اعلان قيام الدولة الفلسطينية والقانون الدولي
لم يقدر لمنطقة الشرق الاوسط بعد ان تنعم بالعدل والسلام ولم تتح لها فرصة البناء والتقدم والطمأنينة وظلت هذه الارض ساحة للعدوان والغزو، وللرغبة في قهر الشعوب وحرمانها حقا في العدالة والمساواة.غير ان التوجه الدولي نحو حل النزاعات الاقليمية وعقد اتفاقات سلام والتي شهدتها المنطقة عاد يجدد الامل في خروج الشرق الاوسط من مأزقه الذي استمر عقوداً، عديدة كان يعيش خلالهاحربا مستمرة بين طرفين: طرف يدافع عن ارضه وحقه وطرف يحاول سلب هذا الحق وتلك الارض.وعندما نلقي نظرة على عالمنا نشعر ان منطقنا ما زالت في انتظار العدل والسلام، وهذا الوضع يعتبر نتيجة لطبيعة السياسة الخارجية للامبريالية والصهيونية العالمية، وقد قادت اسرائيل سياسة عدوانية وتوسعية ضد الشعب العربي الفلسطيني، رافضة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة في اقامة دولته المستقلة.
لقد أهمل القانون الدولي شعوب المناطق المستعمرة، فلم تكن موضوعا لحماية القانون الدولي الذي لم يكن يعترف لها باهلية التمتع باي حق من الحقوق سواء اكان حق السيادة او حق الشخصية الدولية، او حق التعامل الدولي فقد اعتبر خارج نطاق القواعد الدولية. غير ان النظام الاستعماري القديم اخذ ينهزم منذ بداية القرن العشرين امام تيارات الروح القومية والمطالبة بحق تقرير المصير.
وعززت الحرب العالمية الاولى والثانية الهجوم على هذا النظام وتولدت افكار ومبادىء دولية جديدة تتعارض مع الافكار والمبادىء التي كانت يستند اليها النظام الاستعماري التقليدي وشهد العالم أكبر حركة تحررية في التاريخ وهي تحرر مئات الملايين من البشر من السيطرة الاستعمارية وقامت دول جديدة مستقلة اخذت تطالب بنصيبها في الحياة الدولية وفي المساهمة في تقرير مصير العالم.
ان الشعب العربي الفلسطيني ناضل ويناضل من اجل تحرير ارضه الفلسطينية المحتلة.
وممارسة حقه في تقرير المصير، واقامة دولته الوطنية المستقلة كشرط لازم لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط، تتعايش في ظله جميع شعوب المنطقة وتمسكت منظمة التحرير الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل المتاحة بهدف تحقيق الانسحاب من الاراضي الفلسطينية، لان حق مقاومة الاحتلال الاجنبي حق مشروع لا يمكن انكاره، ويتاكد حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال في الارض المحتلة بالقرارات العديدة التي صدرت عن منظمة الامم المتحدة والاحكام الواردة في اتفاقيات جنيف.
ان القضية الفلسطينية هي قلب الصراع في الشرق الاوسط ومدخل لابد من معالجته على اساس السيادة والشرعية ولا اظن ان سلاما يمكن تحقيقه في الشرق الاوسط بغير ان يكون للفلسطينيين الامن والسلام والاستقرار في دوله حرة ومستقلة.
المبحث الاول:
حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في ضوء القانون الدولي
ان تطور مبدأ حق تقرير المصير للشعوب-هو احد نتائج العمل الخلاق للدول النامية الجديدة والمدعومة من دول العالم.
وكل هذا ادى إلى، ان يصبح حق الشعوب في تقرير مصيرها. بمثابة مبدأ من مبادىء القانون الدولي معترف به من الجميع، ويشمل مجال تأثيرها جميع الشعوب والامم.ان الاهمية القانونية الدولية لتطوير مبدأ حق تقرير المصير لا تحدد فقط بأنه اصبح مبدأ معترفا به كمبدأ ان مبادىء القانون الدولي، ولكن بأن هذا المبدأ ما اشير له بميثاق الامم المتحدة، والذي يخدم تطوير العلاقات الودية بين الدول،
وهذا يعود بنا إلى نشأة الأسس القانونية للنظام القانوني المعاصر والقانون الدولي.
