فلسطين ... بلد بدون بلد
/ بقلم: تسو سولومونوفيتش*
جريدة زيوا الرومانية
أعترف بأن السفير الفلسطيني في رومانيا , أحمد عبد السلام حسن مجدلاني , ترك في نفسي انطباعات لطيفة , فهو يتمتع بمستوى فكري رفيع , لقد التقيته ضمن فريق من محرري الجريدة , فوجدته شخصا معتدلا , ولكنه بالغ التشدد حين يتعلق الأمر بحق الشعب الفلسطيني في بلده , ليعيش سيدا مستقلا .
لقد مكث طويلا الى جانب منظر وقائد الثورة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات , وكان عضوا في حكومة السلطة الفلسطينية , وهو كرجل سياسي , يردد الشعارات النضالية الفلسطينية , ولكنه كأستاذ للفلسفة , مؤيد للحوار. ويركز السفير على مهمته كممثل لبلد اسمه فلسطين . بعد نشر المقابلة معه , تلقيت تنبيهات كثيرة :
أليست مفارقة اجراء مقابلة مع سفير دولة غير موجودة ؟ ولقد بحثت مجددا فيما أعرف جيدا , بالفعل : لايوجد على خريطة العالم دولة باسم فلسطين , والأمم المتحدة لم تعترف أبدا بهذه الدولة , أما رومانيا فنعم , وليست بوخارست وحدها فهناك 96 دولة في العالم تعترف بدولة فلسطين , النمسا ، الفاتيكان ، تركيا ، روسيا ، بولندا ، المجر ، الجمهورية التشيكية ، صربيا ، وبيلاروس ، ومالطا ، أوكرانيا ، قبرص ،والبوسنة ، ألبانيا ، الجزائر ، المغرب ، مصر ، الهند ، الصين ، اندونيسيا ، باكستان ، الكونغو ، ونيجيريا ، إلخ
عالم بمليارات الناس , اعترف بدولة فلسطين , غير الموجودة في الواقع. من المناسب , تعميق الاعتراف بهذه الدولة- الشبح , خاصة بعد أن جاور الرئيس ترايان باسيسكو بين سوريا وفلسطين , وبعد أن نشرت جريدتنا مقابلة مع السفير الفلسطيني.
كان من الممكن لدولة فلسطين , أن توجد, أنذاك , حين أعلن استقلال اسرائيل, في أيار 1948, وعلى قاعدة قرار الأمم المتحدة بتقسيم الأرض المقدسة , ولكن العالم العربي جر الفلسطينيين عام 1948 الى حرب لاتملك حظوظ النصر , ومنذ ذلك الوقت تفاقمت المعاناة الفلسطينية , ونتيجة رفض العرب التصالح مع الدولة اليهودية , فقد عانى الاسرائيليون أيضا , وبعد ذلك بوقت متأخر , بعد أربعة عقود من الحروب والارهاب , تعاطف الأوروبيون وأسيا وافريقيا مع مأساة الشعب الفلسطيني وأيدوا فكرة دولة فلسطينية مستقلة , ولقد وجد الفلسطينيون بمرور السنين أن ماساتهم تتفاقم وأن الأمل يبدو في أضيق الحدود, ومالبث الفلسطينيون أن تنبهوا الى عقم التشدد , وكان الفضل لياسر عرفات في اعلان نبذ العنف , ومن ثم انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني ( البرلمان في المنفى) يوم 15 نوفمبر 1988 واعلان وثيقة الاستقلال , وفي اليوم التالي 16 نوفمبر أعلنت رومانيا اعترافها ودعت الفلسطينيين لافتتاح سفارة في بوخارست .
أشياء كثيرة , جمعت وفرقت بين نيكولاي تشاوتشسكو وعرفات في بوخارست , ولكن يمكن القول أن العلاقات الرومانية- الفلسطينية , لم تكن مفيدة للجانبين فقط , لقد عرفت رومانيا كيف تلعب دور الوسيط الدولي في الأيام الصعبة بالنسبة لاسرائيل , عندما قطعت الدول الاشتراكية علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل , بما في ذلك الاتحاد السوفييتي.
هناك محللون سياسيون , يعتقدون أن الرئيس ترايان باسيسكو , في ظروف معينة , ربما يكون قادرا على المساهمة في حل الصراع العربي – الاسرائيلي , وليس صدفة أن الرئيس الروماني كان في دمشق , وربما سيزور القدس ورام الله في الربع الأول من العام القادم .
من يقول بأن الشعوب السعيدة ليس لها تاريخ أو أن الأشخاص السعداء ليس لديهم ذاكرة ؟ تعيش في الشرق الأوسط شعوب لها تاريخ من أقدم التوارخ في العالم , وسواء أكان ذلك جيدا أم سيئا , فان لهذه الشعوب ذاكرات جيدة جدا .هؤلاء الناس لايعرفون الخوف , واذا ماتمكنوا من نبذ العنف نهائيا , فان على الأرض المقدسة سيعيش الناس كما في الجنة . كل هذه الأمور رغبت في قولها للسفير أحمد عبد السلام حسن مجدلاني , ولكنني كنت مندهشا كون هذا الفلسطيني يعرفها جيدا.
جريدة " زيوا" 21-11-2008 *
صحفي يحمل الجنسيتين الاسرائيلية والرومانية
بوخارست ترجمة : د. زياد أبوالهيجاء