النازيــة | الصهيونيــة |
1- لم يقف حد الإبادة أو القتل بالنسبة للنازية على اليهود فقط، بل تجاوز ذلك إلى كل الشعوب غير الآرية كالسلاف وقبائل الغجر وحتى الألمان من العجزة والمرضى. | 1- لم تقف الصهيونية في إبادتها وقتلها على الشعب الفلسطيني فقط، بل تجاوزت ذلك إلى العرب جميعاً بل حتى إلى اليهود وخاصة الشرقيين (السفارديم) إذا دعت الضرورة إلى ذلك. |
2- النازية نتاج الحضارة الغربية في حقبة زمنية معينة. | 2- الصهيونية نتاج الحضارة الغربية في نفس حقبة النازية. |
3- تقوم النازية على مبدأ التفوق العرقي والتقدم الحضاري والتكنولوجي (البراغماتية) في إثبات حقيقة الوجود تجاه شعوب العالم الأخرى. | 3- تقوم الصهيونية على الحقيقة نفسها، باعتبارها جزءاً من الحضارة الغربية التي تقوم على البراغماتية والمادية اللاعقلانية. |
4- تقوم النظرية النازية على تفوق العنصر الآري مع العناصر الإثنية الأخرى. | 4- تقوم الصهيونية على تفوق اليهود على شعوب العالم الأخرى باعتبارهم (شعب الله المختار). |
5- الغاية تبرر الوسيلة لدى النازيين (إقامة أمة ألمانية حاكمة للعالم). | 5- الغاية تبرر الوسيلة لدى الصهاينة (اليهود شعب الله المختار) وقائد هذا العالم. |
6- النظرية النازية نتاج اللاعقلانية في الحضارة الأوروبية. | 6- الصهيونية أيضاً نتاج اللاعقلانية في الحضارة الأوروبية. |
7- الموقف المحايد للحضارة الأوروبية من جرائم النازية ضد العالم. | 7- الموقف المحايد للحضارة الأوروبية من جرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً. |
8- تأثر النازية بالفكر الرومانتيكي الألماني اللاعقلاني. | 8- تأثر الصهيونية بالفكر الرومانتيكي الألماني اللاعقلاني. |
9- فكرة (الفولك) بالنسبة للنازية. | 9- فكرة شعب الله المختار بالنسبة للصهاينة. |
10- إيمان النازيين بالدياسبور الألمانية Auslandeutch. | 10- إيمان الصهاينة بالشتات اليهودي (يهود الشتات). |
11- الإيمان بالنقاء العنصري تجاه العالم. | 11- الإيمان بالنقاء العنصري تجاه العالم. |
12- النبي النازي (هتلر). | 12- النبي الصهيوني (هرتزل). |
أما سمات العلاقة بين النازية والصهيونية، فيمكن التعبير عنها بالتالي: (7)
1 ـ أغلب الشخصيات الصهيونية، ذات جذور ألمانية نازية، مثال: (حاييم كابلان)، (جابو تنسكي).. إلخ.
2 ـ الأصول الألمانية الثقافية للصهاينة (هرتزل ونوردوا) كانا يكتبان بالألمانية ويتحدثان بها. واليديشية لغة اليهود رطانة ألمانية. ولغة المؤتمرات الصهيونية الأولى كانت ألمانية.
3 ـ توجه الصهاينة إلى الألمان للمساعدة في إنشاء دولة للصهاينة في فلسطين (هرتزل وقيصر ألمانيا).
4 ـ مساعدة النازية لليهود بالهجرة إلى فلسطين (اتفاقية هاعفرا).
هذا باختصار جدل العلاقة بين النازية والصهيونية. أليس ذلك كافياً لطرح مقولة العنصرية كفكر وممارسة في الشخصية اليهودية ـ الصهيونية؟
الصهيونية والدين: تسييس ميتافيزيقيا النص الديني اليهودي:
إن الشخصية (الجيتوية) تأخذ موجوديتها كحالة اجتماعية من معطى معرفي ديني ينطلق من مفهوم المغايرة عن الآخر تحت شعارات: شعب الله المختار، الغيورين، اليهود الخلص، أرض الميعاد.. إلخ وتعمل على فهم الآخر على حالة نقيض من موجوديتها.