ان ظهور وتشكيل دول جديدة كما اظهرت التجربة التاريخية لحركات التحرر الوطنية لم يرتبط فقط بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب والامم، ولكن بالممارسة التطبيقية لهذا الحق.
ان ظهور وتشكيل دول جديدة كما اظهرت التجربة التاريخية لحركات التحرر الوطنية لم يرتبط فقط بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب والامم، ولكن بالممارسة التطبيقية لهذا الحق.
ان اعداد وتفصيل المحتوى المعياري لمبدأ حق المصير للشعوب احتل مكانا هاما في اجهزة الامم المتحدة بعد فترة الحرب.ومن خلال وثائق الامم المتحدة الموضحة للمضمون القانوني لمبدأ حق تقرير المصير للشعوب نلاحظ قبل كل شيء الاعلان عن منح الشعوب والدول المستعمرة الاستقلال، والاعلان عن حقوق الانسان وكذلك الاعلان عن مبادىء القانون الدولي التي تخص علاقات الصداقة والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الامم المتحدة.
في الدورة (15) للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة بتاريخ 14/12/1260 وبمشروع مقدم من قبل 43 دولة من اسيا وافريقيا تم اقرار اعلان منح الشعوب والدول المستعمرة الاستقلال(1) والذي تميز بأهمية خاصة حيث استندت اليه جميع قرارات الامم المتحدة والخاصة بحق تقرير المصير.وقد نص على حق جميع الشعوب، دون أي تمييز، في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، على أن تتخذ خطوات قريبة لمنح الشعوب غير المستقلة استقلالها التام.
واعتبر الاعلان التاريخي عن منح الاستقلال للشعوب والدول المستعمرة مبدأ حق المصير قاعدة ملزمة نجمت عن الميثاق(2) وطبقا لهذا الاعلان فان جميع الشعوب تملك الحق غير القابل للتصرف في الحرية الكاملة.وفي تحقيق السيادة وتوحيد اراضيها الوطنية، والاختيار الحر لوضعها السياسي وتحقيق تطورها السياسي الاجتماعي والثقافي بحرية
وقد قامت الجمعية العمومية بجمع كافة القرارات التي سبق ان اتخذتها بصدد تقرير المصير في قرار واحد في محاولة لايضاحها، وذلك في القرار رقم"2625"الذي اتخذته بالاجماع في 24 تشرين 1970، مصدراً باسم التصريح الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الامم المتحدة"(3) .
ان مبدأ حق المصير للشعوب والامم ثبت في كثير من الوثائق والمعاهدات الدولية ممثلا في الوثائق المقرة في مؤتمر دول عدم الانحياز وفي ميثاق منظمة الوحدة الافريقية.
وهذا المبدأ سجل كذلك في اعلان المبادىء للوثيقة النهائية لمؤتمر هلسنكي للتعاون والامن في اوروبا 1975، فالمادة( تنص على انه (انطلاقا من مبدأ المساواة وحق الشعوب في التصرف بمصيرها، فالشعوب دائما تملك الحق في ظروف الحرية الكاملة، وفي تحديد مصيرها، فكيف وضعها السياسي الداخلي والخارجي من دون تدخل وان تحقيق رغبتها في تطورها السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، والثقافي) (4) .
وواضح بالصورة المطلقة، بأن الاعلان عن مبادىء القانون الدولي يعترف بحق اللجوء إلى الحرب التحررية، ويشير بوضوح إلى ان استخدام القوة ضد الشعوب المناضلة في سبيل حق تقرير المصير يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي.
ان قيام اسرائيل باستخدام القوة والارهاب للاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني من اجل سلب ممتلكاته وتشريده من ارضه واقامة كيان صهيوني عنصري في فلسطين، انما شكل حربا عدوانية وانتهاكا لمبادىء القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة (5) ، بصورة دفعت الجمعية العمومية إلى مواصلة ادانة هذا السلوك واعلان رفضها الاعتراف بالاجراءات التي تقوم بها الدولة الصهيونية لتغير معالم الاراضي المحتلة ومن ثم اعتبار الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية.
