لا أدري لماذا أتخيل مشهدا لو حدث لأنقلب العالم الاسلامي عاليه سافله، ولأرتجت من هول الصدمة رؤوس عشرات الآلاف من عباقرة الفقه والعلم والتاريخ والتفسير!
المشهد الممعن في الخيال هو أن يبعث الله عدة مئات من المسلمين الذين اختلفوا منذ أربعة عشر قرنا، ثم يتجولون في أنحاء العالم الاسلامي ، ويقومون بزيارة المدارس الاسلامية من قم إلى الأزهر، ومن النجف الأشرف إلى لاهور، ومن مكناس إلى الكرخ، ومن صيدا إ&aacutdil; إلى قسطنطينة!
ماذا سيكتشف مسلمو القرون الأولى؟
انقسام المسلمين بملايين لا يستطيع الزائر الجديد القديم عدّها، منهم من يؤمن أنهم متشيعون لأهل البيت وهم الأحق بالرسالة، وآخرون يظنون أنهم الأكثر فهما وقربا لرسالة خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه.
سيقول الزوار الجدد: لكننا كنا نختلف ونحن بضعة عشرات أو عدة مئات ولكن لم يدر بذهن أكثرنا تشاؤما أنكم بملايينكم وعبقرييكم وفقهائكم وعلمائكم وامكاناتكم التي جمعت التاريخ كله في زمنكم وحققتم من التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي ستختلفون على اختلافنا، وتتوارثون خلافاتكم، وتضيفون مع كل جيل في أربعة عشر قرنا مئات المجلدات الفقهية والموسوعية والفتاوى التي تثبت صحة ظن أو إيمان أو عقيدة أو مذهب كل منكم.
مسلمو العصر الحديث يصورون العلي القدير انطلاقا من موروثات أضحت ثوابت تدافع عنها سيوف ومدافع وأقلام ومدارس فقهية وتحيط بها ترسانة مسلحة من الفتاوى التي تزداد عددا وعدة.
وصورة العزيز الجبار تختلف من مسلم لآخر، لكنها تزداد اختلافا من مذهب لآخر حتى ظن الشيعي أن الجنة محجوزة له ولأهل مذهبه، وآمن السُنّي بأن الشيعة لن يلحقوا به في جنة الخلد.
خلافات سياسية أو حتى دينية مضت عليها أجيال زادت على الأربعين جيلا وكلما جاء جيل أضاف للذي يليه مزيدا من البحوث والكتابات والمجلدات، ومع ذلك فالمسلمون لا يستطيعون التوقف لحظة واحدة والاجتماع على كلمة سواء بدلا من دعوة أصحاب العقائد الأخرى لكلمة سواء!
ربما يقول قائل بأن هذا الكلام يفتقد إلى الصحة والحقائـقالتاريخية والعلمية والثبوتية بأن الخلافات الشيعية السُنّية أكبر من قدرة ساذج أو جاهل مثلي على تجاوزها.
إنه المنطق الاستعلائي الأحمق والغبي الذي ينقل من التاريخ وقائع معركة وعدة نقاشات وبعض الحروب الصغيرة وخلافات وقتية ثم يُقيم عليها حقائق جديدة من صنع خياله، لكنها في الحقيقة متأثرة بكتابات قد تكون منذ خمسة قرون أو ستة أو عشرة لكنها أيضا تعود إلى أناس لم يعيشوا الأحداث أو يتحققوا من مصداقيتها.
لو أنك نقلت خبرا الآن، وفي عصر الانترنيت والتحقق من كل كلمة، وامكانية عمل ملفات لا ينفد منها حرف أو يسقط تشكيل، ثم عدت إلى نفس الخبر بعد أسبوعين وقرأته في مكان آخر فإن احتمالات الاضافة إليه والحذف منه تكون أقرب إلى مائة بالمائة، ولك أن تتصور مئات من الأعوام التي يضيف إلى الخبر لدى نقله أو انتقاله عشرات الآلاف من العلماء والفقهاء والمحسوبين عليهم والمستشرقين وعلماء سلطات الاحتلال على مدى أربعة عشر قرنا واختلاف اللغات والترجمات وتداخل المغرضين والاسرائيليات والتفسيرات النابعة من ظروف خاصة، ويتوارث المسلمون من مصادر مذاهبهم ما يروق لهم، وما يصب في خدمة توجهاتهم.
لذا لن تجد فقيها شيعيا يجلس في صحن المسجد ب(قم) ويلقي دروسا عن فقه الإمام محمد عبده، أو فقيها سُنيا يجلس بعد صلاة كل جمعة في مسجد الحسين بالقاهرة ويحض مريديه على التفقه في الفقه الجعفري !
