[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أهالي
الأسرى.. حنين وشوق وأمال بتنسم عبير الحرية
عيد غزة حزن..
متجدد وقهوة مرة في بيوت الشهداء
المشردون:
عيدنا يوم إعادة بناء بيوتنا
اتشح
عيد الفطر وشاحه الأسود في بيوت العائلات المكلومة، التي لم يجف جرحها الغائر رغم
مرور ثمانية أشهر على الحرب الإسرائيلية التي دفنت أحلامهم تحت أنقاض منازلهم .
مشاعر
غلبها الألم والفراق غزت عيون النساء اللواتي احتضن صور أبنائهم الأسرى والشهداء في العيد علها
تداوي جرحا عجز الدهر عن شفائه، بينما توجهت بعض النسوة إلى المقابر وافترشن التراب أمام قبور أبنائهن لقراءة
الفاتحة في جو مهيب.
فرحة
العيد لم تطرق أبواب آلاف المشردين في قطاع غزة، الذين يسكنون في خيام بالية
بالكاد تتسع لما تبقى من مستلزماتهم المنزلية، فلا يوجد لديهم مقاعد أو أماكن
لاستقبال المهنئين بالعيد.
شوارع
غزة عبرت عن فرحة الأطفال في العيد، حيث سيطرت على مشاعرهم الألعاب العدوانية، فقد
شهر كلا منهم سلاحا بلاستيكيا مختلف الشكل، وأخذوا يطلقون رصاص" الدمدم"
في فرحة مكبوتة.
ورغم
مشاعر الحزن والألم التي طفت على الغزيين، إلا أنهم تغلبوا على جرحهم النازف
واحتفلوا بالعيد على طريقتهم الخاصة.
دموع الحزن
في
صبيحة يوم العيد بينما كانت نسوة غزة يزين موائد العيد بالحلوى كانت السيدة
الأربعينية أم محمود تكفكف دموعها وتستعد للتوجه إلى المقبرة.
أم محمود أبت إلا أن تقرأ الفاتحة على روح نجلها
الشهيد بجوار ضريحه الذي غطته أكاليل الورد الملون، كتعبير عن عظيم حبها لفلذة
كبدها.
وفاضت
مقابر القطاع عقب انتهاء صلاة العيد، بزوار جاؤوا لقراءة الفاتحة على أرواح ذويهم الشهداء
، الذين أرتقوا خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة مطلع العام الحالي.
وتربط
الغزيون ببعضهم علاقات ودّ ومحبة، حيث تتوافد الجيران والأقارب إلى بيوت العزاء،
لتهنئة ذوي الشهداء بالعيد ومواساتهم أيضا.ويبدو واجب الضيافة مختلف في بيوت
الشهداء، حيث يقدم ذويهم، للزوار، حبات من التمر وفنجان قهوة مرة، وليس قطع من الشوكلاته والحلوى.
يقول
ممدوح أحمد: "ترى هل سيكون هناك طعم لشيء، ونحن نفتقد في هذا العيد أحبتنا
..أي عيد هذا".
ويعتبر
عيد الفطر هذا العام، من أقسى الأعوام التي تمر على الغزيين، ويضيف أحمد "هذا
العام فقدنا ما يزيد عن 1700 شهيد، ولم يبقي الحزن والدمار بيتا إلا ودخله..فرحتنا
الحقيقية
لن تكتمل إلا بسحق الاحتلال وإجلاءه عن أرضنا".
ذكرى الأحبة
فرحة
العيد فشلت في رسم الابتسامة على وجوه الأطفال، فالطفلة "رؤى" ابنه
الشهيد "أكرم أو زريبة" وقفت
أمام صورة والدها التي عُلقت في صدر البيت تعرض ما اشترته من ملابس وهدايا للعيد وتحدثه
ببراءة: "هل هذه جميلة يا بابا.. ما بدك تيجي لتشوفها" وتلتفت حولها كي
تنادي على أخيها "مجد الإسلام" تعال فرجي بابا أواعي العيد"
فيفاجئها شقيقها "بابا راح الجنة"، وتترقرق الدموع من عينيها وهي تتذكر حنان
والدها في العيد.
وتقول زوجته أم المجد: كان أكرم رحمه الله
يحتفل على طريقته في العيد حيث يخرج لصلاة الفجر ومن ثم يقوم بالتكبير للعيد مع
أبناء المسجد وأصدقائه، ومن ثم يعود إلى البيت
ويجهز نفسه لزيارة صلة الأرحام، مشيرة إلى
أنه كان يصف يوم العيد بالطويل والممتع.
