الحكمة من وجود الشنب!؟
كان الصحابة يستبشرون بقدوم " الأعراب " وسماع الأسئلة التي يطرحونها على النبي الكريم.. فقد كانوا على الفطرة يسألون من زاوية مختلفة ويطرحون دقائق ومفارقات لا تخطر على بال الصحابة (.. وكأني بهم يسألون أنفسهم: لماذا لم نفكر بهذا من قبل!؟).
فقد جاء مثلا عن أسامة بن شريك قوله: جاءت الأعراب فسألوا رسول الله أنتداوى أم نتوكل فقال: تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم..
وجاء إعرابي يشكو كثرة شرائع الإسلام فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ - وأنا كبرت - فأخبرني بشيء أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله"...
... وبالطبع انتهى عصر الصحابة - واختفت براءة الأعراب - ولم يعد يثير دهشتنا هذه الأيام غير أسئلة الأطفال.. فالأطفال يطرحون أسئلة مدهشة وغير متوقعة تشحذ الذهن وتدعو الى التفكير (وتشغيل الدماغ)..
فقبل إجازة الحج مثلا كنت في طريقي لإيصال أبنائي للمدرسة (وكانت الشمس تشرق أمامنا كبيرة صفراء) فسألني ابني : "بابا ليش الشمس تكون كبيرة أول ما تطلع!؟" وقبل أن أستفق من حرج السؤال عقب شقيقه : "حتى القمر أول ما يطلع يكون كبير وبعدين يصير صغير؛ ليييييش!؟"..
ولأنني لا أعرف تفسيرا مختصرا لهذه الظاهرة تخلصت من هذا المأزق بطرح أكثر الأسئلة مللا في التاريخ: " المهم؛ عسى ذاكرتوا أمس!؟"
... وفي الحقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها أسئلة محرجة من " أقزام " يعتقدون أنني أعرف كل شيء. فحين أعود بالذاكرة الى الوراء أتذكر أسئلة طفولية كثيرة قد تبدو في ظاهرها ساذجة ولكنها في حقيقتها عميقة ومنطقية.. فهناك مثلا: "إييش الفائدة من الشنب!؟".. "وليه ما يغرق السمك!؟".. "ولييش البحر مالح!؟".. و"ليه السماء زرقاء؟".. و"لييش النمل يمشي (دائما) جنب الجدار؟".. وحين نسمع نحن الكبار أسئلة من هذا النوع نضحك في البداية ثم نكتشف (ليس فقط جهلنا في النهاية) بل وعيشنا في قوقعة كبيرة من المسلمات..
والقضية - يا سادة يا كبار - لا تتعلق بجهلنا بهذه المعلومة أو تلك؛ بل في فقداننا لموهبة التساؤل ودهشة الطفولة وتحول ظواهر كثيرة حولنا الى مسلمات مملة لا تلفت الانتباه!!
أنا شخصيا تعلمت من أطفالي ان البشر لا يحتاجون لمعجزات من أي نوع لأن فيما حولهم آيات لقوم يتفكرون.. ما يحتاجون إليه فعلا هو الاحتفاظ بدهشة الطفولة، وإزالة صدأ الدماغ، وتجاوز روتين المعتاد. فالأطفال مبدعون بطبعهم، فضوليون في أسئلتهم، يرون في كل يوم تحديا جديدا؛ غير أن روتين الحياة سرعان ما يجذبهم الى بلادة الكبار وينضمون - بمرور الزمن - الى عقلية جماعية مقولبة تقدم تفسيراً جاهزا ومتوارثا لكل ما حولها!
... أنا شخصيا أحاول تذكر هذه الحقيقة دائما - وأحاول شحذ طفولتي باستجلاء الحكمة من وجود الشنب، وملوحة البحار، وزرقة السماء، ومشي النمل في زاوية الجدار..
وما يهمني فعلا ليس معرفة الجواب بحد ذاته؛ بل الاحتفاظ بهذه الأسئلة ك(مبدأ في التفكير) يعيد للحياة دهشتها وللعقول حدتها... ويعيدنا بين الحين والآخر لبراءة الطفولة............
فعلاً للأطفال أسئلة دائماً ما تخرس لساني وأحس بالخجل خصوصاً وأنهم يروني العالمة التي لا تخفاها خافية أعتقد لو نمينا الحث العلمي لدى الأطفال من أول سؤال يطرحونه
سنستفيد من ذلك كثيراً فمثلاً إذا كان سؤال علمي بإمكاني البحث معه وجعله يشاركني كل دقيقه بالبحث حتى لو كان لايستطيع القراءة فأحاول تبسيط المعلومه وتبسيط طريقة البحث له بأكبرقدر ممكن حتماً سنحصل على عقلية باحثة تفيد في المستقبل......................
...
...
لنجرب...
حسين عويد................................
