أقل من عشرة أيام تفصلنا عن مؤتمر فيينا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد. والحقيقة أن السلطة الفلسطينية تبرأت من أية مسؤولية وواجبات تجاه نكبة أبناء مخيم نهر البارد التي دخلت عامها الثاني، والتنسيق والتخطيط للمؤتمر، وما سيحصده من نتائج بقي بين يدي حكومة تسيير الأعمال اللبنانية.
حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية معطلة ولا يمكن الجزم متى تحل عقدتها، وهو عامل آخر قد يعطل أو يضعف عملية إعمار المخيم لأسباب لبنانية داخلية أولاً ولأسباب إقليمية ودولية ثانياً.
والواضح فوق كل هذا وذاك أن المساهمة العربية في عملية الإعمار ستكون متواضعة، كما مساهماتها السنوية في ميزانية الـ(أونروا) وبعد ذلك ستخرج أصوات تحتج على الأبعاد الحقيقية لعملية إعادة إعمار مخيم نهر البارد وأهدافها الغربية، والأميركية التوطينية. دون أن تقدم الأصوات التي تنادي بنظرية الـ«مؤامرة» دعماً حقيقياً أو خطوة إيجابية واحدة في حل هذه الأزمة الإنسانية المستمرة.
السلطة الفلسطينية، ومن خلفها ـ أو من أمامها ـ ممثلية م.ت.ف. في بيروت تركت ترتيبات المؤتمر وعملية إعادة الإعمار بيد الدولة اللبنانية والمانحين. وكأنها جهة أجنبية ليس في أمر مخيمات لبنان ما يلفت انتباهها أو يستعدي تحركها.
لم نسمع من الأخ عباس زكي أو رئاسة السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية أي احتجاج على ما دار الشهر الماضي في محادثات البطريرك اللبناني ما نصر الله بطرس صفير بواشنطن مع الرئيس جورج دبليو بوش، من مطالبة الأول بحل للقضية الفلسطينية ينهي الوجود الفلسطيني بلبنان ـ وهو لم يشر هنا إلى تطبيق حق العودة على أساس القرار 194 ـ ورد الرئيس بوش بأن إدارته تسعى لإقامة دولة فلسطينية يحمل اللاجئون الفلسطينيون فيها جواز السفر الفلسطيني.
واللقاء الذي جمع زكي مع البطرك بعد عودته الميمونة من واشنطن لم يتطرق إلى البعد الفلسطيني في اللقاء، بل تناول كعادته «العلاقات الأخوية الفلسطينية ـ اللبنانية».
التطابق مع هذا التوجه جسده في خطاب القسم الرئيس اللبناني ميشيل سليمان عندما أكد على «تطبيق مبادرة بيروت العربية وإيجاد حل متفق عليه لقضية اللاجئين».
ومن جديد صعدت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ببعدها الأمني مع الإعلان عن مقتل انتحاري «فلسطيني» حاول تفجير نفسه في دورية للجيش اللبناني بمنطقة تعمير عين الحلوة المحاذية للمخيم. والمؤسف أن الصحف العربية التي عنونت على صفحاتها الرئيسية «انتحاري فلسطيني» لم تورد لاحقاً بنفس الطريقة حقيقة أن الانتحاري كان «سعودياً» ينتمي إلى تنظيم أصولي ملفوظ في الأوساط الفلسطينية، وسبب للاجئين الفلسطينيين في نهر البارد من المعاناة ما يفوق الأضرار التي ألحقاه بأمن الدولة اللبنانية.
هناك خطابات سياسية وإعلامية لبنانية وعربية تصعيدية تجاه مخيمات بحاجة إلى وقفة جدية. فهل ننتبه؟!.