الفاين والشوكولاتة عملة جديدة في غزة
يقع السائق كريم بكير في حرج شديد مع الركاب بشكل يومي، نظرا لندرة أنصاف الشواكل في القطاع، وتنتهي ورطة بكير بمسامحة الركاب له، أو صفع بابمركبته بشدة ووصفه بالاستغلالي.
وتزايدت الإشاعات المترددة عن اختفاء أنصاف الشواكل الإسرائيلية ، والتي بدأت بعد أن أصدرت إسرائيل فئتين نقديتين هما 2 شيكل و 20 شيكل، وترتكز مجمل الإشاعات في صهر تلك الفئة من العملة وإعادة تصنيعها من جديد لأصابع الكوابل الكهربائية.
وساهم غياب نصف الشيكل بخلق مشكلة بين الركاب والسائقين الذين لا يمتلكون فكه لباقي الأجرة، مما اضطر البعض منهم لحل هذه المشكلة بوضع قطع من الشوكولاتة أو البسكويت كبديل عن نصف الشيكل.
ويقول بكير والضيق يسيطر على نبراته: عندما يصعد معي أحد الركاب أساله إذا كان بحوزته نصف شيكل، وفي كثير من المرات أقوم بإرجاع شيكل له مستغنيا عن نصف شيكل كي لا أحرج أمام الركاب.
ويتابع في سخط: تتفاقم المشكلة عندما أكون مضطرا إلى إعطاء جميع الركاب أنصاف الشواكل، لاسيما مع ارتفاع أسعار الوقود، فتحدث مشادة ساخنة مع بعضهم في معظم الأحيان، ويكتفي الآخرون بنظرات غاضبة، ويغادرون المركبة وهم يتمتمون بكلمات ساخطة.
أما إيناس التي وطأت الأرض بقدميها، وهمت بالنزول من سيارة الأجرة، فقد بدت عليها علامات الضجر والتأفف من السائق، الذي أعطته اثنين شيكل ليعيد لها نصف شيكل ، وبدلا من ذلك أعطاها علبة أوراق محارم، فهي بحاجة ماسة لنصف الشيكل أكثر من بديله.
وتقول ايناس: آخذ من والدي صباح كل يوم ثلاثة شواكل، أجرة المواصلات للجامعة، مشيرة إلى أن دخل والدها محدود لا يسمح لها بأن تأخذ أكثر من ذلك، فهو يصرف على أبنائه الأربعة الذين يتعلمون في جامعات القطاع.
وشهد قطاع غزة العديد من التغيرات التي أثرت على جميع مناحي الحياة، لاسيما بعد الحصار الإسرائيلي الذي منع العديد من ضروريات الحياة.
وسبب نقص فئة النصف شيقل أزمة بين السائقين والمواطنين الغزيين، وأخذ السائقون يتفننون في تقديم البدائل للركاب عوضاً عن النصف شيكل الذي أصبح شبه منقرض من القطاع، فمنهم من قدم أوراق المحارم، وآخر شوكولاته وغير ذلك الأساليب للركاب.
المواطن أبو أحمد يقول أن أنصاف الشواكل مليئة في القطاع، ولكن السائقين يخفونها لرفع الأجرة لتصل إلى 2 شيكل في كل المناطق بدلا من شيكل ونصف، ويتابع كنت مستقلا إحدى السيارات وأعطيت السائق شيكلا ونصف قبل أن تصعد امرأة إلى السيارة، ويسألها السائق إن كان بحوزتها نصف شيكل أو تسامحه في باقي الأجرة وجلبت تلك الأزمة هما" جديدا" إلى أصحاب الأسر الميسورة الذين بالكاد يعطون أطفالهم نصف شيكل كمصروف يومي، خصوصا في ظل البطالة المستشرية في أوصال الطبقة العمالية.
ويستطيع أبو حسين بمشقة توفير مصروف ابنه في البستان الذي لا يزيد عن نصف شيكل، بعد أن يجوب محال كثيرة، أو يضطر لشراء أي شيء يكون الباقي له نصف شيكل.
المواطن أبو عيسى المصري صاحب ورشة مخصصة لصهر المعادن ، استبعد فكرة صهر
نصف الشيكل بتاتا، ويقول المصري أن أصابع الكوابل الكهربائية مصنعة من النحاس الأصفر العادي، وهو متوافر بكميات كبيرة في القطاع نظرا لعدم تصديره لإسرائيل، معتبرا أن المسألة لا تزيد عن كونها اقتصادية لرفع غلا ء المعيشة.
أما المواطن أبو صالح عوض خبير معادن يقول: معدن النصف شيكل ذو خامة سهلة للتشكيل والتمديد للأشياء الدائرية، وصناعة الرقائق النحاسية، مشيرا إلى أن بالإمكان طرقها وتمديدها على مكبس خاص لطرق المعادن، فيصل قطرها إلى 10سم تقريبا.
ومع ذلك فهو يستبعد صهرها لاستخدامات أصابع الكوابل الكهربائية نظرا لتواجد النحاس بوفرة ولرخص ثمنه.
واهتدى بكير في النهاية لحل يرضي الركاب ، فقام بشراء علبة بسكويت وإعطاء كل راكب قطعة بدلا من نصف الشيكل، مشيرا إلى أن هذا الحل الطريف دفع الركاب إلى مغادرة مركبته والبسمة تعلو وجوههم، بدلا من صفعات الباب بقوة والتمتمة الساخطة.