ٍواذا كانت مبادىء القانون الدولي تولد نتيجة الحرب العدوانية علاقات قانونية محدودة بين المعتدي والمعتدى عليه، فانها دون شك قد خولت الشعب العربي الفلسطيني حقا في الدفاع عن النفس يتيح له، لا بل يلزمه ان ينظم في حركات مقاومة وطنية مسلحة يقابل بها القوة والارهاب الللذين لجأت اليهما الحركة الصهيونية ودولتها العنصرية من اجل مصادرة سيادته وسلب ممتلكاته وتشريده من وطنه واخضاع من لا تتمكن من تشريده لظروف الاضطهاد والاحتلال العدواني(6) وقد نشأ هذا الحق للشعب العربي الفلسطيني منذ عام 1948 وسيستمر طالما ظل العدوان والاحتلال الصهيوني قائمين في فلسطين وطالما لم يتمكن هذا الشعب من استعادة حقوقه كاملة وممارسة وعلى رأس ذلك حقه في مصيره بنفسه دون تدخل اجنبي(7) .
واذا اصرت بعض الدول على انتهاج السياسة الاستعمارية، فانها تبقى للشعوب المستعمرة مخرجا اخر، وبالتالي، فان الحرب التحررية
الوطنية للشعوب المستعمرة من اجل التحرر والاستقلال والسيادة هي شرعية وبقاء الانظمة الاستعمارية- غير شرعي.
ان شرعية نضال الشعب الفلسطيني، وكذلك كفاحه المسلح، مبني على اساس انه يعتبر نضالا تحريريا من اجل الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف والدفاع عن النفس ضد العدوان والاستعمار والاحتلال والعنصرية وابادة الناس بالجملة من جانب اسرائيل( . وهذا النضال هو من اجل التحرير وحفظ الذات وحق المصير واسترجاع السيادة.
ان شرعية نضال الشعوب المستعمرة، وكذلك الشعب الفلسطيني من اجل حق تقرير المصير والاستقلال، اصبحت اليوم حقيقة معترف بها ولا يقتصر التسليم بشرعيتها على مبادىء العدالة والقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة فقط وانما يستمد هذا الشعب الشرعية لكفاحه المسلح من قرارات الامم المتحدة الصادرة للتأكد على حق الشعوب في الاستقلال والحرية وتقرير المصير بالاضافة الى القرارات الهامة العديدة التي صدرت عن الجمعية العمومية ومجلس الامن بخصوص دعم شرعية كفاح ذلك الشعب من اجل استرداد حقوقه غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره بنفسه(9) .
لقد جاء اعتراف الامم المتحدة في 8 كانون الاول 1970 خطوة اساسية في سبيل الوصول الى الممارسة العملية لهذه الحقوق حيث(اعترفت بان لشعب فلسطين الحق في حقوق متساوية وفي تقرير المصير وفقا لميثاق الامم المتحدة) ، وبذلك اصبح من الواضح انه من بين الحقوق التي للفلسطينيين الحق الرئيسي فيها هو حقه في تقرير المصير ويجب ان يفسر هذا الحق، على انه يضم عددا كبيرا من الاساليب. بما في ذلك ممارسة الشعب الفلسطيني العملية لحقوقه من خلال الاساليب السياسية القانونية، وانه من المهم ان هذا القرار قد دعى الدول الملتزمة باهداف الحرية والسلام لتقديم العون الادبي والمادي لشعب فلسطين. وتبعا لذلك فان هذا العون يجب ان لا يفسر على انه تصرف غير شرعي، او على انه تدخل في شؤون دولة ما (10) .
وتنص بعض قرارات الجمعية العمومية للامم المتحدة على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. مثل قرار الجمعية العمومية رقم 3236 بتاريخ 22 تشرين الثاني 1974 الذي اكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في فلسطين. بما فيها.. الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية، واكد من جديد ايضا حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم، واعترف بان الشعب الفلسطيني طرف رئيس في اقامة سلام عادل في الشرق الاوسط(11) .
ان اسرائيل وحلفاءها الامبرياليين رفضوا الاعتراف بالقرار رقم 3236/29 بحجة ان هذا القرار غير الزامي متجاهلين، بان اسرائيل نفسها اقيمت طبقا لقرار الجمعية العمومية للامم المتحدة 181/2، وبناء عليه تم تقسيم فلسطين لدولتين، بما فيها الدولة العربية الفلسطينية التي لم تقم. ومن الغريب ان يكون قسم من قرارات الامم المتحدة الزاميا. وغيرها من القرارات التي تنص على حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية غير الزامية.
ان جميع القرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية للامم المتحدة في الفترة اللاحقة بخصوص القضية الفلسطينية تنص على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال اتخذت الدورة 33 للجمعية العمومية ثمانية قرارات بهذا الخصوص.
ان قرارات الامم المتحدة التي تخص القضية الفلسطينية تعني، بان المجتمع الدولي يدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فالقرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية تشكل العنصر الاساسي من الناحية القانونية لاتخاذ خطوات تؤدي الى ممارسة هذه الحقوق عمليا.
ان ظهور دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في فلسطين يتجاوب ليس فقط مع الحق التاريخي والقانوني لهذا الشعب، ولكن مع ميثاق الامم المتحدة والقواعد والمبادئ الاساسية للقانون الدولي المعاصر. فاقامة الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة تعتبر نتيجة منطقية للتعبير عن ارادة الشعب الفلسطيني، في سعيه نحو تجسيد حقه في تقرير المصير.
ان انجاز الشعب الفلسطيني لحق تقرير المصير مرتبطا بصورة وثيقة مع تحقيق السيادة الوطنية، وهذا يعني اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة. وظهور الدولة الفلسطينية يعتبر انعكاسا اسمى لسيادة الشعب الفلسطيني على ارضه الفلسطينية.
يتضح مما سبق ان تكرار النص الصريح على مبدأ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، في العديد من القرارات التي اصدرتها الجمعية العمومية للامم المتحدة بموافقة الاغلبية العظمى لدول العالم، يشكل دلالة قاطعة على ان هذا المبدأ قد اصبح من المبادئ القانونية الدولية الاساسية في القانون الدولي المعاصر.
يتبع ...
لم يقدر لمنطقة الشرق الاوسط بعد ان تنعم بالعدل والسلام ولم تتح لها فرصة البناء والتقدم والطمأنينة وظلت هذه الارض ساحة للعدوان والغزو، وللرغبة في قهر الشعوب وحرمانها حقا في العدالة والمساواة.غير ان التوجه الدولي نحو حل النزاعات الاقليمية وعقد اتفاقات سلام والتي شهدتها المنطقة عاد يجدد الامل في خروج الشرق الاوسط من مأزقه الذي استمر عقوداً، عديدة كان يعيش خلالهاحربا مستمرة بين طرفين: طرف يدافع عن ارضه وحقه وطرف يحاول سلب هذا الحق وتلك الارض.وعندما نلقي نظرة على عالمنا نشعر ان منطقنا ما زالت في انتظار العدل والسلام، وهذا الوضع يعتبر نتيجة لطبيعة السياسة الخارجية للامبريالية والصهيونية العالمية، وقد قادت اسرائيل سياسة عدوانية وتوسعية ضد الشعب العربي الفلسطيني، رافضة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة في اقامة دولته المستقلة.
لقد أهمل القانون الدولي شعوب المناطق المستعمرة، فلم تكن موضوعا لحماية القانون الدولي الذي لم يكن يعترف لها باهلية التمتع باي حق من الحقوق سواء اكان حق السيادة او حق الشخصية الدولية، او حق التعامل الدولي فقد اعتبر خارج نطاق القواعد الدولية. غير ان النظام الاستعماري القديم اخذ ينهزم منذ بداية القرن العشرين امام تيارات الروح القومية والمطالبة بحق تقرير المصير.
وعززت الحرب العالمية الاولى والثانية الهجوم على هذا النظام وتولدت افكار ومبادىء دولية جديدة تتعارض مع الافكار والمبادىء التي كانت يستند اليها النظام الاستعماري التقليدي وشهد العالم أكبر حركة تحررية في التاريخ وهي تحرر مئات الملايين من البشر من السيطرة الاستعمارية وقامت دول جديدة مستقلة اخذت تطالب بنصيبها في الحياة الدولية وفي المساهمة في تقرير مصير العالم.
