كان كل شيء سهلاً في النظريات الباكرة لعلم الجنس,فالهدف الطبيعي الوحيد للحياة الجنسية,التي زودتنا بها الطبيعة,هو استمرار النوع,ولأجل ذلك يبتلي الناس وكذلك الحيوانات بالغريزة الجنسية والحاجات الجنسية.
إن كمية الطاقة الجنسية عند الفرد محدودة – حتى أن العالم الألماني "إيفيرتس" أحصى في عام 1894 احتياطي كل رجل من عمليات الدفق بـ (5400) مرة,وكلما بدأت الحياة الجنسية باكراً وكانت أكثر تواترا كلما انتهت باكرا بالعنانة...الخ.
ولكن بينت نظرية المنعكسات الشرطية لـ "ي.ب.بافلوف" تعقد الروابط الناشئة في الدماغ,وبعد تحليله لطبيعة الرغبة الجنسية ميز "ف.م.بيختريف" فيها مكونين اثنين:
1- الحاجة الداخلية غير الشرطية للعضوية في التخلص من نواتج نشاط الغدد الجنسية المتراكمة.
2- "المنعكسات المرافقة" المشروطة بالخبرة الحياتية الفردية وبالتربية ,والتي بفضلها يتم اختيار الموضوع الجنسي الأمثل ويتأمن الجماع,أما بالنسبة لعلم الجنس البيولوجي المعاصر فإنه يضع أسئلة أكثر ملموسية: ماهي الآليات الفيزيزلوجية النفسية للتهيج الجنسي؟
وعلى ماذا يتوقف مستوى رد الفعل الجنسي عند الذكر والأنثى؟ ما هي طبيعة الآليات الجنسية الذاتية,مثل نعوظ القضيب؟ما هي الإشارات الصوتية والكيماوية والرؤيوية (البصرية) وغيرها,التي تثير عند الانسان والحيوان الرغبة في شريك جنسي معين أو في نوع محدد من الشركاء؟ كيف تتمايز مراحل الدورة الجنسية (دورة الجماع)؟ بماذا يفترق الإيغاف عند النساء عنه عند الرجال؟
على هذه الأسئلة وعلى أسئلة كثيرة أخرى مشابهة لايمكن الإجابة نظرياً,فهي تتطلب بحوثاً تجريبية سريرية معقدة من قبل الفيزيولوجيين وعلماء الوراثة وعلماء الغدد الصم,وليس من الضروري أن تنفي هذه التفسيرات بعضها البعض,إذ إنها تعتبر ذات مستويات مختلفة.
في بحوثه المتعددة على القردة من نوع "الساميري" وعلى حيوانات أخرى,وجد العالم الأمريكي "بول د.مالك- لين" ومساعدوه أن تنبيه بعض أقسام الدماغ يسبب ردود أفعال جنسية مختلفة :أحياناً النعوظ وأحياناً الدفق وفي حالة ثالثة الاستمناء.
ويؤدي التنبيه الكهربائي للفص الجبهي من دماغ الانسان الى حدوث أحاسيس شبقية شبيهة بالإيغاف.
ومن الطريف كذلك أن المراكز العصبية المنظمة لردود الفعل الفموية مرتبطة بشكل وثيق مع المراكز المشرفة على ردود الفعل التناسلية :إذ إن اثارة هذه المراكز بترددات منخفضة يؤدي الى افرازات لعابية وحركات مضغية ,وبعد ذلك بدقيقة تقريباً يحدث نعوظ القضيب,وليس عبثاً إن نعوظ القضيب عند الحيوانات وكذلك عند الأطفال الصغار يحدث في أوقات العنف والتغذية على التوالي ويفسر "مالك لين" هذه الظاهرة بأنها ناتجة عن قوانين تطور هذين الجهازين أثناء تطور السلالات ففي القشرة الحديثة,أي أقسام الدماغ العليا التي ظهرت بشكل متأخر خلال تطور السلالات,يتمثل الرأس والذيل بنقطتين متقابلتين ,ولكن في الفصوص الطرفية (الحوفية) تقترب هاتان النقطتان من بعضهما البعض فيتشكل من التقائهما الفص الشمي (فالروائح تفيد من أجل التغذية والتزاوج عند الحيوانات).
إن تشمم ولحس المنطقة التناسلية الشرجية هما جزء من طقوس التعارف والتحية عند أغلب الحيوانات.
ويربط الفيزيولوجيون هذا بتأثير الفيرومونات وهي عبارة عن مواد ذات رائحة تفرز من الأعضاء التناسلية,وتثير عند أفراد الجنس المقابل تهيجاً جنسياً.
