهودي فيما أسموه ملحمة الخروج، فإذا بالخروج يكشف عن تخاذلهم وافترائهم على موسى وعلى الله معا.

    فبعد أن عبر اليهود بحيرة المنزلة في طريقهم من مصر إلى سيناء… إذا بجموع اليهود يرفعون عقيرتهم بالشكوى من موسى ومن الخروج… وتقول التوراة في ذلك في الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج: "فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم واذا المصريون راحلون وراءهم , ففزعوا جداً وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب, وقالوا لموسى هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية، ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر". وهذه هي قمة الجبن والثورة على موسى.

    ثم تكشف التوراة عن أسرار آخرى كانت بينهم وبين موسى تظهر أنهم كانوا غير راغبين في الخروج أصلا، فتضيف التوراة إلى ذلك قائلة "أليس هذا هو الكلام الذي كلمناك به في مصر قائلين: "كف عنا فنخدم المصريين، لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية".

    "كف عنا" قالها بنو إسرائيل لموسى، ومعناها العادي البسيط اتركنا وحالنا في مصر يا موسى.. إنهم لا يريدون أن يتركوا مصر، ويفضلون أن يبقوا في خدمة المصريين، ولكن موسى صبر على بني إسرائيل، وحين راحوا يواصلون مسيرة الخروج، بدأوا يشكون من التعب والشظف هنا، ومن العطش والجوع هناك، إلى أن جاءوا إلى برية سيناء في الشهر الثالث بعد خروجهم من أرض مصر ونزلوا مقابل الجبل.

    وهنا يبرز التمييز العنصري البغيض، ولكن هذه المرة لينزل فريضة من السماء وعلى لسان "الرب" فيقول الإصحاح التاسع عشر من سفر الخروج "وأما موسى فصعد إلى الله. فناداه الرب إلى الجبل قائلا هكذا تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل.. انتم رأيتم ما صنعت بالمصريين ,وأنا حملتكم على أجنحة النسور.. فإن حفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب فإن لي كل الأرض وانتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة".

    هكذا "أمة مقدسة.. وخاصة للرب من بين جميع الشعوب" وتلك هي أبجدية العقيدة اليهودية يحفظها أجيال الشعب اليهودي قبل أن يحفظوا أبجدية القراءة والكتابة، لتكون بلاء عليهم وعلى الإنسانية جمعاء.

    ومع هذا فإن عبارة "بين جميع الشعوب" قد قطعت شوطا متقدما قي موضع آخر من التوراة، فتصبح العبارة "فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" ففي سفر التثنية (الإصحاح الرابع عشر) تقول التوراة أن الرب قال لبني إسرائيل، عن طريق موسى، "أنتم أولاد الرب… لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك لتكون له شعبا خاصا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض"
    ِ‌‍‍‍‍!!





    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:27 pm

    "


    ففي سفر التثنية (الإصحاح الرابع عشر) تقول التوراة أن الرب قال لبني إسرائيل، عن طريق موسى، "أنتم أولاد الرب… لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك لتكون له شعبا خاصا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض"ِ‌‍‍‍‍!!

    والرب كما صوره موسى لبني إسرائيل فيما تروي التوراة، هو المسؤول أمام إسرائيل، في كل حياتهم فهو يسير أمامهم في عمود سحاب ليهديهم في الطريق نهارا، وليلا في عمود نار ليضيء لهم.. ويمطر عليهم خبزا من السماء، وفي الحرب فإن "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون".

    فإن الرب يقاتل المصريين نيابة عنهم.. وتروي التوراة أنه بعد أن عبر بنو إسرائيل البحر، مشوا على اليابسة، وكان المصريون أمواتا على شاطئ البحر ولم يبق منهم أحد (سفر الخروج-الإصحاح14).

    كل ذلك: إهلاك فرعون وقومه من أجل نجاة بني إسرائيل ووصولهم سالمين إلى برية سيناء ليعبدوا الرب كما قالت التوراة.

    ولكن هل عبدو الرب .. إن التوراه تجيب على ذلك .. إنهم عبدوا العجل وعلينا أن نترك التوراة تتحدث ...

    تقول التوراة … في الإصحاح الثاني والثلاثيين من سفر الخروج أن الشعب قد استبطأ موسى في العودة من الجبل-وعودته من الله-فقالوا لهارون أخيه:" قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا فقال لهم هارون "انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم.. وأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا، فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل" واحتفل الشعب بالأكل والشرب واللعب والرقص وسجدوا للعجل وهكذا أضاف بنو إسرائيل على أنفسهم عبادة العجل كما تعلقوا بالعنصرية البغيضة.

    وعاد موسى إلى قومه وهو يسمع صوت غنائهم، وأبصر العجل والرقص واشتد الغضب بموسى، وندد بأخيه هارون "وأخذ العجل وأحرقه بالنار وطحنه " إلى آخر القصة.

    وغضب الرب كذلك، كما تروي التوراة وقال :" ورأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة… اتركني أفنيهم". ولكن موسى تضرع إلى الرب وطلب إليه أن يتراجع عن إيقاع الشر ببني إسرائيل، وأن لا يفنيهم.

    ولكن الرب، كما تقول التوراة، "ندم على الشر الذي قال إنه سيفعله بشعبه".

    وهكذا غفر لبني إسرائيل عبادة العجل وندم وتراجع عن العقاب ومن أجل بني إسرائيل ندم الرب وتراجع…

    ومن عبادة العجل الذي سجد له بنو إسرائيل، عبدوا فيما بعد إلها آخر حينما كانوا في برية سيناء، وأضافوا إلى ذلك فاحشة الزنا بصورة جماعية … كأنما أخرجهم موسى من أرض مصر ليرتكبوا هذه الكبائر الكبرى.. وكانت هذه الفاحشة حينما وصل بنو إسرائيل إلى أرض مؤآب.

    وتقول التوراة أن بني إسرائيل ابتدأوا "يزنون مع بنات موآب، فدَعوْنَ الشعب (بني إسرائيل) إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن وتعلق الشعب ببعل فغور (إله الموآبيين).. وغضب الرب على إسرائيل وقال الرب لموسى "خذ جميع رؤوس الشعب وعلقهم للرب مقابل الشمس.. وقال موسى لقضاة إسرائيل اقتلوا كل واحد قومه المتعلقين ببعل"… (سفر العدد-الإصحاح 25).

    ومع هذا فقد استمر أحبار اليهود يكتبون في توراتهم أن بني إسرائيل هم شعبه المقدس وأنه فوق جميع شعوب الأرض.. وأن خروجهم من مصر كان ليعبدوا الله في البرية.. فإذا بهم يعبدون الأوثان ويجعلون الصحراء بيت دعارة مكشوفة.

    وراحت التوراة تتحدث عن رحلة الخروج من مكان إلى مكان، ومن جبل إلى جبل وبنو إسرائيل يشكون ويتذمرون، والرب يندد على الدوام، ويقول لموسى في كل مرة :" قل لبني إسرائيل أنتم شعب صلب الرقبة".. وبهذه الألفاظ على وجه التحديد..

    كان موسى يستغفر لقومه كلما اقترفوا سيئة من السيئات، وتضرع إليه أن يسير معهم وقال له متوسلا:" أليس بمسيرك معنا. فنمتاز أنا وشعبك على جميع الشعوب الذين على وجه الأرض"‎ (سفر الخروج- إصحاح 33) وكان ذلك أوضح اعتراف بنزعة التمييز العنصري البغيض الذي يدين به بنو إسرائيل.. والغريب أن أحبار اليهود قد استعملوا لفظة "التمييز" بالنص وتعبير التمييز العنصري لم يكن وأورداً يومئذ، فقد عرفته اللغة السياسية في هذا العصر، ليبدأ بعد قرون من الأحداث التي دونتها التوراة..

    وأكثر ما تتجلى هذه المعاني في الترنيمة التي دونتها التوراة بنصها الكامل بعد أن انتهت معركة العبور ونجا بنو إسرائيل وغرق فرعون وجنده… فقد أنشدوا قائلين عن المصريين.. "غاصوا كالرصاص في مياه غامرة.. هبطوا في الأعماق كحجر، فغطاهم البحر. تمد بيمينك فتبلعهم الأرض ترشد برأفتك الشعب الذي فديته .. يسمع الشعوب فيرتعدون..تأخذ الرعدة سكان فلسطين. حينئذ يندهش أمراء أدوم، أقوياء مؤآب تأخذهم الرجفة ، يذوب جميع سكان كنعان.. حتى يعبر شعبك يا رب" (الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج).



    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:29 pm



    وهذا التهديد والوعيد موجه إلى شعوب الشام: سكان كنعان، وأدوم، موآب، وكأنما أراد أحبار اليهود أن يشنوا حرب الأعصاب على ديار الشام قبل أن يصل بنو إسرائيل إلى فلسطين.

    ومن هنا فإن التوراة تسجل لنا أكبر حفلة رقص شهدتها سيناء تمجيدا للعبور، فتقول التوراة، بعد أن سردت الترنيمة، "أن مريم النبيه أخت موسى أخذت الدف بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص وكانت مريم تهتف أمامهم قائلة : رنموا للرب فإنه قد تعظم .. الفرس وراكبه طرحهما البحر" يعنون بذلك فرعون وجواده.

    ولم تكتف التوراة بسرد الأحداث وتدوين الترنيمة لتكون تاريخا لبني إسرائيل فحسب، ولكن أحبار اليهود أرادوا أن يجعلوا من كل ذلك عقيدة دينية يتوارثها الأبناء عن الآباء، بكل ما احتوته من استعلاء على بقية الشعوب وبغض لها، والرغبة في تدميرها وإهلاكها.

    ومن هنا فقد حرصت التوراة أن تجعل من ذكرى الخروج عيدا دينيا تقام فيه طقوس مطولة ومعقدة، تقدم فيها الذبائح ولا يؤكل الخبز إلا فطيرا، كيوم خرجوا من مصر.

    ثم تأمر التوراة رب الأسرة قائلة "ومتى سألك إبنك غدا قائلا ما هذا، تقول له أخرجنا الرب من مصر بيت العبودية.. وقتل الرب كل بكر في أرض مصر من بكر الناس إلى بكر البهائم" إلى آخر القصة (سفر الخروج- الإصحاح13) وبذلك تنشأ الأجيال اليهودية على البغضاء والاستعلاء والنزوع إلى الانتقام.

    والتمييز العنصري، وهو الآفة الكبرى التي تمثل المساهمة المفجعة لبني إسرائيل في حياة الإنسانية، انتقل من أسلوب السرد التاريخي إلى أن دخل في صميم الدين، وأصبح جزءا من الوصايا العقائدية التي أنزلها الله على موسى كما تقول التوراة.. والأمثلة على ذلك متوافرة.

    ففي أحكام المعاملات جعلت التوراة "القرض" نظاما عاما ومن كماله بركة الرب. ففي سفر التثنية في الإصحاح الخامس عشر تقول التوراة في صدد وصايا الرب :" يباركك الرب إلهك، فتقرض أمما كثيرة، وأنت لا تقترض، وتتسلط على أمم كثيرة وهم عليك لا يتسلطون". وبهذا يكون نظام الصرافة والتسلط على الشعوب قد أصبح في صميم الدين اليهودي.. ولعله كان السبب المباشر في أن اليهود أصبحوا فيما بعد أعظم الصيارفة في العالم، وتجمعت بين أيديهم ثروات الشعوب كما هو معروف في هذا وبهذا الثراء الضخم استطاعوا أن يتسلطوا على الشعوب.. كما أمرتهم التوراة بالنص.

    والتوراة لم تأمرهم بالتسلط على الشعوب فحسب، بل بالاستعباد والسخرة والرق وها نحن نقرأ في التوراة في الإصحاح العشرين من سفر التثنية ما قاله الرب لموسى بالكلمة والحرف :" حين تَقُربْ من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك."

    وهذا أمر عجيب يصل إلى درجة المأساة، فإن "الرب" الذي أنقذ بني إسرائيل من "سخرة" فرعون.. هذا الرب يأمر بني إسرائيل أن يفرضوا نظام السخرة والعبودية معا على الشعب الذي يقبل الصلح مع إسرائيل، ويفتح له بلاده على مصراعيها في وجهه.

    ولكن هذا هو الدين اليهودي يأمر بالربا والسلب والسخرة والعبودية، كل ذلك من فم الرب وعلى لسان موسى.

    وتمضي التوراة في تفصيل هذه الأحكام وتميز بين اليهودي وغير اليهودي فيقول الإصحاح الثالث والعشرون من سفر التثنية ما يلي :" لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة وربا طعام، أو ربا شيء ما مما يقرض بربا، للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك إلهك في كل ما تمتد إليه يديك".

    تلك هي الشريعة التي تلقاها موسى من الرب وأبلغها إلى قومه، كما تروي التوراة.. لكي يعملوا بها، وقد أشهد موسى السماء والأرض على بني إسرائيل لينفذوها بحذافيرها، وإن لم يفعلوا فإن "الرب يبيدهم" كما تهددهم التوراة..

    وواضح أن ديناً يأمر بمثل هذه الوصايا لا يمكن أن يكون ديناً سماوياً , فلا بد أن يكون ديناً أرضياً كتبه أحبار اليهود وهم قاعدون في أدنى الأرض وفي صدورهم شهوات الأرض في أدنى مطالبها .

    ومع ذلك فإن موسى لم يسلم من قومه بني إسرائيل، فقد أوردت التوراة أن قومه قد ضاقوا به ذرعا وتذمروا منه أكثر من مرة وثاروا عليه وفكروا في القيام "بانقلاب" على موسى، وفي الإصحاح الرابع عشر من سفر العدد تقول التوراة: وتذمر كل الشعب على موسى.. وقال "ليتنا متنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر، ولماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض لنسقط بالسيف وتصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة.. أليس خيرا لنا أن نرجع إلى مصر، وقال بعضهم نقيم رئيسا ونرجع إلى مصر".

    وكان موسى يشكو قومه إلى الله بسبب عصيانهم وفساد أخلاقهم حتى أنه تمنى الموت ويكون الفراق بينه وبينهم، ففي إحدى المرات قال للرب: "لماذا أسأت إلى عبدك.. حتى أنك وضعت ثقل جميع هذا الشعب عليَّ.. لا أقدر أنا وحدي أن أحمل جميع الشعب لأنه ثقيل عليَّ.. فإذا كنت تفعل بي هكذا فاقتلني قتلا.. فلا أرى بليتي".

    وحين عطش بنو إسرائيل ثاروا على موسى، فصرخ موسى إلى الرب، كما تقول التوراة، قائلا:" ماذا أفعل بهذا الشعب بعد قليل يرجمونني" (الإصحاح السابع عشر من سفر الخروج).

    وكذلك فإن الرب لم ينج من شرور بني إسرائيل وإيذاءاتهم، إذ تمضي التوراة لتقول :" وقال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب وحتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم.. وحتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة عليَّ " (سفر العدد-الإصحاح 14) وبذلك وصل سلوك اليهود مع الله إلى درجة الإهانة، ونعوذ بالله من بني إسرائيل.

    وفي النهاية، فإن موسى لم يسلم من أحبار اليهود في ختام حياته، فحينما اقترب أجله حرمه الله كما تقول التوراة من أن يدخل إلى فلسطين مع بني إسرائيل "جزاء خيانته" إذ يقول الإصحاح الثاني والثلاثون من سفر التثنية.. وكلم الرب موسى قائلا :" إصعد إلى جبل نبو في أرض مؤآب الذي قباله أريحا ومت في الجبل الذي تصعد إليه. فإنك تنظر الأرض من قبالتها ولكنك لا تدخل إلى هناك إلى الأرض.. لأنك أنت وأخوك هارون خنتماني في وسط بني إسرائيل".

    والواقع أن التوراة قد سجلت لموسى، على يد أحبار اليهود، وقائع غير لائقة ولا كريمة، وأبرز هذه الوقائع حادثان جديران بالإشارة.

    الأول : أن موسى صنع لبني إسرائيل تمثالا من نحاس بصورة حية فاغرة فاها، ووضع التمثال على راية الجيش.. والقصة كما ترويها التوراة أن حيّات الصحراء المحرقة اندفعت في وجه بني إسرائيل عقابا لهم على تمردهم وعصيانهم ومات منهم كثيرون فشكوا إلى موسى أن يدعوا ربهم لينجيهم من هذا العقاب الرهيب، فقال الرب لموسى :" اصنع لك حيَّة محرقة وضعها على راية فكل من لدُغ ونظر إليها يحيى" (سفر العدد-الإصحاح 21) فصنعها موسى وعادت الحيات إلى جحورها واستراح بنو إسرائيل..

    وهكذا فقد جعل أحبار اليهود من موسى "حاويا" للحيات بعد أن كانت الأفعى هي معجزته الكبرى هي معجزته في وجه فرعون..وكذلك فإنهم ألجأوا موسى إلى نوع من الوثنية وهو الذي كان يتوسل إلى فرعون أن يخرج بقومه إلى "البرية ليعبدوا الرب".

    أما الحادث الثاني فإنه يمثل الإرهاب اليهودي بأبشع صوره.. وأسوأ ما فيه أن يكون على يد موسى. وخلاصة القصة كما سردتها التوراة- في الإصحاح الحادي والثلاثين من صفر العدد- أنه بعد أن عاد بنو إسرائيل من معركتهم مع المديانيين :" قال لهم موسى: هل أبقيتم كل أنثى حية. فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأه عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها"، وأعمل بنو إسرائيل السيف في الرقاب-رقاب الأطفال والنساء- بعد أن وضعت الحرب أوزارها.. أما أوزار الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء، فقد وضعتها التوراة على أكتاف موسى.

    وهذان حادثان لا يحتاجان إلى تعليق، ذلك أن التوراة تكشف في هذين الحادثين عن مفارقة مأساوية كبرى، فإن موسى الذي كاد أن يكون واحداً في مذبحة الأطفال التي أمر بها فرعون كما تروي التوراة، قد أصبح هو فرعون الثاني في نهاية حياته يأمر بذبح الأطفال ومعهم أمهاتهم.. وكانت أبشع مذبحة في التاريخ.

    ذلكم هو موسى الذي استشهد به رئيس وزراء العدو مناحيم بيجن، كما صورته التوراة.. أما موسى عليه السلام فقد ذكر في القرآن عشرات المرات، بأحسن الذكر، ذكر التقدير، ويكفي منها قول الله مخاطبا الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) "واذكر في الكتاب موسى أنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا" (سورة مريم) صدق الله العظيم.

    وصفوة القول، أننا قد قرأنا في هذا الفصل، ومن عبارات توراة اليهود أن التمييز العنصري والربا والصرافة والتسلط والاستعباد كل ذلك كان في جسم الدين اليهودي..

    بل إنه يجري في الجسد اليهودي جريان الدماء في شرايين الإنسان..

    فكيف تستطيع الأمة العربية أن تعيش في سلام مع جماعة هذه أخلاقها وهذا دينها؟. بل كيف تستطيع أن تعقد معها سلاما، ودينها يأمرها أن تبيد الشعوب الأخرى وتستعبدها من غير وازع ولا رادع..!!

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:30 pm




    الفصـل السـادس








    يا موسى لا تعبر الأردن..


    لأنك عصيتني وخنتني








    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:31 pm



    في جملة ما تثبته التوراة، أن أحبار اليهود الذين كتبوا أسفارها، إنما هم قصاصون من الدرجة الثالثة، ولا يقاسون بشيء إلى جانب المعاصرين من القصاصين اليهود المعروفين فيما كتبوا من روايات وصنفوا من سيِّر وتراجم، وكان الكثير منها أدبا رائعا جديرا بالقراءة والمتعة.

    ولكن ما كتبه أحبار اليهود في أسفار التوراة عن خروجهم بني إسرائيل من مصر ودخولهم إلى فلسطين , يكشف عن ضعف في التأليف واضطراب في التفكير، وغفلة في التلفيق تفضح أصحابها، وتكشف جوانب الكذب والتزوير في اقصاصيهم من البداية إلى النهاية.

    وكثير من القصص، أي قصص، خيال ليس له ظل من الواقع، سواء في الأحداث والأشخاص والأبطال، وكذلك في الخاتمة التي تنتهي بها القصة.. ولكن تلك القصص تظل متسلسلة بذاتها، آخذ بعضها برقاب بعض، وبدايتها تقود إلى نهايتها.

    أما قصص التوراة، وخاصة بالنسبة إلى موسى وخروجه على رأس بني إسرائيل إلى سيناء بهدف الاستيلاء على فلسطين، فإنها تثير كثيرا من التساؤلات التي لا جواب لها، والشكوك التي يستحيل تفسيرها، ناهيك عن التناقضات الكثيرة التي تتضارب فيما بينها، بحيث يستحيل على العقل أن يقبل بأن تلك القصص هي من وحي السماء، ذلك بأنها هي من خيال أولئك القصاصين القدامى من رعاة المواشي. يخرفون، ويهرفون بما لا يعرفون.

    ولو شئنا دليلا واحداً يثبت هذا الحكم لوجدنا أن ما أرادته التوراة من أمر موسى وخروجه من مصر إلى البرية، وما وقع لبني إسرائيل فيها لكفى ذلك كله أن يكون دليلا قاطعا بأن التوراة لا يمكن أن تكون من كلام الله، كما لا يكمن أن تكون أعمال موسى وأقواله، من أعمال نبي الله وأقواله.

    وثمة دليل آخر يؤيد ما ذهبنا إليه.. ذلك هو كثرة الفجوات والسقطات التي لم ينتبه إليها الذين كتبوا التوراة، فجاء قصصهم منقوصا فيه فراغ هنا وهناك.. ولننتقل من التعميم إلى التخصيص.

    في مجال التخصيص، يجد القارئ الصابر للقراءة، بعد أن يفرغ من قراءة الأسفار الخمسة الأولى من التوراة، أن موسى له أخ أسمه "هارون اللاوي"، وأن له أخت اسمها مريم النبية.

    ونلاحظ هنا أن التوراة لم تذكر لنا شيئا عن مولد هارون ولا عن مولد أخته مريم.. وقد اقتصرت على ذكر مولد موسى وقصته، دون أن تُذكر له أخا أو أختا، مع أن سياق القصة يقتضي أن تذكر الأسرة وأولادها وسائر ما يتصل بها.

    وعلى حين أن التوراة لم تبخل في سردها لقصة إبراهيم، أن تذكر الكثير من تفاصيل حياته وحياة زوجته سارة، وضرتها هاجر، ومولد ولديه إسماعيل واسحق، وما كان من أمور العائلة مع فرعون، وأبيمالك ملك الفلسطينيين، وشؤون الزوجات والسراري والزواج من العراقيات وأولادهما.. كما فصلنا في الفصول السابقة.

    ولم تبخل التوراة كذلك أن تذكر بالتفصيل حياة إسحق ويعقوب وأولادهما، وما رافق زواجهما من قصص وطرائف لا نجد مثيلا لها إلا في أساطير اليونان، لولا أنها تقل عنها في جمال الأداء وسلاسة التعبير.

    أما بالنسبة إلى سيرة موسى وأهل بيته، فقد اقتصرت التوراة على حكاية وضعه في الصندوق وإلقائه في النهر، ثم ما كان من أمر التقاطه من قبل إبنة فرعون واتخاذها له ولدا..

    غير أن هارون، وهو طفل ذكر، فإن التوراة لم تذكر لنا كيف لم يذبحه الفرعون، وكيف نجا من مذبحة الأطفال، وأين تربى وأين عاش.. فكلها مجهولات لا تعرف من أمرها شيئا..

    وكل ما نعرفه عن هارون أن التوراة، تقذف به على مسرح الأحداث من غير مقدمة ولا تمهيد كأنما هو يسقط فجأة من السماء إلى الأرض، فتلتقطه التوراة، وتحشره في سفر الخروج في سياق الحوار غير الطريف بين "الرب وموسى" حين عاد من برية سيناء وظهر له الرب ودعاه إلى أن يذهب إلى فرعون ويطلب إليه أن يطلق بني إسرائيل من مصر-بيت العبودية، إلى البرية ليعبدوا له..

    وتقول لنا التوراة في سياق ذلك الحوار أن موسى نبه الرب قائلا: "اسمع أيها السيد (!!) لست أنا صاحب كلام، أنا ثقيل الفم واللسان" يريد بذلك أن يعتذر عن هذه المهمة فهو لا يحسن الكلام.

    وهنا، هنا فقط، تقفز التوراة وتذكر لنا أسم "هارون اللاوي" ويروي لنا الإصحاح الرابع من سفر الخروج أن الرب قال لموسى "أليس هارون اللاوي أخاك، أنا أعلم أنه هو يتكلم، وأيضا هاهو خارج لاستقبالك , فحينما يراك يفرح بقلبه، فتكلمه وتضع الكلمات في فمه"!!

    وهذه أول مرة يذكر فيها اسم "هارون اللاوي". وها نحن نراه على مقربة من جبل حوريب خارجا لاستقبال موسى.. والتوراة لا تذكر لنا متى جاء وأين كان، وكيف عرف بعودة أخيه .. تلك كلها فراغات في القصة، تركها أحبار التوراة على فراغها، مكتفية بأن هارون هولاوي-يعني إسرائيلي.. وهذا هو كل ما يهم أحبار اليهود.

    وتمضي التوراة في الإصحاح نفسه، لتضع أمام القارئ مفاجأة أخرى، غير مفهومة ولا معقولة.. وهذه المفاجأة تضعنا أمام قصة مفقودة الحلقات.

    تقول التوراة بهذا الشأن.. "وحدث في الطريق في المنزل (؟) أن الرب التقاه (التقى موسى) وطلب أن يقتله (؟) فأخذت صفورة (امرأتة) صوانة وقطعت غُرْلة ابنها ومست رجليه.. فانفك عنه..حينئذ قالت عريس دم من أجل الختان"!!

    ومفهوم هذه القصة أن الله قد عدل عن قتل موسى وانفك عنه، بعد أن قامت زوجته بختن ابنها بحجر صوان.. ومست رجليه.

    وأحبار التوراة لا يذكرون لنا في سياق هذه القصة لماذا أراد الله أن يقتل موسى.. وأمن أجل أن ابنه لم يكن مختونا؟ أم لسبب آخر.. وهل القتل هو عقاب عدم الختان؟

    ثم يأتي السؤال بعد ذلك وكيف عدل "الرب" القاتل عن القتل؟.. وتساؤلات أخرى لا داعي لسردها.. لأن الجواب الأكثر عقلا ومنطقا.. أن القصة كلها خرافة.. إحدى خرافات التوراة وما أكثرها..

    وكما فاجأتنا التوراة بهارون "اللاوي" على النحو الذي ذكرناه فإنها تبرز لنا مفاجأة أخرى يحسن بنا أن نسميها مفاجأة "مريم النبية أخت هارون".



    ويأتي ذكر هذه النبية بعد حكاية العبور، كما شرحتها التوراة، حين مشى بنو إسرائيل على اليابسة وسط البحر، والماء عن يمينهم ويسارهم.. ثم رد الرب البحر على المصريين فغرقوا أجمعين.

    وتقول التوراة بعد ذلك أن موسى وبني إسرائيل احتفلوا بهذا النصر فرنَّموا ترنيمة الفرح "فأخذت مريم النبية أخت هارون الدف بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص، وأجابتهم مريم: رنِّموا للرب فإنه قد تعظم.." (الخروج 15) وبهذا لم يصبح الرب عظيما إلا بعد نجاة بني إسرائيل وهلاك قوم فرعون.

    وهذا هو أول ذكر لمريم أخت هارون.. ولا تذكر لنا التوراة متى أصبحت نبية وكيف ومتى ظهر لها الله وماذا أوحى إليها.

    بل لم تذكر لنا التوراة متى ولدت هذه النبية .. وهل هي أخت هارون فقط، وليست أختاً لموسى.. وهل هي أخت لأب أو لأم ومن الأب ومن الأم؟

    كل ذلك لا تتحدث عنه التوراة من قريب أو بعيد.. بل إن مريم لا يرد لها ذكر في التوراة بعد ذلك.. بعد حفلة الرقص والغناء إلى حين موتها (سفر العدد-20).

    ثم تمضي أسفار التوراة في "تفصيل" وصايا "الرب" وشرائعه وأحكامه .. ومعظمها لا تخطر إلا في خيال الرعاة القدامى حين يكونون في الجبال والوديان يشتهون ويتمنون .

    ومن أطرف هذه الخيالات التي سردتها التوراة أن الرب طلب إلى موسى أن يصنع له تابوتا حتى يظل ساكنا في وسط بني إسرائيل وأن يكون هذا التابوت على هيئة صندوق، ويكون طوله كذا، وعرضه كذا، وأن يكون من خشب السنط وأن يكون مغشى، من الداخل والخارج.وأن يكون وأن يكون إلى آخر المواصفات التي استغرقت من التوراة صفحات وصفحات. (الخروج-25).

    ثم تتحدث التوراة عما يجب أن يلبسه الكاهن، وهو من سلالة هارون أخي موسى، وعن الأجراس التي تكون في أسفل ثوبة وأن على الكاهن أن يهز ثوبه حتى يسمع الرب الأجراس حين دخوله أمام الرب وحين خروجه.. لئلا يموت، والموت للكاهن.. أو "رب" لا ندري، فإن الإصحاح الثامن والعشرين من سفر الخروج الذي يذكر هذه الخرافات غير واضح بهذا الشأن ولا يقول لنا من الذي يموت الرب أو الكاهن أو كلاهما معا..

    أضف إلى ذلك أن تلك الأحكام تفرض على الكاهن أن لا يصعد على درج المذبح حتى "لا تنكشف عورته أمام الرب" ويكفينا ما ذكر عن سرد بقية الخرافات.. إلا خرافة واحدة تغرينا بأن نشير إليها ولو إشارة عابرة.

    خلاصة هذه الخرافة فيما تروي التوراة أن الرب قد أمر بني إسرائيل قائلا :" لا تأكلوا جثة ما، تعطيها للغريب الذي في أبوابك فيأكلها أو يبيعها لأجنبي، لأنك شعب مقدس للرب إلهك" .. (سفر التثنية الإصحاح الرابع عشر).

    وهذا هو غاية الطغيان والتعالي على الأجنبي أن يعطى الجثة ليأكلها أو يبيعها.. أما الإسرائيلي فلا يأكلها لأن بني إسرائيل شعب مقدس والشعوب الأخرى نجس في نجس.

    تلك أحكام الإنسان، أما أحكام الحيوان فهي أغرب وأعجب، فإن إحدى هذه الأحكام تنص أنه إذا نطح ثور إنسانا أو ثوراً، فإن الثور الناطح "يرجم ولا يؤكل لحمه" (الخروج 21) ولم تتكلم التوراة عن الثور المنطوح بعد رجمه إذا كان يؤكل لحمه أو لا يؤكل.. ولم تتكلم كذلك عن الإنسان المنطوح ما هو الحكم في جثته.. لعل الحكم هو ما ذكرته التوراة آنفا. لا يأكلها الإسرائيلي ولكن يعطيها للغريب لبيعها للأجنبي!!

    وما من شك أننا لو قارنا بين الشرائع التي وضعها قدماء المصريين في وادي النيل أو حمورابي الرافدين لوجدنا مبلغ التدني الذي كان عليه الفكر الإسرائيلي في ذلك العهد.

    وهذا الذي اقتبسناه من أحكام التوراة ينم عن فكر بدائي موغل في البدائية ولا يمكن أن يرقى إلى الله، ولا يمكن أن ينسبه إليه إلا رعاة البوادي الجاهلون لحقائق الحياة.

    بل إن هذه النصوص المتعلقة بالجثث والثيران لا تصدر إلا عن مستوى دون مستوى البادية.. فإن الرعاة القدامى الذين وصلت إلينا أخبارهم يعرفون كيف يتعاملون مع الثور النطَّاح دون أن يرجموه.. وأن الجثة مكانها تحت التراب لا تعطي للغريب.. لا يبيعها لأحد، ولا يأكلها أحد.

    وكائنا ما كان الأمر، فإنه تحت هذا الركام من الخرافات والترهات اليهودية تكمن حقيقة كبرى، قل أن يلتفت إليها القارئ وهو يعبر في التوراة من خرافة إلى خرافة.

    هذه الحقيقة الكبرى هي التي تفسر لنا كثيرا من مغلقات رحلة الخروج التي "قام بها بنو إسرائيل من مصر عبر سيناء ومنها إلى فلسطين".

