كفاكم تباكياً على أوجاعنا
..(..!!..)..
لم تترك الآلة الحربية ( الصهيوأمريكية )
مكاناً في قطاع غزة إلا ومارست جنونها الحاقد فيه، فالأرقام التي ترد من
قطاع غزة
تؤكدُ أن الدمار الذي لحق بالقطاع لا يمكن أن يتصوره عقل، بالمقابل يخطئ من يظن أن
العدوان سوف
يتوقف على الأقل في الأيام القادمة، لان الصهاينة بتفكيرهم الشيطاني
المعهود والذي تعودنا عليه عبر سنوات طويلة
من الاحتلال يثبتُ بما لا يدعُ مجالاً
للشك بأن الفلسطينيين هم ضحية معارك داخلية إسرائيلية انتخابية، وتجاذبات
حزبية
داخلية ، فما الذي يمكن أن يقدمه قادة العدو الصهيوني للناخب الإسرائيلي قبيل
الانتخابات غير الدم الفلسطيني ؟!
يخطئ من يظن بأن العقلية الإسرائيلية سوف
تغير من نهجها الذي تعتمده كإستراتيجية في التعامل مع الفلسطينيين،
بناءً على ما
يجري في الشارع العربي أو حتى الغربي، إسرائيل وبكل أسف لا تقبل بمنطق الضعفاء..!!
والحالة
العربية ليست بأفضل حالاتها، وأن ردات الفعل التي عهدناها دائما لن تتعدى
التنديد والإدانة من الموقف الرسمي،
وعقد قمة عربية طارئة للجامعة العربية يتفق على
نتائجها قبل انعقادها، بالمقابل يبقى الشارع العربي أسير لردات
فعل عفوية تخرج على
شكل مظاهرات تسب، وتشتم، وتدين وتندد، ويبقى اللحم الفلسطيني كحبة كستناء تنتظر
الشواء،
تحت جنازير الدبابات ونيران الطائرات، وكل ما في جعبة الترسانة الأمريكية-
الإسرائيلية من أسلحة، سيبقى
الفلسطيني حقل التجارب لما أبدعته العقول الحاقدة من
أسلحة فتاكة خلقت لقتل الفلسطيني وتهجيره، فالعقيدة
الصهيونية ترى أن الفلسطيني
الجيد هو الميت..!! لذلك لن يبالِ قادة الجيش الإسرائيلي بردات فعل غاضبة حتى لو
خرج كل العرب إلى الشوارع ..!!
إن سيناريو الحرب المعلن على غزة والذي اعد
لهذا الغرض، هو نفسه الذي نفذ في الضفة الغربية في العامين
2002 و 2003 م ، والذي
تجلي بضرب مقرات السلطة وتدميرها وملاحقة المقاومة عبر تكثيف عمليات
الاغتيال،
والملاحقة، تمهيداً للاقتحام البري، وما يجري الآن في قطاع غزة مشابه حد التطابق مع
ما تم انجازه حتى
الآن، إذ أن الحرب المعلنة من جانب واحد لم تبدأ بعد، فيبدو أن
هناك فصلاً أكثر إيلاماً ينتظر الفلسطينيون، نعم هناك
فصل من السيناريو لم يبدأ حتى
الآن، فالدبابات الإسرائيلية كثيرة العدد تنتظر على الحدود، بانتظار لحظة الصفر
..!!
فهل ستوقف هباتنا العفوية لحظة الصفر تلك ؟! الأيام القادمة تحمل معها أخباراً
قاتمة لنا كفلسطينيين، فالخاسر
الوحيد مما يجري هم الفلسطينيون، جربنا نفس التجربة
في قبل أعوام قليلة في الضفة الغربية، وباعتقادي أن مخيم
جنين الذي هدم على رؤوس
ساكنيه لم تجف الدماء فيه بعد، خرجت مظاهرات، وندد بالموقف العربي الرسمي، وفعل
الإسرائيلي ما فعل وتناسى الشارع العربي الغاضب ما جرى في جنين، أكادُ أجزم حد
اليقين بأن الذين خرجوا تنديداً
بما جرى في مخيم جنين يذكرون اسم المخيم الآن ..!!