إن وجود هذه الفيرمونات عند الانسان مازال افتراضياً ,ويعتقد بعض العلماء انه عند الانسان,ونتيجة لخصائص تشريحية (المشية النتصبة) يصير دور المثيرات الشمية في السلوك الجنسي أقل اهمية بكثير منها عند الحيوانات,حيث تحل محلها الاحساسات البصرية,مع ان بعض الروائح تبدي تأثيرات شبقية واضحة,ومن المفترض ان يساعد بعضها الآخر على تزامن بعض ردود الفعل الفيزيولوجية عند الزوجين.
بالاضافة لذلك,وحتى لو كان دور المراكز الشمية أقل أهمية في السلوك الجنسي عند الانسان,يمكن أن تبقى العلاقة القديمة بين المراكز العصبية الموافقة محفوظة في الدماغ.
وليس عبثاً أن يذكر "ماك لين",أنه وعلى الرغم من كل الممنوعات الدينية والتصورات الجمالية,فإن الجنس البشري يتضمن مختلف أشكال الاتصالات الفموية – التناسلية .
لاترتبط ردود الفعل الجنسية المنعزلة فيزيولوجيا عصبيا مع بعضها البعض فقط,بل ومع ردود فعل أخرى لاجنسية عديدة.
فقد حقن "آلان فيشة" دماغ الجرذ المذكر بهرمون "التستسترون",متوقعاً حدوث سلوك عدواني وتهيج جنسي.لكن الذكر ,وبصورة غير منتظرة,أبدى غريزة أمومية :بدل أن يمارس الجماع مع الأنثى المجلوبة اليه قام بـ "هدهدتها".
وأثار حقن التستسترون في نقطة مجاورة أخرى من الدماغ العدوانية والتهيج الجنسي فعلاً.
وأما الحقن بين هاتين النقطتين فقد سبب سلوكاً "مختلطاً",حيث تناوبت العدوانية مع ظهور مظاهر العناية وردود الفعل الأمومية.
ويمكن أن يوجد في هذا بعض الإشارة الى الأساس الفيزيولجي العصبيللتناقض الوجداني للأحاسيس الجنسية التي تختلط فيها العدوانية مع الحنان بنفس الوقت.
وهنا,لابد من أخذ تكاملية الجهاز العصبي بعين الاعتبار,ومن ضمنها "الدماغ الانفعالي".
فإثارة المناطق نفسها من الدماغ يمكن أن تسبب فقط ردود الفعل التي ذكرها مالك لين,بل وردوداً أخرى كثيرة لايمكن ان تنعت بالجنسية.
ويفيد الشم عند الحيوانات,ليس كمستقبل جنسي أساسي فقط,بل كوسيلة هامة للاهتداء,وكذلك فإن آلية جنسية تلقائية مثل النعوط يمكن أن تكون عنصراً لسلوك جنسي أو لاجنسي.
أوضحت إنجازات الفيزيولوجيا العصبية بشكل جلي عدم إمكانية التفسير الوحيد السبب للجنس.
وان أشهر الأخصائيين في هذا المجال,"أويلين" مثلا,يحذرون بإصرار من وهم الانتقال السهل من التحكم التجريبي بردود الفعل الجنسية المنعزلة الى "إدارة" وتصحيح السلوك الجنسي عند الإنسان بالوسائل الجراحية العصبية كتشكيل جهازي.
وينبه هؤلاء المختصون كذلك الى غموض وإبهام مفهوم "المراكز الجنسية المتوضعة في الدماغ" فسه,وكذلك الى تعدد وظائف الكثير من الاليات الدماغية المنظمة للسلوك الجنسي,مشيرين في الوقت نفسه الى مبدأ وحدة وتكامل الجملة العصبية المركزية.
ليس لهذه المسألة أهمية نظرية فقط,فلقد استغرق الجراحون العصبيون من جمهورية ألمانية الاتحادية في أعوام الستينات بالإنجازات التجريبية للفيزيولوجيا العصبية,ولم ينتبهوا جيداً لمدى صعوبة المسألة,فصاروا يجرون عمليات جراحية على منطقة الوطاء (تحت المهاد) وذلك بغية الشفاء من الشذوذات الجنسية عملية من هذا النوع.
وكانت النتائج مدعاة للرثاء,ففي بعض الحالات ألحقت العمليات ضرراً شديداً بالصحة النفسية للمرضى,وفي حالات أخرى بدت بدون فائدة,فمثلاً,تعرض رجل "عاشق أطفال" مع تخيلات سادية – مازوخية للتداخل الجراحي على منطقة الوطاء,بعد عامين ونصف أخرج من السجن.
ولكن ما أن توقف عن تناول مضادات الأندوجينات المنقصة للرغبة الجنسية حتى قتل طفلا عمره عشر سنوات.