    وقد ركزت التوراة منذ البداية أن خروج بني إسرائيل كان "لتحريرهم من بيت العبودية" في مصر ليعبدوا الرب في البرية.

    ولكن السبب الحقيقي هو غير ذلك بالمرة.. فلم يكن التحرير هو الهدف، ولا عبادة الرب هي السبب..



    السبب هو الحرب من أجل الحرب.. والهدف هو العدوان من أجل العدوان.. وقد يبدو هذا الكلام غريبا لأول وهلة، ولكن التوراة نفسها تقودنا إلى هذه الحقائق بكل يسر ووضوح، وها نحن نجد مقدمات الدليل في الإصحاح الثاني من سفر الخروج حيث تروي التوراة "أن الله سمع صراخ بني إسرائيل وأنينهم من استعباد الفرعون لهم".. ثم تقول بعد ذلك أن "الله تذكر ميثاقه مع إبراهيم وإسحق ويعقوب"-وهو الميثاق الذي يمنح فلسطين إلى بني إسرائيل-كما ورد في سفر التكوين.

    وسنترك أمر هذا الميثاق إلى فصل لاحق لنثبت بطلانه.. ويكفينا الآن أن نشير أن التوراة قد أرادت أن تنقل الميثاق من الوعد اللفظي إلى مرحلة التنفيذ.

    حكاية العبودية والسخرة التي فرضها الفرعون على الإسرائيليين هي القصة التي قصمت ظهر البعير، وهي السبب الظاهري لتبرير مرحلة الخروج من مصر والزحف إلى فلسطين.. تماما كما فعل اليهود بعد ذلك بأربعين قرنا حينما قامت النازية بمذابحها البشعة مع اليهود في ألمانيا وفي أروربا الغربية.

    وكما استغلت الدعاية الصهيونية "التعذيب" اليهودي على أيدي هتلر، وحملوا الألوف من اليهود للهجرة إلى فلسطين، فقد استغل أحبار اليهود "عبودية" الفرعون ليستنفروا بني إسرائيل للخروج من مصر والزحف على فلسطين وإبادة الشعب الذي يقيم فيها.

    ولم تتردد التوراة أن تقول ذلك بكل صراحة ووضوح، كما لم يتردد أحبار اليهود أن يكتبوا ذلك على لسان الرب كذبا وزورا: فقد جاء في الإصحاح الثالث من سفر الخروج أن الرب قال لموسى:" لقد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم وعلمت بأوجاعهم فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم-أخرجهم-من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة إلى أرض تفيض لبنا وعسلا.. إلى مكان الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين".. وهذه تشمل أرض فلسطين وما جاورها..!!

    وواضح من هذا الكلام أن الأمر يتعدى إنقاذ بني إسرائيل من العبودية، إلى هدف آخر.. وهو احتلال أرض جيدة واسعة- أرضك مسكونة من أقوام آخرين ذكرهم بالإسم واحدا بعد واحد؟

    هذا على حين أن مصر أجود أرضا وأوسع مساحة.. ولكن الأمر عدوان .. إن التوراة وفي نفس الإصحاح والسفر تكرر العبارة عن أرض كنعان مرة ثانية بألفاظها واسماء الأقوام إياهم.

    وتأتي بعد ذلك الخطوة الثانية في مرحلة التنفيذ على يد بني إسرائيل .. فتقول التوراة أن الرب قال لموسى: قل لبني إسرائيل سأدخلكم إلى الأرض التي أعطيت لإبراهيم. وأعطيكم إياها ميراثا. ولكن بني إسرائيل "لم يسمعوا لموسى من صغر النفس ومن العبودية القاسية" (الخروج 6).

    ومعنى هذا الكلام ببساطة أن بني إسرائيل قد رفضوا القيام بهذه المغامرة، لأن نفوسهم كما تقول التوراة قد صغرت بسبب قسوة العبودية.. أي أنهم لم يقدروا على الخروج وعلى الحرب.. وأنهم يؤثرون البقاء في خدمة المصريين كما أشارت التوراة فيما بعد.

    وتأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة من التنفيذ .. فتحدثنا التوراة أن بني إسرائيل قد خرجوا في الليل بعد أن أطلقهم فرعون، ثم تكشف التوراة عن سر له دلالته على أهداف المسيرة وموقف بني إسرائيل منها, كما تفضح تخاذل اليهود ومخاوفهم من التوجه إلى فلسطين، وهنا نقرأ في الإصحاح الثالث عشر من سفر الخروج عبارة واضحة صريحة تدين رحلة الخروج كلها، وتكشف عن خوف بني إسرائيل من الحرب ولو كانت من أجل الوصول إلى فلسطين.

    وتقول العبارة: وكان لما أطلق فرعون الشعب "أن الله لم يهد بني إسرائيل في طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة، لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذ رأوا حربا ويرجعوا إلى مصر".

    وما نحسب أن هناك كلاما أوضح من هذا الكلام الطريق إلى فلسطين قريبة، ولكن الله يخشى أن يندم بنو إسرائيل ويرجعوا إلى مصر إذا رأوا أنهم ذاهبون إلى الحرب. ولذلك ما هداهم الله إلى الطريق.. بل إن الله، كما تواصل التوراة كلامها "أدار الشعب في طريق برية بحر سوف" أي في طريق آخر ليس قريبا إلى فلسطين.

    ونخلص من ذلك كله أن أحبار التوراة الذين لفقوا مسيرة الخروج قد جعلوا الرب يضلل بني إسرائيل عن الطريق القريبة إلى فلسطين حتى لا يندموا ويرجعوا إلى مصر فأدار وجوههم في اتجاه آخر، وبهذا طالت عليهم الطريق، وتدخلت في خطة الخروج عوامل متعددة لم تكن في الحسبان.

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 8:34 pm



    [size=29]


    ويحسن بنا قبل أن نتابع خطة الخروج في مسيرتها الجديدة أن نتعرف على الأقوام الذين ذكرتهم التوراة، فهؤلاء هم هدف الخروج، وسيكونون ضحية العدوان.. وأسماؤهم غريبة علينا في هذه الأيام ولكن التاريخ يسعفنا في التعرف عليهم.. ولو بإيجاز..

    الكنعانيون نسبة إلى جدهم الأعلى كنعان، من أقدم القبائل العربية التي استوطنت فلسطين ولذلك سميت فلسطين أرض كنعان كما تذكر التوراة مرارا، نزح إليها العرب من مواطنهم الواقعة على الساحل الشرقي للخليج العربي، وهم في الأصل ينحدرون من قبيلة عربية كبرى تحركت في إحدى الهجرات التاريخية الشهيرة من الجزيرة العربية، والمراجع التاريخية التي تثبت ذلك متوافرة، بدءا بالمؤرخ هيرودوتس واسترابو إلى الطبري، إلى المؤرخين المعاصرين من العرب والفرنجة، إلى عالم المصريات المعروف جيمس هنري برستد.

    وما هو جدير بالتنويه أن مراسلات تل العمارنة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد تقول أن قدماء المصريين كانوا يطلقون لفظ كنعان على جميع السواحل السورية..

    وقد بنى الكنعانيون مدنا وقرى كثيرة لا تزال أسماؤها الكنعانية باقية إلى الآن، ومن المعروف أنه كانت للكنعانيين حضارة متقدمة في مجال الزراعة والصناعة وقد امتد تاريخهم في البلاد قرونا عديدة.. ومن هنا فإن التوراة تردد اسم أرض كنعان عدة مرات في العهد الذي دخلها إبراهيم.. فهي أرض الكنعانيين قبل إبراهيم، وقبل الميثاق الذي تزعم التوراة أن الرب قد وعد به أرض كنعان ميراثا له ولأبنائه من بعده.

    ومما تجدر الإشارة إليه أن بني إسرائيل- المهاجرين الأوائل إلى مصر، عاشوا فيها أربعماية وثلاثين عاما كما تذكر التوراة.. وكانت تلك الفترة ذروة ازدهار واستقرار في أرض كنعان، وكانت ذات علاقات وطيدة مع وادي النيل ووادي الرافدين معا.
    واليبوسيون هم إحدى القبائل الكنعانية وينسبون إلى جدهم الأعلى يبوس.. وكانت حاضرتهم هي مدينة القدس، وسميت يبوس باسمهم لأنهم هم الذين بنوها وقد ورد اسمهم واسمها عدة مرات في التوراة قبل أن يصبح اسمها فيما بعد أورسالم، أو إيليا، أو بيت المقدس.. وحينما دخل إبراهيم إلى فلسطين، كان "ملكي صادق"،كما تذكر التوراة هو ملك القدس وهو أول ملك عربي في فلسطين.



    والحويون هم كذلك إحدى القبائل العربية التي استوطنت فلسطين وكانت منازلهم في مدينة نابلس ثم انتشروا في شمال فلسطين حتى جبل الشيخ. وقد نزل فريق منهم في شمال القدس وأنشأوا عددا من القرى.

    والفرزيون، كذلك من القبائل العربية التي استوطنت فلسطين، وكانوا يسكنون القرى، ويرى بعض المؤرخين أنهم فرع من الكنعانيين.

    أما الأموريون فهم من القبائل العربية التي هاجرت من الجزيرة العربية، وأسسوا لهم دولة في منطقة الفرات الأوسط، ثم اجتاحوا العراق وأسسوا الدولة البابلية الأولى.. والأموريون نزلوا جنوبي فلسطين وشواطئ البحر الميت وكان لهم ملوك وأسسوا مدنا ذات شأن في التاريخ العربي.

    أما الحثيون فإنهم من الشعوب الآرية.. ولكن جماعات منهم استوطنت في بعض قرى فلسطين، ولا تزال بعض المدن تحمل أسماءهم إلى يومنا هذا.

    وتذكرة التوراة أن إبراهيم لما جاء إلى حبرون-الخليل-كان بنوحث مقيمين فيها.. كما تذكر أن أورياالحثي كان أحد قادة الجيش الإسرائيلي في عهد داود.

    يقودنا هذا التلخيص السريع إلى أن أرض كنعان لم تكن أرضا خالية بل كان أصحابها فيها أجدادا عن أجداد، ومن أحفاد إلى أحفاد، وكل ذلك كما تعترف به التوراة نفسها.

    وكائنا ما كان تاريخ أولئك الأقوام، فإن الحقيقة كما تقول التوراة، أن هؤلاء الأقوام كانوا يسكنون فلسطين، التي عرفت باسم أرض كنعان.. كانوا يسكنون بها قبل إبراهيم وقبل أن تطأ قدماه أرض البلاد… وكانوا كذلك يسكنون بها قبل أن يظهر "الرب" لموسى في سيناء.. وقبل أن يطلب إلى موسى إخراج بني إسرائيل من مصر " ليصعدهم إلى أرض جيدة واسعة تفيض لبنا وعسلا".

    وبعد أن رسمت التوراة الهدف من رحلة الخروج، وعلى لسان الرب، راحت تفصل خطة الحرب وتنسبها كذلك إلى الرب، وأنه هو الذي يتولى تنفيذها، فإن "الرب سيحارب عنكم" كما رددت التوراة مرة بعد مرة.. وأول ما نجد في هذا الصدد ما جاء في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر الخروج وفيه يقول الرب لبني إسرائيل "ها أنا مرسل ملاكا أمام وجهك ليحفظك في الطريق وليجيء بك إلى المكان الذي أعددته .. وإن ملاكي يسير أمامك ويجيء بك إلى الأموريين والحثيين والفرزيين والكنعانيين والحويين واليبوسيين فأبيدهم.. وأزعج جميع الشعوب الذين عليهم وأعطيك جميع أعدائك مدبرين، وأرسل أمامك الزنابير فتطرد الحويين الكنعانيين والحثيين من أمامك … وتملك الأرض.. ولا يسكنون في أرضك".

    وبكلمة بسيطة فإن الرب الذي أعد خطة الخروج لبني إسرائيل، هو الذي سيتولى تنفيذها وسيقودها إلى البلاد وسيتولى أبادة الأقوام الستة في أرض كنعان، ويعمل على إزعاجهم وطردهم من أراضيهم ليمتلكها إسرائيل، ولا يسكنون معهم فيها.

    ويتساءل أي عبد من عباد الله.. ولماذا يقدم الرب على هذه الإبادة الجماعية تنزل بتلك الأقوام من أجل أن يسكن فيها بني إسرائيل؟.. حقا إنها حرب إبادة جماعية يشنها "الرب" على أقوام من عباده يخرجهم من أرضهم حتى تكون لبني إسرائيل خالصة من دون العالمين أجمعين.

    ثم يتساءل المرء، وهل فعل الرب مثل هذا الفعل في أية أمة، من أجل أية أمة، وفي أية أرض من أرضه الواسعة، في أي عهد من عهود التاريخ؟

    فإذا كان الجواب أن الله لم يفعل مثل ذلك، وهو لم يفعل قطعا، فإذن تكون قصة التوراة خرافة كبرى وتكون المصيبة الكبرى فيها أنها أصبحت عقيدة دينية أنزلت نكبات كبرى تعد بحق من أكبر نكبات الإنسانية في التاريخ.

    وشأن كل خطة عسكرية وخاصة إذا كانت عدوانية، كان لا بد لها من مقدمات وحركات تجسس واستطلاع حتى يكتب لها النجاح، وتتحقق خطة الإبادة وطرد أهل البلاد من أرضهم وإحلال بني إسرائيل على أنقضاضهم وفي منازلهم .. وهذا ما تحدثت عنه التوراة فعلا.

    تروي لنا التوراة في الإصحاح الثالث عشر من سفر العدد أن الرب كلًّم موسى قائلا "أرسل رجالا ليتجسسوا أرض كنعان التي أنا معطيها لبني إسرائيل" ثم أوردت التوراة أسماء الجواسيس واحدا واحداً مع أسماء القبائل التي ينتسبون إليها. فكانوا اثني عشر جاسوسا بعدد أسباط بني إسرائيل.

    وقد أوردت التوراة نص أوامر موسى بالتجسس، فقد قال لهم "اصعدوا من هنا إلى الجنوب واطلعوا إلى الجبل وانظروا الأرض ما هي، والشعب الساكن فيها أقويّ هو أم ضعيف. قليل أم كثير؟ وكيف هي الأرض التي هو ساكن فيها أجيدة أم رديئة؟ وما هي المدن التي هو ساكن فيها؟ أمخيمات أم حصون، وكيف هي الأرض أسمينة أم هزيلة؟أفيها أشجار أم لا؟ وتشددوا فخذوا من ثمرة الأرض. وكانت الأيام أيام باكورات العنب".

    وتقول التوراة أن مجموعة الجواسيس ذهبوا وتجسسوا الأرض حتى مدخل حماة وأتوا إلى حبرون-الخليل –وكان فيها فلان وفلان وفلان وبنو عناق.. وأتوا وادي أشكول وقطعوا من هناك عنقودا واحدا من العنب حملوه بالدقرانة على أكتاف أثنين من الجواسيس مع شيء من الرمان والتين ورجعوا من تجسس الأرض بعد أربعين يوما.

    وهكذا فقد كانت عملية تجسس في منتهى الدقة والتفصيل، وموسى كما عرفنا في الفصول السابقة كان له موقع ممتاز في جيش فرعون.. والرب كما وصفته التوراة في أكثر من موضع فإنه "إله حرب". فلم لا تكون هذه الخطة الحربية بارعة وكاملة، ومفصلة إلى أقصى حدود التفصيل؟

    وقد نجحت خطة التجسس فعلا، فقد عاد الجواسيس بأحسن الثمار من البلاد، وبأحسن المعلومات عنها.. وقالوا في تقريرهم كما أوردته التوراة "حقا إنها تفيض لبنا وعسلا وهذا ثمرها، غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز، والمدن الحصينة عظيمة جدا.. وأيضا قد رأينا بني عناق هناك، والعمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيون واليبوسيون والأموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن".

    والتقرير أمين وصادق حقا، فقد أورد أسماء سكانها، ووصف مدنها الحصينة واعتزاز أهلها بها، وسرد أسماء القبائل أصحابها واحدة واحدة.

