أخي القاريء الكريم ,
إن قضية البعث ثارت حولها اعتراضات وأفكار من قديم الزمن , ولذلك اهتمت العقيدة الإسلامية بالتأكيد عليها
والتركيز على معانيها وأدلتها .
ونحن في هذا الباب سنعرض للأدلة عرضا عقليا على أن البعث حق , نخاطب فيه العقل الرشيد بالمنطق
السديد , دون ما تعسف أو تعصب إلا للحق ,
( فمن أبصر فلنفسه , ومن عمى فعليها ) , ( الحق أحق أن يتبع , فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ) .
ولكي نثبت أن البعث حق , فلا بد لذلك من مقدمات ثلاثة :
المقدمة الاولى : قضية الألوهية .
المقدمة الثانية : القرآن الكريم حق .
المقدمة الثالثة : النبي " صلى الله عليه وسلم " حق .
المقدمة الأولى :
" قضية الألوهية "
سبق أن نوقشت هذه القضية نقاشا عقليا من نواح عديدة ...
فالإيمان بالله عقيدة اعتقدها كل من رزق أدنى جانب من التفكير .
ولقد تم شرح كيف أن الحقائق العلمية أثبتت أن هذا الكون ومايحتويه من أجزاء المخلوقات من أول الذرة إلى المجرة ,
ومن أول الخلية إلى الإنسان ,
لابد له أن يكون له مبدع خالق ومدبر حكيم , وأن كلمة العلماء القدامى والمحدثين انعقدت على أن
هذه المخلوقات لايمكن بحال أن تكون وليدة الطبيعة الصماء , أو الصدفة العمياء ,
ومن قال بذلك فقد ألغى فكره , وعطل عقله .
ولما كنا قد سبق لنا أن أفضنا في الكلام عن هذا الجانب , فعلى القاريء الكريم أن يرجع
إليه مستبصرا ومسترشدا .
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج , والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي
وأنبتنا فيها من زوج بهيج , تبصره وذكرى لكل عبد منيب , ونزلنا من السماء ماءا مباركا فأنبتنا به جنات
وحب الحصيد , والنخل باسقات لها طلع نضيد , رزقا للعباد , وأحيينا به بلدة ميتا , كذاك الخروج ) .
( إن الله فالق الحب والنوى ’ يخرج الحي من الميت ’ ومخرج الميت من الحي , ذلكم الله ’ فأنى تؤفكون ’
فالق الإصباح ’ وجعل الليل سكنا ’ والشمس والقمر حسبانا , ذلك تقدير العزيز العليم ’
وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر , قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ’
وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة , فمستقر ومستودع , قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ’
وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء , فأخرجنا منه خضرا , نخرج منه حبا متراكبا ,
ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ’
أنظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه , إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ) .
وبعد بيان هذه الادلة التي تخاطب العقل , تأتي النتيجة مسلما بها لاتحتاج إلى نقاش أو جدال ,
فيقول جل شأنه ( ذلكم الله ربكم ’ لاإله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه ’ وهو على كل شيء وكيل ’
لاتدركه الابصار ’ وهو يدرك الابصار ’ وهو اللطيف الخبير ) .
إذن :
فكل الكائنات بما حوته من إبداع وإحكام , وإتقان ونظام , تنطق بلسان الحق , وتشهد بمنطق الصدق :
أن له خالقا لاتدركه الأبصار , ليس كمثله شيء ,
وهو السميع البصير .
يتبع
ملحوظة : مقتطف من كتاب " البعث والجزاء / وأقوال علماء الكون "
لعبد الحميد كشك