الإرهاب صناعة صهيوأمريكية
بقلم: عبدالله الشيخ علي
صحيفة أخبار الخليج البحرينية 7/6/2006
«عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهراً سيفه». تلك مقولة عجيبة تصدر عن عراقة في العرفان، وتجربة عميقة الوجدان. إنه صاحب النبي العدنان صلى الله عليه وآله وسلم، الذي قال فيه من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أظلت الخضراء.. ولا أقلت الغبراء، أصدق لهجة من أبي ذر». صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فمن نصدق معاشر النقاد والمراقبين والمحللين من علماء الاجتماع والاقتصاد والإعلاميين، قرارات الإدارة الأمريكية الطاغية الباغية الظالمة التي تعتمد سياسة التجويع والتركيع، والتي سفهها واستنكرها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بمقالة بعنوان «ما هي جريمة الفلسطينيين؟» والمنشورة بأخبار الخليج في العدد رقم 10279- 15/5/2006م؟ وحذر الخبير الدولي روبرت مالي من موقف الإدارة الأمريكية خاصة والغرب عامة، ووصف ذلك بأنه ظلم فادح، وذلك بالصفحة نفسها التي ورد فيها مقال الرئيس الأمريكي الأسبق.
إن نظام التجويع بالنسبة إلى السباع من الحيوان والطير يساعد على ترويضه وتأنيسه ليتعامل مع الإنسان وفق مراده ومبتغاه، أما بالنسبة إلى الإنسان فإنه يزيد من حصافته وكياسته وبُعد نظره وإزالة الغشاوة عن عينيه ليبصر عدوه من صديقه، ذلك عندما يكون هذا الصيام اختيارياً وفق برنامج روحي رياضي لصقل الخبرات وتزكية النفس.
أما الطريقة الهمجية واللاإنسانية التي تمارس الآن بحق الشعب الفلسطيني وتقود زمام تطبيقها الإدارة الأمريكية وفق خطة صهيونية فإنها تأتي بثمار تخالف مقاصد هذه الإدارة المعلنة بإشاعة الديمقراطية ونشر الحرية ومحاربة الإرهاب، بل هي في الحقيقة صناعة حقيقة، وصياغة خطيرة لإرهاب لم نعهده من قبل.
إن هذه الجرائم التي ترتكب اليوم ضد شعب مورست معه أقسى وأفظع جرائم القتل والإبادة والاغتيال والتصفيات الجسدية والمضايقات اليومية، واللحظية والآنية على مدار الساعة، مع تكبيل أياديه وتجريدها حتى من الأظافر والأسنان، ناهيك عن المدارس والمخافر والمشافي والطرق والجدران، سرقت منه الآبار ونهبت مياهه الجوفية وأراضيه الزراعية، ومياهه الإقليمية وأجواؤه الإنسانية، ولايزال يمثل صورة من بقية الصمود وقمم التضحية في ظل ظروف البطالة التي بلغت (70%) وتدني دخل الفرد إلى دولارين، ومع تفاقم مستويات الفقر والبطالة والضغط النفسي، فإن هذا التجويع المفروض الجائر سيحبط خطط الإدارة الأمريكية بجدارة لأنه سيبقي من هو شاهر سيفه للحصول على ضرع بقرته، ودرة تربته وحليب عنزته، ومغزل امرأته، ومعول جاره، وجدار مدرسته، وسرير المشفى ومقعد مكتبه ورفوف مطبخه، وقدور طعامه، وإطارات سيارته، وهلال مسجده، وجرس كنيسته، سيشهر سيفه لأنه لم يعد بوسعه استخدام راحة يده التي نزعت أظافرها، ولا تعجب الإدارة الأمريكية إذا وجدت من يخرق قانون معاداة السامية الأخرق، لأن وقف تحويل عائدات السلطة الفلسطينية ومنع وصول المساعدات الإنسانية أكسباها الكثير من الساخطين على ممارساتها الشيطانية.
رضي الله عنك يا أباذر، فإن مقولتك تكافئ قنبلة ذرية فجرتها قبل خمسة عشر قرناً ولو أنك كنت معاصراً لاعتقلت في أحد السجون الأمريكية على امتداد العالم وعذبت بأيدي بني جلدتك بتهمة التحريض، ومساندة الإرهاب، فيكفي لإدانتك صدق لهجتك وتسميتك الأشياء بمسمياتها، فإن ما صنعته قريش فيك جراء صراحتك لا يقاس بما يطول أحفادك في غزة وجنين ونابلس وطولكرم، بل على امتداد العالم اليوم لمجرد تداول فكرك وتدبر قولك.