الأخوة البطنيجي ذهبوا لسد ديونهم فقضوا تحت الرمال
لم تكف دموع والدتهما التي تبكي وتنتحب ولا مواسين لها، في يوم رمضاني واحد كان الخبر الفاجعة ثلاثة من الأشقاء جميعهم يعيلون أسرا وأطفالا استنشقوا آخر انفاسهم في أنفاق الموت فجر اليوم، صاروخ اسرائيلي واحد تكفل بهم فردمهم تحت الرمال الكثيفة التي بحثوا بباطنها عن قوت أطفالهم وحاولوا من خلالها سداد ديونهم.
ضحايا الأنفاق ليسوا أرقاماً بل انهم قصص تتحدى الفقر والحاجة، في رفح جنوب القطاع تجلس السيدة ام ابراهيم البطنيجي المسنة ضعيفة تكاد أسنانها تصطك من فرط البرد رغم قيظ الحرارة، هي لا تدري كيف سرق منها الموت ثلاثة من فلذة الكبد في غمضة عين، ولأنها تريد أن تتأكد من موتهم أو بقائهم على قيد الحياة هرعت إلى النفق- حيث يعملون رغما عنها- وبقيت ساعات الفجر ترسل النظر في ظلمات الرمال علها تلمح احدهم يهرع اليها حيا ولكن لا مناص، بسطت شمس الصباح أشعتها الحارقة وهي لا تزال تدعو وتتوسل للخالق ان ينجي أحدهم، رقّ إليها الجميع ونقلوها غصبا إلى منزلها لتنتظر الخبر اليقين.
جاء الخبر ابراهيم ومنصور ونائل علي البطنيجي استشهدوا بفعل صاروخ اسرائيلي جاء مباغتاً للأنفاق التي يعملون بها طلباً للرزق.
قالت: "لقد اقسمت عليهم بالله قبل أيام ان يتركوا العمل تحت الرمل ولكنهم أمهلوني وقالوا حتى نسدد ديوننا يا امي" واليوم لم تسدد ديونهم وغادروا الحياة والأطفال والنساء والبيت المتهالك في حي تل السلطان برفح.
ابن شقيقهم لا يكاد يتعدى اعوامه الخمسة عشر كان يرقبهم على عين النفق من أعلى ويجذب ما يحصلون عليه من البضائع والسلع المهربة وحين شعر بقصف اسرائيلي لم يكد يعلم ما الذي حل به فقد رمي بعيداً بفعل الضغط وارتطم بالشارع المحاذي للأنفاق وحين نشله احدهم أبلغه بأن اعمامه الثلاث "بالخط" أي تحت الأرض وانه خائف عليهم ولا يعلم ما مصيرهم.
على الفور قدم المسعفون والمجرفون للرمال وباشروا البحث عما يعتقد أنهم ضحايا، تم انتشال احدهم فارق الحياة بعد دقائق من انتشاله، وتلاه شقيقه وبقي الثالث حتى الساعة في عداد المفقودين.
والدته تقول: "ابني واعمامه يعملون بالانفاق ليس رفاهية فهم لا يجدون فرصة للعمل منذ سنوات وديوننا تراكمت ولا يستطيعون أطعام أطفالهم فأصغر عائلة يعيلها احدهم تبلغ سبعة افراد".
الكارثة لم تتوقف باستشهادهم بهذا الصاروخ بل هي مستمرة إلى أن يتم فتح المعابر التي تخنق قطاع غزة المحاصر وان تصبح هذه الأنفاق نسيا منسيا من ذاكرة أهالي القطاع.