حقوق الإنسان والتنمية
الحقوق المدنية والسياسية
تجمع الآراء على أن الولاية والمسئولية الأولى في حماية وتعزيز حقوق الإنسان على الصعيد الداخلي هي مستندة في المقام الأول إلى كل دولة وفق ما التزمت به بانضمامها طواعية إلى العهود والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
كذلك من المسلم به أن توعية الفرد وتبصيره بحقوق الإنسان وحرياته وحقوق وحريات غيره في المجتمع التي يتعين عليه احترامها هو مساهمة لازمة لنشر ثقافة حقوق الإنسان ودفعت في عالمنا العربي إلى المرتبة المتقدمة التي تستحقها بين المسائل العامة التي يدور حولها الحوار الجاد لتكون أقدر على المساهمة في خدمة قضايا حقوق الإنسان على المستوى المحلى والإقليمي والعالمي.
وانطلاقاً من هذه الهدف المتصور فإننا نعرض في هذا الجزء من المدونة الحقوق والحريات التي تناولها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. هذا ونود أن نشير في مستهل هذا الصفحات إلى أننا لم نلتزم في تناولنا للحقوق المدنية والسياسية بإيراد النصوص الكاملة للعهد الدولي، بل فضلنـا توسيـع نطاق العرض ليتسع لتناول وتأصيل مفاهيم هذه النصوص وذلك استرشاداً بما توصلت إليه اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية عبر السنوات التي انقضت منذ بداية أعمالها وما استخلصته من معايير وآليات محددة لازمة لضمان إعمال حماية وتعزيز هذه الحقوق والحريات في الواقع العملي، وذلك من خلال الحوار المستمر مع الدول الأعضاء في العهد الدولي حول التقارير الدولية التي تلتزم بتقديمها تباعاً للجنة المذكورة وفق ما نص عليه العهد.
كذلك فإن مما يحبذ هذا الأسلوب في العرض أن مناقشة اللجنة لتقارير الدول مع ممثليها قد أكدت ما هو معروف من أن حقوق الإنسان تشكل وحدة متكاملة لا تقبل التجزئة، مما يعنى تداخل وتكامل نصوص العهد الدولي.
فكفالة حماية حق معين بذاته لا يقتصر بالضرورة على مادة بعينها من العهد الدولي بل كثيراً ما تقتضي حماية ذات الحق أو أحد أوجهه التي لا يكتمل إلا بها، الاستناد إلى أكثر من مادة كلما دعت الضرورة لذلك عند تناولنا تباعاً للحقوق المدنية والسياسية التي يحميها العهد الدولى .