عدنان
علاقة شرطي المرور بالسائق.. "لعبة القط والفأر"
صدحت أبواق السيارات بصوت مرتفع أزعج المارة، عندما تعطلت إحدى سيارات الأجرة في منتصف شارع عمر المختار وسط مدينة غزة، ما عرقل الحركة المرورية ، وأثار استياء وسخط السائقين لدقائق معدودة .
وبينما كان بعض الشبان يدفعون السيارة المعطلة إلى جانب الطريق؛ لإفساح الطريق أمام السائقين الغاضبين أشاح أحد المواطنين بيده إلى سيارة أجرة كي تقله إلى مكان عمله، فانتهز السائق هذه الفرصة، ليصعد الراكب إلى سيارته في وسط الشارع.
ما أن قطع السائق بضعة مترات حتى تناهى إلى مسامعه بوق دراجة نارية يستقلها شرطي المرور، الذي طلب منه الركون بمحاذاة الرصيف.
ترجل شرطي المرور عن دراجته متجها بخطوات واثقة إلى السائق، وطلب منه إبراز أوراقه الثبوتية ورخصة القيادة، لتحرير مخالفة بحقه لتجاوزه قوانين المرور.
دار جدال حاد بين الطرفين، وحاول السائق تبرير موقفه، وعدم ارتكابه أية أخطاء، مشيرا إلى أنه استغل الاختناق المروري الذي عطل سير المركبات بصورة كلية.
تبريرات السائق كانت واهية لم تنطل على الشرطي الذي أصر على طلبه بإبراز الأوراق الرسمية، ما أدى إلى احتدام النقاش بينهما، وطفت لهجة التحدي على حديثهما، بعد أن رفض السائق الامتثال لأوامر شرطي المرور.
حاول بعض الركاب تلطيف الأجواء الساخنة بينهما، إلا أن ذلك الأمر لم يفلح في ثني الطرفين عن تحديهما، وزحزحة موقفهما المتصلب.
لم يغلب الشرطي كثيرا، فقد استدعى بعض أفراد الشرطة القريبين من المكان، الذين أجبروا السائق على تسليم بطاقته الشخصية، ورخصة القيادة على أن يعود للتفاهم معهم بشأن التجاوزات التي ارتكبها بعد توصيل الركاب.
وانصاع السائق رغم أنفه في النهاية، وترك المكان مطلقا زفيرا عاليا ينم عن ضيقه لتلك المعاملة اللانسانية في ظل الظرف الاقتصادية الصعبة- كما وصفها.
مواساة بعض الركاب للسائق لم تفلح في كظم غيظه، وألقى بالمسئولية على كاهل شرطي المرور لجهله بحقيقة القوانين وعدم مراعاته لأوضاع المواطنين السيئة.
تلك المشاهد التي نشاهدها بشكل شبه يومي يصفها البعض بأنها عداء قديم بين السائق والشرطي، فالأخير يريد تطبيق القانون، وتنبيه السائق ليسلك طريق السلامة، بينما يعتبر الأول أن تحرير شرطي المرور مخالفة بحقه تجني، واستفزاز في بعض الأحيان.
بينما يرى المواطن أبو رمضان رحمي الذي أمضى ما يزيد عن ثلاثين عاما في مهنة السياقة أن الشرطي يؤدي وظيفته المنوط بها، عازيا تذمر السائقين لسوء جهلهم في قوانين المرور المتبعة وأدانها.
ويضيف رحمي: "على الرغم من شجب السائقين لتك المواقف، ودفعهم غرامات مالية تنفض جيوبهم، إلا أنها تمنع كوارث في بعض الأحيان."
وتشهد شوارع غزة الرئيسية اختناقات مرورية طيلة الأسبوع، لعدم شق شوارع إضافية تخفف تلك الأزمة منذ وقت طويل.
ورغم الجهود الحثيثة التي تبذلها شرطة المرور، لتقليص الازدحام المروري، إلا أن بعض السائقين يشتكون من تصرفاتهم في بعض الأحيان.
فالمواطن أبو أيمن من مخيم النصيرات وسط القطاع أراد تنزيل صديقه في ميدان فلسطين، فأوقف سيارته بشكل قانوني، لبضعة ثوان، لكنه لم يسلم من زامور السيارة التي تتبعه، وتحثه على مواصلة السير.
استاء أبو أيمن كثيرا، لاسيما بعد أن بدأ السائق التهليل بصوت مرتفع، وتطورت سخونة الموقف بعد أن استدعى السائق شرطي المرور متهما أبو أيمن بأنه تجاوز حدوده، ونعته بالافتقار للباقة وعدم الفهم.
وانحاز شرطي المرور في صف السائق، وكالعادة طلب الشرطي رخصته وبطاقته الشخصية، لكن الأخير لم يستجب لمطلبه.
اتصل الشرطي بالضابط المسئول وحضر على وجه السرعة، ووقع أبو أيمن في مطب عويص بعد أن افترى عليه الشرطي واتهمه بعرقلة عمله وتهديده.
وخرج أبو أيمن من تلك الورطة بسحب رخصته لمدة ثلاثة أيام، لكن لازالت علامات التساؤل تخيم على ملامحه فهو لم يرتكب ذنبا بحق القوانين المرورية- على حد قوله.
وقال صائب فرحات مدير شرطة المرور في محافظة الشمال: إن 60% من الشكاوى التي يقدمها السائقون ضد شرطة المرور كاذبة وتجني على الشرطي، مشيرا إلى أنه يتم معاقبته في حال ثبوت الادعات .
وقال فرحات: دور الشرطي تنظيم حركة السير في الشارع، بينما يهدف السائق لتحميل الركاب سواء بالممنوع، أو غيره ومن هنا تنشب علاقة غير حميمة.