مثل هذا التصور الديني لليهود بكل معطياته (الموسوية، التوراة، التلمود.. إلخ) لا ينظر إليه الباحث من منظور الرسالة السماوية، وقدسية هذا المعطى الديني. بل باعتباره نصاً معرفياً أبستمولوجياً وتكويناً إنثروبولوجياً اجتماعياً، وهو ما يتطابق مع وجهة نظر الصهيونية، حتى نستطيع فهم علمانية أو لا دينية التصور الصهيوني على أرضية استخدام النص الديني اليهودي لصالحها. أي تجيير الميتافيزيقي لصالح الفيزيقي الاجتماعي.
مثل هذا التصور، هو ما أولته الصهيونية كبير اهتمامها، وجعلته محور خطابها في العنف العنصري الصهيوني في صراعها ضد الفلسطينيين والعرب بوجه عام.
لقد انطلقت الأرضية الصهيونية من تجيير مفاهيم عدة لصالحها تحت عناوين: النقاء العرقي لليهود وتفوقهم على الأغيار، الأمة اليهودية، أرض إسرائيل، أرض الميعاد. والتي تشكل التحقق الفعلي للنبوءة التوراتية ببناء دولة اليهود وتطهير (أرض إسرائيل) من الأغيار.
كل ذلك، كان دافعاً لليهودي للهجرة إلى فلسطين. هي بالنسبة له (أرض إسرائيل) أرض الميعاد. والتي عبر عنها بعامل العنف، لأن مقتضى التوافق بين النص الديني والتصور الاستعماري الصهيوني يقتضي نفي الآخر لإثبات الوجود، وبالتالي، كان على اليهودي وما زال أن يقتل (الأغيار) من العرب لكي يكون موجوداً. وبتعبير أدق، نستخدم فيه مقولة (ديكارت): (أنا أقتل، إذن أنا موجود).
فالصهيونية في هذا التعبير اختصرت مفهوم الزمن إلى بعد واحد هو بعد الماضي. فالحاضر والمستقبل هما نبوءة الماضي. وبالتالي، فإن اليهودي لا يرى في العرب الفلسطينيين أو غيرهم من العرب إلا قبائل كنعان. وقوانين (يشوع بن نون) تقوم على أرضية أنه: "لا يمكن الوثوق بالعرب بأي حال من الأحوال وبالتالي فهناك طريقة واحدة للتعامل مع العربي ألا وهي قتله". (
هذا ما عبر عنه كبير (رابونات) القيادة المركزية في الجيش (الإسرائيلي)، وعلى لسان حاخام (رامات غان) (9). نعم هذه هي حقيقة الصهيونية، وهذه هي حقيقة التوراة. توافق وتوائم الطرح العنصري للطرفين والمنفذ هو اليهودي المتخم تراثاً ومعاصرة بمثل هذه المفاهيم.
وعد بلفور في سياق الإستراتيجية الاستعمارية:
إن استخدام النص الديني كمعطى معرفي لتشكيل اجتماعي محدد، هو ما دفع الإمبريالية الاستعمارية في أوروبا لتأكيد دور التواجد اليهودي البرجوازي في أوروبا في دفع اليهود الأوربيين تحت دعاوى توراتية للهجرة إلى فلسطين، وبالتالي تحقيق المخطط الاستعماري الأوروبي لقيادة العالم استعمارياً وبالقوة.
ولتنفيذ ذلك، أصدرت بريطانيا الدولة الاستعمارية الأولى (إلى جانب فرنسا في المنطقة العربية) وعد بلفور المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني عام 1917م، والدور الذي لعبته عائلة (روتشيلد) اليهودية المصرفية في إقرار هذا الوعد تحقيقاً لمصالحها ومصالح الدول الاستعمارية.
فقد وجه (جيمس آرثر بلفور) (1848 ـ 1930م) السياسي البريطاني والصهيوني، رسالة بعث بها بوصفه وزيراً للخارجية إلى (اللورد روتشيلد)، قال فيها: "عزيزي اللورد روتشيلد. يسعدني كثيراً أن أنهي إليكم نيابة عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي: تعاطفاً مع أماني اليهود والصهيونيين التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء؛ إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل أفضل مساعيها لتسهيل تحقيق هذه الغاية". (10)
وقد أكد الصهيوني (بلفور) نزعته الاستعمارية للشرق العربي، ودوره في تكريس إنشاء دولة يهودية في فلسطين تخدم طموحات بريطانيا العظمى، من خلال دوره في مؤتمرات السلم التي عقدت بعد الحرب العالمية الأولى، التي أقرت سياسة الانتداب على المشرق العربي.