للأسف هذه الحقيقة الموجعة وهذه هي مرآة الذات العربية، تباكي على ألمنا،
وتنديد بالمحتل، ونسيان ما يجري من
جرائم بعد شهر، حقيقة لم تفاجئني المظاهرات التي
عمت الشارع العربي في اليومين الماضيين تنديداً بما يجري من
مجازر في قطاع غزة،
لأننا اعتدنا عليها في كل نكبة ومأساة عاشها شعبنا، فنحن ومنذ ستين عاماً نموت،
عمرنا في
التاريخ بضعُ نكبات وسجل طويل من المجازر، أظهرت المسيرات التضامنية
للشارع العربي وكأن إسرائيل لم تمارس
الإجرام من قبل، وأن ما يحدث في غزة لم يحدث
من قبل، مخطئ من يظن ذلك، ومخطئ من يظن بأن الإسرائيلي
يفضل بين فلسطيني يعيش في
الضفة وفلسطيني يعيش في غزة ..!!
والحقيقة بأن في المشهد العربي الكثير مما
يمكن أن يقال، حالة الانقسام والتخوين والقذف والتشهير التي يمارسها
الشارع العربي
ومثقفيه عبر الفضائيات، بالتأكيد لن تغير من الأمر شيئاً، بل هي تهدف للوصول إلى
مسوغات نلقي
بفشلنا وقلة حيلتنا على الآخر، الكل يجمع بأن الشقيقة مصر مارست دوراً
سلبياً تجاه الفلسطينيين، ولم تحرك ساكناً
أمام ما يجري من أحداث مؤلمة تجري على
أرض غزة،ولكن ما لا يمكن أن ننكر أن مصر وشعب مصر قدم عشرات
الآلاف من الشهداء
دفاعاً عن عروبة فلسطين وقضايا الأمة العربية، وما لا يمكن لأحد أن ينكره أن النظام
المصري
في ذروة الخلاف معه لم يلطخ يده بالدم الفلسطيني ولم يلعب على تناقضات
الفلسطينية .
وأنا أقول كل العرب يمارسون نفس الدور السلبي تجاه ما يجري في غزة،
وباعتقادي بأن الزعامة العربية المسلوبة
الإرادة لا يمكن لها أن تغير في الأمر
شيئاً، ففاقدُ الشيء لا يعطيه، ما يذهلني أكثر أن العرب يطالبون بأن تقطع مصر
علاقتها مع إسرائيل، في الوقت نفسه تحتفظ معظم الدول العربية بعلاقات مع إسرائيل
إما معلنة أو غير معلنة ..!!
فالمقاول القطري الذي يعملُ للحساب الأمريكي، يقيم
علاقات مباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي ، ولم أسمع عبر
فضائيته المشهورة " الجزيرة
" أي أشارة لذلك، هذا المنطق الأعوج لا يقبله عقل، ولا ضمير عربي طاهر، وحالة
المراوغة التي يقوم بها زعماؤنا لا يمكن أن تخرج عن نفس النهج القطري، فكفى تباكياً
على دمائنا المسفوكة منذ
أكثر من نصف قرن .
إن شعبنا هو الوحيد الذي يدفع الثمن
من دمائه، ومن مقدراته، دفاعاً عن كرامة الأمة، وما تفعله الأنظمة العربية
فيه
استغلال لهذا الدم الفلسطيني، عبر إبقائه ساحة لتصفية الخلافات العربية الداخلية،
وأن ما يقوم به الشارع العربي
من مظاهرات وتنديد بالعدوان، لن يغير في الأمر شيئاً،
وهذه الحقيقة المرة التي يجب على الجميع قبولها، لذلك فان
شعبنا مل انتظار الأكفان،
وثلاجات الموتى التي تقدم له من أشقائه العرب، ما ينتظره الفلسطينيون الآن موقف
عربي
صارم تجاه إسرائيل، ينهي الاحتلال ويعيد للفلسطينيين وحدتهم التي فقدوها
استجابة لأجندات إقليمية وعربية، فكفى
متاجرة بالدم الفلسطيني للمصالح الخاصة، وكفى
تحريضاً إعلاميا أعمى تمارسه الفضائيات النفطية وغير النفطية
لأهداف تضر بنا
وبقضيتنا.
عيون القدس