    أما بالنسبة لدخول أرض كنعان حربا ومقاتلة أهلها، فقد انقسم الجواسيس إلى مجموعتين، الأولى مجموعة الحمائم لا توافق على الحرب وهذه المجموعة مؤلفة من عشرة أعضاء قالوا :" لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنه أشد منا بأسا وأشاعوا بين الإسرائيليين أن الأرض قبيحة تأكل سكانها. وجميع شعبها أناس طوال القامة.. وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق". (سفر العدد-الإصحاح13).

    والمجموعة الثانية وهم جماعة الصقور تدعو إلى الحرب، وهما كالب ويشوع قالا "إننا نصعد ونملكها لأننا قادرون عليها.. والأرض جيدا جدا، ولا تخافوا من شعب الأرض لأنهم خبزنا والرب معنا ولا تخافوهم ." (سفر العدد14).

    ذلك كله كلام التوراة عن الحرب.. وعن أرض كنعان وأنها خبزإسرائيل تنتظر آكلها، وهنا أصيب بنو إسرائيل بالفزع من الحرب، تماما كما قالوا لموسى في بداية مسيرة الخروج. ويقول التوراة… وبكى بنو إسرائيل تلك الليلة.. وهمّوا بأن برجموا موسى وأخاه هارون بالحجارة.

    وكان أن ساد الاضطراب صفوف بني إسرائيل، وقع موسى في حيرة كبرى، وأصبحت مسيرة الحرب مهددة بالفعل فقد أعلن اليهود تمردهم وعصيانهم، وكان لا بد له أن يتدخل الرب فهو الذي يحارب عن إسرائيل ولا بد أن يتدخل لإنقاذ الموقف، فلم يكن أمام الرب من بديل إلا أن يترك مهمة الدخول إلى فلسطين إلى جيل آخر.. وتقول لنا التوراة أن الرب قضى بأن هذا الجيل الشرير، المتمرد العاصي، جيل العشرين عاما فصاعدا لا يرون الأرض، وأنهم يتيهون في البرية أربعين عاما وفيها يموتون وفيها يفنون، ويموت معهم جماعة الحمائم العشرة-الجواسيس الذين عارضوا في الحرب- وهكذا فقد حل الوباء بذلك الجيل الشرير ودفنوا في البرية ونشأ جيل جديدا.

    أما كالب ويشوع وهما من جماعة الصقور فقد قضى الرب أَنهما يعيشان ويدخلان الأرض كما تروي التوراة.

    وكان تمرد بني إسرائيل طبيعيا وفطريا، ذلك أنهم حين استمعوا إلى تقرير الجواسيس الذين يمثلون جميع أسباطهم، وحينما تبين لهم أن الأرض مسكونة بأهلها، وأن فيها مدنا حصينة، وأن سكانها أهل حرب ويعتزون ببلادهم، إلى آخر ما جاء في التقرير، كان من الطبيعي في ضوء ذلك كله أن يترددوا في الإقدام على الحرب، فأحجموا عن الدخول إلى أرض لا يعرفونها ولا يملكون فيها شبرا واحدا.

    غير أن أحبار اليهود الذين كتبوا التوراة، قد أرادوا غير ذلك، فراحوا يقصون مسيرة الحرب بروح سافرة من العدوان والإرهاب والنزوع إلى الإبادة.. كما نرى في معظم أسفار التوراة.

    ومضت التوراة تتحدث عن نشوء جيل جديد من بني إسرائيل، مهيأ للحرب والعدوان، بعد أن فني الجيل السابق المترد في القتال، المتخوف، من العواقب وأمامه شعوب مستعدة للقتال والدفاع عن أرضها ومدنها وقراها..

    وفي هذه الحقبة تذكر التوراة أن مريم-أخت موسى-ماتت في برية صين ودفنت هناك (سفر العدد-20)وبذلك أسدلتْ الستارعلى شخصية أخرى من آل موسى دون أن يُكتب لها الدخول إلى فلسطين، كما لا يكتب لأخويها موسى وهارون أن يدخلاها، فيما ستروي التوراة بعد ذلك في الإصحاح نفسه.

    فقد وصل بنو إسرائيل، كما تقول التوراة،و إلى جبل هود في طرف أرض أدوم، وهناك مات هارون-أخو موسى- وكان ابن مئة وثلاث وعشرين سنة، وقال الرب :"إن هارون لا يدخل الأرض التي أعطيت لبني إسرائيل لأنكم عصيتم قولي"، ودفن هارون في رأس الجبل. "وبكاه بيت إسرائيل ثلاثين يوما" (سفر العدد-20) وكان هذا الكلام تمهيداً غير مباشر لنفس المصير الذي سيلقاه موسى نفسه.

    وأخذت التوراة بعد ذلك تروي أنه نشأ جيل من بني إسرائيل، واستمر "الرب"وموسى في مسيرة الحرب. ويجد القارئ نفسه أمام صفحات وصفحات تسرد أخبار بني إسرائيل وتنقلاتهم من موقع إلى موقع إلى أن أصبحوا قريبا من شرق الأردن حيث نزلوا في وادي الحسا ومنه إلى الموجب، وأنهم حاربوا الأموريين واستولوا على أراضيهم .. ثم تأتي بعد ذلك مهاجمتهم لأهل مدياِن واستيلاؤهم على أرضيهم
    .

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:18 pm



    وفي هذه الحرب مع المديانيين، تذكر التوراة (في سفر العدد-الإصحاح) أن بني إسرائيل قد لجأوا إلى كل أنواع الوحشية والهمجية، فقد قتلوا من المديانيين "كل ذكر" وقتلوا فوقهم ملوكهم الخمسة. ذكرت أسماءهم واحدا واحدا، وسبوا نساءهم "وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم ومواشيهم وأملاكهم وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار". ذلك هو الإرهاب اليهودي القديم نراه يتجدد بعد قرون وقرون ‍‍‍‍‍‍‍!!

    وراحت التوراة بعد ذلك تسرد أخبار المناوشات بين بني إسرائيل والقبائل الأخرى المنتشرة على أطراف الصحراء، وموسى يراسلها يطلب إليها السماح له بالمرور في أراضيها فلا يجد منها إلا صدودا أو رفضا وينتهي الأمر بمحاربتها، وتصبح البلاد كلها ساحة حرب ومعركة بعد معركة.

    وتصف التوراة بعد ذلك، كيف أصبح بنو إسرائيل على مقربة من أرض كنعان، ولا يبقى إلا أن تدخل التوراة في مرحلة الهدف الأكبر من مسيرة الخروج، وهو اجتياح أرض كنعان، وطرد أهلها منها، ومن ثم تقسيم "الأرض" على الأسباط اليهودية، تقسيما بالقرعة حتى يكون التوزيع "عادلا ومنصفا" .. فلا يأخذ هذا الفريق أكثر من الفريق الآخر.. وعدالة بين الأسباط فيما بينهم، وظلما لأهل البلاد أصحاب الأرض الشرعيين.

    وما أن وصل بنو إسرائيل إلى عربات مؤآب عند أردن أريحا، بدأ "الرب" يصدر أوامره لتنفيذ المرحلة النهائية.. وهنا تقول التوراة أن الرب كلم موسى قائلا، وعلى القارئ أن يقف طويلا أمام كل كلمة وكل عبارة..

    "كلِّم بني إسرائيل وقل لهم أنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان، فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم،.. تملكون الأرض وتسكنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها. وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم ومناخس في جوانبكم" (سفر العدد-33) ثم تذكر التوراة بعد ذلك تخوم أرض كنعان من أين تبدأ، وكيف يدور الحد من جبل إلى واد بالأسماء والتفاصيل، كأن "الرب" قد اصبح مساحا يضع الحدود بكل دقة وعناية.. ثم أن الرب قد أمر بأن يقوم يشوع بن نون وابنه الكاهن ومعهم رؤساء الأسباط بمهمة القسمة والقرعة، تماما كما يفعل أهل القرى فيما بينهم بأراضيهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم.

    ولو أن القارئ قد أخذ نفسه بالصبر ليقرأ هذه الحدود وأسماء المواقع،ومعظمها قائم بأسمائها حتى الآن، يستطيع أن يصل إلى اليقين القاطع بأن هذه الحدود هي من وضع أناس عرفوا الأرض شبرا شبرا، كتبوا على الطبيعة، وهم في الأرض نفسها، كما نرى في فصل لاحق، وأنه لا شأن للسماء بها.. ولا يمكن أن تكون من وحي السماء.

    وهنا يتساءل العقل والمنطق : وهل في أي كتاب سماوي آخر سجل بمواقع الحدود للشعوب الأخرى في العالم .. وهم يزيدون في زماننا هذا عن ماية وخمسين شعبا ممثلين في الأمم المتحدة وكلهم لهم حدود لم يذكرها الله في أي كتاب.

    تكشف التوراة فلماذا تكون إسرائيل هي الفرد الأحد نزلت حدودها من السماء وضمها كتاب مقدس.

    وتكشف التوراة بعد ذلك بأن الرب الذي أمر بالعدوان على الشعب في كنعان، وسلب أراضيه وقسمتها بالقرعة على بني إسرائيل.. هذا الرب نفسه قد أمر، كما تروي التوراة، بعد التعرض لشعوب أخرى في المنطقة، وتركهم في أراضيهم لسبب ذكرته التوراة ، بصراحة لا مواربة فيها.

    ومن الخير أن نترك التوراة نفسها تتحدث عن هذا الجانب "الإنساني الرحيم" الذي أمر به الرب لبني إسرائيل ليتقيدوا به..

    وهنا تقول التوراة، أن موسى قد أوصى الشعب، بأمر الرب، قائلا: "أنتم سائرون بتخم-حدود-أخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير.. لا تهجموا عليهم لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم، لأني قد أعطيت لعيسو جبل سعير ميراثا.. طعاما تشترون منهم بالفضة لتأكلوا، وماء أيضا تبتاعون منهم بالفضة لتشربوا.." ومن هو هذا عيسو الذي أمر الرب بحمايته وعدم التعرض له..

    إن عيسو هو الإبن الأكبر ليعقوب-إسرائيل.. ولأنه إسرائيلي فليس لبني إسرائيل أن يأخذوا منه طعاما أو ماء إلا بالفضة.. وأن لا يأخذوا من أرضه موضع قدم..

    أما أرض الأقوام الآخرين فإنها تكون حلالا لبني إسرائيل، تنهبها لنفسها، فتلك هي إرادة "الرب".

    وكذلك فقد حرَّم الرب على بني إسرائيل أن يقتربوا من أراضي بني لوط كما حرم عليهم أن يقتربوا من أراضي عيسو، لأن لوطا ابن أخي إبراهيم فهو من الأسرة التي ينتمي إليها الإسرائيليون.. وهذه الأسرة محرمة على الغير،والغير حلال لها..

    ويتضح من نصوص التوراة هذه، أن "الرب" رب إسرائيل، يدعو إلى محاربة الغير جميعا ونهب أراضيهم وخيراتهم، ولكنه ينهاهم أن يقتربوا من أي قوم ينتسبون إلى بيوت بني إسرائيل من قريب أو بعيد، وذلك هو قمة العنصرية البغيضة، والقصة أبغض ما فيها أنها بأمر "الرب" كما تقول التوراة.

    والغريب العجيب أن يكون ذلك كله في صلب ديانة توصف بأنها إحدى الديانات السماوية الثلاث، "والرب" فيها لا هم له إلا أن يصون إسرائيل ويحفظها .. وأن يبيد بقية الشعوب.. وها نحن نرى أن سفر القضاة، قد كرسته التوراة ليكون سجلا للدمار والهلاك لجميع الأقوام التي يتصدى لها بنو إسرائيل على حين أنه يكتب النجاة لأقوام آخرين يلوذون بصلة رحم أو نسب إلى بني إسرائيل.

    وفي النهاية تأتي التوراة على ذكر آخر الأوامر الصادرة من موسى إلى بني إسرائيل، وكأنها الأوامر العسكرية التي يوجهها القائد العام قبيل ساعة الصفر.. ويبدأ الأمر قائلا :" اسمع يا إسرائيل. أنت اليوم عابر الأردن لكي تدخل وتمتلك شعوبا أكبر منك وأعظم، ومدنا عظيمة محصنة إلى السماء، قوما عظاما وطوالا.. بنى عناق الذين عرفتهم.. وسمعت من يقف في وجه بني عناق،، فأعلم أن الرب إلهك هو العابر أمامك، نارا آكلة، هو يبيدهم ويذلهم فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب" (سفر التثنية-الإصحاح 9).

    وبهذا أصبح الرب، كما تقول التوراة، هو الرب العابر، وهو النار الآكلة، مُهلِك الشعوب من وجه بني إسرائيل، وطارد الأمم من أوطانهم.

    ثم تصل التوراة إلى الخاتمة الحزينة لحياة موسى، فتقول في سفر التثنية في الإصحاح الثاني والثلاثين (وقال الرب لموسى هو ذا أيامك قد قربت لكي تموت.. أصعد إلى جبل عباريم-جبل نبو الذي في أرض مؤآب الذي قبالة أريحا وانظر إلى أرض كنعان.. ومت في الجبل.. كما مات أخوك هارون في جبل هود.. لأنكما خنتماني في وسط بني إسرائيل.. فإنك تنظر الأرض و لكنك لا تدخل الأرض التي أنا أعطيها لبني إسرائيل".

    ومات موسى ودفن هناك كما تصف التوراة، وما كلت عيناه ولا ذهبت نضارته وبكاه بنو إسرائيل ثلاثين يوما.

    وهكذا كانت نهاية موسى ، محروما من الدخول إلى أرض كنعان، مغضوبا عليه من الله، خائنا لله هو وأخوه..

    وقد انتقلت بقية المهمة في قيادة بني إسرائيل، إلى خادمه يوشع، الجاسوس الذي استطلع أحوال البلاد، وكان على رأس الصقور الذين نادوا بالحرب..

    وتلك سيرة أخرى سنرى أنها حافلة بالخرافات، كما كانت سيرة السابقين واللاحقين من بني إسرائيل.

    وهذه هي التوراة بأسعار أخباراها التي يتشدق بيجن رئيس وزراء العدو بكلماتها وعباراتها .

    بل هذا هو موسى الذي استشهد به بيجن رئيس وزراء العدو في خطابه إلى الشعب المصري.. قالت عنه التوراة أنه عصى الله وخانه فحرَّم عليه دخول أرض كنعان.. فكيف تكون حلالا لبني إسرائيل، وحراما على

    بني إسرائيل..
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:19 pm


    الفصـل السـابع



    جفف النهر.. وأوقف الشمس والقمر
    ولكنه ما انتصر
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:20 pm



    توفي موسى في مشارق نهر الأردن، ودفن في واحد من جبالها بعيدا عن أرض كنعان حين أعلن إليه الرب أنه لا يعبر الأردن ولا يرى أرض كنعان عقابا له على عصيانه وخيانته كما كتب أحبار اليهود في التوراة.

    ولم يكن موسى وحده هو الذي أنزل الرب عليه هذا العقاب، بعد ما لقي من الأهوال والمتاعب على يد بني إسرائيل منذ أن خرجوا من مصر وعبروا سيناء في طريقهم إلى أرض كنعان، فقد قضى الرب بإبادة "الجيل الإسرائيلي الشرير" في متاهات الصحراء ليموتوا في فيافيها ويدفنوا في بطونها، دون أن يتركوا وراءهم قبرا أو أثرا.

    وبعد موسى، عهد (الرب) إلى خادمه يشوع بن نون بأن يقود الجيل الإسرائيلي الجديد، إلى أرض كنعان، فيجتاحها ويدمرها، ويطرد أهلها، ويسكن بني إسرائيل في مدنها وقراها..

    وكما ترك لنا أحبار اليهود أخبار الخروج بقيادة موسى في سفر الخروج وما بعده من أسفار التوراة، فقد تركوا لنا سفرا باسم يشوع القائد الجديد، ليفصل لنا مسيرة الدخول إلى فلسطين منذ تولي أمور القيادة إلى أن توفي وهو ابن مئة وعشرين سنة.

    ويتناول سفر يشوع خمسة جوانب رئيسية من تلك المرحلة، وهي:

    1 - خطة الحرب التي اتبعها يشوع في هجومه على أرض كنعان.

    2 - العجائب والمعجزات التي صنعها (الرب) لتحقيق النصر لبني إسرائيل على أهل البلاد.

    3 - اجتياح أرض كنعان وتدمير حصونها وإحراق مدنها وقراها، وإبادة أهلها وسبي نسائها وأطفالها ونهب مواشيها وأموالها.

    4 - تقسيم الأرض بالقرعة بين أسباط إسرائيل، وبيان الحدود بالتفصيل مدينة مدينة وقرية وقرية.

    5 - مصير أهل البلاد وملوكها وما استقرت عليه حملة يشوع في النهاية.

    وفي تضاعيف هذه الجوانب الخمسة، سنجد أن السفر يحتوي كثيرا من الغرائب والخرافات تتفق مع نسيجها مع مسيرة الخروج مما يقطع بأن مؤلف هذه وتلك إنما هو مؤلف واحد، أو جماعة واحدة عكفت على كتابة التوراة وصولا إلى أهداف معينة.. مثلهم في ذلك مثل أصحاب العقائد السياسية والاجتماعية والاقتصادية الذين ظهروا في القرون الأخيرة.. وضعوا أفكارهم في إطار عقيدة محددة تحقيقا لأهداف معينة.

    ورغما عن جميع تلك الخرافات ومعها معجزات "الرب" فإن هذا السفر بعض الوقائع الأساسية، مدفونة هنا وهناك تحت ركام هذه الغرائب أو تلك.. ومن هنا فإن "الحقيقة" مدينة أكبر الدين لسفر يشوع لأنه تضمن تلك الوقائع .. بل إن سفر يشوع يجب أن يعتبر منجما ثمينا يحتوي كنوزا ثمينة من الحقائق .. حقائق مطمورة تحت أثقال الخرافات والترهات..

    ولسنا نريد أن نسبق التحليل والحكم، فذلك متروك للقارئ، ولكنّنا نستطيع أن نقول من الآن أن من يقرأ سفر يشوع من بدايته إلى نهايته بصبر وأناة ستفاجئه الحقيقة الكبرى بأن جانبا كبيرا من التاريخ اليهودي، كما كتبه اليهود بأنفسهم، إنما هو كذب وتزوير.

    والذي نعنيه بالتحديد، أن سفر يشوع الذي سرد بالتفصيل حروب إسرائيل" وانتصاراتها" في أرض كنعان، هذا السفر نفسه هو الذي يثبت كذب هذا السرد ويحكم عليه بالتزوير، وخاصة فيما يتعلق بمصير "البشر" الذين كانوا يعيشون في وطنهم في أرض كنعان.. ولنبدأ القصة من أولها كما جاءت في هذا السفر الخطير..

    يبدأ سفر يشوع بإصدار أمر العبور.. ويقول الإصحاح الأول أن الرب كلم يشوع قائلا :" موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل".

    وشأن كل خطة عسكرية، كان لا بد لأمر العبور أن يتضمن حدود الأرض التي يتعين أن تكون هدف الخطة.. وتفاجئنا التوراة بأن تضع حدودا جديدة، موسعة، وكأنما العدوان والتوسع تقليدان عريقان في حياة الشعب اليهودي.

    والحدود الجديدة، كما يقول هذا الإصحاح " كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته،.. من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أرض الحثيين، والى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخكم" ، وهذه الحدود تتجاوز كل الحدود التي وعد بها إبراهيم وإسحق ويعقوب، في سفر التكوين.

    بل إنها أرض بلا حدود.. إلى حيث تصل بطون أقدامكم!!

    وقام يشوع بدوره فأمر"عرفاء الشعب" بأن يهيئوا زادا لثلاثة أيام يعبرون بعدها الأردن.

    ووضع يشوع خطة للتجسس، وقد سبق أن كان هو بنفسه على رأس الجواسيس الذين أرسلهم موسى إلى أرض كنعان، واختار يشوع جاسوسين اثنين بعث بهما إلى مدينة أريحا، وهي أول مدينة ذات شأن لمن يعبر الأردن غربا وقد أوضحت آثارها التي اكتشفت أخيراً بأن الكنعانيين بنوا هذه المدينة قبل عشرة آلاف عام.. أي قبل مولد الإسرائيليين كجماعة بخمسة آلاف عام.

    ويقول الإصحاح الثاني من السفر أن يشوع قد طلب إلى الجاسوسين أن يستعينا بـ"راحاب الزانية" المقيمة في أريحا، والغريب في هذه الحكاية كما ترويها التوراة أن الزانية قد قصت على الجاسوسين كل ما جرى لبنى إسرائيل ابتداء من عبور البحر الأحمر، واجتيازهم برية سيناء وحروبهم مع ملوك شرق الأردن، كل ذلك بتفصيل كأنما كانت تلك الزانية مرافقة لبني إسرائيل في مسيرة الخروج من بدايتها..وقالت للجاسوسين :"لقد سمعنا-بكل ذلك-وذابت قلوبنا ولم تبق بعد روح في إنسان بسببكم".. وطلبت منهما علامة حتى لا يؤذوها، هي وأهلها، حين يدخلون أريحا.. فأعطياها العلامة وانصرفا إلى يشوع بعد أن ساعدتهما في الهرب من أريحا والعودة إلى بني إسرائيل.

    وأمر هذين الجاسوسين يوضح أن التجسس تقليد قديم عند بني إسرائيل، برعوا فيه، وفي التاريخ المعاصر، يعتبر الخبراء أن الجاسوسية الإسرائيلية تأتي مرتبتها العالمية بعد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.

    وكذلك فإن استخدام النساء، والزانيات في أداء هذه المهمة يعتبر تقليدا إسرائيليا عريقا عرف عبر جميع العصور، وقصص الجاسوسية العالمية، حافلة بأخبار النساء اليهوديات في هذا الشأن وخاصة في الحربين العالميتين ؛ الأولى والثانية، تداولتها دور التأليف والنشر والأفلام السينمائية في جميع أرجاء العالم.

    وتقول التوراة أن الجاسوسين نزلا من مخبأهما في الجبل وعبرا نهر الأردن "وأتيا إلى يشوع بن نون وقصا عليه كل ما أصابهما، وقالا ليشوع أن الرب قد دفع بيدنا الأرض كلها وقد ذاب كل سكان الأرض بسببنا"، ومعنى ذلك أنه لم يبق إلا الزحف وأنهما حققا النصر حتى قبل أن تبدأ الحرب.

    وبدأ بنو إسرائيل الزحف فعلا، وابتدأ الرب من جانبه القيام بدوره في المعركة.. فقال ليشوع " إن الرب يعمل غدا في وسطكم كعجائب" وقال يشوع لبني إسرائيل "إن الله الحي في وسطكم .. وطردا يطرد من أمامكم الكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين والجرجاشيين والأموريين واليبوسيين.. هو ذا تابوت العهد عابر أمامكم في الأردن"، وبدأ الله يصنع عجائبه كما تسرد التوراة.

    وكانت العجيبة الأولى أنه حينما دخل حاملو تابوت الرب إلى الأردن، وانغمست أرجل الكهنة في ضفة المياه وقفت مياه الأردن المنحدرة من فوق وقامت سدا واحدا.. وانقطعت المياه تماما وعبر الشعب مقابل أريحا حتى انتهى جميع الشعب من عبور الأردن. ولا تبعد العجيبة في تفاصيلها التي ذكرتها التوراة عن عبور البحر الذي تم لبني إسرائيل في بداية الخروج تحت قيادة موسى. والتكرار وحده يثبت أنها أكذوبة!!

    وعلينا أن نلاحظ هنا أن كلمة الطرد سترد كثيرا في سفر يشوع.. وسنرى إذا كان أولئك الأقوام طردوا في النهاية فعلا.. وما إذا كانوا قد خرجوا من مدنهم وقراهم ومزارعهم ومن بيوتهم.. أو أن الأمر مجرد كلام في كلام وأوهام في أوهام، وسنرى بعد حين.

    ولكن معجزة عبور الأردن كانت قد وصلت أخبارها إلى أهل البلاد، دون أن تذكر لنا التوراة كيف تم ذلك.. وكانت تلك المعجزة بمثابة حملة الرعب التي سبقت بني إسرائيل ونزلت على الأقوام أهل البلاد، نزول الصاعقة.

    ويقول لنا الإصحاح الخامس أنه "عندما سمع جميع ملوك الأموريين الذين في "عبر الأردن" غربا وجميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر أن الرب قد يبس مياه نهر الأردن من أمام بني إسرائيل.. ذابت قلوبهم ولم تبق فيهم روح بعد من جراء بني إسرائيل"!!

    وحدثت بعد معجزة العبور، فيما تروي التوراة،معجزة صغرى تمهيدا لمعجزات كبرى، ذلك أنه لما أشرف يشوع على أريحا، "رفع عينيه وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول بيده، فسارع يشوع إليه وقال "هل أنت لنا أو لأعدائنا" فقال: "كلا بل أنا رئيس جند الرب الآن أتيت".. فسقط يشوع على وجهه على الأرض وسجد وقال له: "بماذا يكلم سيدي عبده"، فقال رئيس جند الرب ليشوع: اخلع نعلك من رجلك لأن المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس".. ففعل يشوع ذلك وهذا هو ما جرى لموسى في سيناء، حيث خلع نعله لأن المكان مقدس.. كما طلب منه الرب.. والتوراة عند أحبار اليهود تكرر نفسها على الدوام في كثير من الأحداث.

    ويجيء الإصحاح السادس بعد ذلك لنقرأ فيه مجموعه من الخرافات كلها منسوبة إلى الرب، لأن الرب هو الذي يحارب عن إسرائيل كما تقول التوراة في كل مناسبة ويضع لهم خطط الحرب ثم يتولى تنفيذها.

    وخطة الحرب التي أعدها الرب وأمر بها يشوع تتلخص في أن يدور جميع رجال الحرب حول دائرة المدينة مرة واحدة يوميا على مدى ستة أيام، يتقدمهم تابوت العهد، وأمامه سبعة كهنة يحملون الأبواق، وفي اليوم السابع، كما قال الرب، يدورون دائرة المدينة سبع مرات والكهنة يضربون الأبواق.. ثم يهتف الشعب "هتافا عظيما فيسقط سور المدينة في مكانه".

    وشرح يشوع لبني إسرائيل خطة الرب وطلب إليهم أن يعملوا بها.. فسار الموكب كما رسمه الرب، وداروا حول المدينة لسبعة أيام حسب الخطة الموضوعة، وهتف الشعب هتافا عظيما فسقط السور في مكانه وصعد الشعب وأخذوا المدينة!!

    وهنا تسرد التوراة تفاصيل المذبحة الرهيبة التي اقترفها بنو إسرائيل واستباحوا، كما تنص التوراة "كل ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف" وقد استثنيت الزانية راحاب التي آوت جواسيس يشوع فقد أخرجت المرأة وأبوها وأمها وكل مالها وكل عشائرها من المدينة، حتى "يتوِّج " بنو إسرائيل مذبحتهم الكبرى بالمأساة العظمى..

    وتروي التوراة بكل هدوء، كما تروي أي حدث عادي أن بني إسرائيل "أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها، إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب.. وحلف يشوع في ذلك الوقت قائلا :"ملعون قدام الرب الرجل الذي يبني هذه المدينة أريحا، ببكره يؤسسها وبصغيره ينصب أبوابها".

    وبعد أريحا أتجه بنو إسرائيل إلى بقية البلاد.. ووصلوا إلى بلدة عاي، وأرسل إليها يشوع الجواسيس ليتعرفوا على أحوالها، كما فعلوا مع أريحا.. وعاد إليه الجواسيس بتقرير يهون من شأن أهل عاي.. فقد قالوا أن أهل عاي قليلون ويكفي لمحاربتهم ثلاثة آلاف رجل.

    وكان هذا التهوين في التقرير لتبرير الهزيمة التي مني بها بنو إسرائيل، فتقول التوراة أن ثلاثة آلاف رجل صعدوا وهربوا أمام أهل عاي.. وطاردهم أهل عاي وضربوهم حتى المنحدر.. "فذاب قلب الشعب وصار مثل الماء فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا ترابا على رؤوسهم" كل ذلك كما تقول التوراة كلمة كلمة.

    وقد أصيب يشوع بالفزع وبدأ يتذمر على الرب، فقال "آه يا سيدي الرب، لماذا عبرت هذا الشعب الأردن تعبيرا لكي تدفعنا إلى يد الأموررين ليبيدونا.. ماذا أقول بعدما حول إسرائيل قفاه أمام أعدائه".

    وقد حاول أحبار اليهود أن يجدوا تفسيرا لهذه الهزيمة، ولكن حبل الكذب قصير كما يقول المثل العادي- فإن التفسير الذي أوردته التوراة قد كذبته التوراة بعد عبارات أخرى..



    كان هذا التفسير أن الرب قد غضب على بني إسرائيل وأنزل بهم الهزيمة لأن واحدا من بني إسرائيل اسمه "عخان" قد سرق من الغنيمة رداء نفيسا ومئتي شاقل فضة وطمرها في الأرض في وسط خيمته .. وإزاء ذلك فقد أخذ يشوع عخان هذا ومعه المسروقات "وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته.. فرجمه جميع بني إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة.. ورجع الرب عن حمو غضبه".

    ولكن ما ينتهي الإصحاح السابع من هذا الكلام حتى يأتي الإصحاح الثامن ليكذب هذا التفسير.. بل إنه يجعل النهب حلالا مباحا، وبأمر من الرب..

    ويقول الإصحاح الثامن بكل بساطة أن الرب قال ليشوع "لا تخف، خذ رجال الحرب وقم واصعد إلى عاي.. انظر قد دفعت بيدك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه، فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها، غير أن غنيمتها وبهائمها تنهبونها لأنفسكم".

    وهكذا فإن الإصحاح السابع الذي قال أن بني إسرائيل لم يتمكنوا من الثبوت أمام أعدائهم وأداروا لهم قفاهم لأنهم أخذوا من الحرام بل سرقوا ووضعوا السرقة في أمتعتهم.. "ولا أعود معكم إن لم تبيدوا الحرام من وسطكم" هذا الرب نفسه طلب إبادة السارق حتى يعود الرب إلى بني إسرائيل، هو الذي أمر في الإصحاح التالي أن يقوم بنو إسرائيل بنهب أغنام عاي وبهائمها.. وأن يفعلوا بها ما فعلوه بأريحا وملكها..

    ويمضي الإصحاح الثامن بعد ذلك ليروي لنا ماذا فعل بنو إسرائيل بعاي، فقد جعلوا لأهلها كمينا واستدرجوهم إلى خارج المدينة فدخلوها وأحرقوا المدينة بالنار وصعد يشوع ورجاله وضربوا رجال عاي.." حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت".. وضربوا أهل المدينة بحد السيف حتى فنوا جميعا وقتلوا جميع سكانها وبلغ عددهم من النساء والرجال اثني عشر ألفا، "جميع أهل عاي"، ونهب بنو إسرائيل البهائم والغنيمة "لأنفسهم حسب قول الرب الذي أمر به يشوع وأحرق يشوع عاي وجعلها تلا أبديا خرابا.."

    وأما ملك عاي فتقول التوراة أنهم امسكوه حيا وعلقوه على الخشبة إلى وقت المساء ثم أنزلوا جثته وطرحوها عند مدخل باب المدينة.

    والمواطن العربي، حين يقرأ تفاصيل هذه المذابح الرهيبة التي اقترفها اليهود في أريحا وعاي لا يملك إلا أن يتذكر المذابح التي اقترفها اليهود في فلسطين منذ أن حلوا بالبلاد، وخاصة ما ارتكبوه في عامي 1947 و 1948، ابتداء بمذبحة دير ياسين وكفر قاسم وقبيه، وسائر حوادث الإرهاب، فضلا عن أن اعتداءاتهم المتكررة على قرى الحدود في الأردن ولبنان وقصف مخيمات اللاجئين وأخذهم الثأر أضعافا مضاعفة، لا على شريعة السن بالسن، وإنما بشريعة جديدة وضعها زعماؤهم المعاصرون، ألفي رأس برأس..