وفي نهاية المطاف ,وبعد النقد الشديد من قبل الجمعية الجنسية الألمانية,منعت حكومة ألمانية الاتحادية إجراء مثل هذه العمليات.
إن كمية الطاقة الجنسية عند الفرد محدودة – حتى أن العالم الألماني "إيفيرتس" أحصى في عام 1894 احتياطي كل رجل من عمليات الدفق بـ (5400) مرة,وكلما بدأت الحياة الجنسية باكراً وكانت أكثر تواترا كلما انتهت باكرا بالعنانة...الخ.
ولكن بينت نظرية المنعكسات الشرطية لـ "ي.ب.بافلوف" تعقد الروابط الناشئة في الدماغ,وبعد تحليله لطبيعة الرغبة الجنسية ميز "ف.م.بيختريف" فيها مكونين اثنين:
1- الحاجة الداخلية غير الشرطية للعضوية في التخلص من نواتج نشاط الغدد الجنسية المتراكمة.
2- "المنعكسات المرافقة" المشروطة بالخبرة الحياتية الفردية وبالتربية ,والتي بفضلها يتم اختيار الموضوع الجنسي الأمثل ويتأمن الجماع,أما بالنسبة لعلم الجنس البيولوجي المعاصر فإنه يضع أسئلة أكثر ملموسية: ماهي الآليات الفيزيزلوجية النفسية للتهيج الجنسي؟
وعلى ماذا يتوقف مستوى رد الفعل الجنسي عند الذكر والأنثى؟ ما هي طبيعة الآليات الجنسية الذاتية,مثل نعوظ القضيب؟ما هي الإشارات الصوتية والكيماوية والرؤيوية (البصرية) وغيرها,التي تثير عند الانسان والحيوان الرغبة في شريك جنسي معين أو في نوع محدد من الشركاء؟ كيف تتمايز مراحل الدورة الجنسية (دورة الجماع)؟ بماذا يفترق الإيغاف عند النساء عنه عند الرجال؟
على هذه الأسئلة وعلى أسئلة كثيرة أخرى مشابهة لايمكن الإجابة نظرياً,فهي تتطلب بحوثاً تجريبية سريرية معقدة من قبل الفيزيولوجيين وعلماء الوراثة وعلماء الغدد الصم,وليس من الضروري أن تنفي هذه التفسيرات بعضها البعض,إذ إنها تعتبر ذات مستويات مختلفة.
في بحوثه المتعددة على القردة من نوع "الساميري" وعلى حيوانات أخرى,وجد العالم الأمريكي "بول د.مالك- لين" ومساعدوه أن تنبيه بعض أقسام الدماغ يسبب ردود أفعال جنسية مختلفة :أحياناً النعوظ وأحياناً الدفق وفي حالة ثالثة الاستمناء.
ويؤدي التنبيه الكهربائي للفص الجبهي من دماغ الانسان الى حدوث أحاسيس شبقية شبيهة بالإيغاف.
ومن الطريف كذلك أن المراكز العصبية المنظمة لردود الفعل الفموية مرتبطة بشكل وثيق مع المراكز المشرفة على ردود الفعل التناسلية :إذ إن اثارة هذه المراكز بترددات منخفضة يؤدي الى افرازات لعابية وحركات مضغية ,وبعد ذلك بدقيقة تقريباً يحدث نعوظ القضيب,وليس عبثاً إن نعوظ القضيب عند الحيوانات وكذلك عند الأطفال الصغار يحدث في أوقات العنف والتغذية على التوالي ويفسر "مالك لين" هذه الظاهرة بأنها ناتجة عن قوانين تطور هذين الجهازين أثناء تطور السلالات ففي القشرة الحديثة,أي أقسام الدماغ العليا التي ظهرت بشكل متأخر خلال تطور السلالات,يتمثل الرأس والذيل بنقطتين متقابلتين ,ولكن في الفصوص الطرفية (الحوفية) تقترب هاتان النقطتان من بعضهما البعض فيتشكل من التقائهما الفص الشمي (فالروائح تفيد من أجل التغذية والتزاوج عند الحيوانات).
إن تشمم ولحس المنطقة التناسلية الشرجية هما جزء من طقوس التعارف والتحية عند أغلب الحيوانات.
ويربط الفيزيولوجيون هذا بتأثير الفيرومونات وهي عبارة عن مواد ذات رائحة تفرز من الأعضاء التناسلية,وتثير عند أفراد الجنس المقابل تهيجاً جنسياً.
