العادة ان يتشدق الرجل مرارا وتكرارا وبكثير من الفخر انه يريد المرأة بهذا الشكل وبتلك المواصفات ,
دون ترك مجال حقيقي للمراة كي تختار , اللهم اختيارات المراهقة والتي لاتتجاوز عتبة الحلم فقط ,
اما الواقع فشيء آخر لايمت باي صلة الى فارس الاحلام ,
لسبب بسيط وهو افراغ المراة من رغبة الاختيار , فكما انها لاتختار الاب فكذلك يفرض عليها الزوج ,
ليس بالطريقة القديمة الا فيما نذر ولكن بطرق حداثية نوعا ما ,
منها البحث عن منفذ لتحرير ذلك الجسد من سجن الكبت . ومنها الحاجة الى تحقيق الذات ولو بظل رجل
بعيدا عن ظل الاسرة , ومنها الخوف من هروب قطار الزواج وحلول موعد ( العنوسة ) .
اضف الى ذلك ماتعيشه هذه الفتاة في يومياتها من احاديث جانبية وغمز ولمز لايترك لها الا مكان البحث
عن زوج اي زوج , المهم دخول القفص الذي لايعلم معدنه ذهبيا او فضيا او قصديريا
وربما خشبيا تشتعل فيه نيران الملل بسرعة .
من العنوان اريد التأكيد على مسألة الاختيار , فهي الاساس في يوميات المراة العربية .
وكم اكون سعيدا عندما اصادف امراة لها قوة الاقتراح والمبادرة في كل شيء دون حواجز او قيود ,
وهن نساء تجدهن قد حققن الكثير من الاستقرار المادي والمعنوي , نساء يعملن ويعلن انفسهن ويصنعن
مجدهن اليومي والمستقبلي الخاص .
لكن كم من امراة توفرت لها مواصفات الحياة المستقلة والمستقرة , الاكيد انهن ثلة صغيرة تعيش الاستثناء ,
لكنها تعيش على ايقاع الآخر ايضا ,
الآخر الذي هو المجتمع ونظرته الخاصة جدا لمثلهن .
لذلك فكل الحقوق والقوانين تتجمد امام صقيع الثابت في عقلية المجتمع وامام حواجز اليومي المعيش ,
ولن ننتظر ابدا انفلات المراة من كل هذه الاطارات الضيقة والاحكام الجاهزة الا اذا انفلت المجتمع من نفسه
ومن قوانينه العرفية المترسنة امام المراة .
وقد تتوالى الحكايات والعذابات وتستمر , وكل واحد يتأملها عن بعد ويكتب عنها بكثير من التعاطف
دون ان نستطيع تغيير شيء ,
خاصة نحن الرجال الذين نكتب عن النساء , لن نستطيع ابدا ان نعيش احساس امراة مضطهدة ومهانة ,
لن نستطيع ان نكون امراة ولا لساعة واحدة لنكون صادقين في كتاباتنا اكثر ,
لكننا نستطيع ان نحاور الزوجة والام والعمة والصديقة , نستطيع الاستماع جيدا وفي النهاية يبقى لنا
الاختيار في الاستمرار او التوقف عن كل شيء .
وهنا مربط الفرس , هل تستطيع المراة الاختيار بين ان تكون عاشقة قبل ان تكون معشوقة ,
ان تكون الشريكة قبل ان تكون الزوجة ,
ان تطلب من زوجها لحظة حميمية بدل انتظار رغبة الآخر ؟
هي الاسئلة الاكثر الحاحا في يوميات النساء عازبات ومتزوجات ,
فلن نستطيع ان نلوم اي امراة على شيء لم تقترفه اصلا , لن نلوم ( العانس ) على عنوستها ,
لن نلوم المتزوجة على مللها , لن نلوم الموظفة على قلقها ,
ولن نلوم المراهقة على نزقها او اسرارها المدمرة .
فقط لان كل شيء متاح لها الا الاختيار ,
فهي الهاوية الجميلة المفروشة بالورود والعطور والاحاسيس التي تنتهي بانتهاء الجسد ,
هذا الحاجز السميك الذي تنكسر امامه كل التفاصيل الجميلة المقبلة لتبقى مجرد حلم او وهم .
ملحوظة : كل ماتأتي به المراة ليس عجبا بل العجب هو انتقاد واندهاش المجتمع مما تفعله
وهي فقط ثمرة لزرع كان ذات يوم غائم .
استدراك : حتى لانزيد من تعميق الجرح , لانقصد في ملحوظتنا حول الزرع الذي تم ذات يوم غائم
المراة فقط بل الرجل ايضا , لانه ثمرة مجتمع حكمه بمجموعة من الضوابط لايستطيع الانفلات منها
اذا تعلق الامر بالمراة ,
اما اذا تعلق الامر به فله اختيارات متعددة ومراوغات تخرجه من التهمة وتدخله الى الرجولة ,
بينما العكس هو الصحيح فليس لدينا امراة غير متهمة ,
خاصة اذا احتفت بجسدها بل هي المشجب الذي تعلق عليه كل " الكوارث " .
ملحوظة اخيرة : تعمدت نقل الموضوع كما هو للكاتب , كان بامكاني تعديله وتغيير العنوان الى
ذلك الرجل كما اريده , وهذا ليس بالصعب ,
لكني قصدت هكذا لبعث الرسالة من رجل حاول فهم المراة الى رجل لم يفهم بعد او لم يرد ذلك .
مع تحيات
لمياء عياش