ان الشعب العربي الفلسطيني ناضل ويناضل من اجل تحرير ارضه الفلسطينية المحتلة.
وممارسة حقه في تقرير المصير، واقامة دولته الوطنية المستقلة كشرط لازم لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط، تتعايش في ظله جميع شعوب المنطقة وتمسكت منظمة التحرير الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بكل الوسائل المتاحة بهدف تحقيق الانسحاب من الاراضي الفلسطينية، لان حق مقاومة الاحتلال الاجنبي حق مشروع لا يمكن انكاره، ويتاكد حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال في الارض المحتلة بالقرارات العديدة التي صدرت عن منظمة الامم المتحدة والاحكام الواردة في اتفاقيات جنيف.
ان القضية الفلسطينية هي قلب الصراع في الشرق الاوسط ومدخل لابد من معالجته على اساس السيادة والشرعية ولا اظن ان سلاما يمكن تحقيقه في الشرق الاوسط بغير ان يكون للفلسطينيين الامن والسلام والاستقرار في دوله حرة ومستقلة.
المبحث الاول:
حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في ضوء القانون الدولي
ان تطور مبدأ حق تقرير المصير للشعوب-هو احد نتائج العمل الخلاق للدول النامية الجديدة والمدعومة من دول العالم.
وكل هذا ادى إلى، ان يصبح حق الشعوب في تقرير مصيرها. بمثابة مبدأ من مبادىء القانون الدولي معترف به من الجميع، ويشمل مجال تأثيرها جميع الشعوب والامم.ان الاهمية القانونية الدولية لتطوير مبدأ حق تقرير المصير لا تحدد فقط بأنه اصبح مبدأ معترفا به كمبدأ ان مبادىء القانون الدولي، ولكن بأن هذا المبدأ ما اشير له بميثاق الامم المتحدة، والذي يخدم تطوير العلاقات الودية بين الدول،
وهذا يعود بنا إلى نشأة الأسس القانونية للنظام القانوني المعاصر والقانون الدولي.
ان ظهور وتشكيل دول جديدة كما اظهرت التجربة التاريخية لحركات التحرر الوطنية لم يرتبط فقط بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب والامم، ولكن بالممارسة التطبيقية لهذا الحق.
ان ظهور وتشكيل دول جديدة كما اظهرت التجربة التاريخية لحركات التحرر الوطنية لم يرتبط فقط بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب والامم، ولكن بالممارسة التطبيقية لهذا الحق.
ان اعداد وتفصيل المحتوى المعياري لمبدأ حق المصير للشعوب احتل مكانا هاما في اجهزة الامم المتحدة بعد فترة الحرب.ومن خلال وثائق الامم المتحدة الموضحة للمضمون القانوني لمبدأ حق تقرير المصير للشعوب نلاحظ قبل كل شيء الاعلان عن منح الشعوب والدول المستعمرة الاستقلال، والاعلان عن حقوق الانسان وكذلك الاعلان عن مبادىء القانون الدولي التي تخص علاقات الصداقة والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الامم المتحدة.
في الدورة (15) للجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة بتاريخ 14/12/1260 وبمشروع مقدم من قبل 43 دولة من اسيا وافريقيا تم اقرار اعلان منح الشعوب والدول المستعمرة الاستقلال(1) والذي تميز بأهمية خاصة حيث استندت اليه جميع قرارات الامم المتحدة والخاصة بحق تقرير المصير.وقد نص على حق جميع الشعوب، دون أي تمييز، في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، على أن تتخذ خطوات قريبة لمنح الشعوب غير المستقلة استقلالها التام.
واعتبر الاعلان التاريخي عن منح الاستقلال للشعوب والدول المستعمرة مبدأ حق المصير قاعدة ملزمة نجمت عن الميثاق(2) وطبقا لهذا الاعلان فان جميع الشعوب تملك الحق غير القابل للتصرف في الحرية الكاملة.وفي تحقيق السيادة وتوحيد اراضيها الوطنية، والاختيار الحر لوضعها السياسي وتحقيق تطورها السياسي الاجتماعي والثقافي بحرية
وقد قامت الجمعية العمومية بجمع كافة القرارات التي سبق ان اتخذتها بصدد تقرير المصير في قرار واحد في محاولة لايضاحها، وذلك في القرار رقم"2625"الذي اتخذته بالاجماع في 24 تشرين 1970، مصدراً باسم التصريح الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الامم المتحدة"(3) .
