[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تزين
المواطنة أم العبد الجدبة (47 عاما) صورتي بناتها ياسمين وشيماء اللتان استشهدتا
في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعقدين توسطهما لفظة الجلالة، جلبهما زوجها من
الديار الحجازية الذي حصل على مكرمة سعودية للحج هذا العام.
الأحزان
والآلام لم يعد لها متسعا في قلب أم العبد التي تعيش ذكرى استشهاد أبنائها الثلاثة
الذين قضوا في قصف صهيوني استهدف منزل جدهم الكائن في منطقة الزرقا القريبة من
بلدة جباليا؛ بعد أن هاجروا قسرا من منزلهم في جبل الريس الذي شهد معركة حامية
الوطيس بين رجال المقاومة وجنود الاحتلال الإسرائيلي إبان الحرب الغاشمة على قطاع
غزة.
وشنت
"إسرائيل" الشتاء الفائت حربا
موسعة بعد انهيار تهدئة برعاية مصرية لم تصمد لستة شهور ضد كل ما هو فلسطيني،
مستبيحة دماء الشيوخ والأطفال والنساء، وسط صمت عربي ودولي رهيب على مجزرة سجلها
التاريخ بحروف دامية، سقط فيها ما يزيد عن 1500شهيدا غالبيتهم من النساء والأطفال.
صمود وثبات
تقول
أم العبد التي فقدت ثلاثة من أبنائها هم: عبد العظيم (26 عاما)، وياسمين التي أنهت
15 ربيعا، وشيماء ذات التسع سنوات في ذكرى مرور عام على المجزرة البشعة:" أفتقدهم
في كل لحظة، فصورهم لم تغيب عن خيالي ، وتضيف بصبر وجلد: لن تجدد الذكرى أحزاني،
فلم يعد متسعا في قلبي لذلك ، فلو فرح العالم بأسره سأبقى حزينة".
مع
كل ليلية تعيش الأم ذكرى الحرب، فمنزلها الذي يقع في بطن "جبل الريس" لا
يبعد مئات الكيلومترات عن الحدود الشرقية مع القطاع، وأصوات الدبابات الإسرائيلية
تصل إلى مسامعهما بمجرد أن يسود الظلام، ما يربك أطفالها الصغار ويثير الخوف في
عيونهم من عودة صواريخ الموت التي قتلت أشقائهم، فتحاول الأم الصابرة أن تهدأ من
روع أطفالها بمعاني الصمود ، لتزيل مخاوفهم من أية عدوان وشيك.
وسبقت
الذكرى الأولى للمجزرة الوحشية تهديدات إسرائيلية بشن عدوان جديد على غزة، لا سيما
بعد انطلاقة حماس التي شهدت التفافا جماهيريا لم يتوقعه العدو الإسرائيلي، والعالم
بأسره.
وكان
قائد الأركان العسكرية في الجيش الاسرائيلى غابي اشكنازي هدد بشن عدوان جديد على
القطاع ، وقال في كلمة خلال احتفال عيد "الحانوكا" اليهودي :" إن
الهدوء النسبي بين الكيان وقطاع غزة يمكن أن ينتهك في كل لحظة".
التهديدات
الإسرائيلية المتواصلة لم تثن عزيمة العائلة التي طاردها الرصاص المصبوب بحممه
الملتهبة فقتل أبنائها لتخضب الأرض بدمائهم الزكية، ويقول أبو العبد الجدبة والد
الشهداء بعزيمة وتحدى :" هم يقلعون ونحن نزرع.. يدمرون ونحن نبني، ولن
يستطيعوا اجتثاثنا من أرضنا مهما فعلوا، فهم زائلون ونحن باقون."
ويعقب
الجدبة على جريمة قتل أبنائه بالقول: "الاحتلال لا يتورع بقتل الأطفال
والشيوخ والنساء، وهو ما يبرهن للعالم على إفلاسهم وتخبطهم، لأن حقيقة المواجهة
على أرض الميدان ليس مع المدنيين العزل، فهم يوهمون شعبهم بنصر زائف".
