ثلاثون عاما مرّت على بدء تصدير الثورة الإسلامية من طهران وقُم إلى الدول المجاورة، وفي خلال هذه العقود الثلاثة تغير وجه إيران عدة مرات، وفي كل مرة من زاوية مختلفة فلا يدري المرءُ إنْ كان الوجه القادم مقطبا الجبين، أو مهددا ومتوعدا بجحيم خليجي، أو مبتسما ومتحدثا عن علاقة الأخوّة الإسلامية، أو متوعدا بقوة نووية تسحق أعداء الثورة، أو بزيارة وديّة حميمية يعانق فيها الرئيسُ الإيراني اخوانَه قادة الخليج.
لغز يظن كل باحث أنه وضعg;ضع يده على الحل، فإذا هو أمام مفاجأة غير متوقعة.
العرب طيبون حتى السذاجة المفرطة، ومن أراد أن يكسب قلوبهم فعليه أن يقوم بتهديد إسرائيل ولو بصواريخ من التي يطلقها الأطفال ليلة الكريسماس، وأن يطلق الوعيد، ولا مانع من تطعيم التهديدات بإرادة السماء، وبكلمات مقدسة حتى لو كان قائلها أكثر بُعدا من تعاليم الله عن الناكرين للألوهية.
الطموحات الإيرانية، علمانية شاهنشاهية، أو إسلامية خومينية لا تختلف إلا لكي تلتصق ببعضها، وأحلام إيران في عهد محمد رضا بهلوي كأحلامها في عهد محمود أحمدي نجاد.. إمبراطورية فارسية يستعرض فيها حرّاس الثورة قوتهم في كل شبر من دول مجلس التعاون الخلجي، وفي العراق وعلى حدود سوريا، وفي لبنان ولا بأس من أفغانستان بين الحين والآخر.
قوة لا يُستهان بها، وأصحاب حضارة سبقت العرب بزمن طويل، لكن الإيرانيين لا يفهمون أن حمايتهم للعالم العربي يزيد الجمهورية الإسلامية قوة ومنعة وبأسا، فتبدأ الأطماع كأن الخليج انفصل عن إيران بطلاق غير بائن.
استعراض للعضلات في منطق أقرب إلى التهور، ورفض للانسحاب من الجزر الإماراتية الثلاث، تماما كما تفعل إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية، ثم عين على البحرين لا تتغير بتغير الحكام وقربهم أو بعدهم عن تعاليم السماء.
أليس هذا ما يحدث أيضا في العراق؟
ألم تكن أوهام صدام حسين في عراقية الكويت تعبيرا عن رغبة توسعية انتقلت لمن أتى بهم الأمريكيون بعده، ولكن انسحبت الأوهام إلى الداخل واللاوعي، فإذا همس في أذنك مسؤول عراقي فكأنه يشمر عن ساعديه لعودة جديدة للمحافظة التاسعة عشرة!
غباء السياسة الأمريكية هو الذي يتحكم في المنطقة كلها، فالأمريكيون كانوا يدعمون طالبان، وحرّضوا السعودية والإمارات على الاعتراف بالحكم المتخلف في كابول، وانتقموا من طهران بدفع صدام حسين لشن حرب مجنونة انتقاما من احتلال السفارة الأمريكية في العاصمة الإيرانية، وأغمض الأمريكيون أعينهم عن جمهورية الرعب، وعاتبوا بغداد على استحياء عما حدث للأكراد، وأنهكوا القوتين الخليجيتين، ثم ناهضوا الإتحاد السوفيتي بحراس الثورة الإسلامية.
هل ما يحدث هو صراع أمريكي/إيراني على خيرات المنطقة، أم هو هوس الجمهورية الاسلامية وأحلام فارسية مضت عليها مئات الأعوام؟
اعترف رافسنجاني بأنه لولا إيران لما تمكنت أمريكا من احتلال العراق، ومثل هذا التصريح قد صدر عن القيادة الإيرانية لعدة سنوات خلت بزعم تسهيل ضرب أفغانستان إيرانيا!
العرب منقسمون حيال إيران، فمنهم من يرى أولوية التصدي للجمهورية الإسلامية انطلاقا من مخاوف غربية وأمريكية وإسرائيلية، ومنهم من ينطلق من خلافات دينية فيلجأ إلى الطائفية والمذهبية، ثم يبحث في بطون الكتب القديمة لعله يعثر على شواهد تؤكد العداء التاريخي !
ومنهم من يرى إيران بعيون فلسطينية فقط، ومن كان ظاهريا ضد الدولة العبرية فهو في الصف العربي حتى لو احتل أرضا أو جزرا عربية، ويطمع في المزيد!
