هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وفهر هم قريش و زهرة هو الأخ الشقيق لقصي بن كلاب الجد الأكبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أنجب قصي عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وأنجب عبد مناف عبد شمس ونوفل وهاشم والمطلب وخويلد وأنجب هاشم عبد المطلب الذي أنجب عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدها لأبيها هو عبد مناف بن زهرة الذي يقرن اسمه باسم ابن عمه عبد مناف بن قصي فيقال المنافان تعظيما و تكريما
ولم يكن نسب آمنه من جهة امها دون ذلك عراقة و أصالة فهي ابنة برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب و جدتها لامها أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي ووالدة أم حبيبة هي : برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر سلالة عريقة أصيلة أنبتت آمنه لتضطلع بعبئها الجليل في امومتها التاريخية وراثات مجيدة أهدتها إلى ولدها فجمعت له عز المنافين : عبد مناف بن زهرة بن كلاب وعبد مناف بن قصي بن كلاب و جعلته صلى الله عليه و سلم يعتز بنسبه فيقول في حديث رواه ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ...لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما
و في صحيح الحديث عن واثلة ابن الاسقع رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل و اصطفى قريشا من كنانة اصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
بنو زهرة و بنو عبد مناف
عرف بنو زهرة بالود الخالص لبني عبد مناف دون إخوتهم من بني عبد الدار و قد كان قصي بن كلاب حين كبر قد عز عليه إلا يبلغ ابنه البكر عبد الدار ما بلغه ابنه عبد مناف من شرف و رفعة فقال قصي لبكره: أما والله يا بني لالحقنك بالقوم وان كانوا شرفوا عليه: لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تفتحها أنت له ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ولا يشرب احد بمكة إلا من سقايتك ولا يأكل احد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك ولا يقطع أمر من أمورها إلا في دارك ثم كان ما كان من إذعان قريش لوصية شيخها حينا ثم إجماع بني عبد مناف بن قصي ان يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار لشرفهم عليهم و فضلهم في قومهم فتفرقت عند ذلك قريش: فكانت طائفة مع بني عبد مناف يرون أنهم بمكانتهم من قومهم أحق بالأمر من بني عبد الدار ة كانت طائفة مع بني عبد الدار يرون إلا ينزع منهم ما كان قصي جعله إليهم وعقد كل فريق على أمرهم حلفا مؤكدا و قد كان بنو زهرة مع بني عبد مناف وكان بنو زهرة مع بني عبد مناف إخوة متجاورين لا ينفصلون و بيوتهم متجاورة كذلك كذلك كان بنو زهرة ممن سبقوا إلى تلبية النداء حين تداعت قبائل من قريش إلى حلف الفضول قبل البعثة بنحو من عشرين سنة وكان أكرم حلف وأشرفه و قد تعاهد أعضاء الحلف على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا أقاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد له مظلمته
زواج آمنة و عبد الله
انصرف عبد المطلب اخذا بيد عبد الله –اثر افتدائه من الذبح- فخرج حتى أتى به وهب ابن عبد مناف بن زهرة و هو يومئذ سيد بني زهرة نسبا و شرفا فزوجه ابنته آمنه واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام بلياليها كان عبد الله أثناءها يقيم مع عروسه في دار أبيها على سنة القوم ثم توجهت إلى دار زوجها في اليوم الرابع
البشرى
نامت السيدة آمنه رضي الله عنها فرأت في منامها كأن شعاعا من النور ينبثق من كيانها اللطيف فيضئ الدنيا من حولها حتى لكأنها ترى به بصرى من أرض الشام وسمعت هاتفا يهتف بها: انك قد حملت بسيد هذه الأمة
وفاة عبد الله
وما هي إلا أيام معدودات لم يحددها الرواة و لكنها عند جمهرة المؤرخين لم تتجاوز عشرة أيام ورحل عبد الله تاركا عروسه ليلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام في عير قريش ومضى شهر لا جديد فيه سوى ان آمنه شعرت بالبادرة الأولى للحمل وكان شعورها به رقيقا لطيفا وكأن المولود قد هون عليها مرارة فراق عن زوجها عبد الله زهرة شباب أهل مكة ومضى الشهر الثاني ولم يعد عبد الله .فقد توفي بين أخواله من بني النجار ودفن هناك وترملت العروس الشابة وعاشت في وحدتها تجتر أحزانها حتى خاف عليها بنو هاشم وبنو زهرة ان تموت من فرط الحزن والألم إلى ان انزل الله سكينته عليها فشغل تفكيرها ابنها الذي تحمله والذي رأت في منامها انه سيكون سيد هذه الأمة
