البسمة والابتسامة نعمة انعم الله بها على الانسان , وميزه بها عن بقية المخلوقات , وجعل لها رونقا وجمالا وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والبشارة , وترغبه في التواصل وتضمن له تبادل المصالح مع اخيه الانسان .
والتبسم بداية الضحك بلا صوت , والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الاسنان من الفرح والسرور , وهي من الاخلاق والصفات الحميدة التي يتحلى بها المسلم المؤمن ويتميز بها عن غيره , في حال الاعجاب او التعجب او الملاطفة .
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم اثرها المحمود , حين اكد انها وسيلة لاكتساب الناس ومبادلتهم الحب والمودة والتقدير , فقال صلى الله عليه وسلم ’ " انكم لن تسعوا الناس باموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق " .
فالابتسامة الصافية النقية ترقق قلوب الاخرين , وتجذب انتباههم , وتمكننا من التاثير فيهم , وتجعلنا مقبلين على الحياة متفائلين . كما انها تضمد الجراح وتخفف حدة متاعب الحياة ..
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الترمذي في سننه , كثير التبسم والضحك مع اهله واصحابه ومع الناس جميعا . وعن عبد الله بن الحارث قال " مارايت احدا اكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وعن سعد بن ابي وقاص , في مسند احمد بن حنبل , قال ’ استاذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية اصواتهن فلما استاذن قمن يبتدرن الحجاب فاذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم , يعني فدخل , ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك , فقال عمر ’ اضحك الله سنك يارسول الله " .
ونجد احاديث كثيرة تجعل البسمة والابتسامة صدقة مقبولة , وقربى يتقرب بها العبد الى الله سبحانه ,
فقال عليه السلام ’ " وتبسمك في وجه اخيك صدقة " .
كما كان الصحابة رضى الله عنهم يبتسمون ويضحكون , فقد قيل لعمر رضى الله عنه هل كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون , قال ’ نعم والايمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي .
هذا عن البسمة والابتسامة , فماذا عن نقيضها العبوسة ؟
العبوسة او " التغبيشة " ضد البسمة والابتسامة , هي طبع ذميم , وصفة قبيحة يتقززمنها الناس ويشمئزون , وقد قال صلى الله عليه وسلم " ان الله يبغض المعبس في اخوانه " , اي انه يكره صفة العبوسة فيه .
فالعبوسة وقبول النغمة الحزينة وقضب الجبين واختيار الالوان القاتمة في الحياة , ليست علامة على الاسلام والايمان , ولا دليلا على الجدية او الانشغال بقضايا الامة , لان الحق غير هذا , وحياة الاسرة المسلمة بشاشة وتفاؤل وسعادة واسعاد , وهين ولين وخير دائم البشاشة , لان روحها شفيفة , تستمد جماليتها من روح الله , وروح الله هي الحب ..
الحب الذي يطلق البسمة من القلوب , فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات , فيلقى الانسان اخاه الانسان بوجه طليق , على الطريق السيار الى القلوب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ’ " لاتحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى اخاك بوجه طليق " .