قرأت في العامين الماضيين ما يصيب النفس العفيفة بالغثيان من فتاوى مَرَضية ، خاصة على الانترنيت، يُكفّر فيها السُنّة والشيعة بعضهم بعضا، ويمسك كل صاحب مذهب ليس له خيار في اختياره مفتاح الجنة وينتظر بسذاجته وتصوراته الحمقاء أن مالك المُلك العزيز الوهاب سيمنع أصحاب المذهب الآخر من رحمته وجنته وغفرانه.
ليس لي فضل في كوني ولدت معتنقا مذهبا معينا في اسلام بلا مذاهب، وبالتالي فقد تلقيت تعاليم ودرستها وقرأتها وتشبعتْ بها نفسي وأنا أشعر بمرارة وغضب عندما يأتي آخرون مؤكدين لي أن اختياري الاجباري سيفتح لي باب جهنم على مصراعيها أو علىالأقل يحرمني من جنة الخلد إن كنت شيعيا كما يرى أهل السُنة أو سُنّيا كما يؤمن الشيعة!
عفن المعارك الطائفية والمذهبية على الانترنيت وفي كتب يصدرها مرضى عقليون يحاولون اثبات خطأ الآخرين فيضيفون لأجيال لاحقة مزيدا من الخلافات هو في الحقيقة هدم لمعالم الدين الاسلامي الحنيف.
لست ساذجا، وقرأت كثيرا عن الخلافات، وأعرف الفروقات كما يرددها أهل مذهبي السني وكذلك أهل الشيعة، لكنني لم ولن أسقط في فخ توراثناه عبر مئات الأعوام.
ما يحدث في العراق من اكتشاف السُنة ل( الآخر ) الشيعي الصامت على الاحتلال، واكتشاف الشيعة ل( الآخر ) السُنّي المناصر للارهاب هو نتيجة حتمية لثقافة الكراهية التي زرعها تاريخ شيطان بغداد والاحتلال الأمريكي البغيض وسارقو الوطن من المتعاونين مع الاستخبارات الأمريكية من عراقيي المنافي.
والشيعة لهم تاريخ نضالي لا ينكره إلا جاهل أو جاحد، وهم الذي فر جيش الاحتلال الصهيوني أمام إيمانهم وصمودهم.
الخلافات السُنيّة الشيعية لا تحتاج لفقهاء ومؤرخين وعلماء، لكنها ستنكسر أمام ثقافة التسامح ، واستبدال الصورة غير الصحيحة لله العزيز الحكيم في أذهان كل أصحاب المذهبين، فالله، جل شأنه، لن ينحاز يوم القيامة للعمامة السوداء أو البيضاء أو حتى الحمراء، إنما هناك حسابات أعدل فالله أكبر.
المشهد الممعن في الخيال هو أن يبعث الله عدة مئات من المسلمين الذين اختلفوا منذ أربعة عشر قرنا، ثم يتجولون في أنحاء العالم الاسلامي ، ويقومون بزيارة المدارس الاسلامية من قم إلى الأزهر، ومن النجف الأشرف إلى لاهور، ومن مكناس إلى الكرخ، ومن صيدا إ&aacutdil; إلى قسطنطينة!
ماذا سيكتشف مسلمو القرون الأولى؟
انقسام المسلمين بملايين لا يستطيع الزائر الجديد القديم عدّها، منهم من يؤمن أنهم متشيعون لأهل البيت وهم الأحق بالرسالة، وآخرون يظنون أنهم الأكثر فهما وقربا لرسالة خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه.
سيقول الزوار الجدد: لكننا كنا نختلف ونحن بضعة عشرات أو عدة مئات ولكن لم يدر بذهن أكثرنا تشاؤما أنكم بملايينكم وعبقرييكم وفقهائكم وعلمائكم وامكاناتكم التي جمعت التاريخ كله في زمنكم وحققتم من التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي ستختلفون على اختلافنا، وتتوارثون خلافاتكم، وتضيفون مع كل جيل في أربعة عشر قرنا مئات المجلدات الفقهية والموسوعية والفتاوى التي تثبت صحة ظن أو إيمان أو عقيدة أو مذهب كل منكم.
مسلمو العصر الحديث يصورون العلي القدير انطلاقا من موروثات أضحت ثوابت تدافع عنها سيوف ومدافع وأقلام ومدارس فقهية وتحيط بها ترسانة مسلحة من الفتاوى التي تزداد عددا وعدة.
وصورة العزيز الجبار تختلف من مسلم لآخر، لكنها تزداد اختلافا من مذهب لآخر حتى ظن الشيعي أن الجنة محجوزة له ولأهل مذهبه، وآمن السُنّي بأن الشيعة لن يلحقوا به في جنة الخلد.
خلافات سياسية أو حتى دينية مضت عليها أجيال زادت على الأربعين جيلا وكلما جاء جيل أضاف للذي يليه مزيدا من البحوث والكتابات والمجلدات، ومع ذلك فالمسلمون لا يستطيعون التوقف لحظة واحدة والاجتماع على كلمة سواء بدلا من دعوة أصحاب العقائد الأخرى لكلمة سواء!