عام الفيل و ميلاد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وجاء عام الفيل وسمعت آمنه بقدوم ابرهه في جيش عظيم لهدم الكعبة وجاءها عبد المطلب يطلب اليها ان تتهيأ للخروج من مكة مع قريش وشق عليها ان تلد ولدها بعيدا عن البلد الحرام وفي غير دار أبيه عبد الله ولكنها كانت مؤمنة بأن الله مانع بيته ولن يجعل للطاغية على البلد الحرام سبيل ومضى اليوم دون ان يأتيها رسول أبي طالب ليأخذها بعيدا عن مكة إلى ان غابت الشمس فجاءتها البشرى بهزيمة ابرهه ونجاة قريش وكانت الرؤى قد عاودت آمنه في صدر ليلة مقمرة من ليالي ربيع الأول وسمعت من يهتف بها من جديد انها توشك ان تلد سيد هذه الأمة ويأمرها ان تقول حين تضعه أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم تسميه محمدا وما هي إلا أيام قليلة من يوم الفيل حتى ولدت آمنه في دار أبي طالب بشعب بني هاشم واسند ابن سعد من عدة طرق عن السيدة آمنه رضي الله عنها انها قالت: رأيت كأن شهابا خرج مني حتى أضاءت منه قصور الشام
الرضيع
و أقبلت ألام على صغيرها ترضعه ريثما تفد المراضع من البادية ولكن الأحزان لم تتركها فجف لبنها رضي الله عنها بعد أيام فدفعت به إلى ثوبيه جارية عمه عبد العزى فأرضعته وكانت قبله قد أرضعت عمه حمزة بن عبد المطلب ووفدت المرضعات من الباديه ولكنهن زهدن في الرضيع الذي مات أبوه قبل ان يحقق لنفسه غنى يذكر وثقل على ألام ان ترى مراضع البادية يعدن إلى ديارهن زاهدات في ولدها الشريف اليتيم مؤثرات عليه أطفال الأحياء ممن يرجى منهم الخير الوافر
إلى ان جاءتها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي تلتمس محمدا وانتظرت ألام الوحيدة عودة ابنها حتى جاءت به السيدة حليمة وهو ابن الثانية وكأنه ابن أربع سنوات لما بدا عليه من علامات النضرة والنضج والصحة وراحت السيدة حليمة تحدثها عن جو مكة شديد الحر فحملها قلبها النابض بالحب والإيثار على مزيد من الاحتمال والتصبر
فعاد الرضيع إلى مراعي بني سعد مع السيدة حليمة ثم لم تمض إلا بضعة اشهر حتى عادت به وهي بادية القلق فسألتها السيدة آمنه بعد ان علمت قصة الملكين الذين شقا صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفتخوفت عليه من الشيطان ؟ ردت السيدة حليمة: نعم فقالت السيدة آمنه: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وان لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره؟ فقالت السيدة حليمة: بلى فحدثتها بما رأت وسمعت حين حملت به ثم قالت :فوالله ما رأيت من حمل أخف من حمله ولا أيسر منه وقع حين ولدته وانه لواضع يديه على الأرض ورافع رأسه إلى السماء.. دعيه عنك وانطلقي راشدة وعاد الوليد الطيب فبدد بنوره ظلال الكآبة التي كانت تغشي دنيا أمه في وحدتها وترملها الباكر
و يعترف كتاب السيرة بما كان لها من اثر جليل في هذه المرحلة من عمر نبي الإسلام فيقول شيخهم ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنه بنت وهب في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا وأثمرت عنايتها الفائقة فبدت على محمد صلى الله عليه وسلم بوادر النضج المبكر ورأت فيه وهو ابن السادسة مخايل الرجل العظيم الذي طالما تمثلته ووعدت به في رؤاها
رحلة النهاية
وحدثت الأم العظيمة ابنها الطاهر عن رحلة تقوم بها إلى يثرب كي يزور قبر عبد الله الحبيب وفرح الابن وسره ان تصحبه أمه في زيارة لمثوى فقيدهما وان يتعرف على أخواله المقيمين بيثرب وكان الجو صيفا والشمس تلهب الصخور وتصهر الرمال ووصل الركب إلى يثرب ومكثت السيدة آمنه وابنها صلى الله عليه وسلم هناك شهرا ثم بدأت رحلت العودة التي سيظل ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم يذكرها وأثناء العودة مرضت السيدة آمنه وأحست انه الأجل المحتوم و بكت حزنا على ابنها اليتيم فأخذ يجفف دمعها بيديه الصغيرتين إلى ان فاضت روحها وتركت في نفس وليدها ألما لم ينساه صلى الله عليه و سلم طوال حياته
ذكرى باقية
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما و خرجنا معه حتى انتهينا إلى المقابر فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر فجلس إليه فناجاه طويلا ثم ارتفع صوته ينتحب باكيا فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما الذي أبكاك يا رسول الله فقد أبكانا وأفزعنا؟ فأخذ بيد عمر ثم أومأ إلينا فأتيناه فقال: أفزعكم بكائي ؟ فقلنا : نعم يا رسول الله فقال ذلك مرتين أو ثلاثا ثم قال: ان القبر الذي رأيتموني أناجيه قبر أمي آمنه بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي
ولم يكن نسب آمنه من جهة امها دون ذلك عراقة و أصالة فهي ابنة برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب و جدتها لامها أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي ووالدة أم حبيبة هي : برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر سلالة عريقة أصيلة أنبتت آمنه لتضطلع بعبئها الجليل في امومتها التاريخية وراثات مجيدة أهدتها إلى ولدها فجمعت له عز المنافين : عبد مناف بن زهرة بن كلاب وعبد مناف بن قصي بن كلاب و جعلته صلى الله عليه و سلم يعتز بنسبه فيقول في حديث رواه ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ...لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما
و في صحيح الحديث عن واثلة ابن الاسقع رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل و اصطفى قريشا من كنانة اصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
بنو زهرة و بنو عبد مناف
عرف بنو زهرة بالود الخالص لبني عبد مناف دون إخوتهم من بني عبد الدار و قد كان قصي بن كلاب حين كبر قد عز عليه إلا يبلغ ابنه البكر عبد الدار ما بلغه ابنه عبد مناف من شرف و رفعة فقال قصي لبكره: أما والله يا بني لالحقنك بالقوم وان كانوا شرفوا عليه: لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تفتحها أنت له ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ولا يشرب احد بمكة إلا من سقايتك ولا يأكل احد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك ولا يقطع أمر من أمورها إلا في دارك ثم كان ما كان من إذعان قريش لوصية شيخها حينا ثم إجماع بني عبد مناف بن قصي ان يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار لشرفهم عليهم و فضلهم في قومهم فتفرقت عند ذلك قريش: فكانت طائفة مع بني عبد مناف يرون أنهم بمكانتهم من قومهم أحق بالأمر من بني عبد الدار ة كانت طائفة مع بني عبد الدار يرون إلا ينزع منهم ما كان قصي جعله إليهم وعقد كل فريق على أمرهم حلفا مؤكدا و قد كان بنو زهرة مع بني عبد مناف وكان بنو زهرة مع بني عبد مناف إخوة متجاورين لا ينفصلون و بيوتهم متجاورة كذلك كذلك كان بنو زهرة ممن سبقوا إلى تلبية النداء حين تداعت قبائل من قريش إلى حلف الفضول قبل البعثة بنحو من عشرين سنة وكان أكرم حلف وأشرفه و قد تعاهد أعضاء الحلف على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا أقاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد له مظلمته
زواج آمنة و عبد الله
انصرف عبد المطلب اخذا بيد عبد الله –اثر افتدائه من الذبح- فخرج حتى أتى به وهب ابن عبد مناف بن زهرة و هو يومئذ سيد بني زهرة نسبا و شرفا فزوجه ابنته آمنه واستغرقت الأفراح ثلاثة أيام بلياليها كان عبد الله أثناءها يقيم مع عروسه في دار أبيها على سنة القوم ثم توجهت إلى دار زوجها في اليوم الرابع
البشرى
نامت السيدة آمنه رضي الله عنها فرأت في منامها كأن شعاعا من النور ينبثق من كيانها اللطيف فيضئ الدنيا من حولها حتى لكأنها ترى به بصرى من أرض الشام وسمعت هاتفا يهتف بها: انك قد حملت بسيد هذه الأمة
وفاة عبد الله
وما هي إلا أيام معدودات لم يحددها الرواة و لكنها عند جمهرة المؤرخين لم تتجاوز عشرة أيام ورحل عبد الله تاركا عروسه ليلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام في عير قريش ومضى شهر لا جديد فيه سوى ان آمنه شعرت بالبادرة الأولى للحمل وكان شعورها به رقيقا لطيفا وكأن المولود قد هون عليها مرارة فراق عن زوجها عبد الله زهرة شباب أهل مكة ومضى الشهر الثاني ولم يعد عبد الله .فقد توفي بين أخواله من بني النجار ودفن هناك وترملت العروس الشابة وعاشت في وحدتها تجتر أحزانها حتى خاف عليها بنو هاشم وبنو زهرة ان تموت من فرط الحزن والألم إلى ان انزل الله سكينته عليها فشغل تفكيرها ابنها الذي تحمله والذي رأت في منامها انه سيكون سيد هذه الأمة
