أقر الكنيست الإسرائيلي يوم 4/6/2008 ملحقا لقانون أساسي متعلق بمدينة القدس، يقر بأن القدس هي عاصمة الشعب اليهودي. وقد تقدم بهذا الاقتراح رئيس الحزب القومي الديني (لمفدال) عضو الكنيست زبلون اورلوف والذي قال مبرراً عمله هذا: «أن تكون القدس عاصمة لمواطنين غرباء شيء يثير التعجب» (هآرتس 6/6/2008). وأضاف أورلوف: «هناك القدس للمواطنين وهناك القدس العليا ونحن نريد أن يعتبرها كل يهودي بيته». وقد صوتت الكنيست بأغلبية 58 مقابل 12 عضواً صوتوا ضد هذا المشروع.
إن القدس لم تسم في يوم من الأيام على أنها «عاصمة الشعب اليهودي»، فقد كانت تسمى بأنها عاصمة فلسطين أو عاصمة الدولة الفلسطينية.
وهذا المشروع هو مشروع عنصري في أساسه، فمعنى أن القدس عاصمة الشعب اليهودي يشير إلى إصرار الصهيونية العالمية جعل اليهودية قومية، وبالتالي يعطي الحق لكل يهودي عليها، بغض النظر عما إذا كان مواطناً إسرائيلياً أو لا، أو كان يعيش في إسرائيل أم لا، في حين يمنع حق الشعب الفلسطيني عنها. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن في إسرائيل حوالي مليون ونصف المليون مواطن من غير اليهود فإن ذلك يعني أن القدس ليست عاصمتهم وبالتالي قد تنطبق عليها قوانين «الصندوق القومي اليهودي» العنصرية.
فحسب قوانين هذا الصندوق فإن كل ممتلكاته تابعة للشعب اليهودي، وقد تأسس في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في عام 1897، بهدف شراء الأراضي والعقارات في فلسطين، هناك قصص كثيرة حول كيف قام المسؤولون في هذا الصندوق بطرد الفلاحين الفلسطينيين من أراضيهم بعد شرائها بحجة أن قوانين الصندوق لا تسمح بوجود غير اليهود عليها. وبالتالي لا يحق لغير اليهودي أن يستفيد منها بأي شكل من الأشكال.
وفي عام 1961، قررت الكنيست الإسرائيلي منح الصندوق القومي اليهودي ملكية جميع أراضي الدولة، والتي كانت تشكل حوالي 75 في المائة من أراضي الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم في حرب 1948. كان الصندوق يمتلك في تلك السنة 14 في المائة من أراضي فلسطين في حدود ،1967 ولكن بعد قرار الكنيست أصبح الصندوق يملك حوالي 90 في المائة من أراضي الدولة.
وبسيطرة «الصندوق القومي اليهودي» على هذه الأراضي حرم غير اليهود من الاستفادة منها. مثلاًَ حسب قانون هذا الصندوق يمنع غير اليهودي من العمل على تلك الأراضي أو شراء منزل يقيمه عليها قطعة أرض لفلاحتها. ونحن هنا نتحدث عن غير يهود الذين يعيشون داخل الكيان.
كما حاول دافيد بن غوريون عندما كان رئيسا للحكومة أن يضع ميزانية التعليم تحت تصرف هذا الصندوق العنصري كي لا تستفيد المدارس العربية من الميزانية إلا أن هذا الوضع كان حساساً ورفضت الكنيست العرض.
واليوم عندما تقرر أغلبية أعضاء الكنيست أن القدس عاصمة الشعب اليهودي يتساءل الإنسان عن السبب الحقيقي وراء هذا القرار العنصري. هل معنى هذا أن من يرفض ذلك الموقف يصنف على أنه «لاسامي»؟ وهل هذا التحرك جاء ليضع ضغطا على دول العالم كي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ أغلبية دول العالم لا تزال ترفض أن تعترف بالقدس عاصمة إسرائيل فكيف يمكن لها أن تعترف بها عاصمة للشعب اليهودي؟
والغريب في الأمر أن قرار الكنيست هذا جاء بعد يوم واحد من خطاب مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي للرئاسة باراك أوباما، أمام مؤتمر اللوبي الإسرائيلي «أيباك» والذي قال فيه إن القدس الموحدة عاصمة إسرائيل (ثم تراجع عن موقفه هذا في اليوم التالي).
إن القدس هي العمود الفقري للشعب الفلسطيني بغض النظر عما إذا قبلت إسرائيل ذلك أم لا، ولا سلام يرجى إذا لم تعترف إسرائيل بالحق العربي في القدس