ربما يقول قائل بأن هذا الكلام يفتقد إلى الصحة والحقائـقالتاريخية والعلمية والثبوتية بأن الخلافات الشيعية السُنّية أكبر من قدرة ساذج أو جاهل مثلي على تجاوزها.
إنه المنطق الاستعلائي الأحمق والغبي الذي ينقل من التاريخ وقائع معركة وعدة نقاشات وبعض الحروب الصغيرة وخلافات وقتية ثم يُقيم عليها حقائق جديدة من صنع خياله، لكنها في الحقيقة متأثرة بكتابات قد تكون منذ خمسة قرون أو ستة أو عشرة لكنها أيضا تعود إلى أناس لم يعيشوا الأحداث أو يتحققوا من مصداقيتها.
لو أنك نقلت خبرا الآن، وفي عصر الانترنيت والتحقق من كل كلمة، وامكانية عمل ملفات لا ينفد منها حرف أو يسقط تشكيل، ثم عدت إلى نفس الخبر بعد أسبوعين وقرأته في مكان آخر فإن احتمالات الاضافة إليه والحذف منه تكون أقرب إلى مائة بالمائة، ولك أن تتصور مئات من الأعوام التي يضيف إلى الخبر لدى نقله أو انتقاله عشرات الآلاف من العلماء والفقهاء والمحسوبين عليهم والمستشرقين وعلماء سلطات الاحتلال على مدى أربعة عشر قرنا واختلاف اللغات والترجمات وتداخل المغرضين والاسرائيليات والتفسيرات النابعة من ظروف خاصة، ويتوارث المسلمون من مصادر مذاهبهم ما يروق لهم، وما يصب في خدمة توجهاتهم.
لذا لن تجد فقيها شيعيا يجلس في صحن المسجد ب(قم) ويلقي دروسا عن فقه الإمام محمد عبده، أو فقيها سُنيا يجلس بعد صلاة كل جمعة في مسجد الحسين بالقاهرة ويحض مريديه على التفقه في الفقه الجعفري !
قرأت في العامين الماضيين ما يصيب النفس العفيفة بالغثيان من فتاوى مَرَضية ، خاصة على الانترنيت، يُكفّر فيها السُنّة والشيعة بعضهم بعضا، ويمسك كل صاحب مذهب ليس له خيار في اختياره مفتاح الجنة وينتظر بسذاجته وتصوراته الحمقاء أن مالك المُلك العزيز الوهاب سيمنع أصحاب المذهب الآخر من رحمته وجنته وغفرانه.
ليس لي فضل في كوني ولدت معتنقا مذهبا معينا في اسلام بلا مذاهب، وبالتالي فقد تلقيت تعاليم ودرستها وقرأتها وتشبعتْ بها نفسي وأنا أشعر بمرارة وغضب عندما يأتي آخرون مؤكدين لي أن اختياري الاجباري سيفتح لي باب جهنم على مصراعيها أو علىالأقل يحرمني من جنة الخلد إن كنت شيعيا كما يرى أهل السُنة أو سُنّيا كما يؤمن الشيعة!
عفن المعارك الطائفية والمذهبية على الانترنيت وفي كتب يصدرها مرضى عقليون يحاولون اثبات خطأ الآخرين فيضيفون لأجيال لاحقة مزيدا من الخلافات هو في الحقيقة هدم لمعالم الدين الاسلامي الحنيف.
لست ساذجا، وقرأت كثيرا عن الخلافات، وأعرف الفروقات كما يرددها أهل مذهبي السني وكذلك أهل الشيعة، لكنني لم ولن أسقط في فخ توراثناه عبر مئات الأعوام.
ما يحدث في العراق من اكتشاف السُنة ل( الآخر ) الشيعي الصامت على الاحتلال، واكتشاف الشيعة ل( الآخر ) السُنّي المناصر للارهاب هو نتيجة حتمية لثقافة الكراهية التي زرعها تاريخ شيطان بغداد والاحتلال الأمريكي البغيض وسارقو الوطن من المتعاونين مع الاستخبارات الأمريكية من عراقيي المنافي.
والشيعة لهم تاريخ نضالي لا ينكره إلا جاهل أو جاحد، وهم الذي فر جيش الاحتلال الصهيوني أمام إيمانهم وصمودهم.
الخلافات السُنيّة الشيعية لا تحتاج لفقهاء ومؤرخين وعلماء، لكنها ستنكسر أمام ثقافة التسامح ، واستبدال الصورة غير الصحيحة لله العزيز الحكيم في أذهان كل أصحاب المذهبين، فالله، جل شأنه، لن ينحاز يوم القيامة للعمامة السوداء أو البيضاء أو حتى الحمراء، إنما هناك حسابات أعدل فالله أكبر.