وردت المراة في القرآن الكريم بصيغ أسلوبية متعددة , ذكرتها تعريفا , او تنكيرا , او تضمينا .
كما ابرزت دورها الى جانب الرجل منذ ان كان , بمشاركاتها في صنع الاحداث التاريخية , وتأثيرها على مجريات
الحياة الواقعية , بمسؤولية متناسقة متناغمة كالذي بين " آدم وحواء " , في قصة اول رجل وامراة .
تذكر الروايات القصصية والتاريخية المراة " حواء " , على انها غاوية لسيدنا آدم عليه السلام ,
ومخرجته من الجنة ونعيمها , حين وقع تحت تأثير دعواتها المخالفة لامر الله تعالى , فنظر الى المراة على انها
مصدر لشقاوته , ومنبع لتعاسته , ومضى الفكر البشري على تكريس هذه النظرة الدونية للمراة ,
وهي مصححة في السياق القرءاني , اذ يبين الاسلام ان الخطيئة مشتركة فيما بين اول رجل وامراة ,
وان حواء لم تكن المسؤولة عن المعصية , او عن خروج زوجها آدم من الجنة , وانما ذكر القرآن ذلك ,
بصيغة المثنى , أي : انهما معا خالفا الاوامر , وعصيا معا ارادة الله تعالى , وازلهما الشيطان معا ,
واخرجهما معا من نعيم الجنة ,
كما تصرح بذلك الآيات القرآنية , حين قال تعالى :
( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة , فكلا من حيث شئتما , ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين . فوسوس
لهما الشيطان ليبدي لهما ماووري عنهما من سوءاتهما , وقال : مانهاكما ربكما عن هذه الشجرة ,
إلا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين . وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين , فدلاهما بغرور . فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما , وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة . وناداهما ربهما : ألم انهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما :
إن الشيطان لكما عدو مبين . قالا : ربنا ظلمنا أنفسنا , وإن لم تغفر لنا , وترحمنا , لنكونن من الخاسرين ,
قال : اهبطوا , بعضكم لبعض عدو , ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )
( سورة الاعراف : 19/7.23)
فدل التعبير القرءاني بالمثنى هنا , عن آدم وحواء معا , في كل من الكلمات الآتية :
( فكلا , شئتما , ولاتقربا , فتكونا , لهما , عنهما , سوءاتهما , مانهاكما , ربكما , ان تكونا , ملكين ,
وقاسمهما , إني لكما , فدلاهما , ذاقا , سوءاتهما , طفقا , يخصفان , عليهما , ناداهما , ربهما , ألم أنهكما ,
وأقل لكما , قالا , ظلمنا , أنفسنا , وإن لم تغفر لنا , وترحمنا ) .
هكذا صحح القرآن ماساد فكر الناس , وأكد ان حواء ليست المسؤولة وحدها عن خروج آدم من الجنة , ولكنها تتحمل معه مسؤولية ماوقع , وماوقع لم يكن من تصرف المراة وحدها , وإنما وقع مناصفة فيما بينها وبين الرجل .
وفي هذا من العدل والانصاف مايثبت دور المرأة في مجريات الاحداث عبر التاريخ والعصور ,
باعتبارها فلبا مفتوحا , ورحما للوجود الانساني , ونصفا ثانيا لعلم البشرية ,
جدة , وأما , وأختا , وعمة , وخالة , وزوجة , وبنتا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته