مراتب الجــيــــــران
1- جار له حق واحد وهو المشرك له حق الجوار.
2- وجار له حقان وهو الجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام.
3- وجار له ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم له رحم له حق الجوار وحق الإسلام وحق القربى.
وأما من حيث القرب فالجار إما أن يكون قريباً منك وإما بعيداً، ملاصقاً أو غير ملاصق، ورتبة هؤلاء تتفاوت من حيث عدد الحقوق ومدى القرب، والجار الأقرب يُقَدم على الجار الأبعد، وهو ما استشعره علماء الإسلام ، فهذا الإمام البخاري نجده يبوب في كتابه (الأدب المفرد) «باب الأدنى فالأدنى من الجيران»، وذلك تنبيهاً على قدره، ويترتب عليه حسن المعاملة والوقوف بجانبه واجتناب أذيته ، وهذا من شأنه أن يكفل التعايش بين الناس في طمأنينة بسبب استشعار هذا البعد الديني في المعاملات ، وتحقيق الرحمة التي جاء بها الإسلام، وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسمي نفسه بها ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال: «أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة» رواه مسلم.
حقوق الجار غير المسلم
اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء بحقوق غير المسلمين، ومعلوم أن الذين يحظون بكل هذه العناية هم الذين لا يؤذون جماعة المسلمين، ولا يكيدون لهم كيداً، ولا يناصبونهم العداء، ولهم ذمة.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في حسن تعامله مع جيرانه من غير المسلمين ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» رواه البخاري.
وهذا عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - وقد ذبح شاة نجده يقول: «أهديتم لجاري اليهودي ؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» رواه أبو داود.
فالخلاف في الدين لا يوجب ظلم الناس، والمحافظة على حقوقهم مع اختلاف العقيدة ماداموا ملتزمين بواجباتهم.
النتائج والثمرات
1- هي سبب في تعمير الديار لما يحس به المرء من راحة البال بجوار جاره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» أخرجه أحمد.
2- يقبل الله عز وجل شهادة جيرانه في حقه بالخير ويغفر له ما لا يعلمون وفي ذلك روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال: قد قبلت فيه علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون» أخرجه أحمد والحاكم.
3- هي سبب رفع منزلته في الدنيا لأن الإحسان إلى الجار والكف عن أذيته من مكارم الأخلاق التي تعد شرطاً في المروءة.
4- هي سبب رفع منزلته عند الله عز وجل. وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الأصحاب عند الله عز وجل خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره» أخرجه أحمد والترمذي.
5- هي سبب سعادة المرء، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح ، والمركب الهنيء » أخرجه ابن حبان.
كيف أكسب جاري
ما نراه اليوم من جفوة بين الجيران وخصومات وسوء عشرة وعداوة في بعض الأحيان ما هو إلا نتاج الإهمال والتفريط فهذه وسائل وطرق شرعية تحفظ دفء العلاقات بين الجيران منها:
1- كف الأذى وبذل الندى.
2- البدء بالسلام.
3- طلاقة الوجه.
4- المواساة في الشدة.
5- احترام الخصوصيات.
6- قبول الأعذار بالمسامحة والرفق واللين.
7- النصح برفق ولين.
8- الستر وترك التعيير.
9- الزيارة في الأوقات المناسبة.
10- المجاملة اللطيفة.
الترهيب من الإساءة إلى الجار
لاشك أن الأذية للجار أعظم من أذية غيره، وكلما كانت أكبر كانت أعظم حتى قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : «لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره، وقال : ما تقولون في السرقة؟ قالوا : حرمها الله ورسوله، فهي حرام . قال : لأن يسرق الرجل عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره» أخرجه أحمد .
وفي حقهم قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث هن العواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر وجار إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أشاعه وامرأة إن حضرتك آذتك وإن غبت عنها خانتك» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير .
ومن كان متصفاً بهذه الصفات السيئة لزم أن يكون ناقص الإيمان إن لم يكن عديمه وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» رواه البخاري.
وفي هذا الحديث تأكيد لحق الجار ، لقسمه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتكريره اليمين ثلاث مرات ، وفيه نفي الإيمان عمن يؤذي جاره بالقول أو الفعل حسب ظاهر الحديث . وقد حمله كثير من العلماء على أن مراده نفي كمال الإيمان ولا شك أن العاصي غير كامل الإيمان .