كان الصحابة يستبشرون بقدوم " الأعراب " وسماع الأسئلة التي يطرحونها على النبي الكريم.. فقد كانوا على الفطرة يسألون من زاوية مختلفة ويطرحون دقائق ومفارقات لا تخطر على بال الصحابة (.. وكأني بهم يسألون أنفسهم: لماذا لم نفكر بهذا من قبل!؟).
فقد جاء مثلا عن أسامة بن شريك قوله: جاءت الأعراب فسألوا رسول الله أنتداوى أم نتوكل فقال: تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم..
وجاء إعرابي يشكو كثرة شرائع الإسلام فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ - وأنا كبرت - فأخبرني بشيء أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله"...
... وبالطبع انتهى عصر الصحابة - واختفت براءة الأعراب - ولم يعد يثير دهشتنا هذه الأيام غير أسئلة الأطفال.. فالأطفال يطرحون أسئلة مدهشة وغير متوقعة تشحذ الذهن وتدعو الى التفكير (وتشغيل الدماغ)..
فقبل إجازة الحج مثلا كنت في طريقي لإيصال أبنائي للمدرسة (وكانت الشمس تشرق أمامنا كبيرة صفراء) فسألني ابني : "بابا ليش الشمس تكون كبيرة أول ما تطلع!؟" وقبل أن أستفق من حرج السؤال عقب شقيقه : "حتى القمر أول ما يطلع يكون كبير وبعدين يصير صغير؛ ليييييش!؟"..
ولأنني لا أعرف تفسيرا مختصرا لهذه الظاهرة تخلصت من هذا المأزق بطرح أكثر الأسئلة مللا في التاريخ: " المهم؛ عسى ذاكرتوا أمس!؟"
... وفي الحقيقة لم تكن هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها أسئلة محرجة من " أقزام " يعتقدون أنني أعرف كل شيء. فحين أعود بالذاكرة الى الوراء أتذكر أسئلة طفولية كثيرة قد تبدو في ظاهرها ساذجة ولكنها في حقيقتها عميقة ومنطقية.. فهناك مثلا: "إييش الفائدة من الشنب!؟".. "وليه ما يغرق السمك!؟".. "ولييش البحر مالح!؟".. و"ليه السماء زرقاء؟".. و"لييش النمل يمشي (دائما) جنب الجدار؟".. وحين نسمع نحن الكبار أسئلة من هذا النوع نضحك في البداية ثم نكتشف (ليس فقط جهلنا في النهاية) بل وعيشنا في قوقعة كبيرة من المسلمات..
والقضية - يا سادة يا كبار - لا تتعلق بجهلنا بهذه المعلومة أو تلك؛ بل في فقداننا لموهبة التساؤل ودهشة الطفولة وتحول ظواهر كثيرة حولنا الى مسلمات مملة لا تلفت الانتباه!!
أنا شخصيا تعلمت من أطفالي ان البشر لا يحتاجون لمعجزات من أي نوع لأن فيما حولهم آيات لقوم يتفكرون.. ما يحتاجون إليه فعلا هو الاحتفاظ بدهشة الطفولة، وإزالة صدأ الدماغ، وتجاوز روتين المعتاد. فالأطفال مبدعون بطبعهم، فضوليون في أسئلتهم، يرون في كل يوم تحديا جديدا؛ غير أن روتين الحياة سرعان ما يجذبهم الى بلادة الكبار وينضمون - بمرور الزمن - الى عقلية جماعية مقولبة تقدم تفسيراً جاهزا ومتوارثا لكل ما حولها!
... أنا شخصيا أحاول تذكر هذه الحقيقة دائما - وأحاول شحذ طفولتي باستجلاء الحكمة من وجود الشنب، وملوحة البحار، وزرقة السماء، ومشي النمل في زاوية الجدار..
وما يهمني فعلا ليس معرفة الجواب بحد ذاته؛ بل الاحتفاظ بهذه الأسئلة ك(مبدأ في التفكير) يعيد للحياة دهشتها وللعقول حدتها... ويعيدنا بين الحين والآخر لبراءة الطفولة............
فعلاً للأطفال أسئلة دائماً ما تخرس لساني وأحس بالخجل خصوصاً وأنهم يروني العالمة التي لا تخفاها خافية أعتقد لو نمينا الحث العلمي لدى الأطفال من أول سؤال يطرحونه
سنستفيد من ذلك كثيراً فمثلاً إذا كان سؤال علمي بإمكاني البحث معه وجعله يشاركني كل دقيقه بالبحث حتى لو كان لايستطيع القراءة فأحاول تبسيط المعلومه وتبسيط طريقة البحث له بأكبرقدر ممكن حتماً سنحصل على عقلية باحثة تفيد في المستقبل......................
...
...
لنجرب...
حسين عويد................................