إن وجود هذه الفيرمونات عند الانسان مازال افتراضياً ,ويعتقد بعض العلماء انه عند الانسان,ونتيجة لخصائص تشريحية (المشية النتصبة) يصير دور المثيرات الشمية في السلوك الجنسي أقل اهمية بكثير منها عند الحيوانات,حيث تحل محلها الاحساسات البصرية,مع ان بعض الروائح تبدي تأثيرات شبقية واضحة,ومن المفترض ان يساعد بعضها الآخر على تزامن بعض ردود الفعل الفيزيولوجية عند الزوجين.
بالاضافة لذلك,وحتى لو كان دور المراكز الشمية أقل أهمية في السلوك الجنسي عند الانسان,يمكن أن تبقى العلاقة القديمة بين المراكز العصبية الموافقة محفوظة في الدماغ.
وليس عبثاً أن يذكر "ماك لين",أنه وعلى الرغم من كل الممنوعات الدينية والتصورات الجمالية,فإن الجنس البشري يتضمن مختلف أشكال الاتصالات الفموية – التناسلية .
لاترتبط ردود الفعل الجنسية المنعزلة فيزيولوجيا عصبيا مع بعضها البعض فقط,بل ومع ردود فعل أخرى لاجنسية عديدة.
فقد حقن "آلان فيشة" دماغ الجرذ المذكر بهرمون "التستسترون",متوقعاً حدوث سلوك عدواني وتهيج جنسي.لكن الذكر ,وبصورة غير منتظرة,أبدى غريزة أمومية :بدل أن يمارس الجماع مع الأنثى المجلوبة اليه قام بـ "هدهدتها".
وأثار حقن التستسترون في نقطة مجاورة أخرى من الدماغ العدوانية والتهيج الجنسي فعلاً.
وأما الحقن بين هاتين النقطتين فقد سبب سلوكاً "مختلطاً",حيث تناوبت العدوانية مع ظهور مظاهر العناية وردود الفعل الأمومية.
ويمكن أن يوجد في هذا بعض الإشارة الى الأساس الفيزيولجي العصبيللتناقض الوجداني للأحاسيس الجنسية التي تختلط فيها العدوانية مع الحنان بنفس الوقت.
وهنا,لابد من أخذ تكاملية الجهاز العصبي بعين الاعتبار,ومن ضمنها "الدماغ الانفعالي".
فإثارة المناطق نفسها من الدماغ يمكن أن تسبب فقط ردود الفعل التي ذكرها مالك لين,بل وردوداً أخرى كثيرة لايمكن ان تنعت بالجنسية.
ويفيد الشم عند الحيوانات,ليس كمستقبل جنسي أساسي فقط,بل كوسيلة هامة للاهتداء,وكذلك فإن آلية جنسية تلقائية مثل النعوط يمكن أن تكون عنصراً لسلوك جنسي أو لاجنسي.
أوضحت إنجازات الفيزيولوجيا العصبية بشكل جلي عدم إمكانية التفسير الوحيد السبب للجنس.
وان أشهر الأخصائيين في هذا المجال,"أويلين" مثلا,يحذرون بإصرار من وهم الانتقال السهل من التحكم التجريبي بردود الفعل الجنسية المنعزلة الى "إدارة" وتصحيح السلوك الجنسي عند الإنسان بالوسائل الجراحية العصبية كتشكيل جهازي.
وينبه هؤلاء المختصون كذلك الى غموض وإبهام مفهوم "المراكز الجنسية المتوضعة في الدماغ" فسه,وكذلك الى تعدد وظائف الكثير من الاليات الدماغية المنظمة للسلوك الجنسي,مشيرين في الوقت نفسه الى مبدأ وحدة وتكامل الجملة العصبية المركزية.
ليس لهذه المسألة أهمية نظرية فقط,فلقد استغرق الجراحون العصبيون من جمهورية ألمانية الاتحادية في أعوام الستينات بالإنجازات التجريبية للفيزيولوجيا العصبية,ولم ينتبهوا جيداً لمدى صعوبة المسألة,فصاروا يجرون عمليات جراحية على منطقة الوطاء (تحت المهاد) وذلك بغية الشفاء من الشذوذات الجنسية عملية من هذا النوع.
وكانت النتائج مدعاة للرثاء,ففي بعض الحالات ألحقت العمليات ضرراً شديداً بالصحة النفسية للمرضى,وفي حالات أخرى بدت بدون فائدة,فمثلاً,تعرض رجل "عاشق أطفال" مع تخيلات سادية – مازوخية للتداخل الجراحي على منطقة الوطاء,بعد عامين ونصف أخرج من السجن.
ولكن ما أن توقف عن تناول مضادات الأندوجينات المنقصة للرغبة الجنسية حتى قتل طفلا عمره عشر سنوات.
وفي نهاية المطاف ,وبعد النقد الشديد من قبل الجمعية الجنسية الألمانية,منعت حكومة ألمانية الاتحادية إجراء مثل هذه العمليات.