بدأت قصة لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين نهاية عام 1947 بعد
صدور قرار تقسيم فلسطين عن الأمم المتحدة حيث وصل الى جنوب لبنان ما لا يقل عن مائة
ألف فلسطينى , ليزداد العدد بعد المعارك التى شهدتها فلسطين فى عام 1948 وليتضاعف
بشكل كبير بعد النكسة عام 1967
ومن المعلوم ان القانون اللبناني يعرف الاجنبي
بأنه كل شخص حقيقي لا يتمتع بالجنسية اللبنانية (المادة الاولى من قانون الدخول الى لبنان والاقامة فيه والخروج منه بتاريخ 10/7/1962).
والوضع القانوني للاجنبي يتأثر سواء بقواعد القانون الدولي الذي اصطلح على تسميتها
بالحد الادنى، وكذلك اذا عقدت دولته اتفاقات مع دولة اقامته. على كل حال فان اول من
يستثنى من الاجانب في قانون العقوبات، وفقا للاعراف القانونية هم السفراء
والديبلوماسيون والقناصل الاجانب. وفي حال رفض بقائهم من الدول المضيفة فانها
تعتبرهم اشخاصا غير مرغوب بهم، فيغادرون البلاد تحقيقا لابعادهم.
أما اللاجئون: هناك نوعان، الاول
ما استظل بالاتفاق الخاص. بوضع اللاجئين المؤرخ في 28/7/،1951 وهو ما ينطبق على
جميع اللاجئين من غير الفلسطينيين. اما النوع الثاني فهو اللاجئون الفلسطينيون
الذين جاءوا لبنان بسبب نكبة فلسطين ،1948 وتم تسجيلهم رسميا لدى الدوائر اللبنانية
المختصة، وانشأ المجتمع الدولي لهم وكالة خاصة لمساعدتهم هي "الاونروا" التي اعطتهم
تعريفا اداريا بأنهم الذين كانوا في فلسطين لعامين قبل 1948 وخرجوا منها بسبب
الحرب. في لبنان مُنحت بطاقات خاصة للاجئين الفلسطينيين، لكن هذه الصفة: اي كلمة
فلسطين لا تعادل الجنسية قانونا. وفي التطبيق نجد التباسا، فاللاجئ في لبنان اذا
رغب السفر يحصل على وثيقة خاصة لسفر اللاجئين الفلسطينيين وفي داخلها ختم منفصل ينص
على الآتي: الجنسية: فلسطيني. اما اذا اراد في لبنان ان يشتري منزلا ويسجله في
الدوائر العقارية، فيتم التعامل القانوني بأنه لا يحمل جنسية معترفا بها. وهكذا لا
ندري تماما اذا كانت الوضعية القانونية بالدقة انه صاحب جنسية ام ان فلسطينيته صفة
لعديمالرومنسية. على اي حال في كلتا الحالتين يبقى اجنبيا ازاء قانون العقوبات،
والفارق المهم يظهر عند البحث في مسألة الابعاد.
في الماضي، كان اللاجئ
الفلسطيني الذي يرتكب جناية او جنحة مهما كان نوعها، لا يرحّل ولا يطرد تحت اي ظرف،
ومهما كانت درجة خطورته على الامن والنظام العام. فالمعتمد كان ان اللاجئين
الفلسطينيين باقون في لبنان حتى ايجاد حل لقضيتهم وعودتهم الى ديارهم. اما الآن،
وبحكم التعديل المقترح بأن يصبح الترحيل حكميا، فكيف يمكن تنفيذه؟
في
الاساس يتوجب على الدولة اللبنانية اخذ المبادئ التي ترعى احوال الاجانب ولا يجوز
لها تجاهلها، لأن مركز الاجانب يحكمه القانون الدولي العام. وان كل ما للاجنبي بهذا
الصدد ان لا يعامل معاملة مجحفة. للدولة الحق بطرد الاجنبي او تسليمه على ان تكون
الطريقة المتبعة معقولة، وبدون احداث اضرار لا مبرر لها، كما لا يجوز ابعاده الى
مكان لا يأمن فيه على نفسه او يتعرض فيها للمهانة دون وجه حق. (ترحيل الاجانب: عصام
نعمة اسماعيل: ص 48 بيروت). واذا كان للاجنبي المراد ترحيله الحق بابلاغ سفارة
بلاده او قنصليتها او من يقوم مقامها لرعاية مصالحة، فالى من يتوجه الفلسطيني في
لبنان في وضعية كهذه؟ معلوم ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي
للفلسطينيين، وقد اقر لبنان ضمن جامعة الدول العربية ومؤسسة القمة العربية
بالاعتراف بالمنظمة، وسبق منذ 1964 ان سمح لها بافتتاح مكتب تمثيلي في العاصمة
بيروت، لكن منذ الغزو الاسرائيلي لبيروت في 1982 تم اغلاق هذه الممثلية ولم تسمح
السلطات اللبنانية بوجودها، رغم استمرار الموقف بالاعتراف بها، وهكذا يفقد
الفلسطيني عمليا الحق بمراجعة سفارته او ممثليته بسبب الاداء اللبناني، ويفتقد
تاليا حاضنة قانونية لمصالحه عندما يكون محكوما بالابعاد. الحديث ايضا ينفتح على
اجراءات الابعاد، ومدى تطابقها في الحفاظ على كرامة المدان بالابعاد، يصبح رهنا
بالاستنساب التطبيقي للاجهزة الرسمية المكلفة بالتنفيذ، بما تحتمله من توخي العدل
بها او لدى البعض الانتقام والتشفي، وفي هذا الاطار يصبح الفلسطيني في موقع ضعيف هش
تحت رحمة سجّانه، ويعتمد الامر على حس هذا الاخير الانساني.