ان مبدأ حق المصير للشعوب والامم ثبت في كثير من الوثائق والمعاهدات الدولية ممثلا في الوثائق المقرة في مؤتمر دول عدم الانحياز وفي ميثاق منظمة الوحدة الافريقية.
وهذا المبدأ سجل كذلك في اعلان المبادىء للوثيقة النهائية لمؤتمر هلسنكي للتعاون والامن في اوروبا 1975، فالمادة( تنص على انه (انطلاقا من مبدأ المساواة وحق الشعوب في التصرف بمصيرها، فالشعوب دائما تملك الحق في ظروف الحرية الكاملة، وفي تحديد مصيرها، فكيف وضعها السياسي الداخلي والخارجي من دون تدخل وان تحقيق رغبتها في تطورها السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، والثقافي) (4) .
وواضح بالصورة المطلقة، بأن الاعلان عن مبادىء القانون الدولي يعترف بحق اللجوء إلى الحرب التحررية، ويشير بوضوح إلى ان استخدام القوة ضد الشعوب المناضلة في سبيل حق تقرير المصير يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي.
ان قيام اسرائيل باستخدام القوة والارهاب للاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني من اجل سلب ممتلكاته وتشريده من ارضه واقامة كيان صهيوني عنصري في فلسطين، انما شكل حربا عدوانية وانتهاكا لمبادىء القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة (5) ، بصورة دفعت الجمعية العمومية إلى مواصلة ادانة هذا السلوك واعلان رفضها الاعتراف بالاجراءات التي تقوم بها الدولة الصهيونية لتغير معالم الاراضي المحتلة ومن ثم اعتبار الصهيونية شكلا من اشكال العنصرية.
ٍواذا كانت مبادىء القانون الدولي تولد نتيجة الحرب العدوانية علاقات قانونية محدودة بين المعتدي والمعتدى عليه، فانها دون شك قد خولت الشعب العربي الفلسطيني حقا في الدفاع عن النفس يتيح له، لا بل يلزمه ان ينظم في حركات مقاومة وطنية مسلحة يقابل بها القوة والارهاب الللذين لجأت اليهما الحركة الصهيونية ودولتها العنصرية من اجل مصادرة سيادته وسلب ممتلكاته وتشريده من وطنه واخضاع من لا تتمكن من تشريده لظروف الاضطهاد والاحتلال العدواني(6) وقد نشأ هذا الحق للشعب العربي الفلسطيني منذ عام 1948 وسيستمر طالما ظل العدوان والاحتلال الصهيوني قائمين في فلسطين وطالما لم يتمكن هذا الشعب من استعادة حقوقه كاملة وممارسة وعلى رأس ذلك حقه في مصيره بنفسه دون تدخل اجنبي(7) .
واذا اصرت بعض الدول على انتهاج السياسة الاستعمارية، فانها تبقى للشعوب المستعمرة مخرجا اخر، وبالتالي، فان الحرب التحررية
الوطنية للشعوب المستعمرة من اجل التحرر والاستقلال والسيادة هي شرعية وبقاء الانظمة الاستعمارية- غير شرعي.
ان شرعية نضال الشعب الفلسطيني، وكذلك كفاحه المسلح، مبني على اساس انه يعتبر نضالا تحريريا من اجل الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف والدفاع عن النفس ضد العدوان والاستعمار والاحتلال والعنصرية وابادة الناس بالجملة من جانب اسرائيل( . وهذا النضال هو من اجل التحرير وحفظ الذات وحق المصير واسترجاع السيادة.