وتضيف:
لقد استشهد أكرم قبل أن يحتفل بعيد الفطر السعيد مع أبنائه وعائلته فكان عيداً
حزيناً علينا بفراقه.
حال
المواطن أنس وهبة شقيق الشهيد عبد الكريم سعيد وهبة من مخيم النصيرات لم يكن أفضل
من سابقيه، لأن هذا العيد الأول الذي سيمر على عائلته بعد استشهاد شقيقه الكبير.
وأشار
أنس إلى حال والديه الصحية والنفسية التي يمران بها بعد استشهاد أخيه الكبير ،
ويضيف :" أنا اليوم أسأل الله اللطف لهما وأن يخفف الله عنهما في أول عيد
سيمر علينا دون أخينا " أبا السعيد " الذي يحمل كنية والدي ".
غربة وحنين
ويعيش
أهالي وأبناء الأسرى في سجون الاحتلال أيضا لحظات من نوع خاص في العيد ، يستشعرون
فيها ألم الفراق والحرمان والبعد عن الأب أو الأخ أو الزوج، ففي الوقت الذي استقبل
فيه الموطنون العيد بالبهجة والفرح كان المشهد مغاير لدى 11 ألف عائلة غزية يقبع
فلذات أبنائها في السجون الإسرائيلية ، و يتقون لتنسم عبير الحرية، فقد استقبلوا العيد بالدموع والآلام
وحسرة الفراق وجميع أشكال الحرمان ، ما بعث لهيب الشوق لمحبيهم وعائلتهم .
ويتمنى
الأسرى في تلك اللحظات أن يكونوا بين أطفالهم وعائلاتهم يعيشون معهم بهجة العيد
بعيدا عن قيد السجان وظلم الاحتلال ، وتدور بأذهانهم مجموعة من الأسئلة عن كيفية
قضاء أسرتهم للعيد وشرائهم الكسوة لأطفالهم.
خالد
وليد عقل النجل الأكبر للأسير القسامي وليد عقل والمحكوم بالسجن مدى الحياة يقول :
" منذ سنين طويلة وبالتحديد عندما بلغت سن البلوغ وبدأت أعي قيمة الوالد
وأستشعر فرحة العيد ، فحينها وجدت بيتنا خالي من الفرحة والسعادة ، لأن كبير البيت
ليس موجودا ، ولأنه الوالد فله الحب والحنين منا "
وقال
خالد بكلمات الحسرة والألم: " أذهب
وحدي لزيارة شقيقاتي المتزوجات لعلي أعوضهن عن زيارة أبي ، الذي لم نسمع عنه سوى
أخبار المرض والتعب ".
ويقول
الأسير السابق رأفت حمدونة " في العيد يحاول الأسرى رسم السعادة والفرحة فيما
بينهم بأقل الإمكانيات ، ويستعلون على الجراح ويخفوا آلامهم والدعاء " اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا
وجهادنا ، اللهم فرج كربنا واجمع شملنا وردنا إلى أهلينا سالمين غانمين ".
شوق اللقاء
أما
والدة الأسير فارس بارود فقد أجهشت بالبكاء عند سؤالها عن العيد وولدها في الأسر
وقالت :" أين العيد بدون فلذة كبدي فارس ، عشرون عاما لم أذق طعم العيد ،فقدت
بصري من كثرة بكائي على فارس ، ولا عيد بدون ابني" .
وتذكرت
بارود ما كان يقوم به فارس استعدادا للعيد حينما كان يحضر الحلويات ويساعدها في
تحضير كعك العيد الذي بات لا طعم له منذ اعتقاله ، مشيرة إلى أنه كان يساعدها في
تنظيف وترتيب البيت ثم يستقبل الضيوف.
والدة
الأسير هاني داوود المحكوم عشرة سنوات لم تتذوق طعم العيد منذ أن اعتقل ولدها ،موضحة
أنها وعائلتها لم يهنئوا بعيد من بعده فهم يقضون العيد في جو من النكد- حسب قولها.
وترنوا
إلى أجواء الضحك والمزاح التي كان يفتعلها أصدقاء هاني عند زيارته في العيد والتي
عادت إلى ذاكرتها بمجرد زيارتهم لها في العيد.
