هذا الموضوع إخواني هو تتمة لموضوع البعث حقيقة واقعة , وبما أن الموضوع الرئيسي يناقش ثلاث مقدمات
وهذه هي المقدمة الثانية وستتبعها الثالثة .
ارتأيت أن أكتب كل مقدمة كموضوع جديد بتفصيل وتحليل ,
لما لكل موضوع أهميته وتوسعه.
القرآن الكريم :
هو ذلك الكناب العربي , المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي , المنقول إلينا
بطريق التواتر , المتحدى بلفظه , المتعبد بتلاوته .
ولكي نوضح أن القرآن الكريم حق ,
يجب علينا أن نعلم انه منقول الينا بطريق التواتر , وهو عبارة عن نقل جماعة عن جماعة يؤمن طواطؤهم
على الكذب , وهو طريق يفيد قطعية الثبوت .
كذلك يجب ان نعلم ان القرآن ليس كلاما عاديا , بل هو كلام الله جل جلاله , الذي أعجز الخلق وتحداهم ان
ياتوا بمثله , حيث يقول سبحانه :
" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القرآن لاياتون بمثله ,ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ".
بل تحداهم ان ياتوا بعشر سور مثله , حيث قال ( أم يقولون افتراه , قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا
من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لكم , فاعلموا انما انزل بعلم الله ,
وان لااله الا هو , فهل انتم مسلمون ) ؟ .
بل لقد تحداهم أن ياتوا بسورة من مثله , فقال سبحانه ( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله
وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا , ولن تفعلوا ,فاتقوا النار التي
وقودها النار والحجارة أعدت للكافرين ) .
ولهذا نؤمن بهذا القرآن الكريم ونقول انه كلام رب العالمين .
ان القرآن اعجز العرب جميعا ببلاغته وفصاحته وعلو طبقته , وهم اهل البلاغة واساطين الفصاحة .
ولذلك يلمح قارئه انه - اي القرآن الكريم - يصدركثيرا من سوره بالحروف العربية المقطعة .
فاحيانا بحرف واحد مثل ( ص , ن , ق )
واحيانا بحرفين مثل ( حم , طس )
وبثلاثة مثل ( الم , طسم )
وباربعة مثل ( المص , المر )
واحيانا بخمسة مثل ( كهيعص , حم عسق )
وبعد ذكر هذه الحروف يرد ذكر الكتاب , مثل ( الم * ذلك الكتاب لاريب فيه ).
ومثل ( المص * كتاب انزل اليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ) .
ومثل ( المر * تلك آيات الكتاب , والذي انزل اليك من ربك الحق ) .
ومثل ( ص * والقرآن ذي الذكر ) .
ومثل ( ق * والقرآن المجيد ) .
ان في ذكر هذه الحروف العربية المقطعة مقترنا بذكر القرآن الكريم والكتاب الحكيم - في الاكثرية من السور
المفتتحة بتلك الحروف - اشارة قوية الى ان القرآن نزل بتلك الحروف العربية .
فان كنتم ياارباب الفصاحة ويااساتذة البلاغة في ريب او شك او التباس في انه من عند الله , فاتوا بكتاب مثله
ان كنتم صادقين , فانتم عرب ولسانكم عربي .
وقد ثبت تاريخيا - بطريق موثوق به - انهم عجزوا كل العجز ولم يقولوا في هذا المجال شيئا يذكر ,
وبذلك ثبت للقرآن انه حق نزل به جبلايل عليه السلام من قبل الحق على النبي الحق صلوات الله وسلامه عليه .
لقد بهرت هذه البلاغة القرآنية عمر بن الخطاب رضي الله عنه جبار الجاهلية ,فانقلب فجأة بعد سماع
صدر من سورة " طه " ,
فتمثلت له الآيات كانها ملائكة حملته على اجنحة النور الى مافوق قبة الفلك ,
فاصبح بعدما كان جبار الجاهلية , عملاق الاسلام .
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها /// بفضل ربك حصنا من أعاديها
يتبع