إيران لديها أجندتها، وطابورها الخامس في الخليج العربي، وتكاد تتقاسم العراق مع قوات الاحتلال الأمريكية، وسطوتها على القرار الدمشقي لا ينكره إلا غير متابع.
لابد أن أعترف أن في نفسي كراهية شديدة لاستخدام تعبيرات طائفية مثل شيعة وسُنّة أو المقارنة بين المذهبين الكبيرين، فلا يستطيع السنة أن يقضوا على الشيعة مهما أوتوا من قوة، ولا يمكن للشيعة أن يقللوا من شأن الأغلبية المذهبية والتي تصل إلى 92% من مسلمي العالم.
كل مقال أو كلمة أو ندوة تزيد الفجوة بين السنة والشيعة، وتحاول اقناع المسلم أن المذهب الآخر باطل منذ ألف وأربعمئة عام هي هزيمة للمسلمين كلهم.
أي محاولة لاعتبار أبناء دول الخليج من الشيعة موالين لايران قبل بلادهم الأصلية ينبغي أن نتصدى لها، فهي بداية صناعة الولاء المضطر، أو الأمل الكاذب في الدولة الأم الواقعة في الناحية الأخرى.
في المقابل آمل من كل مواطن شيعي أن يتعامل مع إيران بعيدا عن أنها الممثل الشرعي والوحيد للشيعة في العالم، فتلك لعمري فكرة الاضطهاد التي آمن بها اليهود فظنوا الكيان الصهيوني هو مركز التوراة، وأن قوة إسرائيل العنصرية للدفاع عن التلمود.
دول الخليج تتحرك ناحية الرخاء والرفاهية، رغم كل الأخطاء والسلبيات، وربما بعد أقل من عقد تصبح دولة خليجية واحدة، وعلى إيران أن تبدي حسن النية، وأن تنسحب من الجزر الإماراتية، وأن تنهي إلى غير رجعة الوهم الفارسي في مملكة البحرين.
حماقات كثيرة يمكن أن تشعل الخليج، ومنها استعراض العضلات الأمريكي والإيراني، والصراعات المذهبية، والحوارات الطائفية، وتصدير الثورة الإسلامية، وأخطاء العرب الذين يظنون أن الدولة العبرية أقرب إليهم من طهران، وأيضا الذين يتوهمون أن واشنطون ستحميهم من قوة إيرانية لو أشعلها الأمريكيون حربا فربما تنتهي أحلام الرخاء الخليجي، ويتفكك عقد دول مجلس التعاون الخليجي.
الحوار الإيراني العربي بغير شروط، وبغير تأثير أمريكي أو أحاديث طائفية يمكن أن يكون المدخل لتهدئة خليج يكاد يشتعل من جديد!
لغز يظن كل باحث أنه وضعg;ضع يده على الحل، فإذا هو أمام مفاجأة غير متوقعة.
العرب طيبون حتى السذاجة المفرطة، ومن أراد أن يكسب قلوبهم فعليه أن يقوم بتهديد إسرائيل ولو بصواريخ من التي يطلقها الأطفال ليلة الكريسماس، وأن يطلق الوعيد، ولا مانع من تطعيم التهديدات بإرادة السماء، وبكلمات مقدسة حتى لو كان قائلها أكثر بُعدا من تعاليم الله عن الناكرين للألوهية.
الطموحات الإيرانية، علمانية شاهنشاهية، أو إسلامية خومينية لا تختلف إلا لكي تلتصق ببعضها، وأحلام إيران في عهد محمد رضا بهلوي كأحلامها في عهد محمود أحمدي نجاد.. إمبراطورية فارسية يستعرض فيها حرّاس الثورة قوتهم في كل شبر من دول مجلس التعاون الخلجي، وفي العراق وعلى حدود سوريا، وفي لبنان ولا بأس من أفغانستان بين الحين والآخر.
قوة لا يُستهان بها، وأصحاب حضارة سبقت العرب بزمن طويل، لكن الإيرانيين لا يفهمون أن حمايتهم للعالم العربي يزيد الجمهورية الإسلامية قوة ومنعة وبأسا، فتبدأ الأطماع كأن الخليج انفصل عن إيران بطلاق غير بائن.
استعراض للعضلات في منطق أقرب إلى التهور، ورفض للانسحاب من الجزر الإماراتية الثلاث، تماما كما تفعل إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية، ثم عين على البحرين لا تتغير بتغير الحكام وقربهم أو بعدهم عن تعاليم السماء.
أليس هذا ما يحدث أيضا في العراق؟
ألم تكن أوهام صدام حسين في عراقية الكويت تعبيرا عن رغبة توسعية انتقلت لمن أتى بهم الأمريكيون بعده، ولكن انسحبت الأوهام إلى الداخل واللاوعي، فإذا همس في أذنك مسؤول عراقي فكأنه يشمر عن ساعديه لعودة جديدة للمحافظة التاسعة عشرة!
غباء السياسة الأمريكية هو الذي يتحكم في المنطقة كلها، فالأمريكيون كانوا يدعمون طالبان، وحرّضوا السعودية والإمارات على الاعتراف بالحكم المتخلف في كابول، وانتقموا من طهران بدفع صدام حسين لشن حرب مجنونة انتقاما من احتلال السفارة الأمريكية في العاصمة الإيرانية، وأغمض الأمريكيون أعينهم عن جمهورية الرعب، وعاتبوا بغداد على استحياء عما حدث للأكراد، وأنهكوا القوتين الخليجيتين، ثم ناهضوا الإتحاد السوفيتي بحراس الثورة الإسلامية.
هل ما يحدث هو صراع أمريكي/إيراني على خيرات المنطقة، أم هو هوس الجمهورية الاسلامية وأحلام فارسية مضت عليها مئات الأعوام؟
اعترف رافسنجاني بأنه لولا إيران لما تمكنت أمريكا من احتلال العراق، ومثل هذا التصريح قد صدر عن القيادة الإيرانية لعدة سنوات خلت بزعم تسهيل ضرب أفغانستان إيرانيا!
العرب منقسمون حيال إيران، فمنهم من يرى أولوية التصدي للجمهورية الإسلامية انطلاقا من مخاوف غربية وأمريكية وإسرائيلية، ومنهم من ينطلق من خلافات دينية فيلجأ إلى الطائفية والمذهبية، ثم يبحث في بطون الكتب القديمة لعله يعثر على شواهد تؤكد العداء التاريخي !
ومنهم من يرى إيران بعيون فلسطينية فقط، ومن كان ظاهريا ضد الدولة العبرية فهو في الصف العربي حتى لو احتل أرضا أو جزرا عربية، ويطمع في المزيد!
إيران لديها أجندتها، وطابورها الخامس في الخليج العربي، وتكاد تتقاسم العراق مع قوات الاحتلال الأمريكية، وسطوتها على القرار الدمشقي لا ينكره إلا غير متابع.
لابد أن أعترف أن في نفسي كراهية شديدة لاستخدام تعبيرات طائفية مثل شيعة وسُنّة أو المقارنة بين المذهبين الكبيرين، فلا يستطيع السنة أن يقضوا على الشيعة مهما أوتوا من قوة، ولا يمكن للشيعة أن يقللوا من شأن الأغلبية المذهبية والتي تصل إلى 92% من مسلمي العالم.
كل مقال أو كلمة أو ندوة تزيد الفجوة بين السنة والشيعة، وتحاول اقناع المسلم أن المذهب الآخر باطل منذ ألف وأربعمئة عام هي هزيمة للمسلمين كلهم.
أي محاولة لاعتبار أبناء دول الخليج من الشيعة موالين لايران قبل بلادهم الأصلية ينبغي أن نتصدى لها، فهي بداية صناعة الولاء المضطر، أو الأمل الكاذب في الدولة الأم الواقعة في الناحية الأخرى.
في المقابل آمل من كل مواطن شيعي أن يتعامل مع إيران بعيدا عن أنها الممثل الشرعي والوحيد للشيعة في العالم، فتلك لعمري فكرة الاضطهاد التي آمن بها اليهود فظنوا الكيان الصهيوني هو مركز التوراة، وأن قوة إسرائيل العنصرية للدفاع عن التلمود.
دول الخليج تتحرك ناحية الرخاء والرفاهية، رغم كل الأخطاء والسلبيات، وربما بعد أقل من عقد تصبح دولة خليجية واحدة، وعلى إيران أن تبدي حسن النية، وأن تنسحب من الجزر الإماراتية، وأن تنهي إلى غير رجعة الوهم الفارسي في مملكة البحرين.
حماقات كثيرة يمكن أن تشعل الخليج، ومنها استعراض العضلات الأمريكي والإيراني، والصراعات المذهبية، والحوارات الطائفية، وتصدير الثورة الإسلامية، وأخطاء العرب الذين يظنون أن الدولة العبرية أقرب إليهم من طهران، وأيضا الذين يتوهمون أن واشنطون ستحميهم من قوة إيرانية لو أشعلها الأمريكيون حربا فربما تنتهي أحلام الرخاء الخليجي، ويتفكك عقد دول مجلس التعاون الخليجي.
الحوار الإيراني العربي بغير شروط، وبغير تأثير أمريكي أو أحاديث طائفية يمكن أن يكون المدخل لتهدئة خليج يكاد يشتعل من جديد!