عام الفيل و ميلاد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وجاء عام الفيل وسمعت آمنه بقدوم ابرهه في جيش عظيم لهدم الكعبة وجاءها عبد المطلب يطلب اليها ان تتهيأ للخروج من مكة مع قريش وشق عليها ان تلد ولدها بعيدا عن البلد الحرام وفي غير دار أبيه عبد الله ولكنها كانت مؤمنة بأن الله مانع بيته ولن يجعل للطاغية على البلد الحرام سبيل ومضى اليوم دون ان يأتيها رسول أبي طالب ليأخذها بعيدا عن مكة إلى ان غابت الشمس فجاءتها البشرى بهزيمة ابرهه ونجاة قريش وكانت الرؤى قد عاودت آمنه في صدر ليلة مقمرة من ليالي ربيع الأول وسمعت من يهتف بها من جديد انها توشك ان تلد سيد هذه الأمة ويأمرها ان تقول حين تضعه أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم تسميه محمدا وما هي إلا أيام قليلة من يوم الفيل حتى ولدت آمنه في دار أبي طالب بشعب بني هاشم واسند ابن سعد من عدة طرق عن السيدة آمنه رضي الله عنها انها قالت: رأيت كأن شهابا خرج مني حتى أضاءت منه قصور الشام
الرضيع
و أقبلت ألام على صغيرها ترضعه ريثما تفد المراضع من البادية ولكن الأحزان لم تتركها فجف لبنها رضي الله عنها بعد أيام فدفعت به إلى ثوبيه جارية عمه عبد العزى فأرضعته وكانت قبله قد أرضعت عمه حمزة بن عبد المطلب ووفدت المرضعات من الباديه ولكنهن زهدن في الرضيع الذي مات أبوه قبل ان يحقق لنفسه غنى يذكر وثقل على ألام ان ترى مراضع البادية يعدن إلى ديارهن زاهدات في ولدها الشريف اليتيم مؤثرات عليه أطفال الأحياء ممن يرجى منهم الخير الوافر
إلى ان جاءتها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي تلتمس محمدا وانتظرت ألام الوحيدة عودة ابنها حتى جاءت به السيدة حليمة وهو ابن الثانية وكأنه ابن أربع سنوات لما بدا عليه من علامات النضرة والنضج والصحة وراحت السيدة حليمة تحدثها عن جو مكة شديد الحر فحملها قلبها النابض بالحب والإيثار على مزيد من الاحتمال والتصبر
فعاد الرضيع إلى مراعي بني سعد مع السيدة حليمة ثم لم تمض إلا بضعة اشهر حتى عادت به وهي بادية القلق فسألتها السيدة آمنه بعد ان علمت قصة الملكين الذين شقا صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفتخوفت عليه من الشيطان ؟ ردت السيدة حليمة: نعم فقالت السيدة آمنه: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وان لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره؟ فقالت السيدة حليمة: بلى فحدثتها بما رأت وسمعت حين حملت به ثم قالت :فوالله ما رأيت من حمل أخف من حمله ولا أيسر منه وقع حين ولدته وانه لواضع يديه على الأرض ورافع رأسه إلى السماء.. دعيه عنك وانطلقي راشدة وعاد الوليد الطيب فبدد بنوره ظلال الكآبة التي كانت تغشي دنيا أمه في وحدتها وترملها الباكر
و يعترف كتاب السيرة بما كان لها من اثر جليل في هذه المرحلة من عمر نبي الإسلام فيقول شيخهم ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنه بنت وهب في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا وأثمرت عنايتها الفائقة فبدت على محمد صلى الله عليه وسلم بوادر النضج المبكر ورأت فيه وهو ابن السادسة مخايل الرجل العظيم الذي طالما تمثلته ووعدت به في رؤاها
رحلة النهاية
وحدثت الأم العظيمة ابنها الطاهر عن رحلة تقوم بها إلى يثرب كي يزور قبر عبد الله الحبيب وفرح الابن وسره ان تصحبه أمه في زيارة لمثوى فقيدهما وان يتعرف على أخواله المقيمين بيثرب وكان الجو صيفا والشمس تلهب الصخور وتصهر الرمال ووصل الركب إلى يثرب ومكثت السيدة آمنه وابنها صلى الله عليه وسلم هناك شهرا ثم بدأت رحلت العودة التي سيظل ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم يذكرها وأثناء العودة مرضت السيدة آمنه وأحست انه الأجل المحتوم و بكت حزنا على ابنها اليتيم فأخذ يجفف دمعها بيديه الصغيرتين إلى ان فاضت روحها وتركت في نفس وليدها ألما لم ينساه صلى الله عليه و سلم طوال حياته
ذكرى باقية
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما و خرجنا معه حتى انتهينا إلى المقابر فأمرنا فجلسنا ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر فجلس إليه فناجاه طويلا ثم ارتفع صوته ينتحب باكيا فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما الذي أبكاك يا رسول الله فقد أبكانا وأفزعنا؟ فأخذ بيد عمر ثم أومأ إلينا فأتيناه فقال: أفزعكم بكائي ؟ فقلنا : نعم يا رسول الله فقال ذلك مرتين أو ثلاثا ثم قال: ان القبر الذي رأيتموني أناجيه قبر أمي آمنه بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي