z
موائد الإفطار على الشموع في غزة
شاركت الشموع وقناديل "الكاز والغاز" الصائمين طعام السحور والإفطار بتبديدها الظلام، فتمكنوا من رؤية ما يأكلون ويشربون، أما أصوات الآذان وابتهالات السحور فيمكن سماعها من المناطق الأخرى، التي سيحل دورها في الغد على جدول قطع التيار الكهربائي.
ويعم الاستياء أوساط المواطنين الغاضبين من مواصلة انقطاع التيار الكهربائي، كما ورد في أحاديث منفصلة لـ "الأيام"، في أحياء مدينة غزة المظلمة.
عتمة الإفطار
عبد المغاري (40 عاماً) يجلس وقت الإفطار وأفراد أسرته الخمسة حول المائدة في منزلهم المتواضع في رفح جنوب قطاع غزة، على ضوء الشموع ومصباحين "لمبتين" يعملان بالكاز تنبعث منهما رائحته المؤذية.
وقال المغاري لـ "الأيام": هل يعقل أن نفطر في رمضان تحت عباءة العتمة ونتسحر كذلك في كنفها، مشيراً إلى أن التيار الكهربائي يقطع عن منزله وكامل الحي لأكثر من ثماني ساعات في اليوم الواحد.
وأوضح أن لذة رمضان تكمن في التجمع حول المائدة ورؤية ما يفتح الشهية عليها، مشيراً إلى أن قطع التيار الكهربائي يحرم الصائم لذة الإفطار، ويجعله يسرع في تناول طعامه، بعد أن يقتل أجواء الراحة والاسترخاء التي يوفرها التيار الكهربائي.
ولفت إلى أن الغزيين ينتظرون شهر رمضان لما فيه من خير وبركة، لكن الاحتلال والانقسام وضغط الحياة وصعوبتها في غزة تفقد هذا الشهر بهجته ورونقه، مؤكداً أن الحصار أفقد الناس القدرة على الاستمتاع بشهر الخير والرحمة.
وحمل المواطن أسعد العمصي (29 عاماً) شركة الكهرباء المسؤولية الكاملة عن انقطاع التيار خلال شهر رمضان رغم كل الظروف التي يعيشها قطاع غزة، معتبرا أنه كان على الشركة العمل على توفير كافة المستلزمات اللازمة لتشغيل الكهرباء للمواطنين خلال الشهر الفضيل.
وقال غاضباً: لا يعقل أن نتعب ونعطش ونفطر دون كهرباء، مشيراً إلى أن "انقطاع الكهرباء عند الإفطار أفضل، حتى لا يرى أحد ما الذي يأكله".
أجواء رومانسية!
وأشارت أم أحمد الصالحي (48 عاماً) إلى أن الصائمين هذا العام يواجهون العديد من الابتلاءات التي تحتاج لصبر وجلد، منها الحر الشديد وانقطاع الكهرباء والحصار وإغلاق المعابر وغلاء الأسعار ونقص الأساسيات وساعات الصيام، معتبرة أن الصبر والتحمل يظهران بشكل واضح في هذا الشهر من العام.
وأوضحت أنها تمكنت من إشعار أطفالها برومانسية غريبة خلال انقطاع التيار الكهربائي في رمضان، وذلك بتحويلها موائد الإفطار إلى موائد أعياد ميلاد مزينة بالشموع، وعكست أجواء أشبه بأجواء المطاعم التي تتزين فقط بالشموع والأضواء الخافتة!
وتمكنت أم أحمد وفقاً لحديثها من التغلب على انقطاع التيار وتحويل أجواء الغضب من ذلك إلى أجواء رومانسية، شكلت فيها الشموع عالما آخر وصورة مختلفة أحبها الأطفال خاصة الفتيات منهم.
أزمة تزداد حدة
وأوضح كنعان عبيد، رئيس سلطة الطاقة بقطاع غزة، أن شهر رمضان يشهد أزمة حادة في توزيع التيار الكهربائي على المواطنين، متوقعاً أن يشمل القطع 40 بالمائة من القطاع خاصةً في ساعات المساء بسبب نقص الوقود.
وكانت شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة أوقفت إحدى وحدات الإنتاج الثلاث العاملة في محطة توليد التيار الكهربائي، بسبب نقص حاد في كمية السولار الصناعي اللازم لتشغيلها وأعلنت بشكل رسمي منع قوات الاحتلال لعمالها من صيانة الخطوط التي تزود منطقتي الشاطئ والشيخ رضوان.
وطالب عبيد المجتمع الدولي والدول العربية بحل أزمة الكهرباء، خاصة خلال شهر رمضان، منوهاً إلى أن الشركة أنهت كافة إجراءاتها الخاصة بتوزيع الكهرباء على المواطنين وفقاً للإمكانيات والطاقة الموجودة لديها، منوهاً إلى أن التيار سينقطع ما بين 4 إلى 5 مرات لمدة 8 ساعات أسبوعيا.
نفاد مخزون الوقود
وقال عبيد إن قوات الاحتلال قننت الكميات الواردة من السولار الخاص بالمحطة منذ عام تقريباً، وسمحت فقط بإدخال نحو مليونين و200 ألف لتر أسبوعياً، أي ما يكفي لتوليد 55 ميجاوات فقط، من أصل 140 ميجاوات، هي الطاقة القصوى للإنتاج في المحطة.
وقال في تصريحات صحافية: "كان لدينا مخزون بسيط استهلك مع تركيب المولد الإضافي الذي استهلك الوقود المخزون"، لافتاً إلى مطالبة سلطات الاحتلال أكثر من مرة بزيادة كمية الوقود دون جدوى.
وأشار إلى أن الوقود الموجود حالياً يكفي لتشغيل وحدتين فقط لتوليد الكهرباء بطاقة مليوني لتر أسبوعياً، في حين أن الحاجة الحقيقية للمحطة تتعدى الثلاثة ملايين لتر، أي بنسبة عجز توازي مليون لتر.
وحذر عبيد من تداعيات أزمة الكهرباء، مؤكداً أنها ستكون حادة جداً بسبب ارتفاع استهلاك الكهرباء خلال موسم الصيف، الذي يتزامن هذه المرة مع شهر رمضان، وبداية الموسم الدراسي بمختلف المدارس والجامعات بالقطاع، ما يضع سكان القطاع أمام أزمة مرشحة للتفاقم.