[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تحاول
الحاجة أم محمد خضر حياكة ما أفسدته الرياح العاتية الموسم الماضي من ثقوب بخيمتها
القماشية المتواضعة التي حصلت عليها من جمعية اغاثية؛ بعد أن أصبح منزلها الكائن
في حي السلام شرق مدينة غزة هباء منثورا في الحرب الغاشمة على قطاع غزة .
الحاجة
الخماسينية أم لعشرة أولاد أصغرهم في الثانوية العامة، ويبلغ عدد أفراد أسرتها مع
أحفادها الصغار 30 فردا بالكاد تتسع الخيمة لثلثهم، أما الباقون فنزحوا بعيدا عن
منطقة سكناهم في شقق مستأجرة تأوي أطفالهم الصغار الذين ينتابهم شعورا نفسيا حادا؛
لفقدانهم أصدقائهم في الحرب البربرية التي حصدت ما يزيد عن 1400 شهيد خلال 22
يوما.
وباءت
جهود أم محمد بالفشل في الحصول على كرفان لا تتجاوز مساحته الستة أمتار، يحتوي على
غرفة واحدة كانت وزارة الأشغال العامة والإسكان قدمته لبعض المشردين هبة من الهلال
الأحمر التركي.
ورفضت
"إسرائيل" مؤخرا إدخال الكرفانات للمشردين كبديلا عن الخيام البالية
التي مزقتها الرياح والعواصف الشتوية العام المنصرم.
تقول
أم محمد التي تقطن في مخيم الكرامة
للإيواء بمرارة:" لا يمكننا تغيير هذا الواقع المؤلم، فلا يوجد بديل عنه،
فآذاننا صمت من الوعود الجوفاء التي يرددها المسئولون منذ عشرة شهور.
وأضافت بعيون باكية " لقد حاول زوجي
استئجار شقة سكنية لكن الغلاء الفاحش دفعه للكف عن البحث، لاسيما وأن الأموال التي
حصلنا عليها تآكلت تقريبا، ولم نعد نرى أيا من المساعدات."
واقتربت
بعض النسوة اللواتي يسكن في العراء لمساعدتها في ترقيع خيمتها التي غيبت أشعة
الشمس لونها الأخضر، ليحاكي طبيعة الحقول المحيطة التي تحولت لجرداء قحلاء.
ودمرت الدبابات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة
على قطاع غزة أكثر من 20 ألف منزل بشكل كامل وجزئي، وشردت نحو 36 ألف فلسطيني.
وتمد أم محمد بصرها طويلا باتجاه الحدود الشرقية
التي تبعد بضعة مئات المترات عن خيمتها القماشية حيث تتمركز الدبابات الإسرائيلية
قائلة:" نعيش أيام سوداء في تلك المنطقة الموبؤءة، والمسئولون لا يكترثون
لحالنا، مبدية خشيتها أن يؤول حالهم كسكان منطقة رفح التي دمرت في مايو /2004م
وبقت دون اعمار.
وحمل الرئيس محمود عباس حركة حماس التي تصفه
"بفاقد الشرعية" المسئولية عن إعادة الاعمار بدعوى أنها ترفض تشكيل
حكومة من أجل إعادة بناء البيوت المدمرة.
وفقدت الحاجة أم محمد آخر خيوط الأمل بعد إصدار
الرئيس عباس مرسوما بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في الرابع والعشرين من
يناير المقبل وقالت بحرقة:" طالما أن التناحر قائما بين الضفة وغزة، فستبقى
عيشتنا مريرة، مستذكرة أهوال الشتاء الماضي التي عصفت بخيمتها واقتلعتها في أكثر
من عاصفة هوجاء.
مخيم الكرامة يبدو كأنه بلا سكان فبقايا الركام
تلف خيامه البالية، والرجال يقضون جل وقتهم في مسجد السلام المصنوع من النايلون،
بينما يلعب الصبية الصغار بين أروقة الخيام وتتعالى ضحكاتهم البرئية لتصدح في فضاء
مستقبل مجهول، فهل سيجدوا من ينجد أجسادهم
الغضة من زمهرير الشتاء القارص.