وبالتالي نستطيع أن نفهم (وعد بلفور) ليس في السياق التوراتي وإنما سياق المواقف والتحركات السياسية البريطانية، ضد إستراتيجية إمبريالية شاملة.
الخلفية التاريخية للعنف الصهيوني:
إذاً الدولة اليهودية ـ الصهيونية في فلسطين، هي الدولة التي قامت على فوارق دينية واجتماعية بين اليهود والعالم وليس العرب فقط.
ومن أوائل القادة الصهاينة الذين عبروا عن تلك الفكرة (ليوبنسكر) الذي أكد على أن "اليهودية والعداء لليهودية يسيران جنباً إلى جنب عبر التاريخ منذ قرون عديدة. فاليهود هم الشعب المختار بسبب الحقد الأبدي للبشرية". (11)
ويضيف أيضاً في كتابه (التحرر الذاتي) المنشور في باريس 1881: "إن اللاسامية هيستريا ألمت بالنفس البشرية، حتى صار الناس يتوارثونها كمرض عضال، ولذا فإن الحل العملي الوحيد هو أن ينظم اليهود قواهم لإيجاد وطن خاص بهم مستعينين في ذلك بأية قوة كانت". (12)
إن الشخصية اليهودية التي تقوم على مفهوم (شعب الله المختار) وبالتالي تميز واستعلاء الشخصية اليهودية عن غيرها، هو ما عبر عنه (تيودور هرتزل) في رسالة كتبها إلى (دون بادن) قائلاً: "إن اليهود عندما يعودون إلى وطنهم التاريخي فإنهم سيفعلون ذلك بصفتهم ممثلين للحضارة الغربية. وإنهم سيجلبون معهم النظافة والعادات الغربية الراسخة، إلى هذا الركن الموبوء والبالي من الشرق". (13)
وقد أكد (هرتزل) أن الدولة اليهودية "ستكون جزءاً من حائط يحمي أوروبا في آسيا، ويكون حصناً منيعاً للحضارة في وجه الهمجية". (14)
وللدفاع عن النفس وبناء الدولة يقول (هرتزل) في كتابه (الدولة اليهودية): "إن الإنسان مهما بلغ من الثراء والقوة غير قادر وحده على اقتلاع شعب من أرضه. الفكرة وحدها تستطيع أن تفعل ذلك.. وفكرة الدولة تمتلك بالتأكيد هذه القوة". ودعا إلى "حمل السلاح ضد بحر من المشاكل، بالتصدي لها يمكن إنهاؤها". (15)
ووضع (هرتزل) سيناريو لتحقيق ذلك تحت عنوان (الخطة) يقول فيه: "من الغباء العودة بمستوى الحضارة إلى الوراء كما يقترح الكثير من الصهيونيين. فلنفترض على سبيل المثال بأننا أجبرنا على أن نخلي بلداً من الوحوش، يجب علينا ألا نقوم بهذا العمل وفقاً لأسلوب الأوروبيين في القرن الخامس عشر، كأن نأخذ الرمح ونذهب كلاً على حدة للبحث عن الدببة، يجب علينا تأليف حملة صيد كبيرة ومن ثم تجميع الحيوانات كلها ونلقي في وسطها القنابل المميتة". (16)
هذه هي الدولة التي وعد بها (بلفور) وهذه هي الدولة التي أسسها (هرتزل) وهذه هي الدولة التي سار بها قادة الصهاينة منذ بداياتها على يد (بن غوريون) مرورا" (شارون) والمرت وا ليفيني حاليا" وريثة جوالدمائير دولة أقل ما يمكن تسميتها (دولة الدم والحقد والعنصرية).
نضال هديب
1 ـ أغلب الشخصيات الصهيونية، ذات جذور ألمانية نازية، مثال: (حاييم كابلان)، (جابو تنسكي).. إلخ.
2 ـ الأصول الألمانية الثقافية للصهاينة (هرتزل ونوردوا) كانا يكتبان بالألمانية ويتحدثان بها. واليديشية لغة اليهود رطانة ألمانية. ولغة المؤتمرات الصهيونية الأولى كانت ألمانية.
3 ـ توجه الصهاينة إلى الألمان للمساعدة في إنشاء دولة للصهاينة في فلسطين (هرتزل وقيصر ألمانيا).
4 ـ مساعدة النازية لليهود بالهجرة إلى فلسطين (اتفاقية هاعفرا).