ولا
يخشى الجدبة من شن عدوان جديد، معتقدا أن المعركة القادمة ستكون حاسمة، لأنها
ستكون معركة الأمة الإسلامية بأكملها التي ثارت وهتفت للمقاومة الفلسطينية، وللنصر
الرباني في معركة الفرقان- كما يقول : " الاحتلال فشل في توجيه ضربة قاصمة
للمقاومة التي تحصنت جيدا، وأربكت العدو ، وألحقت به بخسارة فادحة في أرض الميدان.
ذكريات عطرة
ملامح
الحرب السوداء لم تفارق الحي، فالبيوت المدمرة، والأراضي المجرفة، وخيام الإيواء
البيضاء التي تداعبها نسمات الهواء لا تبعد كثيرا عن عائلة الجدبة لا زالت شاهدة على بشاعة العدوان الهمجي الذي
استمر 23 يوما.
وبعد
أ ن وضعت الحرب أوزارها عادت العائلة لمسكنها لتبدأ حياتها مجددة ذكرى أحبتها في
كل مناسبة، يقول على الجدبة (22 عاما) ابن عم الشهداء مستذكرا رفيق دربه الشهيد
عبد العظيم :" افتقدت أخ عزيز في حلقات تحفيظ القرآن، كما أن وجهه الذي يشع
نورا غاب عن ذكرى انطلاقة حركة حماس الثانية والعشرون."
ويضيف
علي بحزم " نحن لم ننسى الحرب، ولن نحتاج لذكرى تحيي شجوننا، وأحزاننا،
فمشاهد الدمار التي خلفها الاحتلال عالقة في أذهاننا تذكرنا في كل يوم بحجم
المأساة التي ارتكبتها "إسرائيل" في حرب غزة.
ولا
يخفي علي أن الهدوء الذي يعشيه القطاع مؤقت، مستطردا بالقول " لن نبقى
هاربين، وسنتحدى الخوف والحصار، فلا مفر أمامنا سوى التضحية والفداء لتحقيق
النصر".
أما
شقيق الشهداء سامي الجدبة (22 عاما) فلم يفلح في حبس دمعة نجحت في الفرار من
عيونه، فشقيقه عبد العظيم كان بمثابة الحضن الدافئ له في العمل والبيت، يساعده في
تذليل العقبات التي تواجهه ويلبي جميع متطلباته الحياتية.
ولا
تغيب عن خياله ضحكات شقيقته الصغيرة شيماء، وشقيقته الوسطى ياسمين التي كانت تعد
له الطعام في أغلب الأحيان، ويقول سامي
بعبارة مقتضبة " يوم الذكرى سيكون بمثابة يوم حزن لي لغياب الأحبة".
الحال
لا يختلف كثيرا بالنسبة للأم الصابرة ففلذة كبدها عبد العظيم كان يخفف عنها الأعباء
ويقوم بجميع أعمال الصيانة في المنزل، أما زهرتها ياسمين فكانت تشتري لها كل ما
ينقصها من مستلزمات المنزل عند عودتها من المدرسة.ولعل ما تفتقدها الوالدة بصورة
دائمة هو شيماء الصغيرة التي تعودت على اصطحابها لبيت جدتها في كل زيارة.
ويأمل
أفراد عائلة الجدبة في تلك الذكرى الحزينة على قلوبهم أن تكون مذكرة الاعتقال التي
صدرت بحق مجرمة الحرب " تسيفي
ليفني" وزيرة الخارجية الاسرائيلة خطوة استيقاظ للشعوب الأوروبية والغربية
التي تتغنى بالديمقراطية والعدالة، وأن تتم محاكمة قادة الحرب على قتلهم النساء و
الأطفال الأبرياء.
وطالبت
العائلة الشعوب العربية وعلى رأسها الشقيقة مصر بالحراك العاجل لفك الحصار الظالم،
وإدخال المواد الخام الأساسية اللازمة لاعمار القطاع المدمر، كي تزول أثار الحرب
من نفوس المشردين الذين يقطنون في العراء بدون مغيث لحالهم.
