الفرقة الناجية
وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الفرقة الناجية هم من كان على مثل ما كان عليه هو وأصحابه,
وليس أحد من هؤلاء كذلك, بل إنهم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل. وذلك لأنه لا يعرف ما
كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا من طريق سنته المروية وآثاره المصطفوية التي هي الشريعة
الغراء والمحجة البيضاء, وهؤلاء من أبعد الناس عنها وأنفرهم منها, وإنما تصلح هذه الصفة لحملتها وحفاظها
ونقادها المنقادين لها المتمسكين بها, الذابين عنها يقفون عندها ويسيرون بسيرها, لا ينحرفون عنها يمينا ولا
شمالا, ولا يقدمون عليها لأحد مقالا, ولا يبالون من خالفهم ولا من خذلهم, ولا يضرهم ذلك حتى يأتي أمر الله تبارك
وتعالى. أعني بذلك أئمة الحديث وجهابذة السنة وجيش دولتها, المرابطين على ثغورها الحافظين حدودها الحامين
حوزتها, وفقهم الله عز وجل للاستضاءة بنورها والاهتداء بهديها القويم, وهداهم لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, فآمنوا بما أخبر الله به في كتابه وأخبر به عبده ورسوله محمد صلى الله عليه
وسلم في سنته, وتلقوه بالقبول والتسليم إثباتا بلا تكييف ولا تمثيل وتنزيها بلا تحريف ولا تعطيل, فهم الوسط في
فرق هذه الأمة كما أن هذه الأمة هي الوسط في الأمم, فهم وسط في باب صفات الله تعالى بين أهل التعطيل الجهمية
وأهل التمثيل المشبهة, وهم وسط في باب أفعال الله تعالى بين الجبرية والقدرية, وفي باب وعيد الله بين المرجئة
والوعيدية من القدرية وغيرهم, وفي باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية وفي
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج
يتبع