هذا باختصار جدل العلاقة بين النازية والصهيونية. أليس ذلك كافياً لطرح مقولة العنصرية كفكر وممارسة في الشخصية اليهودية ـ الصهيونية؟
الصهيونية والدين: تسييس ميتافيزيقيا النص الديني اليهودي:
إن الشخصية (الجيتوية) تأخذ موجوديتها كحالة اجتماعية من معطى معرفي ديني ينطلق من مفهوم المغايرة عن الآخر تحت شعارات: شعب الله المختار، الغيورين، اليهود الخلص، أرض الميعاد.. إلخ وتعمل على فهم الآخر على حالة نقيض من موجوديتها.
مثل هذا التصور الديني لليهود بكل معطياته (الموسوية، التوراة، التلمود.. إلخ) لا ينظر إليه الباحث من منظور الرسالة السماوية، وقدسية هذا المعطى الديني. بل باعتباره نصاً معرفياً أبستمولوجياً وتكويناً إنثروبولوجياً اجتماعياً، وهو ما يتطابق مع وجهة نظر الصهيونية، حتى نستطيع فهم علمانية أو لا دينية التصور الصهيوني على أرضية استخدام النص الديني اليهودي لصالحها. أي تجيير الميتافيزيقي لصالح الفيزيقي الاجتماعي.
مثل هذا التصور، هو ما أولته الصهيونية كبير اهتمامها، وجعلته محور خطابها في العنف العنصري الصهيوني في صراعها ضد الفلسطينيين والعرب بوجه عام.
لقد انطلقت الأرضية الصهيونية من تجيير مفاهيم عدة لصالحها تحت عناوين: النقاء العرقي لليهود وتفوقهم على الأغيار، الأمة اليهودية، أرض إسرائيل، أرض الميعاد. والتي تشكل التحقق الفعلي للنبوءة التوراتية ببناء دولة اليهود وتطهير (أرض إسرائيل) من الأغيار.
كل ذلك، كان دافعاً لليهودي للهجرة إلى فلسطين. هي بالنسبة له (أرض إسرائيل) أرض الميعاد. والتي عبر عنها بعامل العنف، لأن مقتضى التوافق بين النص الديني والتصور الاستعماري الصهيوني يقتضي نفي الآخر لإثبات الوجود، وبالتالي، كان على اليهودي وما زال أن يقتل (الأغيار) من العرب لكي يكون موجوداً. وبتعبير أدق، نستخدم فيه مقولة (ديكارت): (أنا أقتل، إذن أنا موجود).
فالصهيونية في هذا التعبير اختصرت مفهوم الزمن إلى بعد واحد هو بعد الماضي. فالحاضر والمستقبل هما نبوءة الماضي. وبالتالي، فإن اليهودي لا يرى في العرب الفلسطينيين أو غيرهم من العرب إلا قبائل كنعان. وقوانين (يشوع بن نون) تقوم على أرضية أنه: "لا يمكن الوثوق بالعرب بأي حال من الأحوال وبالتالي فهناك طريقة واحدة للتعامل مع العربي ألا وهي قتله". (
هذا ما عبر عنه كبير (رابونات) القيادة المركزية في الجيش (الإسرائيلي)، وعلى لسان حاخام (رامات غان) (9). نعم هذه هي حقيقة الصهيونية، وهذه هي حقيقة التوراة. توافق وتوائم الطرح العنصري للطرفين والمنفذ هو اليهودي المتخم تراثاً ومعاصرة بمثل هذه المفاهيم.
وعد بلفور في سياق الإستراتيجية الاستعمارية:
إن استخدام النص الديني كمعطى معرفي لتشكيل اجتماعي محدد، هو ما دفع الإمبريالية الاستعمارية في أوروبا لتأكيد دور التواجد اليهودي البرجوازي في أوروبا في دفع اليهود الأوربيين تحت دعاوى توراتية للهجرة إلى فلسطين، وبالتالي تحقيق المخطط الاستعماري الأوروبي لقيادة العالم استعمارياً وبالقوة.
ولتنفيذ ذلك، أصدرت بريطانيا الدولة الاستعمارية الأولى (إلى جانب فرنسا في المنطقة العربية) وعد بلفور المشؤوم في الثاني من تشرين الثاني عام 1917م، والدور الذي لعبته عائلة (روتشيلد) اليهودية المصرفية في إقرار هذا الوعد تحقيقاً لمصالحها ومصالح الدول الاستعمارية.