في
حين اعتبرت والدة الأسيرين رامي و لؤي الزعانين أن الاحتلال الإسرائيلي حرمها من
بهجة العيد باعتقال ابنيها ، موضحة أن فرحة العيد في بيتهم منقوصة رغم ما يأتيهم
من زائرين للتخفيف عنهم .
وأضافت
انه لا يوجد اتصال بينها وبين أبنائها وهذا ما دفعها للمجيء للصليب الأحمر علها
تستطيع أن توصل تهنئتها لهم بالعيد عبر الإذاعات لتطمئنهم وتشعرهم بان لا عيد
بدونهم ،مشيرة إلى أن ابنيها كانا في سجن واحد وهذا ما كان يهون عليها لكن مؤخرا
وضع كل منهما في سجن بعيدا عن الأخر.
أما
أخت الأسير محمد جابر فقالت لـ" الرسالة" : "إن العيد وقلته واحد
بسبب بعد أخيها، ووفاة والدها وأمها المريضة التي لا تقوى على الحركة، مشيرة إلى
أنهم يفتقدون محمد لاسيما انه الوحيد الذي كان يشعرهم بجو العيد.
وتضيف
بعيون دامعة بعيون دامعة قالت: ننتظر منه مكالمة تلفونية بعدما ابلغنا الصليب
الأحمر قبل فترة بأنه سيسمح لنا بمكالمته بسبب وفاة والدي لكنه حتى اللحظة لم يسمح
له بالاتصال .
عيدنا يوم
عودتنا لمنازلنا
أصحاب
البيوت المدمرة لم يكونوا بمنأى عن تلك
الأحزان، ففرحة العيد خجلت من الدخول إلى خيامهم البائسة التي بالكاد تتسع لما
تبقى من مستلزماتهم المنزلية وفراشهم.
يقول
المواطن حسن أبو خبيزة الذي دمر الاحتلال الإسرائيلي منزله المكون من ثلاثة طبقات
في الحرب الأخيرة على غزة :" في المحافل واللقاءات كنا نردد دائما "
عيدنا يوم عودتنا " ولكن اليوم وبعد الحرب ، وما آل إليها وضع القطاع نقول عيدنا
يوم بناء بيتنا ، ولم شمل عائلتي المفرقة والموزعة علي شقق الإيجار ".
في
ساعة مبكرة من أول أيام العيد، جلس كمال عواجة ( 48 عاما)، على كرسي بلاستيكي أبيض
أمام خيمته الرثة ليستقبل عشرات المهنئين في العيد من الأقارب والجيران.
ويقول
عواجة بحزن "اشعر أن هذا اليوم غريب لا كأنه عيد"، ويضيف "لم تدخل
الفرحة إلى قلبي وقلب أفراد أسرتي. فاليوم يتجدد الحزن وتتفتح الأوجاع التي نحاول أن
ننساها منذ الحرب والعيد يذكرنا بالذي فقدناه من جديد".
وتنتصب
خيمة أبو ربيع على أنقاض بيته المدمر قرب" مستوطنة دوغيت" السابقة قرب
بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة. وفي واحدة من زوايا الخيمة وضع تلفزيون صغير
يعلوه مصباح يشكل أداة الإنارة الوحيدة فيها.
و
يشعر أبو ربيع بالفخر لأنه ما زال صامدا. ويقول "في خيمتي التي أجبرت على
العيش فيها لن نتخلى عن حقنا في إعادة اعمار البيت والحياة بأمان وسلام مثل
العالم".
ولم
ير مشروع إعادة اعمار غزة الذي تعهدت به الدول المانحة، النور بسبب تعقيدات الوضع
السياسي واستمرار تشديد الحصار والإغلاق الإسرائيلي على قطاع غزة
وفي
حي الزيتون شرق غزة تقيم عائلة السموني التي فقدت عشرات من أبنائها في الحرب، في
خيمة كبيرة من القماش فوق ركام منازل مدمرة لاستقبال المهنئين في العيد.
ويقر
محمد السموني بان محاولاته للفرح بالعيد باءت بالفشل. ويقول "نعيش في خيام ممزقة. الناس تأتي لمواساتنا وتهنئتنا..أي
تهنئة ونصف العائلة ماتوا شهداء في الحرب ولا زلنا بدون بيوت تؤينا؟ العائلة تشردت
ويبدو لا مستقبل لها".
فرحة
العائلات المكلومة وان كانت منقوصة في العيد، إلا ِأنها نكأت جراحهم وعذاباتهم،
فلم يعد بصدورهم متسعا لتلك الأحزان التي فاضت ِأنهارا.
