تاكسي الأجرة.. صالون سياسي مفتوح
لا يتواني السائق "أبو يوسف" عن التذمر والتأفف من الأوضاع الراهنة، وأدار دفة الحديث مع ركابه عن الأوضاع السياسية والانقسام.
وأحيانا يجد من يجاريه الحديث، فيما يتهرب الأغلبية من أحاديثه المملة، وقال أبو يوسف "للرسالة نت": أشارك الركاب في جميع القضايا الفلسطينية ، لكن هناك من يضيق صدرهم، ويتذمرون، و يبدون ذلك عند مغادرتهم السيارة في صفع الباب بقوة.
واستبدل بعض السائقين الراديو الخاص بسياراتهم بالأحاديث السياسية، والاقتصادية، ويحتدم النقاش بينهم مثل برنامج الاتجاه المعاكس، أو وجها لوجه، بحيث تحولت السيارات العمومية إلى صالون سياسي.
وصب أبو يوسف جم غضبه على المسئولين، لاسيما عند توزيع بعض المعونات الاغاثية، على بعض المواطنين وتجاهل الغالبية العظمى منهم.
وأشار إلى أنه وقع في حرج شديد، عندما استقل شرطيا سيارته، وأخبره أنه يقوم بدعاية سوداء ضد الحكومة، وأخذ عليه تعهد بعدم الخوض في مثل تلك الأفكار التي تثير الفتن.
وقالت سمية الطالبة في الجامعة الإسلامية: بعض السائقين يستغلون ضعف الفتاة وعدم قدرتها على الرد خاصة إذا أبدت التزامها في زيها، أو حديثها فيبدءون بالسب والشتائم على فصيل معين أو الحكومة .
وأضافت على الفتاة أن تستمع وتسكت، فبعض الأحيان تزداد وتيرة السباب، فأبدأ بالاستغفار حتى يكفوا عن تلك الأمور المشينة.
في حين يرى الموظف "سعيد" أن تاكسي الأجرة أن السائق يفتي في أمور الدولة السياسية ، ويتمادى في أحاديثه ، مضيفاً: لا ننكر أن هذا الصالون ربما يكون فيه فائدة للحصول على معلومات معينة، ومع ذلك يستخدمه البعض كدعاية سوداء لفصيل معين، و بث الشائعات والأفكار الهدامة .
وعن تجربة الشاب محمود مع أحد السائقين، قال: بدأ السائق الحديث عن الوضع الأمني والعسكري وخطة المقاومة الفاشلة خلال الحرب ثم انتقل للوضع السياسي والشتم على حركة حماس، وأعقب ذلك بالتحدث عن "نساء حركة حماس" بوقاحة وفظاظة.
وذكر محمود أن السائق أنزله من السيارة عندما نهاه عن مواصلة الشتم والقذف، وفتح له باب السيارة وقال انزل و"خلي حماس تركبك.
واعتبرت الأخصائية النفسية في مركز الصدمات آمال شويدح أن تاكسي الأجرة أصبح صالوناً سياسياً وأدبياً واجتماعياً ، فكل الفئات العمرية تمر على السائق، فيأخذ معلومة من هذا وذاك ويستمع للأخبار والمستجدات .
وأشارت إلى أن البعض أصبح كالإذاعة يلقن الناس الأخبار، وهذا هو طابع المهنة كما هو متعارف عليه اجتماعياً عن "الحلاقين والسائقين" لأنهما الأكثر تعاملاً مع الناس.
وقالت شويدح: يجد السائق في الحديث المطول والنقاش نوع من التفريغ النفسي ومساحة للشعور بالراحة، لاسيما اذا كان من خريجي الجامعات ولم يجد فرصة عمل ، فيشعر بالكبت والعناء النفسي ومساحة الحوار مع الركاب تشعره بالراحة النفسية.
وأضافت شويدح أن بعض أحاديث السائق تنفر الراكب إذا اختلف معه في الرأي السياسي والاقتصادي، ففي مجتمعنا لغة الحوار وفن الاحتواء مفقود نسبياً ولا يحتمل أحد الآخر، فيبدأ تبادل السباب والشتائم بين الركاب والسائق وتنتهي بخلاف واستدعاء الأمن.
ونوهت شويدح أن الحديث داخل التاكسي سلاح ذو حدين فمن المفترض أن يكون الحديث ايجابي،ً ولكن يمكن أن ينتهي بخلافات ونكسات نفسية للراكب وللسائق لأنهم يتناقشون بطرق سلبية.