يشار
إلى أن عددا من رؤساء الدول إضافة إلى 71 وزير خارجية من مختلف دول العالم خاصة
الجهات المانحة متمثلة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول مانحة أخرى
كانوا قد اجتمعوا في مارس الماضي في شرم الشيخ لاعمار غزة، وتبرع المؤتمرون بنحو 5.2
مليارات دولار لكن القضية لازالت حبر على ورق.
فرحة النصر
"
لا تحزنوا يا إخوتي إني شهيد المحنة ... آجالنا محدودة ولقاءنا في الجنة" خطت
هذه الكلمات على صورة كبيرة في بيت الشهيد القسامي محمود الريفي الذي امتشق سلاحه مع
بزوغ فجر الثاني من يناير الماضي، وطلب من والدته الدعاء له بالثبات والتمكين عند
لقاء العدو.
وكان
الشهيد الريفي تمكن من أسر جندي اسرائيلي خلال الحرب الغاشمة، وحمله على كتفيه
كالطفل الرضيع، إلا أن طائرة استطلاع صهيونية أطلقت صاروخا صوبه فصعدت روحه
الطاهرة إلى عنان السماء، وقتل الجندي الصهيوني.
يقول
والد الشهيد أبو محمد (42 عاما) الذي يقطن في حي التفاح شرق مدينة غزة بفخر
واعتزاز: " إن فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهدافه في الحرب على غزة
أطفأ نار أحزننا وبرد جراحنا، فدماء أبنائنا لم تذهب سدى، وتمكنت من صد العدوان.
ويضيف بشيء من الفرحة:" الالتفاف الجماهيري الذي حظيت به حماس في ذكرى
انطلاقتها دليل قاطع على أن أبنائنا موجدون ولم يرحلوا، و أن المقاومة لازلت قوية
تأبى الخنوع لكل التحديات والمؤامرات التي
أحيكت لإسقاطها.
ولا
يشعر أبو محمد بأي تحول في حياته بعد استشهاد محمود ذو الـ (18 ربيعا)، لأنه خاض
معركة مقدسة انتصر فيها الفلسطينيون، وتخبط خلالها الجنود الصهاينة من الفزع
والرعب، وبللت دموع الخيبة والذل وجوههم.
ويستذكر
والده صفاته الحسنة قائلا : " كان شديد السرية، ومنذ نعومة أظافره كان متفاني
يؤثر على خدمة الآخرين، ورفاقه في كتائب القسام يتمنون أن يرابطوا معه على الثغور
لكرمه وشجاعته".
ولا
يأبه أبو محمد للتهديدات الإسرائيلية المطالبة بردع المقاومة الفلسطينية، فتجربتهم
الفائتة أثبتت فشلهم الذريع، ويقول بعزيمة قوية : " نحن لا نتمنى لقاء العدو،
ولكن نسأل الله الثبات للمقاومة حتى دحر الاحتلال عن ديارنا".
ولا
يعول على تلك الشعارات الزائفة التي يرددها الغرب تارة وتختفي في سويعات عن ملاحقة
قادة الحرب الإسرائيلية، وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فهم لا يستطيعون الوقوف في وجه
"إسرائيل" المتغطرسة على حد قوله.
يوم
ذكرى استشهاد محمود سيستقبله أبو محمد وعائلته بالتقرب إلى الله والدعاء له
بالمغفرة، ففرحة نصر الفرقان حجبت ألم الفراق، ويتمنى من القيادة السياسية أن ترفع
شعار الوحدة في ذكرى الحرب لمجابهة التحديات التي ألمت بالشعب الفلسطيني، فأكثر من 1500 شهيدا ينتمون
لعامة الشعب مزقنهم القذائف الإسرائيلية دون أن تفرق بينهم. وتبقى حكايات الصمود
والشهادة حديث الجميع، ولكل رواية منها آلام مختلفة تجتمع تحت عنوان غزة الجريحة.
