بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني في الأسلام اليكم تفسير احديث في صحيح البخاري
وموضوع حديثنا اليوم هو
انما الأعمال بالنيات ولكل أمرئ ً ما نوي
اليكم التفسير
صحيح البخاري
حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله : ( حدثنا الحميدي ) هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى , منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي رهط خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , يجتمع معها في أسد ويجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي . وهو إمام كبير مصنف , رافق الشافعي في الطلب عن ابن عيينة وطبقته وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر , ورجع بعد وفاته إلى مكة إلى أن مات بها سنة تسع عشرة ومائتين . فكأن البخاري امتثل قوله صلى الله عليه وسلم " قدموا قريشا " فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي لكونه أفقه قرشي أخذ عنه . وله مناسبة أخرى لأنه مكي كشيخه فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي لأن ابتداءه كان بمكة , ومن ثم ثنى بالرواية عن مالك لأنه شيخ أهل المدينة وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل , ومالك وابن عيينة قرينان , قال الشافعي : لولاهما لذهب العلم من الحجاز . قوله : ( حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي أبو محمد المكي , أصله ومولده الكوفة , وقد شارك مالكا في كثير من شيوخه وعاش بعده عشرين سنة , وكان يذكر أنه سمع من سبعين من التابعين . قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) في رواية غير أبي ذر : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري . اسم جده قيس بن عمرو وهو صحابي , ويحيى من صغار التابعين , وشيخه محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي من أوساط التابعين , وشيخ محمد علقمة بن وقاص الليثي من كبارهم , ففي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق . وفي المعرفة لابن منده ما ظاهره أن علقمة صحابي , فلو ثبت لكان فيه تابعيان وصحابيان , وعلى رواية أبي ذر يكون قد اجتمع في هذا الإسناد أكثر الصيغ التي يستعملها المحدثون , وهي التحديث والإخبار والسماع والعنعنة والله أعلم . وقد اعترض على المصنف في إدخاله حديث الأعمال هذا في ترجمة بدء الوحي وأنه لا تعلق له به أصلا , بحيث إن الخطابي في شرحه والإسماعيلي في مستخرجه أخرجاه قبل الترجمة لاعتقادهما أنه إنما أورده للتبرك به فقط , واستصوب أبو القاسم بن منده صنيع الإسماعيلي في ذلك , وقال ابن رشيد : لم يقصد البخاري بإيراده سوى بيان حسن نيته فيه في هذا التأليف , وقد تكلفت مناسبته للترجمة , فقال : كل بحسب ما ظهر له . انتهى . وقد قيل : إنه أراد أن يقيمه مقام الخطبة للكتاب ; لأن في سياقه أن عمر قاله على المنبر بمحضر الصحابة , فإذا صلح أن يكون في خطبة المنبر صلح أن يكون في خطبة الكتب . وحكى المهلب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به حين قدم المدينة مهاجرا , فناسب إيراده في بدء الوحي ; لأن الأحوال التي كانت قبل الهجرة كانت كالمقدمة لها لأن بالهجرة افتتح الإذن في قتال المشركين , ويعقبه النصر والظفر والفتح انتهى . وهذا وجه حسن , إلا أنني لم أر ما ذكره - من كونه صلى الله عليه وسلم - خطب به أول ما هاجر - منقولا . وقد وقع في باب ترك الحيل بلفظ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية " الحديث , ففي هذا إيماء إلى أنه كان في حال الخطبة , أما كونه كان في ابتداء قدومه إلى المدينة فلم أر ما يدل عليه , ولعل قائله استند إلى ما روي في قصة مهاجر أم قيس , قال ابن دقيق العيد : نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس , فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به , انتهى . وهذا لو صح لم يستلزم البداءة بذكره أول الهجرة النبوية . وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد من منصور قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك , هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها , فكنا نسميه مهاجر أم قيس . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك , ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك . وأيضا فلو أراد البخاري إقامته مقام الخطبة فقط أو الابتداء به تيمنا وترغيبا في الإخلاص لكان ساقه قبل الترجمة كما قال الإسماعيلي وغيره ونقل ابن بطال عن أبي عبد الله بن النجار قال : التبويب يتعلق بالآية والحديث معا ; لأن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء ثم إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات لقوله تعالى { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } . وقال أبو العالية في قوله تعالى { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } قال وصاهم بالإخلاص في عبادته . وعن أبي عبد الملك البوني قال : مناسبة الحديث للترجمة أن بدء الوحي كان بالنية ; لأن الله تعالى فطر محمدا على التوحيد وبغض إليه الأوثان ووهب له أول أسباب النبوة وهي الرؤيا الصالحة , فلما رأى ذلك أخلص إلى الله في ذلك فكان يتعبد بغار حراء فقبل الله عمله وأتم له النعمة . وقال المهلب ما محصله : قصد البخاري الإخبار عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في حال منشئه وأن الله بغض إليه الأوثان وحبب إليه خلال الخير ولزوم الوحدة فرارا من قرناء السوء , فلما لزم ذلك أعطاه الله على قدر نيته ووهب له النبوة كما يقال الفواتح عنوان الخواتم . ولخصه بنحو من هذا القاضي أبو بكر بن العربي . وقال ابن المنير في أول التراجم : كان مقدمة النبوة في حق النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء فناسب الافتتاح بحديث الهجرة . ومن المناسبات البديعة الوجيزة ما تقدمت الإشارة إليه أن الكتاب لما كان موضوعا لجمع وحي السنة صدره ببدء الوحي , ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعية صدره بحديث الأعمال , ومع هذه المناسبات لا يليق الجزم بأنه لا تعلق له بالترجمة أصلا . والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذا الحديث : قال أبو عبد الله : ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث . واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيما نقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو داود والترمذي والدارقطني وحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام , ومنهم من قال ربعه , واختلفوا في تعيين الباقي . وقال ابن مهدي أيضا : يدخل في ثلاثين بابا من العلم , وقال الشافعي : يدخل في سبعين بابا , ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة . وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضا : ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب . ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه , فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ; لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها , ومن ثم ورد : نية المؤمن خير من عمله , فإذا نظرت إليها كانت خير الأمرين . وكلام الإمام أحمد يدل على أنه بكونه ثلث العلم أنه أراد أحد القواعد الثلاثة التي ترد إليها جميع الأحكام عنده , وهي هذا و " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " و " الحلال بين والحرام بين " الحديث . ثم إن هذا الحديث متفق على صحته أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ , ووهم من زعم أنه في الموطأ مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك , وقال أبو جعفر الطبري : قد يكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودا لكونه فردا ; لأنه لا يروى عن عمر إلا من رواية علقمة , ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من رواية يحيى بن سعيد , وهو كما قال , فإنه إنما اشتهر عن يحيى بن سعيد وتفرد به من فوقه وبذلك جزم الترمذي والنسائي والبزار وابن السكن وحمزة بن محمد الكناني , وأطلق الخطابي نفي الخلاف بين أهل الحديث في أنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد , وهو كما قال لكن بقيدين : أحدهما : الصحة لأنه ورد من طرق معلولة ذكرها الدارقطني وأبو القاسم بن منده وغيرهما . ثانيهما : السياق لأنه ورد في معناه عدة أحاديث صحت في مطلق النية كحديث عائشة وأم سلمة عند مسلم " يبعثون على نياتهم " , وحديث ابن عباس " ولكن جهاد ونية " , وحديث أبي موسى " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليهما , وحديث ابن مسعود " رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته " أخرجه أحمد , وحديث عبادة " من غزا وهو لا ينوي إلا عقالا فله ما نوى " أخرجه النسائي , إلى غير ذلك مما يتعسر حصره , وعرف بهذا التقرير غلط من زعم أن حديث عمر متواتر , إلا إن حمل على التواتر المعنوي فيحتمل . نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد : فحكى محمد بن علي بن سعيد النقاش الحافظ أنه رواه عن يحيى مائتان وخمسون نفسا , وسرد أسماءهم أبو القاسم بن منده فجاوز الثلثمائة , وروى أبو موسى المديني عن بعض مشايخه مذاكرة عن الحافظ أبي إسماعيل الأنصاري الهروي قال : كتبته من حديث سبعمائة من أصحاب يحيى . قلت : وأنا أستبعد صحة هذا , فقد تتبعت طرقه من الروايات المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة , وقد تتبعت طرق غيره فزادت على ما نقل عمن تقدم , كما سيأتي مثال لذلك في الكلام على حديث ابن عمر في غسل الجمعة إن شاء الله تعالى . |
عدل سابقا من قبل هوبه لاك في الجمعة فبراير 22, 2008 7:23 am عدل 1 مرات