أهالي
الأسرى.. حنين وشوق وأمال بتنسم عبير الحرية
عيد غزة حزن..
متجدد وقهوة مرة في بيوت الشهداء
المشردون:
عيدنا يوم إعادة بناء بيوتنا
اتشح
عيد الفطر وشاحه الأسود في بيوت العائلات المكلومة، التي لم يجف جرحها الغائر رغم
مرور ثمانية أشهر على الحرب الإسرائيلية التي دفنت أحلامهم تحت أنقاض منازلهم .
مشاعر
غلبها الألم والفراق غزت عيون النساء اللواتي احتضن صور أبنائهم الأسرى والشهداء في العيد علها
تداوي جرحا عجز الدهر عن شفائه، بينما توجهت بعض النسوة إلى المقابر وافترشن التراب أمام قبور أبنائهن لقراءة
الفاتحة في جو مهيب.
فرحة
العيد لم تطرق أبواب آلاف المشردين في قطاع غزة، الذين يسكنون في خيام بالية
بالكاد تتسع لما تبقى من مستلزماتهم المنزلية، فلا يوجد لديهم مقاعد أو أماكن
لاستقبال المهنئين بالعيد.
شوارع
غزة عبرت عن فرحة الأطفال في العيد، حيث سيطرت على مشاعرهم الألعاب العدوانية، فقد
شهر كلا منهم سلاحا بلاستيكيا مختلف الشكل، وأخذوا يطلقون رصاص" الدمدم"
في فرحة مكبوتة.
ورغم
مشاعر الحزن والألم التي طفت على الغزيين، إلا أنهم تغلبوا على جرحهم النازف
واحتفلوا بالعيد على طريقتهم الخاصة.
دموع الحزن
في
صبيحة يوم العيد بينما كانت نسوة غزة يزين موائد العيد بالحلوى كانت السيدة
الأربعينية أم محمود تكفكف دموعها وتستعد للتوجه إلى المقبرة.
أم محمود أبت إلا أن تقرأ الفاتحة على روح نجلها
الشهيد بجوار ضريحه الذي غطته أكاليل الورد الملون، كتعبير عن عظيم حبها لفلذة
كبدها.
وفاضت
مقابر القطاع عقب انتهاء صلاة العيد، بزوار جاؤوا لقراءة الفاتحة على أرواح ذويهم الشهداء
، الذين أرتقوا خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة مطلع العام الحالي.
وتربط
الغزيون ببعضهم علاقات ودّ ومحبة، حيث تتوافد الجيران والأقارب إلى بيوت العزاء،
لتهنئة ذوي الشهداء بالعيد ومواساتهم أيضا.ويبدو واجب الضيافة مختلف في بيوت
الشهداء، حيث يقدم ذويهم، للزوار، حبات من التمر وفنجان قهوة مرة، وليس قطع من الشوكلاته والحلوى.
يقول
ممدوح أحمد: "ترى هل سيكون هناك طعم لشيء، ونحن نفتقد في هذا العيد أحبتنا
..أي عيد هذا".
ويعتبر
عيد الفطر هذا العام، من أقسى الأعوام التي تمر على الغزيين، ويضيف أحمد "هذا
العام فقدنا ما يزيد عن 1700 شهيد، ولم يبقي الحزن والدمار بيتا إلا ودخله..فرحتنا
الحقيقية
لن تكتمل إلا بسحق الاحتلال وإجلاءه عن أرضنا".
ذكرى الأحبة
فرحة
العيد فشلت في رسم الابتسامة على وجوه الأطفال، فالطفلة "رؤى" ابنه
الشهيد "أكرم أو زريبة" وقفت
أمام صورة والدها التي عُلقت في صدر البيت تعرض ما اشترته من ملابس وهدايا للعيد وتحدثه
ببراءة: "هل هذه جميلة يا بابا.. ما بدك تيجي لتشوفها" وتلتفت حولها كي
تنادي على أخيها "مجد الإسلام" تعال فرجي بابا أواعي العيد"
فيفاجئها شقيقها "بابا راح الجنة"، وتترقرق الدموع من عينيها وهي تتذكر حنان
والدها في العيد.
وتقول زوجته أم المجد: كان أكرم رحمه الله
يحتفل على طريقته في العيد حيث يخرج لصلاة الفجر ومن ثم يقوم بالتكبير للعيد مع
أبناء المسجد وأصدقائه، ومن ثم يعود إلى البيت
ويجهز نفسه لزيارة صلة الأرحام، مشيرة إلى
أنه كان يصف يوم العيد بالطويل والممتع.