تزين
المواطنة أم العبد الجدبة (47 عاما) صورتي بناتها ياسمين وشيماء اللتان استشهدتا
في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعقدين توسطهما لفظة الجلالة، جلبهما زوجها من
الديار الحجازية الذي حصل على مكرمة سعودية للحج هذا العام.
الأحزان
والآلام لم يعد لها متسعا في قلب أم العبد التي تعيش ذكرى استشهاد أبنائها الثلاثة
الذين قضوا في قصف صهيوني استهدف منزل جدهم الكائن في منطقة الزرقا القريبة من
بلدة جباليا؛ بعد أن هاجروا قسرا من منزلهم في جبل الريس الذي شهد معركة حامية
الوطيس بين رجال المقاومة وجنود الاحتلال الإسرائيلي إبان الحرب الغاشمة على قطاع
غزة.
وشنت
"إسرائيل" الشتاء الفائت حربا
موسعة بعد انهيار تهدئة برعاية مصرية لم تصمد لستة شهور ضد كل ما هو فلسطيني،
مستبيحة دماء الشيوخ والأطفال والنساء، وسط صمت عربي ودولي رهيب على مجزرة سجلها
التاريخ بحروف دامية، سقط فيها ما يزيد عن 1500شهيدا غالبيتهم من النساء والأطفال.
صمود وثبات
تقول
أم العبد التي فقدت ثلاثة من أبنائها هم: عبد العظيم (26 عاما)، وياسمين التي أنهت
15 ربيعا، وشيماء ذات التسع سنوات في ذكرى مرور عام على المجزرة البشعة:" أفتقدهم
في كل لحظة، فصورهم لم تغيب عن خيالي ، وتضيف بصبر وجلد: لن تجدد الذكرى أحزاني،
فلم يعد متسعا في قلبي لذلك ، فلو فرح العالم بأسره سأبقى حزينة".
مع
كل ليلية تعيش الأم ذكرى الحرب، فمنزلها الذي يقع في بطن "جبل الريس" لا
يبعد مئات الكيلومترات عن الحدود الشرقية مع القطاع، وأصوات الدبابات الإسرائيلية
تصل إلى مسامعهما بمجرد أن يسود الظلام، ما يربك أطفالها الصغار ويثير الخوف في
عيونهم من عودة صواريخ الموت التي قتلت أشقائهم، فتحاول الأم الصابرة أن تهدأ من
روع أطفالها بمعاني الصمود ، لتزيل مخاوفهم من أية عدوان وشيك.
وسبقت
الذكرى الأولى للمجزرة الوحشية تهديدات إسرائيلية بشن عدوان جديد على غزة، لا سيما
بعد انطلاقة حماس التي شهدت التفافا جماهيريا لم يتوقعه العدو الإسرائيلي، والعالم
بأسره.
وكان
قائد الأركان العسكرية في الجيش الاسرائيلى غابي اشكنازي هدد بشن عدوان جديد على
القطاع ، وقال في كلمة خلال احتفال عيد "الحانوكا" اليهودي :" إن
الهدوء النسبي بين الكيان وقطاع غزة يمكن أن ينتهك في كل لحظة".
التهديدات
الإسرائيلية المتواصلة لم تثن عزيمة العائلة التي طاردها الرصاص المصبوب بحممه
الملتهبة فقتل أبنائها لتخضب الأرض بدمائهم الزكية، ويقول أبو العبد الجدبة والد
الشهداء بعزيمة وتحدى :" هم يقلعون ونحن نزرع.. يدمرون ونحن نبني، ولن
يستطيعوا اجتثاثنا من أرضنا مهما فعلوا، فهم زائلون ونحن باقون."
ويعقب
الجدبة على جريمة قتل أبنائه بالقول: "الاحتلال لا يتورع بقتل الأطفال
والشيوخ والنساء، وهو ما يبرهن للعالم على إفلاسهم وتخبطهم، لأن حقيقة المواجهة
على أرض الميدان ليس مع المدنيين العزل، فهم يوهمون شعبهم بنصر زائف".