فقد وجه (جيمس آرثر بلفور) (1848 ـ 1930م) السياسي البريطاني والصهيوني، رسالة بعث بها بوصفه وزيراً للخارجية إلى (اللورد روتشيلد)، قال فيها: "عزيزي اللورد روتشيلد. يسعدني كثيراً أن أنهي إليكم نيابة عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي: تعاطفاً مع أماني اليهود والصهيونيين التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء؛ إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل أفضل مساعيها لتسهيل تحقيق هذه الغاية". (10)
وقد أكد الصهيوني (بلفور) نزعته الاستعمارية للشرق العربي، ودوره في تكريس إنشاء دولة يهودية في فلسطين تخدم طموحات بريطانيا العظمى، من خلال دوره في مؤتمرات السلم التي عقدت بعد الحرب العالمية الأولى، التي أقرت سياسة الانتداب على المشرق العربي.
وبالتالي نستطيع أن نفهم (وعد بلفور) ليس في السياق التوراتي وإنما سياق المواقف والتحركات السياسية البريطانية، ضد إستراتيجية إمبريالية شاملة.
الخلفية التاريخية للعنف الصهيوني:
إذاً الدولة اليهودية ـ الصهيونية في فلسطين، هي الدولة التي قامت على فوارق دينية واجتماعية بين اليهود والعالم وليس العرب فقط.
ومن أوائل القادة الصهاينة الذين عبروا عن تلك الفكرة (ليوبنسكر) الذي أكد على أن "اليهودية والعداء لليهودية يسيران جنباً إلى جنب عبر التاريخ منذ قرون عديدة. فاليهود هم الشعب المختار بسبب الحقد الأبدي للبشرية". (11)
ويضيف أيضاً في كتابه (التحرر الذاتي) المنشور في باريس 1881: "إن اللاسامية هيستريا ألمت بالنفس البشرية، حتى صار الناس يتوارثونها كمرض عضال، ولذا فإن الحل العملي الوحيد هو أن ينظم اليهود قواهم لإيجاد وطن خاص بهم مستعينين في ذلك بأية قوة كانت". (12)
إن الشخصية اليهودية التي تقوم على مفهوم (شعب الله المختار) وبالتالي تميز واستعلاء الشخصية اليهودية عن غيرها، هو ما عبر عنه (تيودور هرتزل) في رسالة كتبها إلى (دون بادن) قائلاً: "إن اليهود عندما يعودون إلى وطنهم التاريخي فإنهم سيفعلون ذلك بصفتهم ممثلين للحضارة الغربية. وإنهم سيجلبون معهم النظافة والعادات الغربية الراسخة، إلى هذا الركن الموبوء والبالي من الشرق". (13)
وقد أكد (هرتزل) أن الدولة اليهودية "ستكون جزءاً من حائط يحمي أوروبا في آسيا، ويكون حصناً منيعاً للحضارة في وجه الهمجية". (14)
وللدفاع عن النفس وبناء الدولة يقول (هرتزل) في كتابه (الدولة اليهودية): "إن الإنسان مهما بلغ من الثراء والقوة غير قادر وحده على اقتلاع شعب من أرضه. الفكرة وحدها تستطيع أن تفعل ذلك.. وفكرة الدولة تمتلك بالتأكيد هذه القوة". ودعا إلى "حمل السلاح ضد بحر من المشاكل، بالتصدي لها يمكن إنهاؤها". (15)
ووضع (هرتزل) سيناريو لتحقيق ذلك تحت عنوان (الخطة) يقول فيه: "من الغباء العودة بمستوى الحضارة إلى الوراء كما يقترح الكثير من الصهيونيين. فلنفترض على سبيل المثال بأننا أجبرنا على أن نخلي بلداً من الوحوش، يجب علينا ألا نقوم بهذا العمل وفقاً لأسلوب الأوروبيين في القرن الخامس عشر، كأن نأخذ الرمح ونذهب كلاً على حدة للبحث عن الدببة، يجب علينا تأليف حملة صيد كبيرة ومن ثم تجميع الحيوانات كلها ونلقي في وسطها القنابل المميتة". (16)
هذه هي الدولة التي وعد بها (بلفور) وهذه هي الدولة التي أسسها (هرتزل) وهذه هي الدولة التي سار بها قادة الصهاينة منذ بداياتها على يد (بن غوريون) مرورا" (شارون) والمرت وا ليفيني حاليا" وريثة جوالدمائير دولة أقل ما يمكن تسميتها (دولة الدم والحقد والعنصرية).
نضال هديب