[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
غزة- عدنان نصر
كانت
علامات القلق والتوتر بادية على محيا المواطن الستيني أبو رمضان حجازي، لعجزه عن
ضخ المياه إلى الخزانات البلاستيكية السوداء التي تعتلي سطح منزله، بسبب انقطاع
التيار الكهربائي الليلة الماضية.
في
حارتنا الشعبية خرج الرجال في الظلام الموحش لاستطلاع الأسباب، فكلا منهم ينتظر
على أحر من الجمر وصول التيار الكهربائي، لإنهاء احتياجاته المنزلية، وعلى رأسها
تزويد منزله بالمياه الواردة من البلدية.
في
ضواحي قطاع غزة لم يعد شبرا واحدا إلا وحجبه ظلام دامس ، عقب توقف محطة الكهرباء الوحيدة
أمس السبت، ما أضاف معاناة بلون حالك
السواد على السكان، جراء تداعيات تلك الأزمة المتشعبة التي أسدلت ستارها على
القطاع ، لتذيق المواطنين كؤوسا مريرة ويلات الظلام.
يشعل
حجازي الذي اشتعل رأسه شيبا سيجارته بعصبية، مغتاظا من حاله المزري، فيقترب بعض
جيرانه ليهدؤوا من روعه، يبادر أحدهم بتقديم حلا لمشكلته، في الاتصال على محطة
التحلية لتعبئة خزانات منزله بالمياه "المفلترة"، مقابل 40 شيكلا تضاهي
ما يدفعه لبلدية غزة شهريا نظير فاتورة
المياه.
أزمة
المياه تتربع على خيمة الظلام الموحش الذي ساد القطاع، ليصبح صيف الغزيين بلا كيف،
فالحر الشديد حامي الوطيس يدفعهم للهرب من المنزل، والجلوس في حلقات سمر يتخللها
حديث عن ويلات الحصار الذي ألهب أجسادهم، واستنفذ لقمة عيشهم، في حين يهرب الأحسن
حظا إلى شاطئ البحر، أو الحدائق العامة.
وبات
السكان يعانون من انقطاع التيار الكهربائي لفترات، يمكن أن تصل إلى 18 ساعة يوميا
بسبب الضغط الشديد على الشبكة، فقبل توقف المحطة كان السكان أصلا يعانون من انقطاع
فى الكهرباء يمكن أن يصل إلى 12 ساعة يوميا.
وعاش
المواطن حجازي على هذا المنوال طيلة سنوات الحصار الأربع كغيره من المواطنين،
فالحلول الجزئية لأزمة انقطاع التيار الكهربائي لم تعمر طويلا، وسرعان ما تتفاقم
الأزمة بعد أسابيع قصيرة، لتربك حياة الغزيين.
قطاع
غزة تحول إلى مدينة صناعية، كانت الضوضاء أبرز سماتها، بعد تشغيل المولدات
الكهربائية ، ليتسنى طلبة الثانوية العامة من القراءة في الأسبوع الأخير من
الامتحانات، وتتمكن النسوة من إنهاء ترتيباتهن المنزلية من غسيل وخبيز.
ويعتمد
الغزيون على المولدات الكهربائية بكثرة كبديل، في ظل عجز شركة الكهرباء عن إمدادهم
بالتيار الكهربائي جراء الحصار الإسرائيلي الظالم، وتقليص كميات السولار الصناعي
اللازم لتشغيل المحطة.
لكن ذلك البديل سلب أرواح أكثر من 90 مواطنا،
كانوا ضحية الانفجارت الناجمة عن المولدات الكهربائية وتخزين جالونات الوقود في
المنازل منهم من قضى احتراقا حتى تفحمت جثته وآخر استنشق الدخان المتصاعد منها
رغما عنه حتى اهلكته، وآخر كان يتواجد بالقرب منها صدفة.
أزمة
الكهرباء القديمة- الجديدة من المؤكد أنها ستعيد الغزيين إلى حياة الأجداد
القديمة، والى أفران الطين، ومصابيح الكيروسين ، ما ينذر بكارثة إنسانية صمت عنها
العالم بأسره رغم المناشدات العاجلة لإنهاء المأساة.
القطاع الصحي سيتحمل الهم الكبير، إذ أن أغلب
المعدات والأجهزة الطبية تعمل بالكهرباء، أو بالمولدات التي يتم تزويدها هي الأخرى
بالوقود الغير متوفر أصلا، الأمر الذي سيجعل القطاع الصحي على المحك، لا سيما بعد
إعلان شركة الكهرباء عن برنامجها الجديد.
وحذرت
شركة توزيع الكهرباء من تفاقم الأزمة الإنسانية جراء انقطاع التيار الكهربائي، وقالت
الشركة في بيان صحفي لها: " إن توقف محطة التوليد عن العمل بالكامل زاد من
نسبة العجز الموجود في التيار الكهربائي لمحافظات قطاع غزة ليصل إلى 60%، ما يعني
قطع التيار الكهربائي لمدة 12 ساعة يوميا.
ونبه
البيان لمدى المخاطر والآثار التي ستطال كافة قطاعات الاستهلاك في القطاع نتيجة
هذا العجز الكبير، خاصة قطاع المياه والخدمات الصحية والمرافق الطبية وكافة الخدمات
الأساسية والإنسانية.
وحمل
كنعان عبيد نائب رئيس سلطة الطاقة في الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، مسئولية
توقف المحطة عن العمل إلى وزارة المالية في رام الله التي امتنعت عن دفع ثمن
الوقود لشركة النفط المسئولة عن تزويد حاجة القطاع من الوقود.
وتتكفل
السلطة الفلسطينية منذ تشرين ثان/نوفمبر الماضي بتمويل توريد مقدار 700 كوب من
الوقود الصناعي أسبوعيا إلى قطاع غزة من أصل اثنين مليون و200 كوب كانت إسرائيل
توافق على توريدها بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وتقول
السلطة إن شركة كهرباء غزة لا تلتزم بتحويل جباية فواتير الاستهلاك المحلي
للكهرباء، ما يسبب أزمة في قطاع غزة.
والى
أن تحل الأزمة المستشرية، فإن أصنافا من الويلات والمعاناة بدأت تطفو على السطح
سيتجرعها مليون ونصف المليون نسمة في قطاع غزة رغما عن أنوفهم.