    وما أن انتهت أحداث الحرب الساخنة حتى انتقلت التوراة إلى الحرب الباردة فذكرت أن أهل البلاد قد أصيبوا بالجزع ولم يبق أمامهم إلا الاستسلام والصلح، فيذكر الإصحاح التاسع "أن سكان جبعون لما سمعوا ما علمه يشوع بأريحا وعاي فهم عملوا بغدر" وجاءوا إلى يشوع بثياب بالية متظاهرين بالفقر والمسكنة وأنهم وفدوا عليه من ديار بعيدة يطلبون الإبقاء على حياتهم وأن يقطع لهم عهدا بالأمان واستجاب لهم يشوع رأفة بهم

    .. وبعد العهد، تقول التوراة، اكتشف بنو إسرائيل أن أهل جبعون قد خدعوهم، وأنهم لم يأتوا إليهم من ديار بعيدة، وإنما هم "ساكنون في
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:28 pm



    وسطهم". وكاد بنو إسرائيل أن يبطشوا بهم لولا أن تدخل يشوع، ولا يجد يشوع مناصا من أن يحكم عليهم "بالعبودية" فدعاهم وقال لهم :"لماذا خدعتمونا وأنتم ساكنون في وسطنا، فالآن ملعونون أنتم فلا ينقطع منكم العبيد ومحتطبو الحطب ومستقو الماء" وهكذا فقد قضى بنو إسرائيل، وبأمر الرب، أن يصبح أهل البلاد عبيدا لبني إسرائيل، يستقون له ماء ويقطعون لهم حطبا.

    ولقد رأينا تلخيص هذه الحادثة لأنها مع غيرها ستكون محوراً التكذيب مدى الوجود اليهودي في فلسطين في تلك الحقبة.. ولأن هذه الحادثة بالذات قد أثارت ملوك البلاد وحفزتهم على التصدي لليهود ومحاربتهم دفاعا عن وطنهم ووجودهم.. فالتوراة تذكر في الإصحاح التاسع أن "جميع الملوك الذين في عبر الأردن، في الجبل والسهل وفي كل ساحل البحر الكبير إلى جهة لبنان:الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزيون والحويون واليبوسيون اجتمعوا معا لمحاربة يشوع وإسرائيل بصوت واحد".

    ويمضي الإصحاح العاشر في سرد أخبار هذه الحرب، من وجهة النظر اليهودية طبعا،ويذكر أن "أدوني صادق" ملك أورشليم، هو الذي أخذ زمام المبادرة حين سمع بما جرى لأهل أريحا وعاي وجبعون فدعا ملوك الأموريين الخمسة للحرب، فتصدوا أولا لأهل جبعون لأنهم صالحوا بني إسرائيل.

    وتدخل بنو إسرائيل في الحرب.. وكذلك تدخل الله معهم لمحاربة الملوك الأموريين الخمسة "وأزعجهم أمام إسرائيل وضربهم ضربة عظيمة" وطاردهم من مدينة إلى مدنية "ورماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء فماتوا، والذين ماتوا بحجارة البرد هم أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف"، كما تقول التوراة، لأن الرب هو الذي يحارب عن إسرائيل، دوما!!

    ولم يكتف الرب بذلك ولكنه جعل الشمس تدوم على جعبون،والقمر على وادي أيلون.. "فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه .. ووقفت الشمس في كبد السماء نحو يوم كامل ولم يكن مثل ذلك اليوم لا قبله ولا بعده.. لأن الرب حارب عن إسرائيل"!!

    ويصف الإصحاح نهاية هذه المعركة بأن بني إسرائيل قد ضربوا أعداءهم ضربة عظيمة جدا حتى فنوا.. وأخذ يوشع "مقيدة" وضربها بحد السيف وكل نفس بها ولم يبق شاردا.. وحارب "لبنة" وضربها بحد السيف وكل نفس بها ولم يبق بها شاردا .. وحارب "لخيش" وضربها بحد السيف وكيف نفس بها ولم يبق شاردا.. وحارب ملك "جازر" ولم يبق منهم شاردا.. وكذلك بملك "عجلون" ومنها إلى "حبرون-الخليل" ولم يبق منها شاردا.. ومنها إلى "دبيرولم يبق منها شاردا.

    وقد ذكرنا هذه المواقع واحدة واحدة، وما تم لشعوبها من إبادة.. لأننا سنرى، أن هذه الشعوب باقية على قيد الحياة، وأن أهلها فيها.. وأن هذه الحروب لا وجود له إلا في التوراة وعلى الورق، تماما كالتعبير الصيني المعاصر، الذي يتحدث عن "نمور الورق".

    وبعد هذه التفاصيل، وبعد عبارة "لم يبق منهم شاردا" التي تكررت في كل الحروب، تلخص التوراة الموقف الحربي، بأن يشوع ضرب "كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها، ولم يبق منهم شاردا بل حرَّم كل نسمة كما أمر الرب وأخذ يشوع الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل" أما الملوك الخمسة الأوائل الذين بدأوا المعركة فأولئك قد أمر يشوع بقتلهم ووضع بنو إسرائيل أرجلهم على أعناقهم وعلقوهم على الأخشاب حتى المساء ثم طرحوهم في المغارة ووضعوا حجارة على فمها.

    وبعد أن قتل يشوع الملوك وشعوبهم واستولى على أراضيهم ومدنهم، وإذا بالإصحاح الحادي عشر يبدأ الحرب من جديد مع الأموريين والكنعانيين واليبوسيين والحثيين والفرزيين واليبوسيين ومع كل جيوشهم ومعهم "شعب غفير كالرمل الذي على شاطئ البحر، ومعهم الخيل ومركبات كثيرة جدا.. ولكن بني إسرائيل ضربوهم حتى لم يبق منهم شارو وأحرقوا مركباتهم بالنار ولم يبق نسمة ونهب بنو إسرائيل لأنفسهم كل المدن والبهائم التي فيها وأخذ يشوع كل تلك الأرض الجبل وكل الجنوب والسهل وأخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم.. وأخذ يشوع كل الأرض حسب ما كلم الرب موسى وأعطاها يشوع ملكا لإسرائيل واستراحت الأرض من الحرب" وهذا كله هو سرد التوراة.

    وسنرى أن "استراحت الأرض من الحرب" هي عبارة كاذبة فإن الأسفار التالية ستبدأ الكلام عن الحرب من جديد..

    ويأتي الإصحاح الثاني عشر من سفر يشوع ليسرد قائمة بأسماء الملوك الذين قتلوا في الحرب ومواقع ممالكهم وحدودها، مملكة مملكة، "وامتلك بنو إسرائيل أرضهم" ثم ينتهي الفصل من غير ملل، في سرد أسمائهم، ليقول في النهاية " جميع الملوك واحد وثلاثون" . وبعد أن تنتهي التوراة من قتل الملوك والواحد والثلاثين، وإبادة الشعوب حتى آخر نسمة، وإحراق مدنهم المحصنة، ونهب أموالهم ومواشيهم والاستيلاء على أراضيهم، بحدودها ومواقعها تنتقل التوراة إلى مهمة أخرى مقدسة هي مهمة تقسيم الأراضي وتسليمها لأصحابها الجدد، بطريقة القرعة كما يفعل أهل القرى حين يقسمون أراضيهم فيما بينهم..

    ويخصص أحبار اليهود الإصحاح الثالث عشر لشرح هذه المهمة .. مبتدئاً القول: أن يشوع قد شاخ وتقدم في الأيام وأن أرضا كثيرة جدا قد بقيت "للامتلاك" .. وأن الرب سيطرد أهلها من أمام بني إسرائيل، وأمر أن يقسمها بالقرعة لإسرائيل ملكا كما أمر الرب، هذا الذي يسلب الناس أرضهم وديارهم وينهبها لبني إسرائيل!!

    وتولى الإصحاح الرابع عشر بيان حصة "كالب" أحد الجواسيس الصقور الذين أرسلهم موسى للتجسس على أرض كنعان وعاد ليدعو إسرائيل إلى دخول كنعان ومحاربة أهلها وإخراجهم من أراضيهم.. ولذلك فقد جاء كالب هذا إلى يشوع يطلب إليه أن يخصه بجبل حبرون، الخليل، لأن موسى كان حلف له "بأن الأرض التي تطأها رجلك تكون نصيبا لك ولأولادك، إلى الأبد.." فأعطاه يشوع أرض حبرون حتى يعاونه الرب على "طرد أهلها منها وهم العناقيون".. وقد اعترفت التوراة، على غير وعي منها أن حبرون كان اسمها سابقا "قرية أربع".. وأربع هو "الرجل الأعظم في العناقيين" ومعنى ذلك أن هذه القرية هي ملك واحد من العناقيين، قبل الإسرائيليين!!" ويختتم الإصحاح كلامه بالعبارة العجيبة.. "واستراحت الأرض من الحرب".. وسنرى في الفصول التالية أن الأرض قد أنهكتها حروب وحروب..

    أما الإصحاح الخامس عشر فقد كرسه أحبار التوراة لبيان القرعة التي جرت بين أسباط إسرائيل حسب عشائرهم، مبتدئة بحصة سبط بني يهوذا، وقد وردت حدود هذه الأراضي بالتفصيل الكامل، مع ذكر أسماء الجبال والوديان والسهول والمدن التي تدخل في هذه القرعة.

    والإصحاح السادس عشر ذكر القرعة التي خرجت لبني يوسف فسرد الحدود والمواقع بغاية التفصيل، وكذلك فعلت الإصحاحات التالية إلى الإصحاح الثاني والعشرين.. وكل منها يسرد المدن والقرى والمواقع التي خرجت لهذا السبط أو ذاك، ولم ينقص التوراة إلا أن تلحق بها خريطة ملونة تبين "ملكية" أسباط بني إسرائيل نتيجة للقسمة والقرعة على جميع الأراضي التي كانت قبل ذلك ملكا خالصا متوارثا لأقوام يعيشون في واحد وثلاثين مملكة على رأسها واحد وثلاثون ملكا حسب إحصاء التوراة نفسها.

    والقراءة السريعة لأسفار التوراة ربما توحي بأن بني إسرائيل قد انتصروا على أهل البلاد وطردوهم من أرضهم، وأن القسمة التي ذكرت تفاصيلها في الإصحاحات السالفة الذكر تعني أنه قد قُضي على أهل البلاد وأن الأرض قد دانت لبني إسرائيل وأصبحوا هم سادتها من غير معارض ولا منازع..

    هذه الصورة التي تصفها التوراة غير صحيحة إطلاقا.. فرواية التوراة فيها كثير من الكذب والتزوير، والتوراة نفسها هي التي تكشف عن هذا الكذب والتزوير.. فإن أصحاب الكذب يقعون عادة في حبائل كذبهم دون أن يدروا.. وهذه هي شواهد التوراة.

    أولا: يذكر الإصحاح الثالث عشر من سفر يشوع في صفحة كاملة "جميع الأراضي الكثيرة جدا الباقية للامتلاك".. يذكرها بمواقعها وحدودها وأسماء الممالك التي تتبعها، وقد وعد "الرب" بشأن هذه الأراضي الباقية "أن يطرد أصحابها منها من أمام بني إسرائيل"، كما أمر يشوع قائلا "إنما أقسمها بالقرعة لإسرائيل ملكا كما أمرتك".. وبهذا أصبح الأمر قاصرا على وعد بالطرد "وأمر" بقسمتها بالقرعة.. ولذلك فإن هذا الإصحاح يعترف في منتصفه بأن بني إسرائيل "لم يطردوا الجشوريين والمعكيين" لأنهم سكنوا "في إسرائيل إلى هذا اليوم" ومعنى ذلك أن إقامتهم امتدت قرابة ألف عام، إلى وقت كتابة التوراة، وهذا تم بعد ألف عام من هذه الأحداث التي نحن بصددها.

    ثانيا: يذكر الإصحاح نفسه، في جملة ما يذكر من حدود الأراضي، أسماء خمسة أمراء من بني مديان ويصفهم بأنهم "ساكني الأرض" وبذلك تعترف التوراة أن الأرض يسكنها أمراؤها.

    ثالثا: وفي صدد بيان الحدود، يذكر الإصحاح الخامس "وصعد التخم في وادي ابن هنوم إلى جانب اليبوسي من الجنوب هي أورشليم". ومعروف تاريخيا أن يبوس هو اسم آخر لأورشليم، ومعنى هذا التحديد أن أورشليم بقيت خارج حدود القسمة والقرعة.. وأنها بقيت بيد أهلها اليبوسيين العرب.

    رابعا: وفي نهاية الإصحاح الخامس عشر من سفر يشوع نجد دليلا ناصعا حيث يذكر في القسمة والقرعة أسماء ست مدن وضياعها تخص بني يهوذا ثم تقول التوراة بالنص "وأما اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم فسكن اليبوسيون مع بني يهوذا في أورشليم إلى هذا اليوم". ومرة ثانية فإن ذلك معناه أن اليبوسيين قد سكنوا بلدهم أورشليم على مدى ألف عام أخرى..



    خامسا: وفي الإصحاح السادس عشر، حيث يحدد نصيب سبط بني إفرايم، تقول التوراة أنهم "لم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر فسكن الكنعانيون في وسط إفرايم إلى هذا اليوم، وكانوا عبيدا تحت الجزية".

    سادسا: والإصحاح السابع عشر يذكر أسماء المدن والقرى التي خرجت في قرعة بني منسي ثم يضيف قائلا: "ولم يقدر بنو منسي أن يملكوا هذه المدن، فعزم الكنعانيون على السكن في تلك الأرض وكان لما تشدد بنو إسرائيل أنهم جعلوا الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردوهم طردا".

    سابعا: وفي الإصحاح السابع عشر اعتراف آخر حيث يقول أن بني يوسف شكوا إلى يشوع لأنه أعطاهم قرعة واحدة وحصة واحدة "لأن الجبل لا يكفينا ولجميع الكنعانيين الساكنين في الوادي" وطلبوا إليه أن يقطع لهم في أرض الفرزيين والرفائيين.

    ثامنا: وفي الإصحاح الثامن عشر نجد أن يشوع قد شكا من تكاسل بني إسرائيل، فقد قال لهم مثلا: "حتى متى أنتم متراخون عن الدخول لامتلاك الأرض التي أعطاكم الرب إله آبائكم".. وكان سبعة أسباط منهم لم يقسموا نصيبهم فيما بينهم.. وطلب يشوع إلى رؤسائهم أن يذهبوا ويسيروا في الأرض "ويكتبوها بحسب أنصبتهم.. فساروا وعبروا الأرض وكتبوها.. في سفر" وجاءوا بها إلى يشوع فعمل لهم القرعة "وقسم الأرض لبني إسرائيل حسب فرقهم" وواضح أن القسمة والقرعة والملكية كانت عبارة عن عملية كتابية، على الورق، ووصفت في سفر كما تعترف التوراة، وأصبح هذا السفر هو شهادة الملكية وانتهى.

    تاسعا: وفي هذا الإصحاح نفسه تحديد لنصيب سبط بني بنيامين ورد فيه بشأن الحدود "وادي هنوم إلى جانب اليبوسيين من الجنوب" وهذا استثناء ثان لأراضي اليبوسيين ومنها أورشليم.

    عاشرا: يبدو مما ورد في التوراة أن القسمة والقرعة لم تتناول حيازة الأرض، وإنما كان يقصد منها "حيازة" أصحاب الأرض واستعبادهم، ففي الإصحاح الثالث والعشرين نقرأ أن يشوع، حينما شاخ وتقدم في الأيام، دعا بني إسرائيل وشيوخهم وقال لهم ".. أنتم قد رأيتم ماذا عمل الرب بجميع أولئك الشعوب من أجلكم لأن الرب إلهكم هو المحارب عنكم.. انظروا قد قسمت لكم بالقرعة هؤلاء الشعوب الباقين ملكا حسب أسباطكم.. والرب إلهكم هو ينفيهم من أمامكم ويطردهم من قدامكم فتملكون أرضهم". ومعنى ذلك أن القسمة جرت على الورق لتشمل الأرض بشعوبها، مع وعد بأن الرب ينفيهم ويطردهم، بعد أن وصفهم (بالشعوب الباقين).

    حادي عشر: ويزداد هذا المعنى توكيدا موضوحاً حينما نرى يشوع يواصل حديثه إلى بني إسرائيل وينهاهم أن يدخلوا إلى "هؤلاء الشعوب أولئك الباقين معكم".

    ثاني عشر: وفي مزيد أكثر من الوضوح والتوكيد لهذا المعنى يعيد يشوع القول لبني إسرائيل بلهجة التحذير يهددهم "ولكن إذا رجعتم ولصقتم ببقية هؤلاء الشعوب أولئك الباقين معكم وصاهرتموهم ودخلتم إليهم وهم إليكم فاعلموا يقينا أن الرب إلهكم لا يعود يطرد أولئك الشعوب من أمامكم.." وهنا فإن يشوع يعترف بوجود أولئك الشعوب في أرضهم باقين مع بني إسرائيل، وينهاهم أن يتعاملوا معهم.. وإلا فإن الرب لا يطردهم..

    ثالث عشر: وفي الإصحاح الرابع والعشرين، يفرض يشوع على بني إسرائيل "أن يختاروا بين الآلهة الذين عبدهم آباؤكم أو آلهة الأموريين الذين أنتم ساكنون في أرضهم" وفي ذلك اعتراف صريح بأن الأموريين ما زالوا على قيد الحياة ولم يموتوا إلى آخر نسمة وبحد السيف كما زعمت الإصحاحات السابقة، وأن بني إسرائيل ساكنون في أرضهم أرض الأموريين.

    رابع عشر: وقد اعترف بنو إسرائيل بهذه الوقائع، فقد ورد في الإصحاح السالف الذكر أن الشعب، بني إسرائيل، استجابوا لنصائح يشوع والتزامهم بأوامره ونواهيه، وقالوا "حاشا أن نترك الرب لنعبد آلهة أخرى.. لأن الرب هو الذي طرد من أمامنا جميع الشعوب والأموريين الساكنين الأرض". فيبدو جليا من هذا الاعتراف بأن الأموريين أصحاب الأرض الشرعيين قد بقوا ساكنين في الأرض.

    وهكذا نرى أن سفر يشوع قد ناقض بعضه بعضا، وأن نهايته تنفي بدايته، وأن الشعوب التي انهزمت أمام بني إسرائيل في الإصحاحات الأولى، نجدها في الإصحاحات الأخيرة، حية مقيمة في أرضها ومدنها.. وأن كل الانتصارات التي توهمها أحبار التوراة لم تكن إلا أضغاث أحلام.

    وبعد فإنه ليس يجدي أن تقول التوراة أن يشوع قد جفف النهر، وأوقف الشمس والقمر، فإنه قد كذب وما انتصر..!!

    ذلك ما يثبته سفر يشوع من أوله إلى آخره، وسنجد في السفر التالي، سفر القضاة الدليل تلو الدليل، على ذلك كله.

    ولا بأس أن نسارع إلى هذا السفر لنجد في صدره عبارة دامغة تقول "وكان بعد موت يشوع أن بني إسرائيل سألوا الرب قائلين من منا يصعد إلى الكنعانيين لمحاربتهم".

    ذلك ما يقوله سفر القضاة، وعهدها في سفر يشوع أن الكنعانيين قد أبيدوا منذ زمن طويل.. وأصبحت عظامهم رميما وديارهم قفرا يبابا وعالما خرابا.. فإذا سفر القضاة، كما نرى، يروي حروب الفلسطينيين، ومقاومتهم لبني إسرائيل، وانهزام بني إسرائيل أمام الفلسطينيين المرة بعد المرة!!

    وعلى رئيس وزراء العدو، بيجن، أن يقرأ التوراة من جديد.. وسنفتح التوراة أمامه من جديد!!

    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:33 pm


    الفصـل الثـامـن



    الخلاص هو من اليـهود
    والحل هو الجلاء
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:42 pm



    قلت في خاتمة الفصل الرابع أن المتعامل مع المجتمع اليهودي لا بد له أولا أن يعرف توراة اليهود معرفة شاملة كاملة فهو بذلك يعرف جيدا الأخلاق التي جبل عليها اليهود، وأنه من غير هذه المعرفة فإن من يتعامل مع اليهود سيكون في هذه الدنيا أعمى، وفي الآخرة أضل سبيلا.

    وقد يبدو هذا الحكم في غاية القسوة والجفوة، ولذلك فقد أردنا هذه الوقفة القصيرة أمام يشوع الذي أشغل الفصل السابق بكامله، لنؤكد الحقيقة الصارخة أن العقيدة اليهودية قائمة على العداء والبغضاء للشعوب غير اليهودية.. وأنه ما بقيت التوراة هي الينبوع الفكري للمجتمع اليهودي من المهد إلى اللحد، فإنه لا أمل في التعايش مع الجماعات اليهودية بسلام ووئام لأن العقيدة اليهودية كما غرستها التوراة في ضمير الأجيال اليهودية تقوم على العدوان والطغيان، وتأبى هي بنفسها أن تأتلف مع النظم الأخرى أو تتعايش مع العقائديات المتباينة معها.

    هكذا كان سلوك الشعب اليهودي في كل أجياله منذ كانت التوراة إلى يومنا هذا.. وبين أيدينا دراسة علمية تؤيد هذا الرأي بصورة قاطعة لا يرقى إليها الشك.

    الدراسة التي نعنيها، قام بها عالم أمريكي مسيحي، معروف بحياده، وهو من الذين قرأوا التوراة شأن كل مسيحي في عهد الدراسة.. وهذا العالم الأمريكي هو الأستاذ تامارين.

    وقد خطر في بال الأستاذ تامارين، أن يدرس التكوين النفسي للجيل اليهودي الناشئ في فلسطين، ليتعرف على مشاعره إزاء العرب عامة، وعرب فلسطين خاصة وهم أصحاب البلاد الأصليون.

    وقد اختار الأستاذ تامارين سفر يشوع محورا لدراسته، لأن مناهج وزارة التعليم الإسرائيلية تركز على تعليم التوراة، وبصورة خاصة سفر يشوع بالذات..

    وثمة سبب آخر دفع الأستاذ تامارين أن يختار سفر يشوع، ذلك أن هذا السفر، يتميز عن أسفار التوراة كلها، بأنه يسجل خطط الحرب اليهودية وتقاليدها وكيفية التعامل مع الشعوب (الساكنة) في الأرض، حسب تعبير التوراة...

    وقد وضع العالم الأمريكي الأستاذ تامارين مجموعة من الأسئلة على الطلاب اليهود من مختلف المدارس لاختبار تكوينهم الفكري ومعرفة الخلفية العقائدية التي صاغت عقولهم.. وتحقيقا لهذه التجربة العلمية الرائدة فقد أعد الأستاذ الأمريكي استمارة موحدة ضمنها الأسئلة التي يراد الإجابة عليها.. وكانت الأسئلة منصبة على ما ورد في سفر يشوع من أعمال القتل والنهب والتدمير والإحراق التي قام بها الإسرائيليون حين اجتاحوا فلسطين تحت قيادة يشوع بن نون.

    وقد وضع الأستاذ تامارين المقتبس التالي من سفر يشوع وذلك فيما يختص باحتلال أريحا، تمهيدا للأسئلة المطلوبة.

    وجاء في سفر يشوع ما يلي: "فهتف الشعب بنو إسرائيل وضربوا الأبواق، وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافا عظيما فسقط السور في مكانه وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل مع وجهه وأخذوا المدينة وحرموا (أي استباحوا) كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف" (سفر يشوع الإصحاح 6/20).

    "وأخذ يشوع مقيدة في ذلك اليوم (بجوار الرملة) وضربها بحد السيف وحرم (استباح) ملكها هو وكل نفس بها، ولم يبق شاردا. وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا، ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكل إسرائيل معه إلى لبنة (بجوار مدينة الخليل) فدفعها الرب أيضا بيد إسرائيل مع ملكها فضربها بحد السيف وكل نفس بها. لم يبق شاردا، وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا" (يشوع 10/28-30).

    وبعد هذين الاقتباسين من سفر يشوع وضع الأستاذ تامارين للطلبة اليهود السؤالين الآتيين:-

    أولا: هل تعتقد أن يشوع بن نون والإسرائيليين قد تصرفوا صحيحا أو غير صحيح؟ اشرح سبب الرأي الذي تبديه.

    ثانيا: لنفترض أن الجيش الإسرائيلي قد احتل خلال الحرب قرية عربية، فهل هو عمل جيد أو سيئ أن يتصرف على هذا النحو مع سكان هذه القرية كما تصرف يشوع بن نون مع شعب أريحا؟ واشرح السبب.

    وقد تم توزيع هذه الأسئلة، باقتباساتها الآنفة الذكر، في مدارس تل أبيب، ومستعمرة يهودية بالقرب من الرملة وفي مدينة شارون اليهودية، وفي مستعمرة معوتشد، وغيرها من المدارس اليهودية.

    وكشفت الأجوبة عن الروح العدائية العمياء التي غرستها التوراة في عقول الجيل اليهودي الناشئ فقد قال أحد الأجوبة ما يلي:-

    "كان هدف الحرب (بقيادة يشوع) هو الاستيلاء على البلاد من أجل الإسرائيليين، ولذلك فقد تصرف الإسرائيليون تصرفا حسنا لاحتلالهم المدن وقتل سكانها وليس من المرغوب فيه أن يكون في إسرائيل عنصر غريب أن الناس من مختلف الأديان يمكن أن يؤثروا تأثيرا لا حاجة إليه على الإسرائيليين".

    وأجابت فتاة من مستعمرة معوتشد "لقد تصرف يشوع بن نون تصرفا حسنا بقتله جميع الناس في أريحا لأنه كان من الضروري احتلال البلاد كلها ولم يكن لديه وقت لإضاعته على الأسرى" ويقول تامارين، تلخيصا لأجوبة الطلبة اليهود، أن الأجوبة التي من هذا النوع تشكل ما بين 66 إلى 95 في الماية.



    وكان هناك سؤال بصيغة أخرى يقول: "وهل يمكن في عصرنا تصفية جميع سكان قرية عربية"... ويقول الأستاذ تامارين في تلخيصه للأجوبة أن ثلاثين في الماية من التلاميذ أجابوا على هذا السؤال بشكل قطعي "نعم". وهذه نسبة عالية جدا على سؤال يتسم بهذه الشناعة والبشاعة.

    وقد أورد الأستاذ تامارين في تلخيصاته، نبذا مما كتبه الطلبة اليهود.. وكان مما قاله أحدهم "أعتقد أن كل شيء قد جرى بشكل صحيح.. إذ أننا نريد قهر أعدائنا وتوسيع حدودنا، ونحن أيضا قتلنا العرب كما فعل يشوع والإسرائيليون" (طالب من الصف السابع".

    وكتب تلميذ يهودي آخر في الصف الثامن "في رأيي ينبغي على جيشنا أن يتصرف في القرية العربية كما فعل يشوع والإسرائيليون لأن العرب هم أعداؤنا"[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].

    وبعد فإن هذه الدراسة العلمية تقودنا إلى النتيجة التي لا مناص من الوصول إليها، وهي أن الشعب اليهودي يولد، وينمو، ويعيش، ويموت، بين دفتي التوراة وتعاليمها.. وقد تكوَّن بكيانها من غير استعداد للتغيير أو التطوير :يهودي ابن توراة، بكل بساطة.

    وعلى سائر البشر أن يتعاملوا معه على هذا الأساس، دون أن يكون هو مستعدا لأن يتعامل معهم على غير هذا الأساس..

    وتلك هي مشكلة إنسانية، ستظل إذا ما بقيت، تكلف الإنسانية واليهود صنوف المآسي والمتاعب والكوارث..

    ويبقى على المواطن العربي، كإنسان، وعلى الأمة العربية كجماعة أن تدرك هذه الحقيقة إدراكا عميقا وحازما بأن لا مجال للتعايش أو التعامل مع المجتمع اليهودي. وسيرى من يقرأ الأناجيل أن السيد المسيح

    قد أدرك هذه الحقيقة العلمية فأعلن عبارته الشهيرة "إن الخلاص هو من اليهود".. (الإصحاح الرابع من إنجيل يوحنا).

    ثم جاء بعده الرسول محمد بن عبد الله، فدخل في تجارب مريرة مع اليهود في المدينة المنورة ولم ير حلا لما وقع بينه وبينهم إلا إجلاءهم عن الجزيرة العربية..

    ذلك أن اليهود بلاء.. ولا حلَّ إلا الجلاء.. وشهد بذالك شاهدان عظيمان: كان الشاهد الأول هو رسول المحبة والسلام السيد المسيح. وكان الشاهد الثاني خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله.







    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] New Outlook, Tel Aviv – Jan. 1960 P. 49-58.
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:43 pm

    الفصـل التـاسـع


    قضاة إسـرائيل المجرمون..
    مــن ابن زانية.. إلى قاطع طريـق..
    إلى قاتل الأخـوة السبعين
    Anonymous
    زائر
    زائر