ولا
يخشى الجدبة من شن عدوان جديد، معتقدا أن المعركة القادمة ستكون حاسمة، لأنها
ستكون معركة الأمة الإسلامية بأكملها التي ثارت وهتفت للمقاومة الفلسطينية، وللنصر
الرباني في معركة الفرقان- كما يقول : " الاحتلال فشل في توجيه ضربة قاصمة
للمقاومة التي تحصنت جيدا، وأربكت العدو ، وألحقت به بخسارة فادحة في أرض الميدان.
ذكريات عطرة
ملامح
الحرب السوداء لم تفارق الحي، فالبيوت المدمرة، والأراضي المجرفة، وخيام الإيواء
البيضاء التي تداعبها نسمات الهواء لا تبعد كثيرا عن عائلة الجدبة لا زالت شاهدة على بشاعة العدوان الهمجي الذي
استمر 23 يوما.
وبعد
أ ن وضعت الحرب أوزارها عادت العائلة لمسكنها لتبدأ حياتها مجددة ذكرى أحبتها في
كل مناسبة، يقول على الجدبة (22 عاما) ابن عم الشهداء مستذكرا رفيق دربه الشهيد
عبد العظيم :" افتقدت أخ عزيز في حلقات تحفيظ القرآن، كما أن وجهه الذي يشع
نورا غاب عن ذكرى انطلاقة حركة حماس الثانية والعشرون."
ويضيف
علي بحزم " نحن لم ننسى الحرب، ولن نحتاج لذكرى تحيي شجوننا، وأحزاننا،
فمشاهد الدمار التي خلفها الاحتلال عالقة في أذهاننا تذكرنا في كل يوم بحجم
المأساة التي ارتكبتها "إسرائيل" في حرب غزة.
ولا
يخفي علي أن الهدوء الذي يعشيه القطاع مؤقت، مستطردا بالقول " لن نبقى
هاربين، وسنتحدى الخوف والحصار، فلا مفر أمامنا سوى التضحية والفداء لتحقيق
النصر".
أما
شقيق الشهداء سامي الجدبة (22 عاما) فلم يفلح في حبس دمعة نجحت في الفرار من
عيونه، فشقيقه عبد العظيم كان بمثابة الحضن الدافئ له في العمل والبيت، يساعده في
تذليل العقبات التي تواجهه ويلبي جميع متطلباته الحياتية.
ولا
تغيب عن خياله ضحكات شقيقته الصغيرة شيماء، وشقيقته الوسطى ياسمين التي كانت تعد
له الطعام في أغلب الأحيان، ويقول سامي
بعبارة مقتضبة " يوم الذكرى سيكون بمثابة يوم حزن لي لغياب الأحبة".
الحال
لا يختلف كثيرا بالنسبة للأم الصابرة ففلذة كبدها عبد العظيم كان يخفف عنها الأعباء
ويقوم بجميع أعمال الصيانة في المنزل، أما زهرتها ياسمين فكانت تشتري لها كل ما
ينقصها من مستلزمات المنزل عند عودتها من المدرسة.ولعل ما تفتقدها الوالدة بصورة
دائمة هو شيماء الصغيرة التي تعودت على اصطحابها لبيت جدتها في كل زيارة.
ويأمل
أفراد عائلة الجدبة في تلك الذكرى الحزينة على قلوبهم أن تكون مذكرة الاعتقال التي
صدرت بحق مجرمة الحرب " تسيفي
ليفني" وزيرة الخارجية الاسرائيلة خطوة استيقاظ للشعوب الأوروبية والغربية
التي تتغنى بالديمقراطية والعدالة، وأن تتم محاكمة قادة الحرب على قتلهم النساء و
الأطفال الأبرياء.
وطالبت
العائلة الشعوب العربية وعلى رأسها الشقيقة مصر بالحراك العاجل لفك الحصار الظالم،
وإدخال المواد الخام الأساسية اللازمة لاعمار القطاع المدمر، كي تزول أثار الحرب
من نفوس المشردين الذين يقطنون في العراء بدون مغيث لحالهم.