وتضيف:
لقد استشهد أكرم قبل أن يحتفل بعيد الفطر السعيد مع أبنائه وعائلته فكان عيداً
حزيناً علينا بفراقه.
حال
المواطن أنس وهبة شقيق الشهيد عبد الكريم سعيد وهبة من مخيم النصيرات لم يكن أفضل
من سابقيه، لأن هذا العيد الأول الذي سيمر على عائلته بعد استشهاد شقيقه الكبير.
وأشار
أنس إلى حال والديه الصحية والنفسية التي يمران بها بعد استشهاد أخيه الكبير ،
ويضيف :" أنا اليوم أسأل الله اللطف لهما وأن يخفف الله عنهما في أول عيد
سيمر علينا دون أخينا " أبا السعيد " الذي يحمل كنية والدي ".
غربة وحنين
ويعيش
أهالي وأبناء الأسرى في سجون الاحتلال أيضا لحظات من نوع خاص في العيد ، يستشعرون
فيها ألم الفراق والحرمان والبعد عن الأب أو الأخ أو الزوج، ففي الوقت الذي استقبل
فيه الموطنون العيد بالبهجة والفرح كان المشهد مغاير لدى 11 ألف عائلة غزية يقبع
فلذات أبنائها في السجون الإسرائيلية ، و يتقون لتنسم عبير الحرية، فقد استقبلوا العيد بالدموع والآلام
وحسرة الفراق وجميع أشكال الحرمان ، ما بعث لهيب الشوق لمحبيهم وعائلتهم .
ويتمنى
الأسرى في تلك اللحظات أن يكونوا بين أطفالهم وعائلاتهم يعيشون معهم بهجة العيد
بعيدا عن قيد السجان وظلم الاحتلال ، وتدور بأذهانهم مجموعة من الأسئلة عن كيفية
قضاء أسرتهم للعيد وشرائهم الكسوة لأطفالهم.
خالد
وليد عقل النجل الأكبر للأسير القسامي وليد عقل والمحكوم بالسجن مدى الحياة يقول :
" منذ سنين طويلة وبالتحديد عندما بلغت سن البلوغ وبدأت أعي قيمة الوالد
وأستشعر فرحة العيد ، فحينها وجدت بيتنا خالي من الفرحة والسعادة ، لأن كبير البيت
ليس موجودا ، ولأنه الوالد فله الحب والحنين منا "
وقال
خالد بكلمات الحسرة والألم: " أذهب
وحدي لزيارة شقيقاتي المتزوجات لعلي أعوضهن عن زيارة أبي ، الذي لم نسمع عنه سوى
أخبار المرض والتعب ".
ويقول
الأسير السابق رأفت حمدونة " في العيد يحاول الأسرى رسم السعادة والفرحة فيما
بينهم بأقل الإمكانيات ، ويستعلون على الجراح ويخفوا آلامهم والدعاء " اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا
وجهادنا ، اللهم فرج كربنا واجمع شملنا وردنا إلى أهلينا سالمين غانمين ".
شوق اللقاء
أما
والدة الأسير فارس بارود فقد أجهشت بالبكاء عند سؤالها عن العيد وولدها في الأسر
وقالت :" أين العيد بدون فلذة كبدي فارس ، عشرون عاما لم أذق طعم العيد ،فقدت
بصري من كثرة بكائي على فارس ، ولا عيد بدون ابني" .
وتذكرت
بارود ما كان يقوم به فارس استعدادا للعيد حينما كان يحضر الحلويات ويساعدها في
تحضير كعك العيد الذي بات لا طعم له منذ اعتقاله ، مشيرة إلى أنه كان يساعدها في
تنظيف وترتيب البيت ثم يستقبل الضيوف.
والدة
الأسير هاني داوود المحكوم عشرة سنوات لم تتذوق طعم العيد منذ أن اعتقل ولدها ،موضحة
أنها وعائلتها لم يهنئوا بعيد من بعده فهم يقضون العيد في جو من النكد- حسب قولها.
وترنوا
إلى أجواء الضحك والمزاح التي كان يفتعلها أصدقاء هاني عند زيارته في العيد والتي
عادت إلى ذاكرتها بمجرد زيارتهم لها في العيد.
