الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد …
فلسطين .. أرض الأنبياء ، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حاصرها كبار الصحابة ، وفتحها صاحب البغلة
الهزيلة والثياب المرقّعة المعفّرة بالطين والتراب: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .. كانت كالعروس قروناً من الزمان
يزينها خلفاء المسلمين بأبهى الحُلل ، ويقصدها وجهاء المسلمين وعوامهم تعظيماً لبيتها وتشريفا دون كلل ، حتى سلبها
النصارى من أيدي المسلمين في زمنِ الإنحطاط وانتكاس راية الجهاد فنحروا على أعتاب أقصاها 70 ألف نفسٍ مسلمة ،
وما توقفوا إلا لتعبهم من القتل .. بقيت سجينة حزينة مأسورة بيد الصليبيين قرابة الـ 90 سنة حتى ضج المسجد الأقصى
فأرسل برسالة من وراء القضبان لقائد المسلمين ومُحطّم الصُّلبان ، مفادها:
يا أيها الملك الذي ..... لمعالم الصلبان نكَّس ْ
لقد أتتكَ ظِلامةٌ .... تسعى من البيت المقدَّسْ
كلٌ المساجد طُهِّرت .... وأنا على شَرفي منجَّسْ
فما رُؤي بعدها السلطان "صلاح الدين" مبتسماً حتى حرر المسجد الأقصى ، وعادت فلسطين حاضرة من حواضر
المسلمين.
أراد اليهود مساومة خليفة المسلمين العثماني "عبد الحميد" (وليس السلطان كما يزعمون) على تراب فلسطين فكان له
– رحمه الله - موقف سجله التاريخ بمداد من نور .. عم بعده الإنحلال من ربقة الدين ، وارتفعت شعارات الجاهلية
والكفر المبين ، وخسر العرب دينهم ثم دنياهم ، فسقطت فلسطين مرة أُخرى في أيدي الصليبيين ، وبمؤامرة دنيئة خسيسة
(من قبل حكام مصر وسوريا والأردن والعراق وغيرهم) سُلِّمت فلسطين لليهود على طبق نضح بدماء أهلها ، وجعل
المتآمرون "وعد بلفور" شمّاعة تعلَّق عليها خياناتهم. [وقد كتبت في هذا مقالة بعنوان "يا أهل العراق: هكذا سقطت
فلسطين" ]
يتبع