ان شرعية نضال الشعوب المستعمرة، وكذلك الشعب الفلسطيني من اجل حق تقرير المصير والاستقلال، اصبحت اليوم حقيقة معترف بها ولا يقتصر التسليم بشرعيتها على مبادىء العدالة والقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة فقط وانما يستمد هذا الشعب الشرعية لكفاحه المسلح من قرارات الامم المتحدة الصادرة للتأكد على حق الشعوب في الاستقلال والحرية وتقرير المصير بالاضافة الى القرارات الهامة العديدة التي صدرت عن الجمعية العمومية ومجلس الامن بخصوص دعم شرعية كفاح ذلك الشعب من اجل استرداد حقوقه غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره بنفسه(9) .
لقد جاء اعتراف الامم المتحدة في 8 كانون الاول 1970 خطوة اساسية في سبيل الوصول الى الممارسة العملية لهذه الحقوق حيث(اعترفت بان لشعب فلسطين الحق في حقوق متساوية وفي تقرير المصير وفقا لميثاق الامم المتحدة) ، وبذلك اصبح من الواضح انه من بين الحقوق التي للفلسطينيين الحق الرئيسي فيها هو حقه في تقرير المصير ويجب ان يفسر هذا الحق، على انه يضم عددا كبيرا من الاساليب. بما في ذلك ممارسة الشعب الفلسطيني العملية لحقوقه من خلال الاساليب السياسية القانونية، وانه من المهم ان هذا القرار قد دعى الدول الملتزمة باهداف الحرية والسلام لتقديم العون الادبي والمادي لشعب فلسطين. وتبعا لذلك فان هذا العون يجب ان لا يفسر على انه تصرف غير شرعي، او على انه تدخل في شؤون دولة ما (10) .
وتنص بعض قرارات الجمعية العمومية للامم المتحدة على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. مثل قرار الجمعية العمومية رقم 3236 بتاريخ 22 تشرين الثاني 1974 الذي اكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في فلسطين. بما فيها.. الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنية، واكد من جديد ايضا حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم، واعترف بان الشعب الفلسطيني طرف رئيس في اقامة سلام عادل في الشرق الاوسط(11) .
ان اسرائيل وحلفاءها الامبرياليين رفضوا الاعتراف بالقرار رقم 3236/29 بحجة ان هذا القرار غير الزامي متجاهلين، بان اسرائيل نفسها اقيمت طبقا لقرار الجمعية العمومية للامم المتحدة 181/2، وبناء عليه تم تقسيم فلسطين لدولتين، بما فيها الدولة العربية الفلسطينية التي لم تقم. ومن الغريب ان يكون قسم من قرارات الامم المتحدة الزاميا. وغيرها من القرارات التي تنص على حق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية غير الزامية.
ان جميع القرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية للامم المتحدة في الفترة اللاحقة بخصوص القضية الفلسطينية تنص على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال اتخذت الدورة 33 للجمعية العمومية ثمانية قرارات بهذا الخصوص.
ان قرارات الامم المتحدة التي تخص القضية الفلسطينية تعني، بان المجتمع الدولي يدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فالقرارات التي اتخذتها الجمعية العمومية تشكل العنصر الاساسي من الناحية القانونية لاتخاذ خطوات تؤدي الى ممارسة هذه الحقوق عمليا.
ان ظهور دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في فلسطين يتجاوب ليس فقط مع الحق التاريخي والقانوني لهذا الشعب، ولكن مع ميثاق الامم المتحدة والقواعد والمبادئ الاساسية للقانون الدولي المعاصر. فاقامة الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة تعتبر نتيجة منطقية للتعبير عن ارادة الشعب الفلسطيني، في سعيه نحو تجسيد حقه في تقرير المصير.
ان انجاز الشعب الفلسطيني لحق تقرير المصير مرتبطا بصورة وثيقة مع تحقيق السيادة الوطنية، وهذا يعني اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة. وظهور الدولة الفلسطينية يعتبر انعكاسا اسمى لسيادة الشعب الفلسطيني على ارضه الفلسطينية.
يتضح مما سبق ان تكرار النص الصريح على مبدأ حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، في العديد من القرارات التي اصدرتها الجمعية العمومية للامم المتحدة بموافقة الاغلبية العظمى لدول العالم، يشكل دلالة قاطعة على ان هذا المبدأ قد اصبح من المبادئ القانونية الدولية الاساسية في القانون الدولي المعاصر.
يتبع ...