النكبة ورابع المستحيلات
ليس للأحداث التاريخية معنى، فقط البشر الأحياء هم الذين يمنحونها المعنى يشحنونها به، أفراداً وجماعات. الأحداث صماء والبشر يستنطقونها، ويحولونها إلى رواية، إلى وعي وإلى ذاكرة. قد يقول البعض إن الحقيقة نسبية وأن لكل رأيه وروايته، ولكن علينا أن ننتبه إلى أن هناك فارقا جوهريا بين رواية الجلاد ورواية الضحية. في حين يحاول الجلاد المستحيل من اجل التغطية على جريمته والبحث عن مبررات لها، وهذه بالطبع مصلحته المباشرة، فإن الضحية في المقابل لديها مصلحة مباشرة في الكشف عن الحقيقة وفضح معالم الجريمة لأن الحق معها ولأنها تعرضت للاعتداء. مصلحة المجرم في الكذب ومصلحة الضحية في الكشف عن الحقيقة. لا تكفي مراكمة المعلومات لفهم الذي حدث عام 48 في فلسطين، ولا حتى هيكلة المعلومات في منظومات معرفة لمجريات الأمور والذوات الفاعلة في التاريخ. في الحالة الفلسطينية تحديداً هناك حاجة لوعي تاريخي وحتى لتحليل منطقي للوصول إلى لب القضية. في كل نقاش يلجأ معظم المثقفين الإسرائيليين إلى اتهام خصومهم بتسطيح الأحكام وإلى الادعاء بأن الأمور معقدة ومركبة أكثر. نحن بطبيعة الحال لا ننكر أن الأمور مركبة وحتى معقدة، ولكن التركيب والتعقيد لا ينفي الأحكام العامة, فالفأر مثلاً هو كائن مركب جداً، ولكنه ومهما بلغ من التركيب والتعقيد يبقى فأراً وليس جبلاً مثلاً. |
عدل سابقا من قبل ميـــرون في السبت أكتوبر 24, 2009 2:41 am عدل 1 مرات