    تكملة كتاب خرافات يهوديه Empty رد: تكملة كتاب خرافات يهوديه

    مُساهمة من طرف زائر السبت نوفمبر 15, 2008 9:47 pm


    مــن ابن زانية.. إلى قاطع طريـق
    إلى قاتل الأخـوة السبعين


    سفر يكذب سفرا.. هذا هو شأن التوراة في أسفارها فقد قرأنا في سفر يشوع أخبارا ضخمة "عن حروب إسرائيل وانتصاراتها في فلسطين، واحتلالها المدن والسفوح والقرى، والسهل والجبل والساحل"، وكانت التفاصيل مدعاة للذهول والعجب، وكأنها أشبه ما تكون بالحروب النازية في عهد هتلر حينما اجتاح أوروبا بحرب خاطفة في غضون بضعة أشهر في الأربعينات من هذا القرن.
    وكذلك كانت حروب إسرائيل، فيما سردته التوراة خاطفة صاعقة، جميع الشعوب "ضربوا بحد السيف ولم يبق منهم شارد ولا منفلت"، والملوك الواحد والثلاثون قضي عليهم جميعا ودمرت مدنهم وتم احتلالها من أريحا، إلى عاي، إلى مقيدة، إلى لبنة، إلى لخيش إلى جازر، إلى عجلون، إلى حبرون، إلى.. آخر القائمة.
    هذا هو تلخيص لسفر يشوع في كلمات قليلات.. ويأتي بعده سفر آخر اسمه سفر القضاة لا ليكذب بصورة قاطعة جميع ما ورد في سفر يشوع، فحسب، ولكن ليثبت أن أهل البلاد لا يزالون على قيد الحياة، وأن مدنهم باقية على حالها، وأن أهلها يسكنون فيها، ويمتلكون أرضهم.. بل إنهم يقاومون ويحاربون، وينتصرون على بني إسرائيل، ويهزمونهم المرة بعد المرة.. بكل شجاعة وبسالة.. وكل ذلك وارد في سفر القضاة..
    وقد سمي سفر القضاة، لأنه بعد وفاة يشوع، تولى أمور بني إسرائيل شيوخهم وسموا قضاة لأنهم كانوا يفصلون المنازعات بينهم، ويلجأون إليهم لتخليصهم من أيدي أهل البلاد: من الفلسطينيين.. وقد أوردت التوراة ذكرهم عشرات المرات.
    وكان عدد هؤلاء القضاة أربعة عشر، من أشهرهم شمشون الجبار، وصموئيل المدفون في "النبي صموئيل" إحدى القرى العربية في شمال بيت المقدس..
    وسفر القضاة، في مجمله، يسجل مخازي بني إسرائيل، وانحرافهم عن جادة الحق، وعكوفهم على عبادة الأوثان واستنجادهم في كل مرة بالقضاة ليخلصوهم من الفلسطينيين.
    وعبارة "يخلصونهم من الفلسطينيين" وردت عدة مرات في سفر القضاة على لسان بني إسرائيل حين يفزعون إلى قضاتهم يطلبون منهم أن يحاربوا عنهم ويدفعوا عنهم هجمات الفلسطينيين.
    ولا بد لنا من وقفة قصيرة أمام سفر القضاة لنرى الهزائم التي حلت ببني إسرائيل في عهد القضاة، والمعارك البطولية التي خاضها الفلسطينيون دفاعا عن أرضهم.
    وأول ما يطالعنا الإصحاح الأول من سفر القضاة،أن بني إسرائيل قد صعدوا،بأمر الرب، ليحاربوا الكنعانيين فضربوا منهم عشرة آلاف رجل، وأمسكوا بمليكهم "ادوني" وأخذوه إلى أورشليم ومات هناك. ثم حارب بنو إسرائيل "أورشليم وأخذوها وضربوها بحد السيف وأشعلوا المدينة بالنار.. وحاربوا الكنعانيين سكان الجبل والجنوب والسهل، وساروا على الكنعانيين الساكنين في حبرون.. ومن هناك على سكان دبير.. ثم ضربوا الكنعانيين سكان صفاة... وأخذوا غزة وتخومها وأشقلون وتخومها وعقرون وتخومها".
    والذي يقرأ سفر يشوع والمواقع الحربية التي خاضها بنو إسرائيل تحت قيادته يرى أن هذه البلاد قد تم احتلالها وتدميرها في عهد يشوع وأنها قد أصبحت حجرا على حجر. وكذلك فإن سفر القضاة يكذب سفر يشوع في جانب آخر له أهميته بالنسبة لأهل البلاد، "سكان الأرض" حسب تعبير التوراة.
    فها نحن نقرأ في سفر القضاة أن "بني القيني" وهم أصهار موسى، عرب مدين، صعدوا من مدينة النخل "وسكنوا مع بنى إسرائيل". وأن بني إسرائيل لم يطردوا "سكان الوادي لأن لهم مركبات حديد" وأنهم لم يقدروا عليهم.. وأن بني إسرائيل لم تكن لديهم هذه الأسلحة المتقدمة المتطورة: مركبات الحديد.
    وما هو أبلغ من ذلك، بالنسبة إلى بيت المقدس، يقول الإصحاح الأول أن بني إسرائيل "لم يطردوا اليبوسيين سكان أورشليم وسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في أورشليم إلى هذا اليوم". ولنذكر دائما أن عبارة "هذا اليوم" كلما وردت في التوراة فإنها تعني ألف عام بعد الحدث.. لأن التوراة كتبت بعد ألف عام من هذه الأحداث.. كما سنرى في فصل لاحق.
    ثم تأتي بعد ذلك عبارة عامة تفيد أن أهل البلاد قد بقوا فيها وعاشوا في مدنهم وقراهم وأرضهم.. فتقول العبارة "ولم يطرد بنو إسرائيل أهل بيت شان (بيسان) وقراها، ولا أهل تعنك وقراها، ولا سكان دور وقراها، ولا سكان بلعام وقراها، ولا سكان مجدو وقراها، ولا سكان جازر ولا سكان قطرون، ولا سكان نهلول، ولا سكان عكو ولا سكان صيدون وأحلب واكزيب وحلبة وافيق ورحوب ولا سكان بيت شمس ولا سكان بيت عثاة. وسكن الكنعانيون في وسط هذه البلاد.. وكان لما تشدد إسرائيل أنه وضع الكنعانيين تحت الجزية ولم يطردهم طردا" وعلى ذلك فإن أقصى ما استطاع بنو إسرائيل أن يحققوه في البلاد أنهم فرضوا الجزية على أهلها، وهؤلاء لم يغادروها وامتدت إقامتهم على هذا الحال قرونا وقرونا..
    وهذه المواقع كلها هي أسماء مدن وقرى في فلسطين وما حولها من بلاد الشام.. وبصددها كلها تعترف التوراة أن الكنعانيين "الفلسطينيين" كانوا يسكنون فيها.. ويتساءل المرء بعد ذلك وهل بقيت بقعة من أرض كنعان، لم تكن مسكونة من قبل الفلسطينيين.
    وبعد هذا التعميم، يأتي سفر القضاة ليعطي صورة الجانب الآخر.. الجانب الإسرائيلي. وهنا يقول الإصحاح الثالث في سفر القضاة "فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين" وهؤلاء الأقوام هم الذين قال سفر يشوع أن بني إسرائيل قد أبادوهم إلى آخر نسمة وبحد السيف. وها نحن نراهم يبعثون أحياء في سفر القضاة، ويسكن بنو إسرائيل في وسطهم.
    وتأتي التوراة بعد ذلك لتسرد سيرة القضاة واحدا بعد واحد، ثم تفصل حرب الخلاص التي قام بها هذا القاضي أو ذاك ليخلص بني إسرائيل من سيطرة أهل البلاد.
    وتبدأ التوراة بسيرة القاضي الأول ابن قناز فتعترف أن ملك آرام النهرين قد استولى على بني إسرائيل، وأخضعهم وأذلهم ثماني سنين.. وأن بني إسرائيل قد صرخوا إلى الرب فأقام لهم من يحارب لهم ويخلصهم وهو ابن قناز "واستراحت الأرض أربعين سنة، ومات ابن قناز".
    وتأتي سيرة القاضي الثاني ابن جيرا وتعترف التوراة بأن ملك مؤآب ومعه بنو عمون والعمالقة، "ضربوا بني إسرائيل وامتلكوا مدينة النخل" وأخضعوهم لثماني عشرة سنة.. فصرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام لهم ابن جيرا مخلصا لهم فحارب لهم وضرب الموآبيين "ولم ينجُ أحد، وذُل الموآبيون تحت يد إسرائيل واستراحت الأرض ثمانين سنة".. ونسبت إليه التوراة أسطورة تافهة تزعم أنه ضرب من الموآبيين عشرة آلاف رجل ولم ينجُ أحد.
    وجاء بعده القاضي الثالث، كما تقول التوراة، بن عناة، "فضرب من الفلسطينيين ست مائة رجل بمنساس البقر وهو أيضا خلص إسرائيل" ولم تذكر التوراة تفاصيل الحرب.
    وتفاجئنا التوراة بعد ذلك بقاضية امرأة هي النبية دبورة، وهنا يسرد الإصحاح الرابع أن "بابين ملك كنعان ورئيس جيشه سيسرا" استطاعا أن يخضعا بني إسرائيل، "وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب، لأن ملك كنعان ضايق بني إسرائيل بشدة مدة عشرين سنة، وكان له تسع مائة مركبة من حديد".. وفي قصة طويلة فقد انتهى الأمر بأن "يد بني إسرائيل أخذت تتزايد وتقوى على ملك كنعان حتى قوضوا ملك كنعان" وقد أورد الإصحاح الخامس ترنيمة دبورة وهي تتغنى بالخلاص الذي حققته لبني إسرائيل.. الخلاص من سيطرة الكنعانيين!! وانتهى الإصحاح بالقول "واستراحت الأرض أربعين سنة" قالت التوراة هذه العبارة وكأنها تتنفس الصعداء.
    ويسجل لنا الإصحاح السادس أن "مديان قد اشتدت يده على بني إسرائيل فأخضعوهم على مدى سبع سنين. وأن بني إسرائيل قد بنوا لأنفسهم الكهوف التي في الجبال والمغاير والحصون" حتى ينجوا بجلودهم..
    ويتجلى من كلام التوراة أن بني إسرائيل قد منوا بواحدة من أكبر الهزائم التي لحقت بهم في حروبهم مع أهل البلاد.. ففي عبارة حزينة تصرخ بالألم والشكوى يقول الإصحاح المذكور "وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانيون والعمالقة وبنو المشرق يصعدون عليهم ويتلفون غلة الأرض.. إلى غزة، ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنما ولا بقرا ولا حميرا لأنهم كانوا يصعدون بمواشيهم وخيامهم ويجيئون كالجراد في الكثرة وليس لجمالهم عدد. ودخلوا الأرض لكي يخربوها.. فذل إسرائيل جدا من قبل المديانيين" وأين هذه الوقائع مما كتبه سفر يشوع عن الأمم التي أبيدت، والمدن التي أحرقت، والمواشي التي نهبت، على يد بني إسرائيل، ها نحن نرى بني إسرائيل في سفر القضاة وقد ذلوا وهلكوا هم ومواشيهم وزروعهم.
    وكالعادة تقول التوراة، وصرخ بنو إسرائيل فأقام لهم جدعون قاضيا وقائدا فكان هو القاضي الخامس "وكان المديانيون والعمالقة وكل بني المشرق كالجراد من الكثرة.. وجمالهم لا عدد لها كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة".
    وفي قصة طويلة، مليئة بالخزعبلات والخرافات تقول التوراة أن جدعون انتصر على المديانيين وأهلك منهم "مائة وعشرين ألف رجل مخترطي السيف وقتلوا ملوكهم"، ثم تذكر التوراة بعد ذلك بفخر واعتزاز أنه "زنى كل إسرائيل هناك (!!) وذل مديان أمام بني إسرائيل ولم يعودوا يرفعون رؤوسهم واستراحت الأرض أربعين سنة في أيام جدعون". ولم تجد التوراة ما تفاخر به في ختام هذه الحرب إلا أن تقول أن بني إسرائيل كلهم قد زنوا هناك!!
    وبعد جدعون تولى ابنه أبيمالك منصب القضاء، فكان هذا القاضي كما وردت سيرته في التوراة، من كبار المجرمين، فقد بدأ حياته القضائية بأن "استأجر رجالا بطالين طائشين فسعوا وراءه. ثم جاء إلى بيت أبيه وقتل إخوته سبعين رجلا على حجر واحد"، ولم يبق من إخوته إلا الأصغر فقد كان مختبئا.. واجتمع بنو إسرائيل كما يقول الإصحاح التاسع من سفر القضاة فذهبوا وجعلوا أبيمالك ملكا.. وترأس أبيمالك على إسرائيل ثلاث سنين.. وحدثت فتنة في البلاد بين أنصار أبيمالك وخصومه، وانتهى الأمر بقتل هذا القاضي، قاتل الأخوة السبعين.. وذلك كله هو كلام التوراة..
    وبعد هذا القاضي المجرم قام لإسرائيل قاض آخر هو ابن دودو وقضى لإسرائيل ثلاثا وعشرين سنة، ولم تذكر التوراة له خبرا.. وجاء بعده الجلعاوي وقضى لإسرائيل اثنين وعشرين سنة، ولم تذكر له التوراة خبرا إلا أنه "كان له ثلاثون ولدا يركبون على ثلاثين جحشا ولهم ثلاثون مدينة".
    وفي هذه الحقبة الزمنية تطلع التوراة على القارئ بسيرة قاض آخر اسمه يفتاح، فقد اختاره بنو إسرائيل، كعادتهم، ليخلصهم من أعدائهم الفلسطينيين ذلك أن بني عمون، كما تقول التوراة قد تغلبوا على بني إسرائيل "فحطموا ورضضوا بني إسرائيل ثماني عشرة سنة" كما يقول الإصحاح العاشر، وتضيف التوراة "أن بني عمون عبروا الأردن ليحاربوا بني إسرائيل".
    ثم تقول التوراة أن يفتاح نذر للرب إذا نصره على بني عمون "أن يذبح أول من يخرج من بيته للقائه حين يعود بالسلامة" قربانا للرب.
    وعاد يفتاح إلى بيته "وإذا بابنته خارجة للقائه بدفوف ورقص" فرحا بانتصاره، وكانت وحيدته فمزق ثيابه وذكر لها نذره للرب وقالت له أوف بنذرك ولكنها استأذنت والدها فذهبت لشهرين هي وصاحباتها إلى الجبال لتبكي عذرتها ثم عادت.
    وهكذا وفْى يفتاح بنذره وأحرق ابنته قربانا للرب. ولم يكن غريبا على هذا القاضي أن يقوم بهذا العمل الوحشي، لأنه "ابن امرأة زانية" كما تقول التوراة في صدر الإصحاح الحادي عشر من سفر القضاة..
    وبعد يفتاح قضى لإسرائيل ثلاثة لم يكن لهم شأن ولم تذكر التوراة لهم خبرا إلا الثالث وهو عبدون الفرعتوني فقد كان له "أربعون ابنا وثلاثون حفيدا يركبون على سبعين جحشا، وقضى لإسرائيل ثماني سنين" وهذا هو ما يورده الإصحاح الثاني عشر.
    وفي عهد هؤلاء القضاة المغمورين، استولى الفلسطينيون على بني إسرائيل وجعلوهم تحت سلطانهم، وتقول التوراة في بداية الإصحاح الثالث عشر أن "بني إسرائيل عادوا يعملون الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد الفلسطينيين أربعين سنة".. ووراء هذا الكلام الموجز الذي تذكره التوراة باستحياء يبدو واضحا أن انتصارات إسرائيل التي هللت لها التوراة في سفر يشوع لم تكن إلا مجرد أكاذيب وأباطيل.
    ثم تتعالى التوراة، بعد أن فرغت من مسيرة القضاة السابقين، فتبرز للقارئ قصة أشقى الأشقياء في حياة بني إسرائيل، وهي قصة شمشون الجبار التي جعلت منها الدعاية الصهيونية قصصا بطولية، وأفلاما سينمائية، وأناشيد عالمية كأنما الإنسانية في تاريخها الطويل لم تلد بطلا عملاقا إلا شمشون الجبار.. ولو أننا قرأنا التوراة بصبر وإمعان لوضح لنا أن شمشون الجبار لم يكن إلا قاطع طريق وانتهى..
    وشمشون الجبار كما تقول التوراة، هو ابن امرأة عاقر، جاءها ملاك الرب وبشرها بمولده وطلب إليها أن "لا تعلو موسى رأسه لأن الصبي يكون نذرا للرب من البطن وهو يخلص بني إسرائيل من الفلسطينيين.. وولدت المرأة ابنا ودعت اسمه شمشون وكبر الصبي وباركه الرب".
    وتقول التوراة بعد ذلك أن "شمشون رأى امرأة من بنات الفلسطينيين وطلب من أبيه وأمه أن يأخذاها له امرأة.. وقال له أبوه وأمه أليس في بنات أخوتك وفي كل شعبي امرأة حتى أنك ذاهب لتأخذ امرأة من الفلسطينيين (غير المختونين)".
    ولكن شمشون، كما تقول التوراة، قال لأبيه خذ لي الفتاة الفلسطينية "لأنها حسنت في عيني"، وتضيف التوراة قولها: "ولم يعلم أبوه وأمه أن ذلك من الرب لأنه كان يطلب علة على الفلسطينيين (!!) وفي ذلك الوقت كان الفلسطينيون متسلطين على إسرائيل".
    ومعنى هذا الكلام بكل بساطة أن "الرب" يدبر مكيدة للفلسطينيين، ولا بد له أن يبحث عن "علة" ويجب أن تكون هذه البنت الفلسطينية هي العلة.. للتحرش بالفلسطينيين والاعتداء عليهم.
    وتسرد التوراة بعد ذلك الأسطورة المضحكة.. كيف أن شمشون شق الأسد بيديه كما يشق الجدي.. وكيف امتلأ (جوف الأسد) بالعسل إلى آخر الأسطورة التي لا تستحق التلخيص لتفاهتها، ثم تنتقل التوراة إلى الخلاف الذي جرى بينه وبين حميه وكيف "صارت امرأة شمشون لصاحبه الذي كان يصاحبه".
    وكان من نتيجة هذا الخلاف بينه وبين زوجته الفلسطينية أن قال شمشون لوالدها.. "إني بريء الآن من الفلسطينيين إذا عملت بهم شرا". وكان هذا التبرير التوراتي للعدوان على الفلسطينيين.
    وكان الشر الذي عمله شمشون هو ما يفعله قطاع الطرق العريقون في الإجرام.. إذ تقول التوراة في وصف جريمته البشعة "ذهب شمشون وأمسك ثلاث مائة ابن آوى وأخذ مشاعل وجعل ذنبا إلى ذنب ووضع مشعلا بين كل ذنبين في الوسط ثم أضرم المشاعل نارا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون.. فقال الفلسطينيون من فعل هذا.. فقالوا شمشون صهر الفلسطيني لأنه أخذ امرأته وأعطاها لصاحبه..".
    وخاف بنو إسرائيل أن يثأر الفلسطينيون فقبضوا على شمشون وأوثقوه وأسلموه إلى الفلسطينيين واستطاع شمشون، فيما تروي التوراة في الإصحاح الخامس عشر أن "يحل وثاقه ووجد لحي حمار طريا فمد يده وأخذه وضرب به ألف رجل من الفلسطينيين".
    وتمضي التوراة في سرد أخبار هذا السفاح فيقول الإصحاح السادس عشر، أن شمشون "ذهب إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها.. واضطجع شمشون إلى نصف الليل".. ثم خرج.. "وكان بعد ذلك أن أحب امرأة اسمها دليلة". وتأتي بعد ذلك حكاية دليلة وكيف أنها احتالت عليه وعرفت أن سر قوته هو في ضفائر شعره.. وكيف أن "أقطاب الفلسطينيين عرفوا سر قوته وقبضوا عليه وقلعوا عينيه وأودعوه في السجن".. وكيف انتهى الأمر بالنهاية، بأن شعر رأسه بدأ ينبت وعادت إليه قوته.. وقام شمشون يلعب لأهل غزة، وكان على سطح البيت "ثلاثة آلاف رجل وامرأة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 1:53 pm