أقول لأمي: غداً عيد ميلادي.
تقول لي: استعجل يا ولدي، نقيمه اليوم، أهديك صوري وقبلة من شفتي.
أقول لأمي: ولكن غداً عيد هو يوم ميلادي.
تصمت أمي ولا تقول لي: غزة تعيش يومها بالتقسيط
فقد أتى غد، وتهديني بدل القبلة دمعة، وتشيعني طفلاً وتضمني
أرض بذراعين من أعشاب.
سألتني أمي: لماذا ولدت اليوم، موعد ميلادك غداً.
أقول: جئت اليوم لأساعدك في استقبالي،
أكتسي البيت معك، أحطب للنار معك، أصطحبك إلى بائع الخبز، يرسم لنا
على أيدينا رغيف الخبز الغائب.
أكتسي البيت معك، أحطب للنار معك، أصطحبك إلى بائع الخبز، يرسم لنا
على أيدينا رغيف الخبز الغائب.
تنهرني: لست مستعداً لاستقبالك، فلماذا تعجلت الولادة..
أقول: كي أبحث لك عن جوز الحقول، ولوز الجبال،
وحبوب تدر الحليب، فليس في صدرك مؤونة رضاعة، وليس في
عينيك حنان.
وحبوب تدر الحليب، فليس في صدرك مؤونة رضاعة، وليس في
عينيك حنان.
تغمرني أمي، وترضعني الأمل، وعليه، أنا أحيا، منذ ولادتي في غزة، إلى يوم ولادتها قريباً.
أقول لأبي: لا يزورنا القمر، السماء في غزة نسيت قمرها في أمكنة أخرى.
أقول لأبي: لا يزورنا القمر، السماء في غزة نسيت قمرها في أمكنة أخرى.
يرسم لي أبي قمراً على ورقة ويعلقها في غرفة بلا سماء.
أقول لأبي: سأوجه دعوة لقمر اكتمل ضَوْءُهُ في عينيك، فأنت يا أبي، ضوئي.
ولما أخذوا أبي إلى المعتقل، علقت قمر أبي في سماء غزة، وتظاهرنا، احتفالاً بالأمل والحزن معاً.
تسألني أمي: إلى أين يا ولدي؟
تسألني أمي: إلى أين يا ولدي؟
أقول: إلى قرنٍ في آخر الدنيا، سأسرق من كل الأماكن
رغيف خبز، وأعود كالسندباد حاملاً قمحاً وحنطة وخميراً.
رغيف خبز، وأعود كالسندباد حاملاً قمحاً وحنطة وخميراً.
تطالبني: لا تنسى يا ولدي، الدواء لجدك، اللعبة لأختك،
الكتاب لأخيك والمحارم من أجل وداعات لائقة.
الكتاب لأخيك والمحارم من أجل وداعات لائقة.
مضيت ولم أعد بعد.
طافت أمي الأرض كلها، ولما يئست عادت الى غزة
فوجدتني معصوب العينين، ومصلوباً على انتظارات بوابة رفح.
فوجدتني معصوب العينين، ومصلوباً على انتظارات بوابة رفح.
قالت لي أمي: غزة أوسع من العالم، تتسع سماؤها للجباه العالية،
اكسر يدك إن مددت هامتك للتسوّل أو التوسل.
"هنا عند مرتفعات الدخان
اكسر يدك إن مددت هامتك للتسوّل أو التوسل.
"هنا عند مرتفعات الدخان
على درج البيت
لا وقت للوقت،
نفعل ما يفعل الصاعدون إلى الله:
ننسى الألم"
حالة حصار محمود درويش
أقول لأخي: استبدلت وجبة الطعام بالصلاة،
أقول لأخي: استبدلت وجبة الطعام بالصلاة،
وما زلت جائعاً
صليت ركعتين، مرتين اثنتين،
وما زلت جائعاً
تشهدت ليلة ثم ليلتين،
وما زلت جائعاً..
قال لي أخي: سأكتب رسالة إلى أخواني العرب
قلت لأخي: سيصل الجواب منهم،
بعد مدتي
وبعد موتك
فإياك أن تفعل
فما لجسم بميتٍ إيلامُ
سألت معلمي: بماذا أقذف العدو، وليس عندي غير زندي. عبس بي: هذا يكفي..
سألت معلمي: بماذا أقذف العدو، وليس عندي غير زندي. عبس بي: هذا يكفي..
قلت كيف أقاتل من بعيد؟
قال لي: لديهم كل سلاح من بعيد، وليس لديهم زنود.
قلت: إذاً ماذا أفعل:
قال لي: ازرع في الأرض غيمة، تعلم كيف تخيط الأمل،
تدرب على فعل الرجاء، وعندما ترى عدوك قريباً، اصرعه
بنظرة من عينيك فالغضب الساطع آتٍ.
قلت لجدي: لماذا نحن وحدنا؟
تدرب على فعل الرجاء، وعندما ترى عدوك قريباً، اصرعه
بنظرة من عينيك فالغضب الساطع آتٍ.
قلت لجدي: لماذا نحن وحدنا؟
قال لي، وهو يسبّح: لسنا وحدنا يا بني..
في الشمال، معنا آية، ونصر مبين،
في الشمال، معنا لغة تنفتح لها القلوب،
وفي بيوتنا، تحبل الأمهات بالوعد،
وفي زيتوننا، زيت لإيمان معتق،
وفي قبضاتنا، ما يخيف الأعداء،
سألت جدي: ألست عربياً؟
قال لي: وأبقى عربياً.
سجّل: أنا عربي، إلى الأبد.
قلت له: والعرب يا جدي، هل زاروك يوماً:
وما زال جدي يبحث عن جواب، ولا يجد.
أمس طفت الأرض أبحث عن الضمير العالمي؟
أمس طفت الأرض أبحث عن الضمير العالمي؟
برمت الكون كله، فلم أجد أثراً لقدميه، إشارة ليديه، رائحة لعرقة.
أمس تيقنت أن اصابة قاتلة طرحته ميتاً، عندما قرب أن يكون موظفاً في أدراج المجتمع الدولي.
أمس عدت إلى غزة، أكتب نصاً جديداً لإحياء الضمير العالمي بصيغة الفلسطيني، وضمير المقاومة.
تتشهد يا أبي.
دائماً يا ولدي.
أنا يا أبي أضفت إلى الشهادتين ثالثة ورابعة وحتى الثمالة..
أنا يا أبي أضفت إلى الشهادتين ثالثة ورابعة وحتى الثمالة..
وها أنا ذا أتشهد وأقول:
لا وطن لي غير وطني،
ولا وطن لي غير فلسطين،
ولا.. ثم ألف لا.. للاحتلال
إلى يوم القيامة
ودهر الداهرين
قال أبي..
علمني يا ولدي، كيف أصلّي حتى يبرأ الكون من هذا الجحيم،
أعوذ بالله من الاحتلال الرجيم.
أعوذ بالله من الاحتلال الرجيم.
قلب الاقصى