في
حين اعتبرت والدة الأسيرين رامي و لؤي الزعانين أن الاحتلال الإسرائيلي حرمها من
بهجة العيد باعتقال ابنيها ، موضحة أن فرحة العيد في بيتهم منقوصة رغم ما يأتيهم
من زائرين للتخفيف عنهم .
وأضافت
انه لا يوجد اتصال بينها وبين أبنائها وهذا ما دفعها للمجيء للصليب الأحمر علها
تستطيع أن توصل تهنئتها لهم بالعيد عبر الإذاعات لتطمئنهم وتشعرهم بان لا عيد
بدونهم ،مشيرة إلى أن ابنيها كانا في سجن واحد وهذا ما كان يهون عليها لكن مؤخرا
وضع كل منهما في سجن بعيدا عن الأخر.
أما
أخت الأسير محمد جابر فقالت لـ" الرسالة" : "إن العيد وقلته واحد
بسبب بعد أخيها، ووفاة والدها وأمها المريضة التي لا تقوى على الحركة، مشيرة إلى
أنهم يفتقدون محمد لاسيما انه الوحيد الذي كان يشعرهم بجو العيد.
وتضيف
بعيون دامعة بعيون دامعة قالت: ننتظر منه مكالمة تلفونية بعدما ابلغنا الصليب
الأحمر قبل فترة بأنه سيسمح لنا بمكالمته بسبب وفاة والدي لكنه حتى اللحظة لم يسمح
له بالاتصال .
عيدنا يوم
عودتنا لمنازلنا
أصحاب
البيوت المدمرة لم يكونوا بمنأى عن تلك
الأحزان، ففرحة العيد خجلت من الدخول إلى خيامهم البائسة التي بالكاد تتسع لما
تبقى من مستلزماتهم المنزلية وفراشهم.
يقول
المواطن حسن أبو خبيزة الذي دمر الاحتلال الإسرائيلي منزله المكون من ثلاثة طبقات
في الحرب الأخيرة على غزة :" في المحافل واللقاءات كنا نردد دائما "
عيدنا يوم عودتنا " ولكن اليوم وبعد الحرب ، وما آل إليها وضع القطاع نقول عيدنا
يوم بناء بيتنا ، ولم شمل عائلتي المفرقة والموزعة علي شقق الإيجار ".
في
ساعة مبكرة من أول أيام العيد، جلس كمال عواجة ( 48 عاما)، على كرسي بلاستيكي أبيض
أمام خيمته الرثة ليستقبل عشرات المهنئين في العيد من الأقارب والجيران.
ويقول
عواجة بحزن "اشعر أن هذا اليوم غريب لا كأنه عيد"، ويضيف "لم تدخل
الفرحة إلى قلبي وقلب أفراد أسرتي. فاليوم يتجدد الحزن وتتفتح الأوجاع التي نحاول أن
ننساها منذ الحرب والعيد يذكرنا بالذي فقدناه من جديد".
وتنتصب
خيمة أبو ربيع على أنقاض بيته المدمر قرب" مستوطنة دوغيت" السابقة قرب
بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة. وفي واحدة من زوايا الخيمة وضع تلفزيون صغير
يعلوه مصباح يشكل أداة الإنارة الوحيدة فيها.
و
يشعر أبو ربيع بالفخر لأنه ما زال صامدا. ويقول "في خيمتي التي أجبرت على
العيش فيها لن نتخلى عن حقنا في إعادة اعمار البيت والحياة بأمان وسلام مثل
العالم".
ولم
ير مشروع إعادة اعمار غزة الذي تعهدت به الدول المانحة، النور بسبب تعقيدات الوضع
السياسي واستمرار تشديد الحصار والإغلاق الإسرائيلي على قطاع غزة
وفي
حي الزيتون شرق غزة تقيم عائلة السموني التي فقدت عشرات من أبنائها في الحرب، في
خيمة كبيرة من القماش فوق ركام منازل مدمرة لاستقبال المهنئين في العيد.
ويقر
محمد السموني بان محاولاته للفرح بالعيد باءت بالفشل. ويقول "نعيش في خيام ممزقة. الناس تأتي لمواساتنا وتهنئتنا..أي
تهنئة ونصف العائلة ماتوا شهداء في الحرب ولا زلنا بدون بيوت تؤينا؟ العائلة تشردت
ويبدو لا مستقبل لها".
فرحة
العائلات المكلومة وان كانت منقوصة في العيد، إلا ِأنها نكأت جراحهم وعذاباتهم،
فلم يعد بصدورهم متسعا لتلك الأحزان التي فاضت ِأنهارا.