يشار
إلى أن عددا من رؤساء الدول إضافة إلى 71 وزير خارجية من مختلف دول العالم خاصة
الجهات المانحة متمثلة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول مانحة أخرى
كانوا قد اجتمعوا في مارس الماضي في شرم الشيخ لاعمار غزة، وتبرع المؤتمرون بنحو 5.2
مليارات دولار لكن القضية لازالت حبر على ورق.
فرحة النصر
"
لا تحزنوا يا إخوتي إني شهيد المحنة ... آجالنا محدودة ولقاءنا في الجنة" خطت
هذه الكلمات على صورة كبيرة في بيت الشهيد القسامي محمود الريفي الذي امتشق سلاحه مع
بزوغ فجر الثاني من يناير الماضي، وطلب من والدته الدعاء له بالثبات والتمكين عند
لقاء العدو.
وكان
الشهيد الريفي تمكن من أسر جندي اسرائيلي خلال الحرب الغاشمة، وحمله على كتفيه
كالطفل الرضيع، إلا أن طائرة استطلاع صهيونية أطلقت صاروخا صوبه فصعدت روحه
الطاهرة إلى عنان السماء، وقتل الجندي الصهيوني.
يقول
والد الشهيد أبو محمد (42 عاما) الذي يقطن في حي التفاح شرق مدينة غزة بفخر
واعتزاز: " إن فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهدافه في الحرب على غزة
أطفأ نار أحزننا وبرد جراحنا، فدماء أبنائنا لم تذهب سدى، وتمكنت من صد العدوان.
ويضيف بشيء من الفرحة:" الالتفاف الجماهيري الذي حظيت به حماس في ذكرى
انطلاقتها دليل قاطع على أن أبنائنا موجدون ولم يرحلوا، و أن المقاومة لازلت قوية
تأبى الخنوع لكل التحديات والمؤامرات التي
أحيكت لإسقاطها.
ولا
يشعر أبو محمد بأي تحول في حياته بعد استشهاد محمود ذو الـ (18 ربيعا)، لأنه خاض
معركة مقدسة انتصر فيها الفلسطينيون، وتخبط خلالها الجنود الصهاينة من الفزع
والرعب، وبللت دموع الخيبة والذل وجوههم.
ويستذكر
والده صفاته الحسنة قائلا : " كان شديد السرية، ومنذ نعومة أظافره كان متفاني
يؤثر على خدمة الآخرين، ورفاقه في كتائب القسام يتمنون أن يرابطوا معه على الثغور
لكرمه وشجاعته".
ولا
يأبه أبو محمد للتهديدات الإسرائيلية المطالبة بردع المقاومة الفلسطينية، فتجربتهم
الفائتة أثبتت فشلهم الذريع، ويقول بعزيمة قوية : " نحن لا نتمنى لقاء العدو،
ولكن نسأل الله الثبات للمقاومة حتى دحر الاحتلال عن ديارنا".
ولا
يعول على تلك الشعارات الزائفة التي يرددها الغرب تارة وتختفي في سويعات عن ملاحقة
قادة الحرب الإسرائيلية، وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فهم لا يستطيعون الوقوف في وجه
"إسرائيل" المتغطرسة على حد قوله.
يوم
ذكرى استشهاد محمود سيستقبله أبو محمد وعائلته بالتقرب إلى الله والدعاء له
بالمغفرة، ففرحة نصر الفرقان حجبت ألم الفراق، ويتمنى من القيادة السياسية أن ترفع
شعار الوحدة في ذكرى الحرب لمجابهة التحديات التي ألمت بالشعب الفلسطيني، فأكثر من 1500 شهيدا ينتمون
لعامة الشعب مزقنهم القذائف الإسرائيلية دون أن تفرق بينهم. وتبقى حكايات الصمود
والشهادة حديث الجميع، ولكل رواية منها آلام مختلفة تجتمع تحت عنوان غزة الجريحة.